الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 27 مايو 2025

الطعن 177 لسنة 18 ق جلسة 5 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 96 ص 573

جلسة 5 من إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

-----------------

(96)
القضية رقم 177 سنة 18 القضائية

(1) هبة. حكم. تسبيبه. 

قضاؤه برفض دعوى أقامها مورث الطاعن بطلب بطلان عقد رسمي صادر منه على المطعون عليها الأولى ببيع منزل على أساس أن هذا العقد في حقيقته وصية. أقامته على أن التصرف هو عقد بيع صحيح ناجز وليس ما يمنع قانوناً أن يكون الثمن مشترطاً وفاؤه كإيراد مرتب لمدى حياة البائع وأنه بفرض أن الثمن منعدم فالعقد يظل صحيحاً لأنه يكون بمثابة هبة قد تضمنها عقد رسمي إغفاله طلب الطاعن إحالة الدعوى على التحقيق ليثبت أجرة مثل المنزل تريد على الإيراد المقرر مدى حياة البائع كمقابل البيع. لا يبطله. الطعن عليه بالقصور وبمخالفة القانون. على غير أساس.
(2) هبة. حكم. تسبيبه. 

هبة المنقول المستترة في صورة عقد بيع. مجرد الإيجاب والقبول يكفي لانعقادها وانتقال ملكية المنقول الموهوب دون حاجة إلى تسليم الشيء الموهوب. وجود ورقة ضد تكشف عن حقيقة نية المتصرف لا يغير من هذا النظر. حكم برفض دعوى أقامها مورث الطاعن بطلب بطلان عقد بيع منقولات صادر إلى المطعون عليها الثانية على أساس أن العقد في حقيقته وصية. أقامته على أن التصرف هو هبة مستترة في صورة عقد بيع. تحدث الحكم عن توافر ركن القبض في التصرف. تزيد. الخطأ فيه لا يبطله.
(3) اختصاص. هبة. 

مسائل الهبة في نظر الشارع. ليست كلها من مسائل الأحوال الشخصية ولا هي كلها من الأحوال العينية. الهبة محكومة بقانونين. القانون المدني فيما أورده من أحكام لها بالذات مكملة بالأحكام العامة للالتزامات وقانون الأحوال الشخصية في غير ذلك من مسائلها. القبض كركن لانعقاد الهبة المفرغة في محرر رسمي أو في صورة عقد آخر. لم يشترطه القانون المدني على خلاف الشريعة الإسلامية. حكم. تسبيبه. تقريره أن العقد الصادر إلى المطعون عليها الأولى المطعون عليها الأولى هو هبة أفرغت في قالب رسمي كذلك العقد الصادر إلى المطعون عليها الثانية، هو هبة مستترة في صورة عقد بيع وأن الهبة تصح قانوناً إذا عملت بعقد رسمي أو صيغت في صورة عقد بيع الطعن عليه بمخالفة القانون استناداً إلى أنه إذ تعرض لصحة الهبة قد جاوز اختصاصه. على غير أساس متى كان الطاعن لا يثير نزاعاً متعلقاً بالأحوال الشخصية.
(4) هبة. 

محكمة الموضوع. تحصيلها فهم الواقع في الدعوى. عدم تقيدها برأي الخصوم في بحثها عما يجب تنزيله من أحكام القانون على هذا الواقع. حكم. تسبيبه. تقريره أن العقد الصادر على المطعون عليها الأولى هو هبة مع أنها لم تقل بهذا الوصف. لا يعيبه 

"المادة 48 من القانون المدني - القديم - والمادة 103 من قانون المرافعات - القديم - والمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم".

----------------
1 - متى كان الحكم إذ قضى برفض الدعوى التي أقامها مورث الطاعن بطلب بطلان العقد الرسمي الصادر منه إلى المطعون عليها الأولى ببيع منزل على أساس أن هذا العقد في حقيقته وصية قد أقام قضاءه على "أن التصرف هو عقد بيع صحيح ناجز وليس ما يمنع قانوناً من أن يكون الثمن مشترطاً وفاؤه كإيراد مرتب لمدى حياة البائع ولو أتيح القول بأن الثمن منعدم فالعقد يظل على هذا الفرض عقداً صحيحاً قانوناً ناقلاً للملكية لأنه يكون بمثابة هبة قد تضمنها عقد رسمي والهبة تصح قانوناً إذا صيغت في صورة عقد بيع أو عملت بعقد رسمي". متى كان الحكم قد أقام قضاءه على هذا الأساس فإنه لا يبطله إغفاله طلب الطاعن إحالة الدعوى على التحقيق ليثبت أن أجرة مثل المنزل تزيد على الإيراد المقرر مدى حياة البائع كمقابل للبيع. إذ على فرض أن هذا الإيراد هو دون ريع المنزل وأن ذلك يجعل الثمن معدوماً فيعتبر العقد باطلاً كبيع فإن الحكم قد أقام قضاءه على أساس أن العقد يعتبر في هذه الحالة هبة صحيحة شكلاً لإفراغها في قالب رسمي وما قرره الحكم في هذا الخصوص صحيح قانوناً ذلك أن مورث الطاعن قد أقام دعواه على أساس أن العقد في حقيقته وصية أي تبرع مضاف إلى ما بعد الموت وقد أثبت الحكم بالأدلة السائغة التي أوردها أن التصرف صدر ناجزاً فيكون هبة صحيحة في عقد رسمي ومن ثم فإن الطعن عليه بالقصور وبمخالفة القانون يكون على غير أساس.
2 - إذا كانت هبة المنقول مستترة في صورة عقد بيع فإنه يكفي لانعقادها وانتقال ملكية المنقول الموهوب مجرد تلاقي الإيجاب والقبول في صورة عقد البيع الذي اختاره الطرفان لستر الهبة دون حاجة إلى تسليم الشيء الموهوب ولا يغير من هذا النظر وجود ورقة ضد تكشف عن حقيقة نية المتصرف. وإذن فمتى كان الحكم إذ قضى برفض الدعوى التي أقامها مورث الطاعن بطلب بطلان عقد بيع المنقولات الصادر على المطعون عليها الثانية على أساس أن العقد في حقيقته وصية قد أقام قضاءه على أن التصرف هو هبة مستترة في صورة عقد بيع فإن تحدث الحكم عن توافر ركن القبض فيها يكون تزيداً لا يضيره الخطأ فيه.
3 - مسائل الهبة في نظر الشارع ليست كلها من الأحوال الشخصية ولا هي كلها من الأحوال العينية ومن ثم كانت الهبة محكومة بقانونين لكل مجاله في التطبيق - القانون المدني فيما أورده من أحكام لها بالذات مكملة بالأحكام العامة للالتزامات وقانون الأحوال الشخصية في غير ذلك من مسائلها. والقانون المدني على خلاف الشريعة الإسلامية لم يشترط القبض لانعقاد الهبة المفرغة في محرر رسمي أو في صورة عقد آخر. وإذن فمتى كان الحكم قد أقام قضاءه على أساس أن العقد الصادر إلى المطعون عليها الأولى هو هبة أفرغت في قالب رسمي كذلك العقد الصادر إلى المطعون عليها الثانية هو هبة مستترة في صورة عقد بيع وأن الهبة تنعقد قانوناً إذا صيغت في صورة عقد بيع أو عملت بعقد رسمي. فإن الطعن عليه بأنه إذ تعرض لبحث صحة الهبة قد جاوز اختصاصه فخالف القانون يكون غير صحيح متى كان الطاعن لا يثير نزاعاً متعلقاً بالأحوال الشخصية بل كل نزاعه منصب على القبض وشروطه وهو ليس بلازم لصحة انعقاد الهبة قانوناً.
4 - متى حصلت محكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى من الأوراق المقدمة إليها ومن أقوال الخصوم فيها وجب عليها أن تبحث عما يجب تنزيله من أحكام القانون على هذا الواقع غير مقيدة في ذلك برأي الخصوم فما يعيبه الطاعن على الحكم من أنه وصف العقد الصادر إلى المطعون عليها الأولى بأنه هبة مع أنها لم تقل بهذا الوصف يكون في غير محله.


الوقائع

في يوم 18 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 12 من مايو سنة 1948 في الاستئناف رقم 109 سنة 3 ق. وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 21 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن وفي 28 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 21 من أكتوبر سنة 1948 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 3 من نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 18 منه أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بملاحظاتها على الرد ولم تقدم المطعون عليها الثانية دفاعاً. وفي 5 من أكتوبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 14 من ديسمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تتحصل في أن مورث الطاعن. أميل إلياس مطرجي. أقام الدعوى على المطعون عليهما يطلب فيها القضاء أولاً ببطلان العقد الرسمي المحرر في 18 من يونيه سنة 1942 والمسجل في 10 من أغسطس سنة 1942 الصادر منه للمطعون عليها الأولى ببيع العقار الوارد به وثانياً ببطلان عقد بيع المنقولات الصادر منه للمطعون عليهما الثانية في 5 من يوليه سنة 1942 على أساس أن كلا العقدين يخفي وصية ويحق له العدول عنها وأنه يعلنهما بهذا العدول. وقد قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى بناء على الأسباب التي أوردتها ومحصلها أن عقد بيع العقار هو عقد بيع العقار هو عقد بيع صحيح قانوناً "وأن نقل الملكية جرى فيه ناجزاً ولم يعلق إلى ما بعد وفاة البائع" وأنه مع افتراض أن الثمن منعدم فإن هذا العقد يكون مع ذلك صحيحاً لأنه يعتبر هبة تضمنها عقد رسمي، وأنه فيما يتعلق بالمنقولات فإن حقيقة التصرف فيها إلى المطعون عليها الثانية هي أنه هبة تمت بالقبض وأن احتفاظ الواهب بحقه في الانتفاع بالشيء الموهوب مدى حياته وتعهد الموهوب لها بألا تتصرف فيه لا يمنعان من انعقاد الهبة صحيحة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم. فأيدته محكمة الاستئناف لأسبابه ولما أضافته إليه من أسباب رداً على دفاع الطاعن الذي أورده في صحيفة استئنافه فقرر فيه طعنه الحالي.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين يتحصل الأول منهما في أن الحكم المطعون فيه شابه قصور مبطل له من وجهين الأول إذ لم يرد على دفاع الطاعن بأن العقد الصادر للمطعون عليها الأولى ليس عقد بيع لانعدام الثمن بل هو من العقود التي تبيح حق الانتفاع مدة حياة البائع وطلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أن أجرة مثل المنزل تزيد على الإيراد المقرر مدى حياة البائع كمقابل للبيع وقال أن العقد لا يعدو أن يكون في حقيقته قرضاً بربا فاحش أو عقد تأمين على الحياة وهو بهذا الوصف الأخير عقد باطل إذ هو بعيد عن الغرض الاجتماعي من التأمين وليس تابعاً لعقد أصلي. و(الثاني) لتناقض أسبابه مع أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها، ذلك أن الحكم الابتدائي أسس قضاءه على أن العقد رتب إيراداً دائماً في مقابل البيع بينما قال الحكم المطعون فيه أنه رتب إيراداً مؤقتاً مدى الحياة مع أن ترتيب الإيراد الدائم في مقابل عقار لا ينقل ملكيته وإنما ينقل حق الانتفاع به فقط. ويشترط في صحة الإيراد المؤقت الذي يرتب بدل الثمن أن يكون قسطه أكثر من إيراد العقار المبيع وهو ما لم يتحقق في عقد البيع المذكور.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن المحكمة أخطأت إذ كيفت عقد بيع العقار تكييفين مخالفين لنصوصه وللقانون أما التكييف الأول ففي وصفها العقد بأنه عقد بيع ناجز مع أن ذلك مخالف لنصوصه ولما يستفاد من ضآلة القسط المشترط دفعه إذ هو أقل من أجر المثل. وأن التكييف الصحيح له هو أنه عقد قرض بفائدة مقررة أحكامه في المواد 479 و480 و481 من القانون المدني (القديم أن القسط المشترط دفعه يجب أن يكون مشتملاً على الدخل وعلى جزء من الثمن. وأما التكييف الثاني ففي قول الحكم أن العقد هو عقد هبة مشروعة وهذا مخالف للقانون ونصوص العقد. أما مخالفته للقانون فلأن المحكمة غير مختصة ببحث ذلك لأن هذا البحث لا تتمسك به المطعون عليها الأولى فضلاً عن أن الفصل في صحة الهبة هو من اختصاص المحكمة الشرعية عملاً بالمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم وبفرض اختصاص المحكمة الوطنية به فإنها لم تطبق أحكام الشرعية الواجبة التطبيق وهي لا تعتبر الهبة صحيحة شرعاً إلا إذا تخلى الواهب عن العين تخلياً تاماً. أما مخالفته لنصوص العقد فلأنها تدل على أن المورث لم يقصد نقل الملكية في الحال بل قصد الوصية. وكذلك أخطأت المحكمة في البحث في صحة هبة المنقولات. كما أخطأت إذ استنتجت القبض وهو ركن في الهبة لا تنعقد بدونه، استنتجته من مجرد معاشرة الواهب الموهوب لها في حين أنها غير ثابتة في الأوراق وهي على كل حال لا تفيد القبض وليس أدل على نفي حيازة المطعون عليها الثانية للمنقولات أنها طلبت إقامة حارس قضائي عليها لأنها غير واضعة اليد عليها.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قال "إن هذا العقد (عقد بيع المنزل) قد نفذ فعلاً في أول يوليه سنة 1942 فاستلمت المشترية العقار وتسلمت عقود الإيجار محالة إليها وهي العقود المحررة من البائع عن جميع شقق المنزل خلاف الشقة التي احتجزها لنفسه وأجرها من الباطن لأخته كما نفذ شرط دفع الثمن بانتظام من أول يوليه سنة 1942 إلى أن توفى البائع" ثم قال "وأنه يتضح من نصوص عقد البيع ومن ملابساته المتقدمة أنه عقد تمليك صحيح ناجز وأن الملكية قد انتقلت به إلى المشترية ولو أتيح القول بأن الثمن منعدم فالعقد يظل على هذا الفرض عقداً صحيحاً قانوناً ناقلاً للملكية لأنه يكون بمثابة هبة قد تضمنها عقد رسمي والهبة تصح قانوناً إذا صيغت في صورة عقد بيع أو عملت بعقد رسمي" وقال الحكم المطعون فيه أنه "تبين من الاطلاع على عقد بيع المنزل الصادر للمستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الأولى) أنه عقد بيع رسمي محرر على يد موثق العقود بمحكمة الإسكندرية المختلطة في 18 يونيه سنة 1942... وأن ألفاظ العقد وعباراته تدل على أنه عقد بيع صحيح ناجز... وليس ما يمنع قانوناً أن يكون الثمن مشترطاً سداده كإيراد مرتب لمدى الحياة البائع ولا محل لما يقوله المستأنفان من اعتبار هذا العقد وصية لأن نقل الملكية جرى فيه ناجزاً ولم يعلق إلى ما بعد وفاة البائع ولا محل أيضاً لتصويره بأنه عقد قرض بفوائد ربوية فاحشة أو تشبيهه بعقود التأمين على الحياة فإن عبارة العقد صريحة في أنه عقد بيع ناجز ناقل للملكية وخال من أي إشارة إلى القرض أو التأمين على الحياة ومن ثم فلا ترى هذه المحكمة محلاً لما يطلبه المستأنفان (الطاعن وأخرى) من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الفوائد الربوية أو صلاحية البائع للتأمين على الحياة من عدمه لخروج هذا البحث عن موضوع الدعوى".
ومن حيث إنه لما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه وإن أغفل تحقيق دفاع الطاعن المشار إليه في سببي الطعن فإن هذا الإغفال لا يبطله، ذلك لأنه على فرض أن الإيراد المقرر في العقد مدى حياة البائع هو دون ريع المنزل المبيع وأن هذا يجعل الثمن معدوماً فيعتبر العقد باطلاً كبيع - فإن الحكم قد أقام قضاءه على أساس أن العقد يعتبر في هذه الحالة هبة صحيحة شكلاً لإفراغها في قالب رسمي. وما قرره الحكم في هذا الخصوص صحيح في القانون ذلك أن مورث الطاعن قد أقام دعواه على أساس أن العقد في حقيقته وصية أي تبرع مضاف إلى ما بعد الموت. وقد أثبت الحكم بالأدلة السائغة التي أوردها أن التصرف صدر ناجزاً فيكون هبة صحيحة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى العقد الخاص بالمنقولات فإنه لما كان الحكم قد أقام قضاءه على أن هبتها كانت مستترة في صورة عقد بيع وكان يكفي في هذه الحالة لانعقاد الهبة وانتقال ملكية المنقولات الموهوبة إلى المطعون عليها الثانية مجرد تلاقي الإيجاب والقبول في صورة عقد البيع الذي اختاره الطرفان لستر الهبة دون حاجة إلى تسليم الشيء الموهوب وكان لا يغير من هذا النظر وجود ورقة ضد تكشف عن حقيقة نية المتصرف - لما كان ذلك، كان ما قرره الحكم من توافر ركن القبض تزيداً لا يضيره الخطأ فيه.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم من ناحية عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الهبات عملاً بنص المادة 16 من لائحة الترتيب، مردود بأن مسائل الهبة في نظر الشارع على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليست كلها من مسائل الأحوال الشخصية ولا هي كلها من الأحوال العينية ومن ثم كانت الهبة محكومة بقانونين لكل مجاله في التطبيق: القانون المدني فيما أورده من أحكام لها بالذات مكملة بالأحكام العامة للالتزامات وقانون الأحوال الشخصية في غير ذلك من مسائلها، ولما كان الطاعن لا يثير نزاعاً متعلقاً بالأحوال الشخصية بل كل نزاعه منصب على القبض وشروطه، وكان القانون المدني. على خلاف الشرعية الإسلامية لم يشترط القبض لانعقاد الهبة المفرغة في محرر رسمي أو في صورة عقد آخر - لما كان ذلك كانت المحكمة في قضائها لم تجاوز اختصاصها ولم تخالف القانون. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه وصف عقد بيع المنزل بأنه هبة مع أن المطعون عليها الأولى لم تقل بهذا الوصف فمردود كذلك بأن المحكمة متى حصلت فهم الواقع في الدعوى من الأوراق المقدمة إليها ومن أقوال الخصوم فيها وجب عليها أن تبحث عما يجب تنزيله من أحكام القانون على هذا الواقع غير مقيدة في ذلك برأي الخصوم.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس فيتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق