باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني عشر من أبريل سنة 2025م،
الموافق الثالث عشر من شوال سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز وصلاح محمد
الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 31 لسنة 41
قضائية تنازع
المقامة من
حسين نعمان سفراكي، بصفته رئيس مجلس إدارة شركة إتش إن إس للاستثمارات
العقارية والسياحية والترفيهية (ش.م.م)
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ الرابع عشر من مايو سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم
هيئة التحكيم الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتاريخ 3/
2/ 2019، في الدعوى التحكيمية رقم 903 لسنة 2013، وفي الموضوع: بأولوية تنفيذ حكم
محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الصادر بجلسة 17/ 11/ 2014، في الدعوى رقم 3075
لسنة 2014 مستعجل القاهرة، على حكم هيئة التحكيم المار ذكره.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول.
وقدمت الشركة المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول
الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة
المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها سالفة البيان، وقررت المحكمة إصدار الحكم
بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، فأودعت في هذا الأجل كل من الشركة
المدعى عليها الثانية والشركة المدعية مذكرة، تمسكتا فيهما بطلباتهما السابقة.
-------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 12/ 2/ 2009، استأجرت الشركة المدعى عليها الثانية من
الشركة المدعية عدد ست عشرة قاعة سينما لفترتين متتاليتين، بإيجار سنوي مسمى
بالعقد. وإزاء امتناع الشركة المدعى عليها عن سداد الأجرة المستحقة عليها، فقد
أقامت الشركة المدعية أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الدعوى رقم 3075 لسنة
2014 مستعجل القاهرة، طلبت فيها الحكم بطرد الشركة المدعى عليها الثانية من العين
المؤجرة، وتسليمها لها خالية من الشواغل والأشخاص، بحكم مشمول بالنفاذ المعجل.
وبجلسة 17/ 11/ 2014، حكمت المحكمة، في مادة مستعجلة، بطرد الشركة المدعى عليها
الثانية من العين المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 12/ 2/ 2009، وتسليمها
للمدعي خالية من الشواغل والأشخاص.
ومن ناحية أخرى، ووفقًا لنص البند (26) من عقد الإيجار المار ذكره،
أقامت الشركة المدعى عليها الثانية أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري
الدولي، الدعوى التحكيمية رقم 903 لسنة 2013 ضد الشركة المدعية؛ للحكم لها
بطلباتها في النزاع الذي نشأ بينهما بمناسبة تنفيذ عقد الإيجار المشار إليه، كما
تقدمت الشركة المدعية بطلبات مقابلة في ذلك النزاع. وبتاريخ 3/ 2/ 2019، حكمت هيئة
التحكيم بأن إنهاء الشركة المحتكم ضدها - الشركة المدعية في الدعوى المعروضة -
لعقد الإيجار في 3/ 7/ 2013 غير قانوني، كما ألزمت طرفي التحكيم بالتعويضات
اللازمة عما لحقهما من خسارة وما فاتهما من كسب عن الإخلال في تنفيذ بعض
الالتزامات المتبادلة في عقد الإيجار والفوائد القانونية لهذه التعويضات.
وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تناقضًا في التنفيذ بين الحكم الصادر
من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بجلسة 17/ 11/ 2014، في الدعوى رقم 3075 لسنة
2014 مستعجل القاهرة، الذي قضى بطرد الشركة المدعى عليها الثانية؛ استنادًا إلى
إخلالها في تنفيذ عقد الإيجار، بعدم التزامها بسداد القيمة الإيجارية في ميعاد
استحقاقها، وبين حكم هيئة التحكيم الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم
التجاري الدولي بتاريخ 3/ 2/ 2019 في الدعوى التحكيمية رقم 903 لسنة 2013، الذي
قضى بأن إنهاء الشركة المدعية لعقد الإيجار بتاريخ 3/ 7/ 2013، غير قانوني،
وألزمها بأن تؤدي للشركة المدعى عليها الثانية تعويضًا عن الأضرار التي لحقتها من
إنهاء عقد الإيجار، وأن الحكمين قد تعامدا على محل واحد وتناقضا على نحو يتعذر معه
تنفيذهما معًا، فأقامت دعواها المعروضة.
وحيث إنه عن دفع هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى
عليه الأول لرفعها على غير ذي صفة، فإن هذا الدفع سديد؛ لما هو مقرر بقضاء هذه المحكمة
من أن الفقرة الأولى من المادة (32) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
تنص على أن لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع
القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين في الحالة المشار إليها في البند ثالثًا
من المادة (25)، بما مؤداه أن الخصومة في دعوى التناقض لا تكون إلا بين من كانوا
خصومًا لبعضهم البعض أمام المحاكم التي أصدرت الأحكام المتناقضة. لما كان ذلك،
وكانت الشركة المدعية قد اختصمت المدعى عليه الأول في الدعوى المعروضة، دون أن
يكون طرفًا في أي من الحكمين المدعى تناقضهما، ولا صفة له في موضوع النزاع بين
الشركة المدعية والشركة المدعى عليها الثانية أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة
ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، فإن اختصامه في الدعوى المعروضة
يكون غير مقبول.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المادة (192) من
الدستور، والبند ثالثًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979، قد أسندا إلى هذه المحكمة -دون غيرها- الاختصاص بالفصل في النزاع الذي يقوم
بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة
ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها. ويتعين على كل ذي شأن - عملًا بنص
الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون هذه المحكمة - أن يبين في طلب فض التناقض
بين الحكمين النهائيين، النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه التناقض بينهما. وضمانًا
لإنباء المحكمة الدستورية العليا - بما لا تجهيل فيه - بأبعاد النزاع؛ تعريفًا به،
ووقوفًا على ماهيته على ضوء الحكمين المدعى تناقضهما، فقد حتم المشرع في المادة
(34) من قانونها أن يرفق بطلب فض التناقض صورة رسمية من كل من هذين الحكمين، وأن
يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يعد
إجراءً جوهريًّا، تغيا مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون
المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن المشرع أقام في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية
الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، توازنًا دقيقًا بين حق الخصوم في إنفاذ حكم
التحكيم، إعمالًا لإرادتهم، وبين ضرورة التحقق من استيفاء هذا الحكم للضمانات
القانونية المقررة، لإصدار الأحكام في النظام القانوني المصري؛ انطلاقًا من حقيقة
مؤداها أن حكم التحكيم لا يستمد قوة نفاذه من اتفاق التحكيم وحده، وإنما من إرادة المشرع
التي تعترف به. وتحقيقًا لهذا التوازن أقر اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع
المعروض عليها استنادًا إلى اتفاق التحكيم بحكم حاسم للخصومة، حائز لحجية الأمر
المقضي، وملزم للأطراف المُحتكمة، إلا أنه لا تكون له قوة نفاذ الأحكام الوطنية
إلى أن يستوفي الضمانات التي أقرها لإنفاذ أثره، فأقام المشرع تنظيمًا خاصًّا
للاعتراف بقوة نفاذ الحكم الصادر من هيئات التحكيم، أوردها في نصوص المواد (56 و57
و58) من القانون المار ذكره، وأوجب بمقتضاها أن يصدر القاضي صاحب الاختصاص، بموجب
نص المادة (9) منه أمرًا بتنفيذ حكم التحكيم، بناءً على طلب يقدم إليه من صاحب
المصلحة، مرفقًا به: أصل الحكم، أو صورة موقعة منه، وصورة من اتفاق التحكيم،
وترجمة مصدقًا عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية، متى كان صادرًا بغير اللغة
العربية، وصورة من المحضر الدال على إيداع الحكم. ولا يقبل هذا الطلب إذا لم يكن
ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى، أو لم يفصل في دعوى البطلان إذا كانت محكمة
البطلان قد أمرت بوقف تنفيذ الحكم، فضلًا عما أوجبه على القاضي الآمر، قبل إصدار
هذا الأمر، بالتحقق من أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في
موضوع النزاع، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية، وأنه قد
تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانًا صحيحًا. فإن مؤدى ذلك أن الأمر الصادر من القاضي
المختص بتنفيذ حكم التحكيم يكون بمثابة اعتداد من النظام القضائي الوطني بحكم
التحكيم، وإقرارًا بصلاحيته لأن يكون صنوًا للأحكام الوطنية القابلة للتنفيذ، ودون
صدور هذا الأمر لا يعتد بحكم التحكيم كسند تنفيذي.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حكم التحكيم لا يصلح لأن يكون
حدًّا للتناقض في دعوى فض تناقض الأحكام، إلا بعد تقديم المحكوم له صورة رسمية من
حكم التحكيم - أو ترجمته المعتمدة قانونًا إلى اللغة العربية- مستخرجة من الصورة
التنفيذية للحكم، بما يكشف عن تطبيق القاضي الآمر للشروط والضوابط المنصوص عليها
في المواد (56 و57 و58) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، أما إذا
أقام المحكوم ضده في خصومة التحكيم دعوى فض التناقض، فيتعين أن يقدم ورقة رسمية تدل
على صدور الصيغة التنفيذية المشار إليها، فإذا لم يستوف المدعي في دعوى فض تناقض
الأحكام هذا الشرط الشكلي المتعلق بالنظام العام عند إيداع صحيفتها؛ افتقدت الدعوى
مناط قبولها.
لما كان ذلك، وكانت الشركة المدعية لم ترفق - باعتبارها المحكوم ضدها
في حكم هيئة التحكيم - عند إقامة الدعوى المعروضة، ورقة رسمية تدل على صدور الأمر
التنفيذي بتذييل حكم هيئة التحكيم المار ذكره بالصيغة التنفيذية له، فإن هذه الدعوى
لا تكون قد استوفت شرطًا شكليًّا جوهريًّا لقبولها، ومن ثم يتعين - والحال كذلك -
القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع
في الدعوى المعروضة، وإذ انتهت هذه المحكمة إلى عدم قبول الدعوى؛ فإن قيام رئيس
المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب - طبقًا لنص المادة
(32) من قانونها المشار إليه - يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق