الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 17 مايو 2025

الطعن 23663 لسنة 84 ق جلسة 19 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 33 ص 307

جلسة 19 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / علي حسن علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد هلالي ، أشرف محمد مسعد وأبو الحسين فتحي نواب رئيس المحكمة ومحمد يوسف .
-------------------
(33)
الطعن رقم 23663 لسنة 84 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إكراه . مواقعة أنثى بغير رضاها . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استعمال الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها في جريمة مواقعة أنثى . غير لازم . كفاية أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها . مسألة رضاء المجني عليها أو عدمه . موضوعي . حد ذلك ؟
الاختيار المجرد لا يتوافر به الرضاء الصحيح . إثبات الحكم توصل الطاعن إلى مواقعة المجني عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس بإيهامها أنها زوجته بعقد شرعي على خلاف الحقيقة . كفايته لتوافر ركن القوة ولو اتجهت إرادتها إلى الزواج منه . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) مواقعة أنثى بغير رضاها . قصد جنائي . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . باعث .
مواقعة الطاعن المجني عليها وهو يعلم أنه يأتي أمراً منكراً لبطلان زواجه منها وعدم صحته لإجرائه عليها دون إشهاد . كفايته لتوافر القصد الجنائي دون العبرة بالباعث عليه . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
التفات المحكمة عن طلب سماع شهود النفي . لا عيب . ما دام المتهم لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون لإعلانهم . أساس ذلك ؟
(6) محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
(7) نيابة عامة . محضر الجلسة . حكم " بيانات الديباجة " .
النعي بخلو محاضر جلسات المحاكمة والحكم من بيان اسم وكيل النيابة الذي حضر جلسة النطق بالحكم . غير مقبول . ما دام أنه لا يدعي شِغار كرسي الاتهام بتلك الجلسة أو أن النيابة لم تُمثَّل بالدعوى أثناء محاكمته .
(8) قضاة " صلاحيتهم " .
الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك لتقديره حسبما يطمئن إليه .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
عدم جواز إبداء أسباب أخرى للطعن أمام محكمة النقض غير الأسباب السابق بيانها في الميعاد . إشارة الطاعن في مذكرة أسبابه إلى ما سيبديه بجلسة نظر الطعن . غير مقبول . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم بالتحقيقات ، وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً لتَفَهُّم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك مُحَقِّقاً لحكم القانون ، ومن ثم ، فإن النعي على الحكم بالقصور ، وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها وأركان الجريمة التي دان الطاعن عنها يكون لا محل له .
2- لما كان القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها ، بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاءٍ صحيح ممن وقع عليها ، كأن يكون بناءً على خداع أو مباغتة أو بالمكر واستعمال الحيلة ، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً ، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن ، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ردًّا على دفاع الطاعن في هذا الشأن - من أن الأخير إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس ، بأن أوهمها أنها زوجته بعقد صحيح يتَّفِق وأحكام الشريعة ، فسَلَّمَت نفسها له تحت هذا الظن الخاطئ وهي في مثل هذه الظروف ، فإن في ذلك ما يكفي لتوافر ركن القوة في جناية المواقعة ، ولا يغير من ذلك اتجاه إرادتها إلى الزواج منه ؛ إذ لَابَسَ تلك الإرادة – بحسب ما أثبت الحكم - ذلك الظن الخاطئ ، بعد أن أوهمها الطاعن بالاحتيال والخداع على خلاف الحقيقة أن العقد الذي استوقعها عليه يُرتِّب زواجاً شرعياً ، وهو ما لا يتوافر معه الرضاء الصحيح ؛ ذلك بأن الرضا وإن كان لا يتحقَّق من غير اختيار ، فإن مُجَرَّد الاختيار لا يتوافر به الرضاء الصحيح ، ما دامت القرائن والدلائل المتعلَّقة به تدل على ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - . لما كان الحكم المطعون فيه قد ردَّ على دفاع الطاعن بشأن توافر رضاء المجني عليها بما يدحضه وينفيه ، فإن النعي عليه بهذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو مُعَيَّن تأدِّياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يُقْبَل لدى محكمة النقض .
3- لما كان كل ما يتطلبه القانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة مواقعة الأنثى بغير رضاها هو أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل الذي تتكوَّن منه هذه الجريمة وهو عالم أنه يأتي أمراً منكراً ، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى ذلك من البواعث والتي لا تقع تحت حصر ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد عمد بطريق الغش والتدليس إلى مواقعة المجني عليها وهو يعلم ببطلان زواجه منها ، وعدم صحته لإجرائه عليها دون إشهاد ، ومن ثم لا يُقْبَل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه ، ويضحى ما ينعاه في هذا الشأن غير سديد .
4- لما كان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق مُعَيَّن في خصوص عقد الزواج المذكور ، فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطْلَب منها ، ولم تَرَ هي حاجة إلى إجرائه .
5- لما كان نص الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية صريحًا في وجوب إعلان شهود النفي - الذين لم يدرجوا في قائمة الشهود - على يد مُحْضَر بالجلسة المُحَدَّدَة لنظر الدعوى ، بما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم على تصريح من المحكمة بذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يسلك هذا الطريق ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن قضت في الدعوى بغير سماعهم ، وبغير أن يُعْتَبَر ذلك إخلالاً منها بحقه في الدفاع ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ، كما خلت – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه - مما يشير لتقديمه مذكرة بدفاعه .
6- لما كان ما يثيره الطاعن من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه كما أبداه ، مردودًا بأنه لا يدَّعي أن المحكمة قد منعت المُدافع عنه من مباشرة حقه ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً ؛ إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يُقَدِّم الدليل على ذلك ، وأن يُسَجِّل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وإلَّا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعيَّن عليه تسجيله وإثباته ، فإن ما يثيره بهذا الصدد غير مقبول .
7- لما كان الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، وكان الطاعن لا يدَّعي في طعنه شِغار كرسي الاتهام بجلسة النطق بالحكم ، أو أن النيابة لم تكن مُمَثَّلَة في الدعوى أثناء محاكمته ، فلا محل لما يثيره في هذا الشأن .
8- لما كانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي ، وتتعلَّق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي ، وما تطمئن إليه نفسه ، ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم ، فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .
9- من المقرر طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة – سواء من النيابة العامة أو أي خصم – غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون ، فإن ما أشار إليه الطاعن في مذكرة أسباب الطعن بشأن ما سيبديه من أسباب أخرى بجلسة نظر الطعن - بعد فوات الميعاد المُحَدَّد لها بالقانون - يكون غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- واقع المجني عليها الطفلة / .... بغير رضاها ، بأن أوهمها بزواجها فسكنت نفسها تحت الظن ، وتمَكَّن منها ، فواقعها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 267/1 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مواقعة أنثى لم تبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بغير رضاها قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، كما انطوى على الإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ؛ ذلك بأن جاء قاصراً في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقَّق به أركان الجريمة التي دانه بها ، غير مُلمٍ بوقائع الدعوى ومادياتها ، ولم يدلل تدليلًا كافيًا على عدم رضاء المجني عليها ، وكيفية خداع الطاعن لها ومظاهره ، سيما وقد اتَّحَدَت إرادتيهما على إبرام عقد الزواج العرفي وهي في كامل إرادتها ووعيها ودون إكراه ، بدلالة ما ثبت بأقوالها وأقوال الشهود وتقرير الطب الشرعي ، مما يُخرِج الواقعة من نطاق التأثيم بالجريمة التي أدانه عنها ، واطَّرّح في هذا الشأن بما لا يسوغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي لديه ، مستنداً إلى علمه ببطلان زواجه من المجني عليها ، ودون أن يفطن لدلالة عقد زواجهما العرفي أو يعنِ بتحقيقه ، كما أعرض دون رد عن طلبه بسماع شهود نفي ، والمبدى في مذكرته المقدمة بعد نهاية المرافعة ، هذا إلى أن محاضر جلسات المحاكمة قد خَلَتَ من إثبات دفاعه كما أبداه ، وخَلَتَ والحكم المطعون فيه من بيان اسم وكيل النيابة الذي حضر جلسة النطق بالحكم ، وأخيراً ، فإن المحكمة قد استَبَدَّت بها الرغبة في إدانته ، فضلاً عما سيبديه المدافع عنه من أسباب بجلسة نظر الطعن ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، واعتراف المتهم بالتحقيقات ، وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً لتَفَهُّم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك مُحَقِّقاً لحكم القانون ، ومن ثم ، فإن النعي على الحكم بالقصور ، وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها وأركان الجريمة التي دان الطاعن عنها يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها ، بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاءٍ صحيح ممن وقع عليها ، كأن يكون بناءً على خداع أو مباغتة أو بالمكر واستعمال الحيلة ، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً ، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن ، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ردًّا على دفاع الطاعن في هذا الشأن - من أن الأخير إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس ، بأن أوهمها أنها زوجته بعقد صحيح يتَّفِق وأحكام الشريعة ، فسَلَّمَت نفسها له تحت هذا الظن الخاطئ وهي في مثل هذه الظروف ، فإن في ذلك ما يكفي لتوافر ركن القوة في جناية المواقعة ، ولا يغير من ذلك اتجاه إرادتها إلى الزواج منه ؛ إذ لَابَسَ تلك الإرادة – بحسب ما أثبت الحكم - ذلك الظن الخاطئ ، بعد أن أوهمها الطاعن بالاحتيال والخداع على خلاف الحقيقة أن العقد الذي استوقعها عليه يُرتِّب زواجاً شرعياً ، وهو ما لا يتوافر معه الرضاء الصحيح ؛ ذلك بأن الرضا وإن كان لا يتحقَّق من غير اختيار ، فإن مُجَرَّد الاختيار لا يتوافر به الرضاء الصحيح ، ما دامت القرائن والدلائل المتعلَّقة به تدل على ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد ردَّ على دفاع الطاعن بشأن توافر رضاء المجني عليها بما يدحضه وينفيه ، فإن النعي عليه بهذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو مُعَيَّن تأدِّياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يُقْبَل لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان كل ما يتطلبه القانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة مواقعة الأنثى بغير رضاها هو أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل الذي تتكوَّن منه هذه الجريمة وهو عالم أنه يأتي أمراً منكراً ، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى ذلك من البواعث والتي لا تقع تحت حصر ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد عمد بطريق الغش والتدليس إلى مواقعة المجني عليها وهو يعلم ببطلان زواجه منها ، وعدم صحته لإجرائه عليها دون إشهاد ، ومن ثم لا يُقْبَل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه ، ويضحى ما ينعاه في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق مُعَيَّن في خصوص عقد الزواج المذكور ، فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطْلَب منها ، ولم تَرَ هي حاجة إلى إجرائه . لما كان ذلك ، وكان نص الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية صريحًا في وجوب إعلان شهود النفي - الذين لم يدرجوا في قائمة الشهود - على يد مُحْضَر بالجلسة المُحَدَّدَة لنظر الدعوى ، بما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم على تصريح من المحكمة بذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يسلك هذا الطريق ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن قضت في الدعوى بغير سماعهم ، وبغير أن يُعْتَبَر ذلك إخلالاً منها بحقه في الدفاع ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ، كما خلت – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه - مما يشير لتقديمه مذكرة بدفاعه . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه كما أبداه ، مردوداً بأنه لا يدَّعي أن المحكمة قد منعت المُدافع عنه من مباشرة حقه ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً ؛ إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يُقَدِّم الدليل على ذلك ، وأن يُسَجِّل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وإلَّا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعيَّن عليه تسجيله وإثباته ، فإن ما يثيره بهذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، وكان الطاعن لا يدَّعي في طعنه شِغار كرسي الاتهام بجلسة النطق بالحكم ، أو أن النيابة لم تكن مُمَثَّلَة في الدعوى أثناء محاكمته ، فلا محل لما يثيره في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي ، وتتعلَّق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي ، وما تطمئن إليه نفسه ، ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم ، فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة – سواء من النيابة العامة أو أي خصم – غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون ، فإن ما أشار إليه الطاعن في مذكرة أسباب الطعن بشأن ما سيبديه من أسباب أخرى بجلسة نظر الطعن - بعد فوات الميعاد المُحَدَّد لها بالقانون - يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنويه : تم تعديل نص المادة 267 من قانون العقوبات بموجب القانون رقم 11 لسنة 2011 المنشور بالجريدة الرسمية في 22/3/2011 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق