الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 فبراير 2025

الطعن 12052 لسنة 90 ق جلسة 1 / 3 / 2021 مكتب فني 72 ق 19 ص 259

جلسة الأول من مارس سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نادي عبد المعتمد أبو القاسم ، إبراهيم فؤاد ، أسامة محمود و د. أحمد أبو العينين نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(19)
الطعن رقم 12052 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
(2) سوق رأس المال . قصد جنائي .
القصد الجنائي في جريمة إجراء عمليات صورية للتأثير على سعر ورقة مالية . تحققه بالتلاعب في الأسعار بأي عمل أو امتناع عن عمل بقصد التأثير على أسعار التداول يكون من شأنه الإضرار بكل أو بعض المتعاملين في سوق الأوراق المالية . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه . وقوع الضرر فعلياً . غير لازم . كفاية احتمال وقوعه . النعي بالقصور في التدليل على ركن الضرر . غير مقبول .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير الدليل . موضوعي . النعي بخلو الأوراق من دليل يقيني على صحة الاتهام . غير مقبول .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقامة الحكم قضاءه على ما استخلصه من تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية وتقرير لجنة الخبراء المنتدبة في الدعوى . مفاده : أنه لم يبن حكمه على رأي لسواه .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له أن يَستمد اقتناعه من أي دليل يَطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الدفاع ندب لجنة أخرى . حد ذلك ؟
(8) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وعدم صحته واستحالة الواقعة . موضوعي . لا يستلزم رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها المحكمة .
(9) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم الابتدائي المُؤيد والمُكمل بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تَتَوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثُبوتِهما في حقه أدلة سَائغة من شَأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان يَبين مما سطره الحكم المطعون فيه أنه بيّن مضمون أدلة الدعوى ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحوٍ يَدل على أنها مَحصّتها التَمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يُفيد أنها قامت بما يَنبغي عليها من تَدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يَكُون له محل .
2- لما كان ما أورده الحكم كافياً وسَائغاً في التدليل على توافر الجريمة الأولى التي دان الطاعن بها بأركانها المادية والمعنوية ؛ إذ لا يَلزم أن يَتحدث الحكم استقلالاً على تَوافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بل يَكفي أن يَكُون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ويتحقق القصد الجنائي بالتلاعب في الأسعار بأي عمل أو امتناع عن عمل بقصد التأثير على أسعار تداول الأوراق المالية يَكُون من شأنه الإضرار بكل أو بعض المُتعاملين في سوق الأوراق المالية ، ولا يُشترط في التلاعب وقوع الضرر بالفعل بل يَكفي احتمال وقوعه ، ومن ثم فإن ما يَنعاه الطاعن على الحكم بشأن القصور في التدليل على ركن الضرر يَكُون غير سديد .
3- من المُقرر أن تَقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا مُعقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شَأنها أن تُؤدي إلى ما رُتِب عليها من ثُبوت مُقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ، ومن ثم يَكُون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من تَقرير الهيئة العامة للرقابة المالية وتقرير لجنة الخبراء المُنتدبة في الدعوى ، ومن ثم لم يَبنِ حكمه على رأي لسواه ، ويَضحى ما يُثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
5- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة تَرتد إلى أصلٍ صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سَائغ صِحَة إسناد الاتهام إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مَبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزمٍ ويَقين ولم يَكن حكمها مُؤسساً على الفرض والاحتمال – حسبما يذهب إليه الطاعن - ، فإن ما يُثيره في هذا الخُصوص لا يَخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يَجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6- من المُقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يَستمد اقتناعه من أي دليل يَطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ولا يُشترط أن تَكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويَقطع في كل جُزئية من جُزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية مُتساندة يُكمل بَعضها بعضاً ومنها مُجتمعة تَتَكون عقيدة المحكمة ، ولا يُنظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يَكفي أن تَكون الأدلة في مجموعها كوحدة مُؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومُنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يُشترط في الدليل أن يَكُون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المُراد إثباتها بل يَكفي أن يَكُون استخلاص ثُبوتِها عن طريق الاستنتاج بما تَكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وتَرتيب النتائج على المُقدمات ، ومن ثم فإن ما يُثيره الطاعن بشأن مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية لا يَعدو أن يَكُون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط مُعتقدها من الأدلة المطروحة عليها – والتي لا يُجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق - ، مما لا تُقبل مُصادرتها فيه والخوض في مُناقشته أمام محكمة النقض .
7- من المُقرر أن تَقدير آراء الخبراء والمُفاضلة والفصل فيما يُوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سَائر الأدلة ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تَضمنه تقرير لجنة الخبراء ، وهي غير مُلزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب ندب لجنة أخرى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء وهو ما تَساند إليه الحكم المطعون فيه في اطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن ، ويَكُون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
8- من المُقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وعدم صِحَته واستحالة الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تَستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تُورده من أدلة الثبوت التي تَطمئن إليها بما يُفيد اطراحها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يَكُون مقبولاً.
9- من المُقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تَلتفت عن دليل النفي ولو حَمِلَته أوراق رسمية ما دام يَصِح في العقل والمنطق أن يَكُون غير مُلتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يَكُون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أجرى عمليات بيع وشراء بنظام التداول بالبورصة بغرض الإيحاء بوجود تعامل على الورقة المالية " .... " والتلاعب في سعرها من أجل تسهيل بيعها وشرائها وذلك على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
أدخل أوامر بيع وشراء على نظام التداول بالبورصة بهدف إعطاء صورة مضللة وغير صحيحة عن حجم ونشاط وسعر تلك الورقة المالية سالفة الذكر وذلك على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
وطلبت عقابه بالمواد 63/ 6 ، 67 ، 69 مكرراً من القانون رقم 95 لسنة 1992 ، والمادة 321/ 7 ، 9 من اللائحة التنفيذية للقانون .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت حضورياً بجلسة .... بتغريم المتهم مبلغ خمسمائة ألف جنيه وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فاستأنف المحكوم عليه ذلك القضاء ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المستأنف مائة ألف جنيه وألزمت المستأنف بالمصاريف الجنائية .
فطعـن المحكـوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن يَنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إجراء عمليات صُورية للتأثير على سعر ورقة مالية وإدراج أوامر بيع وشراء لذات الأوراق للإيحاء بوجود تعامل عليها تَسهيلاً لبيعها قد شَابه القُصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن الحكم لم يُدلل على تَوافر أركان الجريمة الأولى ، ولم يَستظهر تَوافر القصد الجنائي وركن الضرر فيها ، وخَلت الأوراق من دليلٍ يَقيني على صِحَة الاتهام ، وعوّل الحكم على رأي لسواه ، وبَنى قضاءه على الظن والافتراض بأن تَساند على مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية وتقرير لجنة الخبراء رغم أنهما لا يَصلحان دليلاً – لشواهد عددها – والتفتت المحكمة عن طلبه بإعادة الدعوى إلى لجنة خبراء مُغايرة ، كما التفتت عن دفاعه بكيدية الاتهام وعدم صِحَته واستحالة الواقعة – لشواهد عددها – وما قدمه من مستندات تأييداً لدفاعه ، وهو ما يَعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المُؤيد والمُكمل بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تَتَوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثُبوتِهما في حقه أدلة سَائغة من شَأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان يَبين مما سطره الحكم المطعون فيه أنه بيّن مضمون أدلة الدعوى ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحوٍ يَدل على أنها محصتها التَمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يُفيد أنها قامت بما يَنبغي عليها من تَدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يَكُون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسَائغاً في التدليل على توافر الجريمة الأولى التي دان الطاعن بها بأركانها المادية والمعنوية ؛ إذ لا يَلزم أن يَتحدث الحكم استقلالاً على تَوافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بل يَكفي أن يَكُون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، ويتحقق القصد الجنائي بالتلاعب في الأسعار بأي عمل أو امتناع عن عمل بقصد التأثير على أسعار تداول الأوراق المالية يَكُون من شأنه الإضرار بكل أو بعض المُتعاملين في سوق الأوراق المالية ، ولا يُشترط في التلاعب وقوع الضرر بالفعل بل يَكفي احتمال وقوعه ، ومن ثم فإن ما يَنعاه الطاعن على الحكم بشأن القصور في التدليل على ركن الضرر يَكُون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تَقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا مُعقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شَأنها أن تُؤدي إلى ما رُتِب عليها من ثُبوت مُقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ، ومن ثم يَكُون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من تَقرير الهيئة العامة للرقابة المالية وتقرير لجنة الخبراء المُنتدبة في الدعوى ، ومن ثم لم يَبنِ حكمه على رأي لسواه ، ويَضحى ما يُثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة تَرتد إلى أصلٍ صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سَائغ صِحَة إسناد الاتهام إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مَبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزمٍ ويَقين ولم يَكن حكمها مُؤسساً على الفرض والاحتمال – حسبما يذهب إليه الطاعن - ، فإن ما يُثيره في هذا الخُصوص لا يَخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يَجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يَستمد اقتناعه من أي دليل يَطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ولا يُشترط أن تَكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويَقطع في كل جُزئية من جُزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية مُتساندة يُكمل بَعضها بعضاً ومنها مُجتمعة تَتَكون عقيدة المحكمة ، ولا يُنظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يَكفي أن تَكون الأدلة في مجموعها كوحدة مُؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومُنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يُشترط في الدليل أن يَكُون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المُراد إثباتها بل يَكفي أن يَكُون استخلاص ثُبوتِها عن طريق الاستنتاج بما تَكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وتَرتيب النتائج على المُقدمات ، ومن ثم فإن ما يُثيره الطاعن بشأن مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية لا يَعدو أن يَكُون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط مُعتقدها من الأدلة المطروحة عليها – والتي لا يُجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق - ، مما لا تُقبل مُصادرتها فيه والخوض في مُناقشته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تَقدير آراء الخبراء والمُفاضلة والفصل فيما يُوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سَائر الأدلة ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تَضمنه تقرير لجنة الخبراء ، وهي غير مُلزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب ندب لجنة أخرى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء وهو ما تَساند إليه الحكم المطعون فيه في اطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن ، ويَكُون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وعدم صِحَته واستحالة الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تَستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تُورده من أدلة الثبوت التي تَطمئن إليها بما يُفيد اطراحها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يَكُون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تَلتفت عن دليل النفي ولو حَمِلَته أوراق رسمية ما دام يَصِح في العقل والمنطق أن يَكُون غير مُلتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يَكُون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يَكُون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق