الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 أكتوبر 2024

الطعن 15752 لسنة 85 ق جلسة 21 / 11 / 2019

محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة " الخميس " ( د ) المدنية
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد الراضي عياد الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناصر السعيد مشالي نائب رئيس المحكمة ، خالد إبراهيم طنطاوي ، عمر الفاروق عبد المنعم منصور و منير محمد أمين وحضور رئيس النيابة السيد / أحمد عبد الرحيم يوسف . وأمين السر السيد / إبراهيم محمد عبد المجيد .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة .
في يوم الخميس 24 من ربيع أول سنة 1441 ه الموافق 21 من نوفمبر سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الآتي :-
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 15752 لسنة 85 ق .

----------------

" الوقائع "
في يوم 29/8/2015 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر بتاريخ 13/7/2015 في الاستئناف رقم 487 لسنة 90 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون بصفاتهم الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة .
وفي اليوم نفسه أودع الطاعنون بصفاتهم مذكرة شارحة وحافظة مستندات .
وفي 28/9/2015 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت في ختامها قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وبجلسة 3/10/2019 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره .
وبجلسة 21/11/2019 سُمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم الطاعنون بصفاتهم والنيابة كلٌ على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ناصر السعيد مشالي " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفاتهم الدعوى رقم 1531 لسنة 2014 مدني كلي أسيوط بطلب الحكم بإلغاء وفسخ عقد التبرع المؤرخ 22/3/2010 والحكم الصادر عنه بصحة التوقيع واعتباره كأن لم يكن ، وقال بياناً لذلك إنه بموجب العقد المذكور تبرع للوحدة المحلية بالمعايدة بمساحة ۱۲۲م بدون مقابل بغرض إنشاء وحدة صحية لخدمة أهالي القرية ووافقت محافظة أسيوط على التخصيص، وإذ رفض وزير الزراعة هذا التبرع وكانت الأرض المتبرع بها لا تصلح للغرض الذي من أجله تبرع بها المطعون ضده فأقام الدعوى ، حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 4۸۷ لسنة 90 ق أسيوط ، وبتاريخ 13/7/2015 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بفسخ عقد التبرع المؤرخ 22/3/2010 ورد قطعة الأرض للمطعون ضده ، طعن الطاعنون بصفاتهم في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض هذا الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .وحيث إن حاصل نعي الطاعنين بصفاتهم على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ستة أوجه ، وفي بيان الوجه الأول يقولون إن طلب المطعون ضده فسخ عقد التبرع المبرم مع الوحدة المحلية بالمعايدة بدون مقابل بغرض إنشاء وحدة صحية هو عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام وبالتالي يكون عقد إداري يخرج عن اختصاص المحاكم العادية ويختص بالفصل فيه محاکم مجلس الدولة ويتعلق ذلك بالنظام العام ، مما يتعين معه أن تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدى للفصل في موضوع الدعوى ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية ، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء وارداً على أصل عام ، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره ، وأن المحاكم العادية بحسبانها صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها ما لم تكن إدارية أو ينص القانون على اختصاص غيرها ، وكان لا يوجد نص في الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل في النزاع الراهن لجهة أخرى غير المحاكم ، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقياً للحكم على أصل ولايتها العامة بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً ومقبولاً ، وأن القانون وإن لم يعرف العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التي تميزها عن غيرها من العقود والتي يهتدى بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل إلا أن إعطاء العقود التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقود إدارية أو مدنية إنما يتم على هدي ما تجرى تحصيله منها ويكون مطابقاً للحكمة في إبرامها ، وأن العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة تنأى عن أسلوب القانون الخاص وتحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها ، وأنه وإن كان التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام يعتبر في ذاته عقداً إدارياً تطبق عليه القواعد والأحكام الخاصة بالعقود الإدارية ، إلا أنه لما كان البين من الأوراق أن حقيقة المنازعة المطروحة على محكمة الموضوع لا تتعلق ببطلان أو فسخ هذا العقد بعد أن انعقد صحيحاً بين طرفيه وأوفى كل منهما بالتزاماته فيه بإقامة الجهة الإدارية الوحدة الصحية على الأرض التي تبرع بها المطعون ضده والمخصصة لتصبح للنفع العام ، وإنما تقوم المنازعة حول أحقية الطاعن في فسخ عقد التبرع بشأن العقار المتصرف فيه لعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه على قالة إن جهة الإدارة لم يعد لها فيه حاجة بعد أن رفض وزير الزراعة ما تم الاتفاق عليه حفاظاً على الرقعة الزراعية ، وبالتالي لم ينعقد الاتفاق ولم يتم تنفيذ ما تم التبرع على أساسه وهو إقامة مشروع وحدة صحية ذي نفع عام لخدمة أهالي القرية، ولم يكن ذلك لسبب راجع إلي المطعون ضده . ولما كان ما تقدم ، وكان البين من الأوراق ومن عقد التبرع محل الدعوى أن الاتفاق بين الطرفين على أن يتبرع المطعون ضده بأرض التداعي المملوكة له إلي جهة الإدارة بغرض إقامة وحدة طب أسرة لخدمة أهالي القرية ولم يتم الموافقة عليه من جهة الإدارة ، ولم تقم عليها مشروعاً ذي نفع عام ، ومن ثم فلم تتحول الأرض بهذا التخصيص للمنفعة العامة ، وانصبت الخصومة في تكييفها الصحيح حول أحقية المطعون ضده في فسخ عقد التبرع لعدم موافقة وزير الزراعة على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ولإخلال جهة الإدارة بما تم الاتفاق عليه بإقامة الوحدة الصحية على الأرض محل التداعي التي تبرع المطعون ضده بها لتنفيذها لخدمة أهالي القرية وهو اتفاق معلق على شرط هو القيام بمشروع ذي نفع عام، فإن تخلف الشرط سقط الاتفاق تباعاً وهذا يعتبر مخالفة لأغراض المتبرع توجب فسخ العقد ، وإذ خلت الأوراق من موافقة الجهة الإدارية على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بعقد التبرع سند الدعوى أو مما يثبت أن المطعون ضده أخذ مقابل لما أعطى أو أن الإدارة تسلمت أرض النزاع من مالكها أو أنه تم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ، وكان البين من عقد التبرع سند الدعوى أنه لا يتعلق بتسيير مرفق عام أو تنظيمه ، ولم يتضمن الشروط الاستثنائية الخاصة التي تنأى به عن أسلوب القانون الخاص وعليه فإن هذا العقد لا يكون قد تم صحيحاً بين عاقدين بعد رفض جهة الإدارة الموافقة على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ويكون في حقيقته عقداً مدنياً ، وهو ما جرى الفقه والقضاء على وصفه بأنه عقد تقديم معاونة أو مساهمة يلتزم بمقتضاه شخص بالمساهمة نقداً أو عيناً من نفقات مرفق عام أو مشروع ذي نفع عام ، إلا أن هذا المشروع لم يتم ومن ثم لا يتوافر لهذا العقد أركانه كعقد إداري ، بما يخرجه من دائرة العقود الإدارية ، ويظل عقداً مدنياً يخضع لأحكام القانون المدني، ولما كان العمل أو التصرف القانوني التبرعي قد يكون عقداً صادراً من جانبين كالهبة ، أو إرادة منفردة صادرة من جانب واحد کالوصية والإبراء من الدين ، ويكون العمل تبرعاً إذا كان المتصرف لم يأخذ مقابلاً لما أعطى ، وهو ما تنعقد ولاية الحكم فيه لجهة القضاء العادي ، فإن الحكم المطعون فيه بتصديه لنظر موضوع الدعوى بفسخ هذا العقد لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ، ويكون النعي غير قائم على أساس .
وفي بيان الوجه الثاني يقولون إن الدعوى المطروحة ليست من الدعاوى العينية العقارية ، وبالتالي تكون غير مقبولة لعدم اللجوء للجان التوفيق المختصة قبل رفع الدعوى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يقض بعدم قبول الدعوى ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى إبطال العقد أو فسخه هي من الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري ، ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة ۲۰۰۰ بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفاً فيها تنص على أن " ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين فيها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ، وكانت المادة الرابعة من ذات القانون قد أوردت ضمن المنازعات التي تخرج عن ولاية تلك اللجان المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية ، وكانت طلبات المطعون ضده في النزاع فسخ عقد التبرع لإخلال الطاعنين بصفاتهم بالتزاماتهم التعاقدية وهي بذلك دعوى عينية عقارية ترمي إلى حماية حق الملكية ، ومن ثم تخرج عن ولاية لجان التوفيق في المنازعات المنشأة بالقانون رقم 7 لسنة ۲۰۰۰ ، ويكون النعي المتعلق بهذا الوجه على غير أساس .
وحيث إن ما ينعيه الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه بأوجه الطعن ( الثالث والرابع والخامس ) وفي بيانهم يقولون إن التكييف الصحيح للعقد سند الدعوى هو أنه عقد من عقود المعاوضة غير المسماة ومساهمة في نفقات مرفق عام وليس عقد هبة ، وقد تضمن العقد ما يفيد أن التبرع نهائي لا رجعة فيه ويتعين على المحكمة الالتزام بعبارات العقد إعمالاً لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وأن المطعون ضده أسقط العقار من ملكه طواعية وتلاقى ذلك مع قبول الجهة الإدارية التبرع وأقامت دعوى صحة توقيع للعقد المذكور ، وبالتالي يكون العقد نافذاً بين طرفيه ، ولما كان الحكم المطعون فيه خالف ما سبق وقضى بفسخ العقد على سند من تكييفه على أنه عقد هبة ويجوز الرجوع فيه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أن التكييف القانوني الصحيح لقصدهما وإنزال حكم القانون عليه هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض . وأن المناط في تكييف العقد هو بالوقوف على نيتها المشتركة دون الاعتداد بما أطلقوه عليه من أوصاف أو ما ضمنوه من عبارات إذا ما تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده المتعاقدان منه ، أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود واستظهار نية المتعاقدين ، إلا أنه لا يجوز لها وهي تعالج تفسير محرر أن تعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من عباراته ، وإنما يجب عليها أن تأخذ بما تفيده هذه العبارات مجتمعة ، وأن تستهدي في تفسيرها بوقائع الدعوى وبالظروف التي أحاطت بتحرير المحرر، وعلى المحكمة أن تتعمق في طلبات الخصوم وأسانيدها ، لتصل إلى التكييف الصحيح لحقيقة هذه الطلبات وتنزل عليها الحكم القانوني ذلك أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني وكان من المقرر أيضاً أنه لما كان يجوز للواهب طبقاً لنص المادة 500 من القانون المدني الرجوع في الهبة إذا تراضي على ذلك مع الموهوب له أو استند إلى عذر يقبله القاضي . وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من أوراق الدعوى ومستنداتها إلى توافر نية التبرع لدى الطاعن وقت التصرف إذ لم يقصد ثمة منفعة وإنما محض تبرع ، وكان يحق للواهب وفقاً للمادة 500 من القانون المدني الرجوع في الهبة إذا استند لعذر يقبله القاضي وأن المطعون ضده أقام دعواه بطلب الحكم برد الأرض المملوكة له والمبينة بالأورق والتي تبرع بها لإنشاء وحدة صحية لخدمة أهالي القرية إلا أن وزير الزراعة اعترض على تنفيذ الوحدة الصحية على تلك الأرض حفاظاً على الرقعة الزراعية وبالتالي لم يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وكيف العقد سند الدعوى أنه عقد هبة واعتبر عدم موافقة الجهة الإدارية عذر مقبول للرجوع في الهبة حيث إن الواهب خصص قطعة الأرض محل التداعي إلى الجهة الموهوب له ( الجهة الإدارية ) لإقامة وحدة صحية للمنفعة العامة ، وأن الموهوب له عجز عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبالتالي لم يتم تنفيذ الغرض من الاتفاق وهو تحقيق مصلحة عامة نتيجة عدم موافقة الموهوب له ، ولما كانت الأرض المتبرع بها لا تصلح للغرض الذي من أجله تبرع بها المطعون ضده ، ورتب الحكم على ذلك أن عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه هو عذر مقبول لفسخ عقد الهبة وانتهى إلى القضاء بفسخ عقد الهبة وترتيباً لأثر هذا الفسخ برد الموهوب للواهب ، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعنون بصفاتهم في هذا الخصوص على الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
وحيث إن حاصل نعي الطاعنين في الوجه السادس على الحكم المطعون فيه أنه قضى بفسخ عقد التبرع ورد الأرض موضوع الفسخ رغم أن المطعون ضده لم يطلب رد الأرض ، فإنه يكون قد تجاوز نطاق الخصومة وقضى بما لم يطلبه الخصوم بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر أن الالتزام في عقد الهبة شأنه شأن سائر العقود قد يكون معلقاً على شرط فاسخ ، فإذا تحقق الشرط ترتب على ذلك زوال الالتزام وجاز للواهب أن يسترد ما وهبه ولا يشترط في هذه الحالة أن يستند الواهب إلى عذر مقبول وإنما يكفي تحقق الشرط ، كما لا يجوز للموهوب له أن يتمسك بقيام مانع من الرجوع في الهبة ، وأن حق الواهب في استرداد المال الموهوب في حالة تحقق الشرط الفاسخ للهبة يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير وجه حق ، وقد أكدت المادة ۱۸۲ من القانون المدني هذا المعني بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق ، وكان رد الموهوب لا يقضى به في هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على انفساخ العقد طبقاً للمادة 160 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإنه طالما يكون للواهب أن يرفع هذه الدعوى ، فإنه يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة عليها ومنها رد المال الموهوب ، إذ لا يكون هذا المال مستحق الأداء ممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ ، وأنه إذا كانت الطلبات في الدعوى تتسع لما قضت به المحكمة ، فإنها لا تكون قد حكمت بما لم يطلبه الخصوم ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بفسخ العقد ورد الأرض كأثر من آثار الفسخ ولما كانت الطلبات في الدعوى تتسع لما قضت به المحكمة، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس . ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
لذلك

رفضت المحكمة الطعن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق