الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 يوليو 2023

الطعن 927 لسنة 9 ق جلسة 1 / 12 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 16 ص 127

جلسة أول ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

-------------------

(16)

القضية رقم 927 لسنة 9 القضائية

خصومة قضائية - تعريفها 

- (دعوى شروط الادعاء الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة - من بين هذه الشروط أن يكون الادعاء موجهاً من صاحب الشأن ذاته أو من صاحب الصفة في تمثيله والنيابة عنه قانوناً أو اتفاقاً - الجزاء على مخالفة ذلك هو انعدام الخصومة - الحكم الذي يصدر هو حكم منعدم - حصول من أقام الدعوى على قرار من لجنة المساعدة القضائية بندبه لمباشرتها لا يغير من ذلك لأنه قرار معدوم - أساس ذلك.

--------------------
إن الخصومة القضائية - وهي مجموعة الإجراءات التي تبدأ بإقامة الدعوى أمام المحكمة بناء على مسلك إيجابي يتخذ من جانب المدعي، وتنتهي بحكم فاصل في النزاع أو بتنازل أو صلح أو بسبب عيب أو خطأ في الإجراءات أو بأمر عارض - إنما هي حالة قانونية تنشأ عن مباشرة الدعوى بالادعاء لدى القضاء، أي بالالتجاء إليه بوسيلة الدعوى أو العريضة وقد حدد القانون إجراءات التقدم بهذا الادعاء الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة وهي التي تقوم على اتصال المدعي بالمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى وتكليف المدعى عليه بالمثول أمامها لكونها علاقة بين طرفيها من جهة، وعلاقة بين هذين الطرفين وبين القضاء من جهة أخرى فإذا لم تكن ثمة دعوة من أحد الخصمين للخصم الآخر إلى التلاقي أمام القضاء، أو لم يكن لأحدهما أو كليهما وجود فلا تنشأ الخصومة القضائية ولا تنعقد. ويلزم لصحة هذه الدعوة أن تكون موجهة من صاحب الشأن ذاته، أو من صاحب الصفة في تمثيله والنيابة عنه قانونا أو اتفاقاً، فإذا لم تقم الدعوة صحيحة سقط ركن من أركان الخصومة، ومتى انعدمت هذه وفقدت كيانها كان الحكم صادراً في غير خصومة، وبالتالي باطلاً بطلاناً ينحدر به إلى حد الانعدام. ولا يغير من هذه الحقيقة القانونية استحصال من أقام الدعوى على قرار من لجنة المساعدة القضائية بندبه لمباشرتها ما دام هذا القرار قد وقع باطلاً بل معدوماً بدوره لانبنائه على غش مفسد، إذ لم يصدر من صاحب الشأن توكيل لأحد لتقديم طلب الإعفاء عنه ولم تقم لديه رغبة في ذلك، ولم يكن لمقدم الطلب - وهو لم يتلق توكيلاً كتابياً أو شفوياً من صاحب الشأن أن يفرض على هذا الأخير المطالبة بحقه قضاء على غير إرادة منه أو يحل محله في هذه الإرادة بتنصيب نفسه مكانه في اقتضاء هذا الحق دون رضائه، كما لم تكن لجنة المساعدة القضائية لتملك بندبها المحامي خطأ لمباشرة الدعوى نيابة عن صاحب الحق تخويل هذا المحامي صفة ما في هذه النيابة لا وجود لها فعلاً أو قانوناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الأستاذ أحمد السيد صالح المحامي تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية لوزارة الداخلية في 23 من نوفمبر سنة 1960، بطلب قيد تحت رقم 62 لسنة 8 القضائية يطلب فيه بصفته وكيلاً عن السيد/ محمد عبد الرحيم عمر المساعد الثاني بشرطة مرور التل الكبير إعفاء موكله من الرسوم القضائية عن الدعوى التي يزمع رفعها، وعند نظر هذا الطلب لم يحضر المذكور وحضر السيد المحامي ولم يقدم توكيلاً، وبجلسة 4 من فبراير سنة 1961 صدر قرار اللجنة المشار إليها "بقبول الطلب سالف الذكر وندب الأستاذ أحمد السيد صالح المحامي لمباشرة الدعوى" وفي 12 من فبراير سنة 1961 أقام هذا الأخير الدعوى الواهنة ضد وزارة الداخلية بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية حيث قيدت بسجلها برقم 185 لسنة 8 القضائية بناء على قرار الإعفاء المشار إليه، طالباً "الحكم بأحقية موكله في الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1953 وصرف الزيادة المقررة فيه بواقع 50% من إعانة غلاء المعيشة العادية اعتباراً من نوفمبر سنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وجاء بعريضة الدعوى أن السيد/ محمد عبد الرحيم عمر التحق بخدمة الوزارة المدعى عليها في وظيفة مساعد مرور وأنه نقل للعمل بمنطقة التل الكبير اعتباراً من نوفمبر سنة 1959، ولما كان قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قد قرر إعانة غلاء مزيدة بواقع 50% من إعانة غلاء المعيشة لمن يعملون بمحطة محجر أبي حماد والتل الكبير والبعالوة، وأبي صوير، والواصفية، والقصاصين، وكفر الحمادية فإن له الحق في أن يفيد من هذا القرار طيلة مدة اشتغاله بمنطقة التل الكبير، وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأنها قد صرفت للسيد المذكور جميع استحقاقاته، كما دفعت الدعوى بأنه لم يقم برفع الدعوى ولم يوكل أحداً في رفعها وأن المحامي المذكور قد عجز عن تقديم توكيل عن المدعي برفعها. وبجلسة 7 من إبريل سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية باعتبار الخصومة منتهية مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، واستندت في رفضها لدفع الجهة الإدارية إلى أن المحامي الذي قام برفع الدعوى إنما يستمد حقه في هذه الصفة من القرار الصادر من السيد مفوض الدولة، بجلسة 4 من فبراير سنة 1961 بإعفاء المدعي من رسوم الدعوى وندبه لمباشرتها، وأقامت قضاءها من حيث الموضوع على أن الثابت من الأوراق أن استمارة صرف المبالغ التي استحقها المدعي قد تمت مراجعتها في 31 من ديسمبر سنة 1961 ومن ثم تكون الجهة الإدارية قد تقاعست عن إجابة المدعي إلى طلباته حتى اضطرته إلى رفع هذه الدعوى مما يتعين معه إلزامها بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الثابت من إقرار المطعون عليه أن المحامي الذي وقع صحيفة الدعوى لم يكن موكلاً في رفعها أو في تقديم طلب الإعفاء إلى لجنة المساعدة القضائية وبناء عليه فإن القرار الصادر من اللجنة المذكورة بإعفاء المطعون عليه من رسوم الدعوى وبندب الأستاذ أحمد صالح المحامي لمباشرتها هو قرار باطل، ويكون توقيع هذا المحامي صحيفة الدعوى باطلاً كذلك ومن ثم تبطل هذه الصحيفة وما تلاها من إجراءات، الأمر الذي من أجله يكون الحكم المطعون فيه باطلاً لانبنائه على إجراءات باطلة.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى (وكذا من ملف الإعفاء) أن الأستاذ أحمد السيد صالح المحامي حينما قدم طلب الإعفاء من رسوم الدعوى الراهنة إلى لجنة المساعدة القضائية، باسم السيد/ محمد عبد الرحيم عمر، وعندما أقام بعد ذلك الدعوى الحالية بناء على قرار الإعفاء الصادر من اللجنة المذكورة، كان يفتقر إلى وجود الصفة القانونية كوكيل عن السيد/ محمد عبد الرحيم عمر ولا يعبر عن إرادة صادرة منه بالرغبة في التقاضي، ذلك أنه لا يوجد في الأوراق ما يدل على صدور توكيل له من السيد المذكور بهذه الرغبة، كما أن هذا الأخير لم يحضر أية جلسة من الجلسات التي نظر فيها طلب الإعفاء، وكذلك لم يحضر أمام المحكمة على الرغم من تكرار إعلانه بتواريخ تلك الجلسات، ومن تكليف الجهة الإدارية التابع لها إياه للحضور بل إن السيد الحاضر عن الوزارة قدم للمحكمة الإدارية إقرارات عدة صادرة من السيد المذكور (ومصدق على توقيعه عليها إدارياً) تفيد بأنه لم يسبق له أن أقام الدعوى المطلوب حضوره فيها كما أنه لم يكلف أحداً بإقامتها، وتنفي وجود أية نية لديه في مقاضاة الحكومة، أو رغبة في إجازة التوكيل المدعى به.
ومن حيث إن الخصومة القضائية - وهي مجموعة الإجراءات التي تبدأ بإقامة الدعوى أمام المحكمة بناء على مسلك إيجابي يتخذ من جانب المدعي، وتنتهي بحكم فاصل في النزاع أو بتنازل أو صلح أو بسبب عيب أو خطأ في الإجراءات أو بأمر عارض - إنما هي حالة قانونية تنشأ عن مباشرة الدعوى بالادعاء لدى القضاء، أي بالالتجاء إليه بوسيلة الدعوى أو العريضة وقد حدد القانون إجراءات التقدم بهذا الادعاء الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة وهو التي تقوم على اتصال المدعي بالمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى وتكليف المدعى عليه بالمثول أمامها لكونها علاقة بين طرفيها من جهة، وعلاقة بين هذين الطرفين وبين القضاء من جهة أخرى فإذا لم تكن ثمة دعوة من أحد الخصمين للخصم الآخر إلى التلاقي أمام القضاء، أو لم يكن لأحدهما أو كليهما وجود فلا تنشأ الخصومة القضائية ولا تنعقد. ويلزم لصحة هذه الدعوة أن تكون موجهة من صاحب الشأن ذاته، أو من صاحب الصفة في تمثيله والنيابة عنه قانوناً أو اتفاقاً، فإذا لم تقم الدعوة صحيحة سقط ركن من أركان الخصومة، ومتى انعدمت هذه وفقدت كيانها كان الحكم صادراً في غير خصومة، وبالتالي باطلاً بطلاناً ينحدر به إلى حد الانعدام. ولا يغير من هذه الحقيقة القانونية استحصال من أقام الدعوى على قرار من لجنة المساعدة القضائية بندبه لمباشرتها ما دام هذا القرار قد وقع باطلاً بل معدوماً بدوره لانبنائه على غش مفسد، إذ لم يصدر من صاحب الشأن توكيل لأحد لتقديم طلب الإعفاء عنه، ولم تقم لديه رغبة في ذلك، ولم يكن لمقدم الطلب - وهو لم يتلق توكيلاً كتابياً أو شفوياً من صاحب الشأن أن يفرض على هذا الأخير المطالبة بحقه قضاء على غير إرادة منه أو يحل محله في هذه الإرادة بتنصيب نفسه مكانه في اقتضاء هذا الحق دون رضائه، كما لم تكن لجنة المساعدة القضائية لتملك بندبها المحامي خطأ لمباشرة الدعوى نيابة عن صاحب الحق تخويل هذا المحامي صفة ما في هذه النيابة لا وجود لها فعلاً أو قانوناً.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون المحكمة الإدارية قد جانبت الصواب فيما ذهبت إليه من القضاء باعتبار الخصومة منتهية في نزاع لم تنعقد في شأنه أية خصومة أمام القضاء في وقت ما قانوناً بين السيد/ محمد عبد الرحيم عمر وبين وزارة الداخلية وكذلك فيما قضت به من إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وهي التي لا يلزم بها أصلاً إلا الخصم المحكوم عليه في الدعوى، والتي لا يكون لها محل إذا انتفى قيام هذه الدعوى - وإن جاز الرجوع بها على المتسبب فيها إن كان لذلك وجه - ومن ثم فإنه يتعين القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه، ومقتضى هذا البطلان ذاته - الذي ينسحب بطبيعته لزوماً على الحكم برمته - هو انعدام أثر هذا الحكم في جميع أشطاره بما في ذلك شقه المتعلق بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه ببطلان الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق