الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 29 مايو 2025

الطعن 52 لسنة 19 ق جلسة 5 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 100 ص 610

جلسة 5 من إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك، عبد الحميد وشاحي بك، ومحمد نجيب أحمد بك، ومصطفى فاضل بك - المستشارين.

---------------

(100)
القضية رقم 52 سنة 19 القضائية

محكمة الموضوع. شفعة تمسك. 

الشفعاء بأنهم كانوا يجهلون مساحة العقار المبيع وعنوان البائعة. تفنيد المحكمة هذا الدفاع وتحصيلها أن علم الطاعنين بالبيع كان شاملاً لكافة البيانات التي أوجبها القانون وعلى أساسها كانوا يستطيعون استعمال حق الشفعة في الميعاد القانوني وأنهم رغم هذا العلم لم يبدوا رغبتهم فيها إلا بعد فوات الأجل المحدد قانوناً وترتيبها على ذلك سقوط حقهم في الشفعة. ذلك لا يعتبر منها تكييفاً للدعوى مخالفاً للتكييف الذي ارتضاه طرفاها بل هو قيام منها بواجب الرد على كل ما يطرح أمامها من وجوه الدفاع الجوهرية. الطعن على الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أن المحكمة جاوزت نطاق الخصومة المطروحة عليها. غير صحيح.

-----------------
متى كانت المحكمة بعد أن حصلت دفاع الطاعنين - الشفعاء - ومؤداه أنهم كانوا يجهلون مساحة العقار المبيع وعنوان البائعة فندت هذا الوجه من الدفاع بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن هذا منها لا يعتبر تكييفاً للدعوى مخالفاً للتكييف الذي ارتضاه طرفاها بل هو قيام منها بواجب الرد على كل ما يطرح أمامها من وجوه الدفاع الجوهرية وهي إذ حصلت من عناصر الدعوى أن علم الطاعنين بالبيع كان شاملاً لكافة البيانات التي أوجبها القانون وعلى أساسها كانوا يستطيعون استعمال حق الشفعة في الميعاد القانوني وأنهم رغم هذا العلم لم يبدوا رغبتهم فيها إلا بعد فوات الأجل المحدد قانوناً ورتبت على ذلك سقوط حقهم في الشفعة فإنها بذلك لا تكون قد خالفت القانون أو جاوزت نطاق الخصومة المطروحة عليها.


الوقائع

في يوم 21 من إبريل سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 13 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 492 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 23 من إبريل و2 و4 من مايو سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 10 من مايو سنة 1949 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 23 منه أودع المطعون عليهما الأول والثانية مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم تقدم المطعون عليها الثالثة دفاعاً. وفي 29 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات وفي 22 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى - كما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى على المطعون عليهم طالبين القضاء لهم بأحقيتهم في أخذ العقار المبيع من المطعون عليها الثالثة إلى المطعون عليهما الأولين بالشفعة - فدفعها المطعون عليهما الأولان (المشتريان) بسقوط حق الطاعنين في الشفعة فيه لأنهم لم يبدوا رغبتهم في الأخذ بها في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ علمهم بالبيع وقالا أنهما اشتريا المنزل المشفوع فيه بعقد موقع عليه في أول أكتوبر سنة 1947 وقد صدر البيع أصلاً من المالكة لمن يدعى جمعه سيد عضيم بعقد ابتدائي في أوائل سبتمبر سنة 1947 وهذا باعه للمشفوع منهما (المطعون عليهما الأولين) في 18 من سبتمبر سنة 1947 وتم الاتفاق على أن تصدر البائعة الأصلية البيع للمطعون عليهما الأولين مباشرة - وأن الطاعنين قد علموا بتلك البيوع المتعاقبة وقت حصولها - علماً تاماً كافياً ولم يطلبوا استعمال حق الشفعة إلا في أوائل سنة 1948 - وقد قضت محكمة أول درجة تمهيدياً في 20 من مارس سنة 1948 - بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليهما الأولان بجميع الطرق القانونية بما فيها البينة ما ذهبا إليه من علم الطاعنين بالبيع الصادر من المطعون عليها الثالثة لجمعه السيد عضيم ثم البيع الصادر من هذا الأخير لهما وأخيراً بصدور العقد مباشرة من المطعون عليها الثالثة إليهما كل ذلك وقت حصوله علماً تاماً كافياً وبكافة شروطه على أن يكون للطاعنين النفي بالطرق عينها - وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود قضت برفض دعوى الطاعنين فاستأنفوا حكمها فأيدته محكمة الاستئناف لأسبابه ولما أضافته إليه من أسباب فقرر الطاعنون فيه طعنهم الحالي.
ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم إذ قضى بسقوط حق الطاعنين في أخذ العقار المبيع من المطعون عليها الثالثة إلى المطعون عليهما الأولين بالشفعة. تأسيساً على أنهم لم يظهروا رغبتهم فيها إلا بعد فوات الأجل المنصوص عليه في المادة 19 فقرة ثانية من قانون الشفعة (القديم) من وقت علمهم بالبيع. مع أنهم تمسكواً أمام محكمة الاستئناف بأن علمهم بالبيع - كان علماً ناقصاً - لم يشمل من البيانات إلا واقعة البيع ومقدار الثمن وأنهم كانوا يجهلون إلى الوقت الذي أظهروا فيه رغبتهم في الشفعة مقدار مساحة المنزل المشفوع فيه وعنوان البائعة وبينوا لمحكمة الاستئناف ما لهذين البيانين من أهمية على أساس أن الصفقة مقدرة على اعتبار ثمن المتر الواحد فلا يستطيعون إبداء رغبتهم فيها إلا بعد معرفة مساحة المنزل المبيع وعلى أساس أنهم يجهلون عنوان البائعة فما كانوا يستطيعون إعلانها في المدة القصيرة التي حددتها المادة 19 من قانون الشفعة (القديم) وإذ قرر الحكم أن علم الطاعنين كان شاملاً لكل البيانات المشار إليها. استناداً إلى قرينة الجوار وحدها مع أنها ليست ذات مدلول خاص. ورتب على ذلك قضائه بسقوط حق الطاعنين - إذ قرر الحكم ذلك - يكون قد شابه قصور يبطله.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "وحيث إن المحكمة تستخلص من أقوال الشهود إثباتاً ونفياً أنه لا شك والمدعون (الطاعنون) لأحدهم محل قريب من المنزل المشفوع فيه لا بد وأن يكونوا قد علموا بالبيع الصادر لجمعة سيد عضيم وبالبيع الثاني للمدعى عليهما (المطعون عليهما الأولين) في حينه بدليل وساطة أحدهم لدى المدعى عليه الأول (المطعون عليه الأول) للعدول عن هدم المنزل لقرابته بأحد المقيمين فيه وهو دانيال إبراهيم وكان علمهم بهذه البيوع كافياً وتدل هذه الأقوال على أن علم المدعين بالصفقة المشفوع فيها كان في خلال شهر أكتوبر سنة 1947 في حين أنهم لم يبدوا رغبتهم في الشفعة إلا في 17 و19 يناير سنة 1948 أي بعد انقضاء نحو ثلاثة أشهر من تاريخ هذا العلم" وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم. "وحيث إنه يؤخذ من دفاع المستأنفين (الطاعنين) أن واقعة البيع قصد إخفاؤها عنهم حتى لا يمارسوا حق الشفعة مع أن الثابت من الأوراق والتحقيق هو عكس ذلك إذ أن البائعة أشهرت بيع المنزل بطريق الإعلان عنه في صحيفة الأهرام بتاريخ 11 من إبريل سنة 1947 وكان من الميسور أن يتقدم الشفعاء وهو يملكون المنزل المجاور للشراء من المالكة مباشرة إذا كانت لهم رغبة في ذلك خصوصاً وان أحدهم وهو المستأنف الثالث (الطاعن الثالث) صاحب دكانين بميدان السيدة واقعين في بناء المنزل المشفوع به المجاور للمنزل المراد أخذه بالشفعة وبحكم إدارته لهذين الدكانين وتردد السكان عليه لا يمكن أن يجهل أمر إعلان بيع المنزل المجاور له. يضاف إلى ذلك ما ثبت من التحقيق من تعليق لافتة مدة من الزمن على واجهة المنزل المطلة على الميدان لعرضه للبيع هذا فيما يختص بالبائعة. أما بالنسبة للمشتريين فقد اتخذا من الإجراءات ما يكفل إشهار شرائهما فقد قدما شهادتين رسميتين من مصلحة البريد تفيد أنه عقب شرائهما للمنزل أرسلا بتاريخ 18 أكتوبر سنة 1947 خطابات موصى عليها إلى سكان المنزل المشفوع وهم عديدون بالتنبيه عليهم بالإخلاء لرغبتهما أي المشتريين في هدم المنزل وإعادة بنائه وأحد هذه الخطابات أرسل إلى دانيال أحد السكان الذي قيل عنه بأنه قريب المستأنفين (الطاعنين) فلا يعقل أن تتخذ جميع الإجراءات ضد السكان ولا يدري بها المستأنف الثالث (الطاعن الثالث) صاحب الدكانين المجاورين للمنزل المشفوع وأخ المستأنفين الأول والثاني (الطاعنين الأول والثاني) ولذلك ترى المحكمة أن واقعة الإعلان في صحيفة الأهرام وتعليق لافتة للبيع وإرسال خطابات موصى عليها من المشترين للسكان كل هذه المسائل تؤيد شهادة الشهود عن علم المستأنفين (الطاعنين) في شهر أكتوبر سنة 1947 بالبيع إلى سيد علي نصار - ثم قال "وحيث إن ما ذكر أخيراً على لسان المستأنفين (الطاعنين) من أن بينة المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) لا تثبت علمهم بمساحة المنزل المشفوع ولا باسم البائع والمشتري وعنوانهما هذا القول مردود أيضاً بما قرره أولاً بأن هذه البينة تفيد علمهم بواقعة البيع ومقدار الثمن وقد ثبت من أقوال الشهود أن سيد علي نصار المشتري ذكر أمام المستأنف الأول (الطاعن الأول) أنه اشترى المنزل بمبلغ 2300 جنيه ولا يقبل من المستأنفين (الطاعنين) وهم جيران المنزل المشفوع من زمن بعيد قولهم بأنهم يجهلون اسم المالك ومساحته إذ أن معرفة ذلك كان ميسوراً لهم إذا أرادوا وكانوا حقيقة يجهلونه بعد أن عرفوا اسم المشتري والثمن الذي دفع وقد عرفوا هذه البيانات فعلاً وذكروها في إنذار الشفعة ومما يدل أيضاً على ضعف حجتهم ادعاؤهم بأنهم يجهلون عنوان المشترين مع أن أحد المشترين صاحب مخازن فراشة بميدان السيدة زينب الذي يقع فيه حانوت المستأنف الثالث (الطاعن الثالث) - ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه لم يعتمد في القول بثبوت علم الطاعنين بكافة البيانات المشار إليها في سبب الطعن على قرينة الجوار فحسب بل أقام قضائه على ما استخلصته المحكمة من أقوال شهود طرفي الخصومة وما استقته من الأدلة والقرائن التي ساقتها - والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه حكمها - لما كان ذلك - كان ما ينعاه عليه الطاعنون من قصور في الاستدلال لا مبرر له.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ كيف دفاع طرفي الخصومة تكييفاً مخالفاً للتكييف الذي تمسك به الطرفان فقد خالف القانون - ذلك - أن الحكم الابتدائي اعتبر أن العلم بواقعة البيع والثمن كاف للحكم بسقوط حق الطاعنين في الشفعة وقد جاراه المطعون عليهما الأولان على هذا النظر وتمسكا به في مرافعتهما بينما تمسك الطاعنون بأن العلم الذي يعتبر حجة في دعوى السقوط هو العلم الشامل لجميع البيانات المشترطة قانوناً. ويبين من ذلك أن مدار النزاع بين الطرفين استقر على وجوب البت في - هل يكفي العلم بواقعة البيع والثمن دون باقي البيانات للحكم بالسقوط كما تمسك المطعون عليهما الأولان أم يجب للحكم به أن يكون العلم شاملاً لجميع البيانات المشترطة قانوناً ومن ثم كان يجب على المحكمة ألا تقضي إلا بالنتيجة التي تترتب على أحد هذين الفرضين فأما إلغاء الحكم المستأنف إذ أقرت دفاع الطاعنين وأما تأييده إذا أقرت دفع المطعون عليهما الأولين إلا أن المحكمة حورت مدار النزاع من تلقاء نفسها إذ اعتبرت مقطع النزاع فيها هو هل الطاعنون كانوا يجهلون البيانات الأخرى أم كانوا يعملون بها في المدة المقرر لسقوط حق الشفعة وأسست قضاءها على مقتضى الفرض الثاني. وبذلك جاء حكمها مخالفاً لقواعد قانون المرافعات التي توجب على القاضي أن يقف إزاء الخصومة المطروحة عليه موقفاً سلبياً.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة بعد أن حصلت دفاع الطاعنين في مذكرتهم المقدمة صورتها الرسمية إلى هذه المحكمة ومؤداه أنهم كانوا يجهلون مساحة العقار المبيع وعنوان البائعة فندت هذا الوجه من الدفاع بالأدلة السائغة التي أوردتها وهذا منها لا يعتبر تكييفاً للدعوى مخالفاً للتكييف الذي ارتضاه طرفاها بل هو قيام منها بواجب الرد على كل ما يطرح أمامها من وجوه الدفاع الجوهرية وهي إذ حصلت من عناصر الدعوى أن علم الطاعنين بالبيع كان شاملاً لكافة البيانات التي أوجبها القانون وعلى أساسها كانوا يستطيعون استعمال حق الشفعة في الميعاد القانوني وأنهم رغم هذا العلم لم يبدوا رغبتهم في إلا بعد فوات الأجل المحدد قانوناً ورتبت على ذلك سقوط حقهم في الشفعة فإنها بذلك لا تكون قد خالفت القانون أو جاوزت نطاق الخصومة المطروحة عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق