الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 يوليو 2023

الطعن 976 لسنة 7 ق جلسة 3 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 32 ص 314

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-------------------

(32)

القضية رقم 976 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف. "لجنة شئون الموظفين".
إغفال لجنة شئون الموظفين تحرير محضر لاجتماعها يتضمن ما دار فيه من مناقشات - لا بطلان.
(ب) موظف. "تقرير سنوي".
ملف خدمة الموظف لا يشمل حتماً كل ما يتعلق به من معلومات أو بيانات أو عناصر لها أثرها في تقدير كافيته - ما يعلمه الرؤساء وأعضاء لجنة شئون الموظفين عن عمل الموظف وسلوكه وشخصيته بحكم صلات العمل - من بين المصادر التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن - سلطة اللجنة في أن تستمد تقديرها من أية عناصر ترى الاستعانة بها في تحديد درجة الكفاية - سلطة تقديرية مطلقة.
(جـ) موظف. "تقرير سنوي".
تقدير لجنة شئون الموظفين درجة كفاية المدعي - الأخذ بعين الاعتبار مسلك المدعي في شأن تطاوله على رؤسائه وعدم تعاونه معهم وإسرافه دون مبرر في التقدم بشكاوى ضدهم تتضمن اتهامات خطيرة وعبارات غير لائقة - لا تثريب عليه - لا يحول دون ذلك أن مسلك المدعي في شأن الشكاوى المذكورة محل مؤاخذة تأديبية.

-----------------
1 - لا وجه للنعي على قرار لجنة شئون الموظفين بأنه قد شابه بطلان لعدم تحرير محضر لاجتماعها يتضمن ما دار فيه من مناقشات، ذلك أن تحرير هذا المحضر ليس من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان.
2 - إنه ولئن كان الأصل أن ملف خدمة الموظف هو الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه لا يشمل حتماً كل ما يتعلق بالموظف من معلومات أو بيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير فملف الخدمة ليس هو المصدر الوحيد لبيان حالة الموظف بل إن من بين المصادر التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن ما يعلمه رؤساؤه وأعضاء لجنة شئون الموظفين عن عمله وسلوكه وشخصيته بحكم صلات العمل - ولم يحدد القانون للجنة طريقاً معيناً تلتزمه في تقدير الكفاية في التقرير السنوي - بل إن تقديرها يقوم على ما تراه من الأسس كفيلاً بالوصول إلى التقدير السليم الذي يتفق مع الحق والواقع - وقد خصها القانون بسلطة تقديرية مطلقة في أن تستمد تقديرها من أية عناصر ترى الاستعانة بها في تقدير درجة الكفاية لحكمة ظاهرة هي أنها تضم عدداً من كبار الموظفين الذين لهم من خبراتهم ومرانهم وإلمامهم وإشرافهم على أعمال الموظفين ما يمكنهم من وزن كفاية الموظفين وتقدير درجة هذه الكفاية تقديراً سليماً دقيقاً فلا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير كفاية المدعي إن هي أدخلت في اعتبارها ما أسفر عنه فحص أحد أعضائها - الذي فوضته في هذا الشأن - لكفايته في ضوء ما أجراه من مناقشات مع مدير المصنع الذي كان يعمل فيه.
3 - لا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958 إن هي أدخلت في اعتبارها الأثر الذي ترى - بسلطتها في الإشراف والتعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين - ترتيبه على مسلك المدعي في شأن تطاوله على رؤسائه وعدم تعاونه معهم وإسرافه دون مبرر في التقدم بشكاوى ضد هؤلاء الرؤساء وغيرهم من كبار الموظفين تتضمن اتهامات خطيرة وعبارات غير لائقة، ولا يحول دون ذلك أن مسلك المدعي في شأن الشكاوى المذكورة قد ترتب عليه إقامة الدعوى التأديبية ضده وصدور حكم بإدانته مطعون فيه أمام المحكمة الإدارية العليا، إذ أن الأمر هنا لا يتعلق بتأديبه أو عقابه ولا يعدو أن يكون إعمالاً لسلطة اللجنة في تخفيض درجة كفايته في تقريره السنوي استناداً إلى ما تكشف لها من أمور تتعلق بسلوكه وصفاته الشخصية وقدراته وهي من العناصر المكملة لمقومات التقدير العام الذي تختص به اللجنة في مجال حكمها على كفاية الموظف وتترخص فيه بسلطتها التقديرية وهو غير مجال التأديب على كل حال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 16 من مايو سنة 1960 أقام السيد/ عبد الحميد فهمي غريب الدعوى رقم 436 لسنة 7 القضائية ضد السيد وزير الحربية (الهيئة العامة للمصانع الحربية) طالباً الحكم بإلغاء التقرير السري السنوي المقدم عنه في عام 1958 بتقدير ضعيف وكذلك ما ترتب على هذا التقدير من آثار وقال شرحاً لدعواه إنه كلف بالعمل بالمصانع الحربية بطريق الندب في 4 من مارس سنة 1953 ولما ثبتت صلاحيته للعمل بها نقل إليها نهائياً في سنة 1954 وكانت تقاريره السرية منذ عام 1954 إلى آخر عام 1957 مرضية للغاية واستحق علاوة دورية قدرها جنيهان في أول مايو سنة 1959 ولكن لجنة شئون الموظفين بالمصانع الحربية قررت حرمانه من هذه العلاوة لأنه حصل على تقدير ضعيف عن عام 1958 في التقرير السري السنوي المقدم عنه - وأضاف أن الحرمان من هذه العلاوة يجب أن يصدر به قرار خاص من لجنة شئون الموظفين وأن هذا القرار معيب بعدم مشروعية سببه وعدم مشروعية الغاية وإساءة استعمال السلطة.
وأجابت الهيئة العامة للمصانع الحربية على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن المادة 11 من القرار رقم 159 لسنة 1953 بلائحة نظام موظفي المصانع الحربية تقضي بأن الموظفين الحاصلين في التقدير العام على درجة تزيد على 40% وتقل عن 50% لا ينظر في أمر ترقيتهم على ألا يؤثر ذلك في علاواتهم الدورية - وأنه من مقتضى هذا النص يحرم الموظف الذي يحصل في التقرير السري على 40 درجة فأقل من علاوته الدورية - وقد حصل المدعي في التقرير السري المقدم عنه عن عام 1958 على 31 درجة (أي درجة ضعيف) فقررت لجنة شئون موظفي المصانع الحربية حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959، وذكرت الهيئة أن وضع هذا التقرير قد تم وفقاً للإجراءات القانونية التي نصت عليها المادة 10 من القرار رقم 159 لسنة 1953 التي تقضي بأن يدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على مديره المختص لإبداء ملاحظاته ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاءة وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاءة التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً - وقد وضع التقرير السري عن المدعي عن عام 1958 رئيسه المباشر وقدر درجة كفايته بثلاث وستين درجة من مائة وعرض التقرير على مدير الإدارة التابع لها المدعي فاعتمد التقرير بدرجة خمسين من مائة ثم عرض على لجنة شئون موظفي المصانع الحربية بجلستها المنعقدة في 27 من يوليو سنة 1959 واعتمدت هذا التقرير بدرجة إحدى وثلاثين من مائة وهي صاحبة السلطة النهائية في البت في درجة الكفاية. وبناء على ذلك صدر القرار الإداري رقم 134 لسنة 1959 في 9 من أغسطس سنة 1959 متضمناً حرمان المدعي من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959، كما أضافت الهيئة أن المدعي ما كان يستقر له مكان في أي مصنع من المصانع الحربية التي عمل بها لعدم كفاءته وسوء تصرفاته مما دعا إلى إلحاقه بالعمل بالإدارة العامة للمصانع الحربية وتنقل في كثير من مراقبتها وآخرها مراقبة التموين والمخازن وتقدم مدير التموين والمخازن بمذكرة يطلب فيها نقله فوراً من المراقبة نظراً إلى تصرفاته الشاذة وأشار نائب مدير الهيئة للإنتاج المدني بنقله من المصانع كما أشار السيد وكيل الحربية لشئون المصانع بالاتصال بوزارة الحربية لنقله إليها بدرجته وندبه لحين اتخاذ إجراءات النقل وتم استبعاده من الهيئة وندبه فعلاً للعمل بوزارة الحربية - وانتهت الهيئة في مذكرتها إلى طلب رفض الدعوى.
وقدم المدعي مذكرة بدفاعه قال فيها إن تقاريره السرية منذ دخوله العمل مرضية للغاية وأنه أثناء عمله بالهيئة العامة للمصانع الحربية بإدارة التموين والمخازن اكتشف عدة مخالفات مالية جسيمة واجهه رؤساؤه بها وأبلغ المسئولين عنها في حينها مما أدى إلى إجراء تحقيق قامت به النيابة الإدارية في القضية رقم 61 لسنة 1959 ضد المسئولين عن هذه المخالفات - وذكر أنه إزاء توجيهه الاتهام إلى رؤسائه لم يكن أمامهم إلا أن ينتقموا منه فكان أن أبعد عن العمل بالهيئة العامة للمصانع الحربية في 3 من يناير سنة 1959 وانتدب للعمل بوزارة الحربية رغم مخالفة هذا الندب لقانون موظفي الدولة وقرار رئيس الجمهورية رقم 678 لسنة 1957 بإنشاء الهيئة العامة للمصانع الحربية وقررت لجنة شئون موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية حرمانه من العلاوة التي استحقت له في أول مايو سنة 1959 وأن هذا الحرمان هو الإجراء التالي ضده نتيجة للقضية رقم 61 المشار إليها - وذكر أنه تظلم من قرار حرمانه من العلاوة الذي صدر في 9 من أغسطس سنة 1959 إلى السيد مفوض الدولة للحربية في 25 من أغسطس سنة 1959 الذي رأى إلغاء التقرير السري بدرجة ضعيف عن سنة 1958 مع ما ترتب عليه من آثار. وأضاف أنه يدل على الانحراف الظروف المحيطة بصدور هذا القرار وملف خدمته إذ أن رؤساءه ما حاربوه إلا لأنه أبلغ أولي الأمر بالمخالفات الجسيمة التي وقعت منهم والثابتة في محاضر القضية رقم 61 لسنة 1959 أما ملف خدمته فهو يشهد بكفاءته وجدارته إذ الثابت أنه منذ أن عين بخدمة الحكومة في3 من يناير سنة 1938 كانت جميع تقاريره السرية السنوية مرضية للغاية وجميع الأوراق الموجودة بملف خدمته تعبر عن أمانته وإخلاصه في العمل - وأشار المدعي إلى ما وقع من المسئولين من مخالفات مالية ثابتة في محاضر القضية رقم 61 لسنة 1959 وإلى أنه كشف بعضها ورفض الاشتراك في إحداها وانتهى إلى التصميم على طلباته.
وأودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بإلغاء التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1958 بتقدير ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت الهيئة العامة للمصانع الحربية مذكرة ثانية بدفاعها ذكرت فيها أن التحقيق الذي تجريه النيابة الإدارية في موضوع شكاوى المدعي لم ينته بعد وأنه لذلك لا يمكن التحدث عن المخالفات المالية التي شكا منها المدعي وعن مبلغ صحتها أو جسامتها أو ضآلتها وعقبت على استناد المدعي إلى ملف خدمته بقولها إنه لا علاقة له بتقدير الكفاية إذ لا تودع به أعمال الموظف وإنما أعماله معلومة للجهة الإدارية التابع لها وهي التي قدرت كفايته على هذا الأساس في التقرير السري عن سنة 1958 بدرجة ضعيف - ذلك فضلاً عن أن ملف خدمته لم يخل من الشوائب فقد جوزي بلفت نظر في 3 من يناير سنة 1955 لما نسب إليه في الشكوى رقم 94 لسنة 1955 وتبين من التحقيق معه حضوره إلى جراج الإدارة في غير أوقات العمل الرسمية واختلاطه بالعمال وإفهامهم مقدرته على تسيير الأمور طوع إرادته لاتصاله بالأميرالاي مهندس سكرتير عام الإنتاج - كما جوزي في 13 من يوليو سنة 1955 لتقديمه شكوى باعتداء السيد علي عبد النبي عليه وجوزي بخضم خمسة أيام من مرتبه لعدم تنفيذه أمر وكيل
الوزارة لشئون المصانع الصادر في أول يناير سنة 1959 بإخلاء طرفه وتقديم نفسه لوزارة الحربية - ورددت الهيئة ما سبق أن ذكرته من أن المدعي لم يستقر في أي مصنع من المصانع الحربية التي عمل بها لعدم كفاءته وذكرت أن مدير عام مصانع 18/ 90 الحربي بين في كتابه المؤرخ في 26 من سبتمبر سنة 1956 أنه غير كفء لإدارة أي عمل يتناسب مع درجته وقام المصنع بإخلاء طرفه للاستغناء عن خدماته - وأضافت الهيئة أن الوزارة لم توافق على رأي المفوض في التظلم المقدم من المدعي ورفضت هذا التظلم.
وبجلسة 14 من يناير سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء التقرير السري السنوي المقدم عن المدعي عن سنة 1958 بتقدير ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر في 27 من يوليو سنة 1959 فتظلم منه المدعي في 20 من أغسطس سنة 1959 ثم قدم طلباً لمعافاته من الرسوم في 11 من أكتوبر سنة 1959 فصدر القرار بمعافاته في 11 من مايو سنة 1960 وأقام دعواه في 16 من مايو سنة 1960 وبذلك تكون مرفوعة في الميعاد - وأنه يبين من التقرير السنوي السري المقدم عن المدعي عن عام 1958 أنه جاء في بداية هذا التقرير تحت عنوان (تعليمات هامة وإرشادات) ما يلي (يدون التقرير بواسطة الرئيس المباشر ثم يعرض على المدير الذي له حق الموافقة أو التعديل ثم يعرض على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقرير إذا لم يكن هناك خلاف بين التقديرين وإلا فاللجنة تقدر درجة الكفاية بمعرفتها) (الفقرة الخامسة من البند الثالث من التعليمات) ونصت الفقرة الثامنة من البند أولاً على أنه (يجب أن تكون كتابة التقارير مبنية على الأسس الآتية):
( أ ) دفاتر الحضور والانصراف.
(ب) البيانات المدونة بالسجل.
(ج) تقارير الهيئات التفتيشية المعدة عن أعمال الموظف.
(د) معاملته لزملائه ورؤسائه ومرؤوسيه والجمهور إن كان له اتصال به.
(هـ) نتائج التحقيقات في الشكاوى التي قدمت ضده سواء من الداخل أو الخارج.
ونصت الفقرة التاسعة على أنه يجب أن ينشأ سجل لتدوين الملاحظات (الأخطاء والمميزات) ويلاحظ درجة التقدم وتدون الملاحظات على مدار السنة وإشعار الموظف بها إن حسناً وإن قبيحاً. وذكرت المحكمة أن الثابت من مطالعة هذا التقرير أن الرئيس المباشر قدر كفاية المدعي بثلاث وستين درجة نزل بها المدير إلى خمسين درجة وبعرضه على لجنة شئون الموظفين بجلسة 27 من يوليو سنة 1959 لاعتماد التقرير قررت منح المدعي إحدى وثلاثين درجة (درجة ضعيف) وعلى أثر ذلك تقرر حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959 طبقاً لنص المادة 11 من لائحة نظام موظفي المصانع الحربية وأنه لما كانت المصانع الحربية سبق أن أفادت مفوض الدولة للوزارة بكتابها المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1959 أن السجل المشار إليه بنموذج التقرير سيعمل به اعتباراً من التقارير السرية السنوية عن سنة 1959 فلا يكون ثمة مرجع للحكم على أعمال الموظف سوى ملف خدمته - وأشارت المحكمة إلى حكم المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وخلصت إلى أن الرئيس المباشر هو المنوط به وضع التقارير السنوية عن الموظفين الخاضعين لهذا النظام لأنه بحكم اتصاله المباشر بمرؤوسيه وإشرافه عليهم ورقابته لهم أقدر من غيره على الحكم على مبلغ كفايتهم وتحري سلوكهم ولئن كان للجنة شئون الموظفين اختصاص في هذا الشأن إلا أن اختصاصها هو بمثابة إشراف وتعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين ولها أن تقدر درجة الكفاية التي تراها على أساس ما هو وارد بملف الخدمة بحسب الطريق المرسوم لذلك في القانون وأنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 210 لسنة 1951 ولائحته التنفيذية أن المشرع أوجب أن ينشأ لكل موظف ملف خاص اعتبره سجل حياته في الوظيفة وأنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه لا يوجد به أي دليل يؤيد الإدارة فيما ذهبت إليه من تقدير كفايته بدرجة ضعيف عن المدة من أول يناير إلى آخر ديسمبر سنة 1958 إذ لم يسبق للإدارة خلال هذه المدة أو قبيلها أن وقعت عليه جزاء نتيجة ذنب ارتكبه فتقدير لجنة شئون الموظفين لكفايته بدرجة ضعيف بدلاً من درجة مرضي التي قدرها له رئيسه المباشر لا يجد له سنداً في ملف خدمته بل الثابت أنه كان يقوم بعمله على وجه مرضي مما حدا بالإدارة إلى التوصية بترقيته ومنحه العلاوة أما مجازاته بلفت النظر مرتين فكان قبل التقرير المطعون فيه بثلاث سنوات كما أن جزاء الخصم من المرتب كان بعد التقرير المطعون فيه - وأشارت المحكمة إلى شكاوى المدعي التي أدت إلى إجراء تحقيق تولته النيابة الإدارية وذكرت أنها لا تتعرض لهذا التحقيق ولا لتلك الشكاوى طالما أن الأمر لا يزال في يد النيابة الإدارية لم تنته منه بعد - وأن مجرد تقديم الموظف لشكاوى ضد زملائه أو رؤسائه في حدود القوانين واللوائح وبمراعاة اللياقة ومقتضيات الوظيفة لا يجعل لهذه الشكاوى دخلاً في تقدير عناصر الكفاية أو يجعلها سبباً لخفضها في التقرير السنوي طالما أن الجهة التي تولت بحثها لم تصل بها إلى نتيجة تؤدي إلى مؤاخذة مقدمها أو تشوب سلوكه الوظيفي وأنه لذلك تكون النتيجة التي انتهى إليها القرار الصادر بمنحه درجة ضعيف في التقرير السنوي المطعون فيه لم تستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً ويكون القرار قد قام على غير سبب وجاء مخالفاً للقانون ويتعين الحكم بإلغائه.
وأقامت الوزارة طعنها على أن تقديرات الكفاية التي تتم سواء من الرئيس المباشر أو المدير المحلي أو رئيس المصلحة أو لجنة شئون الموظفين هي تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه وقد استوفى التقرير موضوع الدعوى الإجراءات والأوضاع التي نص عليها القانون فلم يكن من حق المحكمة أن تناقش تقدير الكفاية الذي انتهت إليه لجنة شئون الموظفين - كما أن ملف الخدمة ليس هو الوعاء الوحيد لتقدير كفاية الموظف إذ أن نموذج التقرير السنوي يقضي بضرورة مراعاة علاقة الموظف بالرؤساء والزملاء واستعداده الذهني ومدى إنتاجه وغير ذلك من العناصر التي يستخلصها الرؤساء بحكم اتصالهم بالموظف ولا تثبت من ملف الخدمة ولا تكون محلاً لمؤاخذة تأديبية ولكنها تكون محل وزن كبير عند تقدير الكفاية وقد قدرت لجنة شئون الموظفين درجة كفاية المدعي عن سنة 1958 بعد مناقشة مدير المدعي المختص ليستبين لها التقدير السليم على أساس من الواقع والاتصال الشخصي خصوصاً وأنه كان هناك خلاف بين تقدير الرئيس المباشر والمدير المختص لدرجة كفاية المدعي فكان على لجنة شئون الموظفين إزاء هذا الخلاف أن تقدر الدرجة التي تراها وهو تقدير تستقل به الجهة الإدارية.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى أنها تطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام رافعه المصروفات - وأشارت في هذا التقرير إلى أن الدعوى تقوم على الطعن بالتعسف في استعمال السلطة وذكرت أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لهذا الوجه اكتفاء بالعيوب الموضوعية الأخرى وأنه كان من المتعين طلب تحقيق النيابة الإدارية في الشكوى التي تقدم بها المدعي أو على الأقل بيان مستخرج من الوقائع والتهم التي تضمنها هذا التحقيق والأشخاص الذين وجهت إليهم ومراكزهم وما تم في التحقيق المذكور - وأن الهيئة قد طلبت هذا البيان من النيابة الإدارية وإزاء إصرارها على عدم تقديمه استدعى السيد المفوض المدعي وسأله عن الوقائع التي دار عليها التحقيق - وأشارت هيئة المفوضين إلى أن الأصل هو أن ملف الخدمة هو الوعاء الطبيعي لحياة الموظف وذكرت أنه ولئن كان للجنة شئون الموظفين أن تعدل عما ورد في الملف وتتخذ ما عداه على سبيل الاستثناء فإنه يجب أن يتبين القضاء الإداري أوجه طرح الثابت إلى غير الثابت - وأضافت أنه لا مطعن على ما استخلصه الحكم في شأن خلو ملف المدعي مما يجرحه وأنه قد تبين من الاطلاع على التقرير السري أنه قد ذيل بتوقيعات منسوبة لأعضاء لجنة شئون الموظفين فلما طلبت محاضر تلك اللجنة بينت الإدارة بكتابها المؤرخ في 4 من ديسمبر سنة 1961 أن التقارير السرية على موظفي المصانع الحربية ترد في شهر يناير من كل سنة وتسجل في كشوف تعرض على لجنة شئون الموظفين للنظر في اعتمادها وتسجل درجة الكفاية التي تعتمدها اللجنة على كل تقرير على حدة - وأن اللجنة قد فوضت مدير الهيئة للإنتاج المدني في مناقشة مديري المصانع في التقارير السرية الموضوعة عن الموظفين التابعين لهم الحاصلين على تقدير أقل من 55% عن عام 1958 وإجراء التعديلات التي يرى إدخالها على هذه التقارير بالتخفيض أو الزيادة وكان التقرير المقدم عن المدعي من هذه التقارير فنوقش وأعيد عرضه على اللجنة في 27 من يوليو سنة 1959 وقررت اعتماد درجة كفايته بإحدى وثلاثين درجة من مائة واعتمد قرارها في 9 من أغسطس سنة 1959 - وأن الإدارة قدمت في 9 من ديسمبر سنة 1961 مذكرة من مراقب الأفراد بين فيها ما أجراه نائب مدير الهيئة لشئون الإنتاج المدني وتخفيضه تقدير المدعي وعرض مذكرة بذلك على لجنة شئون الموظفين التي اكتفت بإثبات توقيعاتها في ذيل هذه المذكرة - وذكرت هيئة المفوضين أن هذه المذكرة لا تعتبر محضراً لانعقاد لجنة شئون الموظفين وإنه ثبت من المناقشة أن رئيس اللجنة السيد المهندس عبد الوهاب البشري وسكرتيرها السيد رشاد كشميري لم يوقعا على التقرير السري المطعون فيه وذلك من شأنه ألا يجعل التوقيعات الثابتة بأسفل التقرير بمثابة محضر صحيح للجنة - وتضمن تقرير هيئة المفوضين أن السيد المفوض استدعى المدعي وسأله عن الوقائع التي تضمنتها شكواه فأفاد بأنها عن مخالفات مالية نسبها إلى المهندس أحمد البدوي الذي نزل بتقديره إلى 50% وإلى بعض أعضاء لجنة شئون الموظفين - وانتهت هيئة المفوضين إلى القول بأن وقوف المدعي هذا الموقف في وجه رؤسائه إما يدل على الشذوذ وعدم الصلاحية أو يدل على صراحة غير مألوفة في الحق وأنه وقد اختارت الإدارة العناد والامتناع عن تقديم الدليل مرجحة ما هو ضدها من هذين الفرضين يتعين الأخذ بأقوال المدعي.
وقدمت الهيئة العامة للمصانع الحربية عدة حوافظ من مستنداتها تضمنت إحداها مستخرجاً من المذكرة المرفوعة للجنة شئون الموظفين بالمصانع الحربية - وبينت الهيئة أن جميع أعضاء اللجنة ومن بينهم رئيسها السيد المهندس عبد الوهاب البشري قد وقعوا على تلك المذكرة التي بموجبها اعتمدت اللجنة تقدير كفاية المدعي عن عام 1958 بإحدى وثلاثين درجة - وتضمنت حافظة أخرى صورة من مذكرة النيابة الإدارية بشأن القضيتين رقم 61 لسنة 1959 ورقم 284 لسنة 1961 - وتضمن حافظة ثالثة كتاب مدير الشئون القانونية للمصانع الحربية المؤرخ في 27 من مارس سنة 1965 الذي جاء به أن الرئيس المباشر للمدعي قد قدر كفايته عن عام 1958 بثلاث وستين درجة من تسعين تساوي 70 درجة من مائة وأن المدير المحلي قدر له خمسين درجة من تسعين تساوي 55 درجة من مائة كما أودعت الهيئة صورة من الحكم الصادر في 27 من إبريل سنة 1964 من المحكمة التأديبية لوزارات الأشغال والحربية والسد العالي في الدعوى رقم 26 لسنة 4 القضائية والقاضي بمجازاة المدعي بخصم شهر من مرتبه.
ومن حيث إن المدعي قد أودع مذكرتين بدفاعه قال فيهما إن ملف خدمته هو الوعاء الطبيعي لكل ما يتصل به من قرارات وقد خلا من الشوائب - وأن التقرير السري موضوع طعنه لم يستوف الإجراءات والأوضاع التي نص عليها القانون لأن انعقاد لجنة شئون الموظفين كان باطلاً وإجراءاتها باطلة كما أن هذا التقرير قد لحقه عيب إساءة استعمال السلطة - وذكرت أنه كان يعمل بالتموين والمخازن بالهيئة العامة للمصانع الحربية واكتشف أثناء عمله مخالفات مالية خطيرة فأبلغ عنها في حينها وكان رئيسه المباشر هو المهندس حسن بريقع الذي قدر كفايته بثلاث وستين درجة - وأن المهندس أحمد سعيد البدوي مدير القسم المحلي خفض تقديره إلى خمسين درجة بسبب استدعاء النيابة الإدارية له وسؤاله عن الاتهامات الموجهة إليه في القضية رقم 61 لسنة 1959 بناء على شكوى قدمها هو (أي المدعي) لسكرتير عام المصانع الحربية السيد إبراهيم ناجي مؤرخة في 25 من يوليو سنة 1958 وأن لجنة شئون الموظفين المكونة من السادة إبراهيم ناجي ومحمد رشاد محمود وعبد الله غنيم قد اجتمعت اجتماعاً غير قانوني ونزلت بإجراءات غير قانونية بالتقرير السنوي إلى 31% في 27 من يوليو سنة 1959 وجميع أعضائها وجهت إليهم اتهامات في القضية رقم 61 لسنة 1959 أي أن التقرير قد حرر بعد استدعائهم للتحقيق وذلك يدل على الانحراف بالسلطة وأضاف المدعي أنه إذا كان قد أقحم في الدعوى التأديبية رقم 26 لسنة 4 القضائية متهماً بعد أن كان مبلغاً فذلك نتيجة تكتل كبار الموظفين الذين أبلغ ضدهم والذين لم يحقق معهم ومع ذلك صدر الحكم بإدانة بعض من أبلغ ضدهم - وذكر أنه إذا كان قد أدين رغم ذلك فإنه قد طعن في الحكم التأديبي الذي لا صلة له بالخصومة بينه وبين من بخسوا حقه وانتهى المدعي إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام رافعه المصروفات.
ومن حيث إن الوزارة الطاعنة قد تقدمت بمذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم:
أصلياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
واحتياطياً: برفضها مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبنت دفعهما بعدم قبول الدعوى على أن المدعي كان موظفاً بالهيئة العامة للمصانع الحربية الصادر عنها القرار المطعون فيه وهي هيئة عامة لها شخصية معنوية مستقلة عن الدولة وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 678 لسنة 1957 بإنشاء الهيئة العامة للمصانع الحربية الذي حل محله قرار رئيس الجمهورية رقم 1478 لسنة 1961 بإنشاء المؤسسة العامة للمصانع الحربية والمدنية - ووزير الحربية لا يمثل الهيئة المذكورة ولذلك فإن الدعوى إذ رفعت ضد الوزارة تكون مرفوعة على غير ذي صفة ويتعين الحكم بعدم قبولها ولا يؤثر في قيام هذا الدفع عدم إبدائه أمام محكمة أول درجة إذ يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى - أما عن الموضوع فذكرت الوزارة أن الرئيس المباشر للمدعي قدر كفايته بثلاث وستين درجة خفضها المدير المختص إلى خمسين درجة وعندما اجتمعت لجنة شئون الموظفين في 29 من إبريل سنة 1959 للنظر في اعتماد التقارير السرية عن عام 1958 قررت تفويض مدير الهيئة للإنتاج المدني وهو أحد أعضائها في مناقشة السادة مديري المصانع في التقارير السرية الموضوعة عن الموظفين التابعين لهم الحاصلين على 55% فأقل وإجراء التعديلات التي يرى إدخالها على هذه التقارير إما بالتخفيض أو الزيادة بعد التثبت من مدى كفاءة هؤلاء الموظفين وبعد انتهاء مناقشة السيد عضو اللجنة لمديري المصانع أعدت إدارة شئون الأفراد مذكرة بما انتهت إليه المناقشة وعرض الأمر على اللجنة فوافقت في 27 من يوليو سنة 1959 على تقدير درجة كفاية المطعون ضده بإحدى وثلاثين درجة واعتمد السيد رئيس اللجنة المهندس عبد الوهاب البشري هذه التقديرات في 9 أغسطس سنة 1959 - وعقبت الوزارة على تقرير هيئة مفوضي الدولة بقولها إنه لا صحة لما ذهب إليه هذا التقرير من أن المهندس عبد المنعم إبراهيم قد وقع على التقرير باعتباره رئيس اللجنة بل وقع باعتباره عضواً بها أما التقديرات فقد اعتمدها السيد عبد الوهاب البشري في 9 من أغسطس سنة 1959 - وذكرت أنه لا وجه لما ذهب إليه التقرير من وجوب أن يكون هناك محضر رسمي يثبت اجتماعات اللجنة ومناقشاتها إذ أن الشارع لم يعين للجنة طريقاً معيناً تلتزمه في تقدير الكفاية وإنما جعل لها أن تلجأ إلى أية طريقة تراها موصلة إلى هذا التقدير - وإذا كان سائر أعضاء لجنة شئون الموظفين قد وقعوا على التقرير السنوي للمدعي ووقع رئيس اللجنة على المذكرة الخاصة بنتيجة مناقشة العضو المفوض فإن ذلك يؤكد سلامة التقرير - وأضافت الوزارة أن ملف الخدمة ليس الوعاء الوحيد لأحوال الموظف وتقدير كفايته - وأشارت إلى الشكاوى وتحقيقات النيابة الإدارية التي لم تشأ محكمة القضاء الإداري أن تتعرض لها لأن النيابة الإدارية لم تكن قد انتهت من تحقيقها - وذكرت أنه قد آن أوان التعرض لها بعد أن انتهى التحقيق وقدم المدعي إلى المحاكمة التأديبية وأنه قد جاء في مذكرة النيابة الإدارية بشأن القضيتين رقم 61 لسنة 1959 ورقم 284 لسنة 1961 أن المدعي (تقدم بشكاوى ضمنها اتهامات خطيرة لكبار موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية وضمن شكاويه عبارات جارحة واتهامات باطلة لهم ولم يثبت من التحقيق صحة أي ادعاء من هذه الادعاءات بالرغم من تجريحه لهؤلاء الموظفين لإصراره على نسبة مخالفات وهمية إليهم في كل شكوى) كما أشارت الوزارة إلى الحكم الصادر ضد المدعي من المحكمة التأديبية لوزارات الأشغال والحربية والسد العالي في 27 من إبريل سنة 1964 بخصم شهر من مرتبه وإلى أن أسباب هذا الحكم قد تضمنت أن التحقيق في شكاوى المدعي قد أسفر عن كذبها بالنسبة لهؤلاء الموظفين وتحامله الشديد عليهم بشكل مزري يجافي الخلق القويم ويجعل من شكاويه معرضاً للنيل من أمانة ونزاهة هؤلاء الموظفين وإهدار كرامتهم والولوغ في أعراضهم مما يخرجها من دائرة استهداف المصلحة العامة إلى دائرة التشفي والانتقام والحقد وأنه وإن أسفر النادر القليل من تلك الشكاوى عن وقوع بعض مخالفات فقد كانت من النوع العادي ووقعت من غيرهم وهي بذاتها لا تستدعي كل تلك الضجة - وأن ما نسب إلى المدعي ثابت في حقه ويصمه بالانحراف عن جادة الصواب وعن السيرة الحميدة - وذكرت الوزارة أن المدعي قد اعترف أنه بدأ في تقديم الشكاوى منذ سنة 1958 وكان يدبر الكيد لرؤسائه وكبار موظفي الهيئة ويطعن في أعراضهم وأمانتهم وأن مثله لا يمكن أن يعتبر موظفاً منتجاً في عمله وأن ما أثبتته المحكمة التأديبية في حقه ينعكس على كافة عناصر تقدير الكفاية ويجعل التقدير المطعون فيه بدرجة ضعيف تقديراً متساهلاً فيه.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث إن مبنى هذا الدفع الذي أبدته الوزارة في مذكرتها في هذا الطعن هو أن المدعي وهو يعمل بالهيئة العامة للمصانع الحربية قد أقام الدعوى ضد وزارة الحربية وكان يجب أن يرفعها ضد الهيئة المذكورة التي كانت تتمتع بشخصية معنوية مستقلة ويمثلها مديرها أمام الجهات القضائية وفقاً لأحكام المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 678 لسنة 1957 ثم بعد أن حلت محلها المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية والمدنية المنشأة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 1478 لسنة 1961 أصبح يمثل هذه المؤسسة رئيس مجلس إدارتها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي قد أقام دعواه بصحيفتها المودعة قلم كتاب المحكمة الإدارية في 16 من مايو سنة 1960 ضد وزير الحربية (الهيئة العامة للمصانع الحربية) طالباً إلغاء التقرير السنوي المقدم عنه عن عام 1958 وقد أعلنت هذه الصحيفة في 24 من مايو سنة 1960 إلى كل من السيد وزير الحربية والسيد مدير الهيئة العامة للمصانع كما أن قلم كتاب المحكمة أخطر تلك الهيئة بأنه قد تحددت جلسة 4 من أغسطس سنة 1960 لتحضير الدعوى المذكورة ثم أخطرها بتحديد جلسة 21 من نوفمبر سنة 1960 لنظر الدعوى وقد أدلت الهيئة بدفاعها فيها وأودعت مستنداتها وطلبت الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن الهيئة العامة للمصانع الحربية كانت مختصة في الدعوى ومثلت أمام المحكمة وأبدت دفاعها لذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من وزارة الحربية يكون غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
عن الموضوع:
ومن حيث إن المدعي طلب الحكم بإلغاء التقرير المقدم عنه عن عام 1958 بتقدير ضعيف استناداً إلى أنه معيب بعدم مشروعية سببه وعدم مشروعية الغاية وإساءة استعمال السلطة وقد استجاب الحكم المطعون فيه لهذا الطلب تأسيساً على أنه ليس بملف خدمة المدعي أي دليل يؤيد الإدارة فيما ذهبت إليه إذ لم يسبق لها خلال المدة من أول يناير إلى آخر ديسمبر سنة 1958 أو قبلها أن وقعت عليه جزاء نتيجة ذنب ارتكبه فتقدير لجنة شئون الموظفين لكفايته بدرجة ضعيف بدلاً من درجة مرض التي قدرها له رئيسه المباشر لا يجد له سنداً من ملف خدمته - وعلى أن مجرد تقديم الموظف لشكاوى ضد زملائه أو رؤسائه في حدود القوانين واللوائح وبمراعاة اللياقة ومقتضيات الوظيفة لا يجعل لهذه الشكاوى دخلاً في تقدير عناصر الكفاية طالما أن الجهة التي تولت بحثها لم تصل بها إلى نتيجة تؤدي إلى مؤاخذة مقدمها أو تشوب سلوكه الوظيفي وأنه لذلك تكون النتيجة التي انتهى إليها القرار الصادر بمنحه درجة ضعيف في التقرير المطعون فيه لم تستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها فيكون القرار قد قام على غير سبب وجاء مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إنه لا اعتداد بما ذهبت إليه الوزارة في طعنها من أن تقدير لجنة شئون الموظفين لكفاية الموظف لا يخضع لرقابة القضاء الإداري باعتباره داخلاً في صميم عمل الإدارة - ذلك أنه ما دام أن التقرير السنوي المقدم عن الموظف بعد استيفاء مراحله هو بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلاً في الترقية أو في منح العلاوة أو في بقائه في وظيفته أو نقله منها أو فصله من الخدمة فإن ذلك يستتبع خضوعه لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن الرئيس المباشر قد قدر كفاية المدعي عن عام 1958 بثلاث وستين درجة من تسعين أي بما يوازي 70 درجة من مائة وهبط المدير المختص بهذا التقدير إلى خمسين درجة من تسعين أي إلى ما يوازي خمساً وخمسين درجة من مائة - وقررت لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 29 من إبريل سنة 1959 تفويض السيد نائب مدير الهيئة للإنتاج المدني في مناقشة مديري المصانع في التقارير الموضوعة عن الموظفين التابعين لهم الحاصلين على 55% أو أقل عن عام 1958 وإجراء التعديلات التي يرى إدخالها على هذه التقارير إما بالتخفيض أو الزيادة بعد التثبت من مدى كفاءة هؤلاء الموظفين ثم عرض هذه التقديرات على اللجنة لتقرير ما تراه - وعقدت عدة اجتماعات للمديرين وتولى نائب مدير الهيئة مناقشتهم في تقديراتهم وأسفرت هذه المناقشة بالنسبة للمدعي عن تعديل الدرجة التي قدرها له المدير المختص بخفضها من خمس وخمسين درجة إلى إحدى وثلاثين درجة - وعرضت مذكرة متضمنة ذلك على لجنة شئون الموظفين فوافقت عليها إذ أشر عليها جميع أعضائها وكذلك رئيسها السيد المهندس عبد الوهاب البشري بما يفيد موافقتهم على ما تضمنته ووقعوا جميعاً عليها.
ومن حيث إنه لا وجه للنعي على قرار لجنة شئون الموظفين بأنه قد شابه بطلان لعدم تحرير محضر لاجتماعها يتضمن ما دار فيه من مناقشات - ذلك أن تحرير هذا المحضر ليس من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان إذ بالإضافة إلى أن تحريره ما كان ليؤثر على النتيجة التي انتهت إليها اللجنة فإن الثابت مما تحمله المذكرة التي عرضت عليها من تأشيرات أعضائها ورئيسها أنه قد تمت الموافقة بالإجماع على تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958.
ومن حيث إنه لا وجه أيضاً للنعي على تقدير لجنة شئون الموظفين لكفاية المدعي بدرجة ضعيف بأنه لا يجد له سنداً في ملف الخدمة ذلك أنه ولئن كان الأصل أن ملف خدمة الموظف هو الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه لا يشمل حتماً كل ما يتعلق بالموظف من معلومات أو بيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير فملف الخدمة ليس هو المصدر الوحيد لبيان حالة الموظف بل إن من بين المصادر التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن ما يعلمه رؤساؤه وأعضاء لجنة شئون الموظفين عن عمله وسلوكه وشخصيته بحكم صلات العمل - ولم يحدد القانون للجنة طريقاً معيناً تلتزمه في تقدير الكفاية في التقرير السنوي - بل إن تقديرها يقوم على ما تراه من الأسس كفيلاً بالوصول إلى التقدير السليم الذي يتفق مع الحق والواقع - وقد خصها القانون بسلطة تقديرية مطلقة في أن تستمد تقديرها من عناصر ترى الاستعانة بها في تقدير درجة الكفاية لحكمة ظاهرة هي أنها تضم عدداً من كبار الموظفين الذين لهم من خبراتهم ومرانهم وإلمامهم وإشرافهم على أعمال الموظفين ما يمكنهم من وزن كفاية الموظف وتقدير درجة هذه الكفاية تقديراً سليماً دقيقاً فلا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير كفاية المدعي إن هي أدخلت في اعتبارها ما أسفر عنه فحص أحد أعضائها - الذي فوضته في هذا الشأن - لكفايته في ضوء ما أجراه من مناقشات مع مدير المصنع الذي كان يعمل فيه.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإنه بالرجوع إلى ملف خدمة المدعي يبين أنه في 6 من ديسمبر سنة 1958 تقرر ندبه للعمل بوزارة الحربية (صفحة 117 من الملف) وحدد لتنفيذ هذا الندب يوم 31 من ديسمبر سنة 1958 ولما لم يقم بتنفيذ هذا القرار أجري معه تحقيق في أول يناير سنة 1959 سمعت فيه أقواله فذكر أن سبب عدم قيامه بتنفيذ القرار المذكور هو أنه سبق أن طلب مقابلة السيد وكيل الوزارة لتقديم مذكره له عن إجراءات خطيرة تمس سلامة الدولة المالية والحربية ولا يمكنه تنفيذ النقل إلا بعد مقابلته شخصياً أو مقابلة السيد القائد العام - وترتب على عدم تنفيذ المدعي لقرار ندبه في التاريخ المحدد له صدور قرار أول يناير سنة 1959 بمجازاته بخصم خمسة أيام من مرتبه (صفحة 122 من الملف) - ولقد كان إبعاد المدعي عن العمل بالمصانع الحربية على هذا الوجه محل شكوى من جانبه تناولها التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية في القضيتين رقم 61 لسنة 1959 ورقم 284 لسنة 1961 الخاصتين بما قدمه المدعي من شكاوى ضد رؤسائه وغيرهم من موظفي المصانع الحربية - وقد جاء في مذكرة النيابة الإدارية أن (إبعاد المدعي عن المصانع الحربية كان بناء على طلب الرئيس المباشر له وبعد أن تطاول عليه بالقول أكثر من مرة وبعد نقله إلى عدة جهات بالمصانع الحربية وعدم مقدرة رؤساء الأماكن التي عمل بها على التعاون معه الأمر الذي يبرر هذا الندب (صفحة 6 من مذكرة النيابة الإدارية) - كما قرر المدعي بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1966 أنه بدأ في تقديم الشكاوى التي كانت محل تحقيقات النيابة الإدارية في ديسمبر سنة 1958 وتضمن دفاعه الذي أبداه في مذكرته المقدمة لجلسة 17 من أكتوبر سنة 1964 أن إحدى تلك الشكاوى قدمت في 25 من يوليو سنة 1958 - وقد جاء في مذكرة النيابة الإدارية المشار إليها في شأن نتيجة تحقيق الشكاوى المذكورة أن المدعي (تقدم بشكاوى ضمنها اتهامات خطيرة لكبار موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية وضمن شكاويه عبارات جارحة واتهامات باطلة لهم ولم يثبت من التحقيق صحة أي ادعاء من هذه الادعاءات بالرغم من تجريحه لهؤلاء الموظفين وإصراره على نسبة مخالفات وهمية إليهم في كل شكوى من الشكاوى التي ظل يتقدم بها منذ عام 1959 حتى الآن وقد ثبت أن المخالفات التي أرشد عنها بالنسبة للعمرات التي أجريت بجملة المصانع الحربية مخالفات هزيلة لم تكن تحتمل كل هذه الاتهامات وبفرض صحتها ليس المسئول عنها هم كبار موظفي الهيئة وكان يجدر إن كان جاداً في شكواه أن يتقدم بها في حينها دون انتظار لمضي مدة طويلة إذ أن أكثرها وقع خلال عامي 1955، 1956 ثم طعن في اللجنة المشكلة لفحص العمارات بناء على طلبه واستجاب إلى هذا الطلب دون أن يكون مستنداً في اعتراضه على أي أساس قانوني الأمر الذي يدل على أن مقدم الشكوى لم يقصد بشكواه إلا الشوشرة على هؤلاء الموظفين للحصول على كسب شخصي من وراء ذلك كما أنه لم يثبت أية واقعة من الوقائع التي نسبهما إلى كبار موظفي الهيئة في القضية رقم 284/ 1961 - حتى الوقائع التي ثبتت بالنسبة للمخالفات التي اكتشفت بالمتحف لا يمكن أن يكون مسئولاً عنها كبار موظفي الهيئة الذين تعرض لهم واتهمهم ظلماً بالتبديد والسرقة والاختلاس ولم يكن الموقف يستدعي منه أكثر من انتظار لنتيجة التحقيق الذي أمر به سكرتير عام الهيئة الذي عرضت عليه تقارير اللجنة التي كان عضواً بها الأمر الذي نرى معه مساءلته عن هذه الاتهامات التي وجهها إلى كبار موظفي الهيئة دون أن يكون لها سند من الواقع (صفحة 14 من المذكرة) - وانتهت النيابة الإدارية في مذكرتها إلى اتهام المدعي بأنه (خرج على مقتضى الواجب بأن دأب على تقديم شكاوى نسب فيها مخالفات خطيرة واتهامات لكبار موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية كما ضمن هذه الشكاوى عبارات غير لائقة تمس هؤلاء الموظفين ولم يثبت التحقيق صحة هذه الاتهامات).
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المدعي قد سلك خلال سنة 1958 التي قدم عنها التقرير المطعون فيه سلوكاً ينم على عدم تعاونه مع رؤسائه وتطاوله عليهم وقد حدا ذلك برئيسه المباشر إلى طلب إبعاده عن المصانع الحربية مما ترتب عليه أن تقرر في 6 من ديسمبر سنة 1958 ندبه للعمل بوزارة الحربية وكان ذلك بعد أن بدأ في تقديم شكاوى ضد رؤسائه وضد كبار موظفي الهيئة تتضمن اتهامات بالغة الخطورة أسفر التحقيق فيما بعد - حسبما انتهت إليه النيابة الإدارية - عن عدم ثبوت شيء منها ضد هؤلاء الموظفين وعن أنه كان يقصد من ورائها إلى إصابة كسب شخصي.
ومن حيث إنه لا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958 إن هي أدخلت في اعتبارها الأثر الذي ترى - بسلطتها في الإشراف والتعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين - ترتيبه على مسلك المدعي في شأن تطاوله على رؤسائه وعدم تعاونه معهم وإسرافه دون مبرر في التقدم بشكاوى ضد هؤلاء الرؤساء وغيرهم من كبار الموظفين تتضمن اتهامات خطيرة وعبارات غير لائقة - ولا يحول دون ذلك أن مسلك المدعي في شأن الشكاوى المذكورة قد ترتب عليه إقامة الدعوى التأديبية ضده وصدور حكم بإدانته مطعون فيه أمام المحكمة الإدارية العليا - إذ أن الأمر هنا لا يتعلق بتأديبه أو عقابه - ولا يعدو أن يكون إعمالاً لسلطة اللجنة في تخفيض درجة كفايته في تقريره السنوي استناداً إلى ما تكشف لها من أمور تتعلق بسلوكه وصفاته الشخصية وقدراته وهي من العناصر المكملة لمقومات التقدير العام الذي تختص به اللجنة في مجال حكمها على كفاية الموظف وتترخص فيه بسلطتها التقديرية - وهو غير مجال التأديب على كل حال.
ومن حيث إنه إذ انتهت لجنة شئون الموظفين - في ضوء ما أسفر عنه فحص أحد أعضائها لحالة المدعي بتفويض منها - وبعد وقوفها على مسلكه الذي أدى إلى إبعاده عن المصانع الحربية في آخر سنة 1958 وعلى ما كشفت عنه شكاويه المتلاحقة التي بدأ في تقديمها خلال السنة المذكورة - إلى الهبوط بتقدير كفايته في التقرير السنوي عن عام 1958 إلى درجة ضعيف فإنها تكون قد استمدت تقديرها من أصول صحيحة ثابتة في الأوراق - بل إن بعضها ثابت في ملف الخدمة ذاته - وتتصل بوقائع حدثت خلال العام المذكور - ولا يقدح في سلامة هذا التقدير حصول المدعي في تقارير السنوات السابقة أو اللاحقة على درجة مرضي إذ إن دلالة تلك التقارير ليست دلالة قاطعة إزاء العناصر الأخرى التي أخذتها اللجنة في الاعتبار والمستمدة من أصول ثابتة في الأوراق أما ما نعاه المدعي على لجنة شئون الموظفين من إساءة استعمال السلطة فلا يقوم على أساس إذ ليس في الأوراق ما يفيد أن اللجنة في تقديرها لكفايته قد انحرفت عن الجادة أو تنكبت سبيل المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه الصادر بتقدير كفاية المدعي في التقرير السنوي عن عام 1958 بدرجة ضعيف صحيحاً ومطابقاً للقانون وقائماً على سببه المبرر له قانوناً ويكون طلب إلغاء هذا القرار على غير أساس سليم من القانون وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق