جلسة 29 من ديسمبر سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، محمود حسن رمضان، جلال الدين أنسي وواصل علاء الدين.
-----------------
(450)
الطعن رقم 9 لسنة 51 القضائية: "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية. نقض.
إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. خضوعها للمادتين 881، 882 من قانون المرافعات القديم وللقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات الحالي. الأوراق التي يلتزم الطاعن بإيداعها مع التقرير بالطعن. م 255 مرافعات المعدلة بالقانون 218 لسنة 1980.
(2) أحوال شخصية. "إثبات النسب".
النسب. ثبوته في حق الرجل بالفراش والبينة والإقرار بالبنوة. شرط صحته.
(3) أحوال شخصية. إثبات "الشهادة".
شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله وأحد الزوجين لصاحبه. غير مقبولة.
المحكمة
بعد الاطلاع على التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى 109 - 1979 أحوال شخصية كلي طنطا بطلب الحكم بثبوت وفاة المرحوم....... وانحصار إرثه الشرعي في زوجته الطاعنة وولديه منها....... ووالدته الطاعنة الثالثة وقالت شرحاً لدعواها أن زوجها المذكور توفى بمدينة المحلة الكبرى عن تركة تورث عنه شرعاً وأن إرثه ينحصر فيها بصفتها زوجته وولديه منها القاصرين......... المشمولين بوصايتها ووالدته الطاعنة الثالثة وإذ نازعت الأخيرة وشقيقا المتوفى - الطاعنان الأول والثانية - في وراثة......... القاصرين وأنكروا نسبهما إلى المتوفى، فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 27 - 3 - 1979 حكمت المحكمة بثبوت وفاة المرحوم......... يوم 8 - 11 - 1978 وانحصار إرثه الشرعي في زوجته المطعون عليها ولها الثمن ووالدته الطاعنة الثالثة ولها السدس وولديه القاصرين....... لهما الباقي تعصبياً للذكر مثل حظ الأنثيين. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف 21 سنة 29 ق طنطا، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماعهم شهود الطرفين حكمت بتاريخ 20 - 12 - 1980 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن بالنقض، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها وفوضت الرأي للمحكمة بالنسبة للموضوع.
وحيث إن مبنى الدفع من النيابة أن إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية في ظل العمل بقانون المرافعات القديم رقم 77 لسنة 1949 كانت تحكمها المادة 881 - 2 من الكتاب الرابع المضاف بالقانون 126 لسنة 1951 والتي تحيل بالنسبة لبيان المستندات الواجب إيداعها مع التقرير بالطعن - ومنها صورة الحكم المطعون فيه - إلى المادة 432 مرافعات واستمر العمل بهذا النظام في ظل العمل بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ثم عدل عنه إلى نظام ضم الملفات بموجب القانون رقم 106 لسنة 1962 ثم صدر قانون السلطة القضائية بالقانون رقم 43 لسنة 1965 ناصاً في مادته الثالثة على العودة إلى اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون وهي الإجراءات التي كان معمولاً بها في ظل قانون المرافعات القديم قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 ومنها الالتزام بإيداع صورة الحكم المطعون فيه وقت التقرير بالطعن بالنقض وأنه وإن صدر قانون المرافعات الحالي رقم 13 - لسنة 1968 ملغياً قانون المرافعات القديم إلا أنه نص في المادة الأولى من قانون إصدار على العمل بالمواد من 868 إلى 1032 الخاصة بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية ومنها المادة 881 سالفة الإشارة ومن ثم يبقى التزام الطاعن بإيداع صورة الحكم المطعون فيه والمستندات الأخرى وقت الطعن قائماً وإذ لم يودع الطاعنون هذه الأوراق مع التقرير بالطعن يقع باطلاً وهو ما لا يغير منه قيام قلم كتاب هذه المحكمة بضم الملف الاستئنافي بكامل مفرداته طالما أن هذا الضم لم يتم بناءً على الرخصة المخولة قانوناً لرئيس المحكمة.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن ولئن جرى قضاء هذه المحكمة على أن إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية وقد أعيدت بمقتضى نص المادة الثالثة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 إلى ما كانت عليه قبل إنشاء دوائر فحص الطعون فإن التزام الطاعن بإيداع الأوراق المبينة بالمادة 432 من قانون المرافعات القديم الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 والتي تحيل إليها المادة 881 - 2 منه يعود ثانية بحيث يترتب على عدم إيداعها بطلان الطعن وأنه لا يغير من ذلك صدور قانون المرافعات الحالي ناصاً في المادة الأولى من قانون إصداره رقم 13 لسنة 1968 على إلغاء قانون المرافعات القديم طالما أنه أبقى على المواد من 868 إلى 1032 والخاصة بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية إلا أنه لما كانت مواد قانون السلطة القضائية بالقانون 43 لسنة 1965 ومنها المادة الثالثة منه والتي كانت الأساس في العودة بهذه الإجراءات إلى ما كانت عليه قبل استحداث نظام دوائر فحص الطعون قد ألغيت بقانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 والذي خلت نصوصه من إيراد حكم مماثل لحكم المادة الثالثة سالفة الإشارة، فيتعين إخضاع إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية لنص المادتين 881 و882 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات القديم وللقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات الحالي للطعن في الأحكام بالنسبة لما لم ترد بشأنه أحكام خاصة في هاتين المادتين، لما كان ذلك، وكانت المادة 432 من قانون المرافعات القديم التي تحيل إليها الفقرة الثانية من المادة 881 سالفة الإشارة في خصوص الأوراق التي يتعين إيداعها مع التقرير بالطعن بالنقض قد ألغيت وحلت محلها المادة 255 من قانون المرافعات الحالي، فقد وجب الرجوع إلى هذه المادة في شأن تحديد ما يلتزم الطاعن بإيداعه من أوراق وقت التقرير بالطعن، وإذ صدر القانون رقم 218 لسنة 1980 معدلاً هذه المادة بحيث اقتصرت الأوراق التي يلتزم الطاعن بإيداعها مع التقرير بالطعن على صور من الصحيفة يقدر عدد الطعون ضدهم وصورة لقلم وسند توكيل المحامي الموكل في الطعن ومذكرة شارحة لأسباب طعنه والمستندات المؤيدة لطعنه ما لم تكن مودعة ملف القضية وكان الطعن قد تقرر به بعد تاريخ العمل بهذا القانون وهو 29 - 12 - 1980 فإن الدفع ببطلانه لعدم إيداع الطاعنين صورة رسمية من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه في أسبابه يكون على غير أساس.
وحيث عن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون أنهم أقاموا دفاعهم على أن القاصرين ليسا ولدي المتوفى وإنما متبنيان من مركز رعاية طفل ثاني بندر طنطا وأنه وزوجته المطعون عليها تؤاطآ على إثبات نسب الطفلين إليهما عن طريق إقامة دعوى نفقة يقر فيها الزوج بأبوته لهما واستدلوا على ذلك بعدم قدرة الزوجين على الإنجاب إذ سبق للمتوفى الزواج بأخريين قبلها ولم تنجبا منه وأنها أجرت عملية استئصال للرحم وهو ما تأيد بشهادة الشهود. وأيضاً فإن دعوى النفقة أقيمت أمام محكمة غير مختصة عن موطنهما ومع ذلك فقد مثل الزوج وأقر الدعوى وهو ما يكشف بجلاء عن تواطئهما على إثبات النسب، كما أن ما تضمنه كتاب مركز رعاية الطفل الذي كان يرعى الطفلين المدعى نسبهما من أن المتوفى تسلمهما بقصد التبني يقطع في أنهما ليسا ابنين له ورغم جوهرية هذا الدفاع إذ من شأنه تكذيب المورث في إقراره فقد أغفلت المحكمة تحقيقه والرد عليه، هذا إلى أنها اعتبرت حكم النفقة إقراراً بالبنوة في حين أن النسب لا يترتب إلا بحكم يصدر في الدعوى بثبوته فلا يكون لحكم النفقة حجية قبلهم وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في فقه الحنفية أن النسب كما يثبت في جانب الرجل بالفراش والبينة فإنه يثبت بالإقرار ويشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب وأن يكون ممكناً ولادته لمثل المقر وأن يصدق الولد المقر في إقراره إن كان مميزاً وأنه متى صدر الإقرار مستوفياً هذه الشرائط فإنه لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال سواءً أكان المقر صادقاً في الواقع أم كاذباً لأن النفي يكون إنكار بعد الإقرار فلا يسمع وإذ أنكر الورثة نسب الصغير بعد الإقرار فلا يلتفت إليهم لأن النسب قد ثبت باعتراف المقرر فيه تحميل للنسب على نفسه وهو أدرى من غيره بالنسبة لما أقر به فيرجح قوله على قول غيره. وكان المتفق عليه بين فقهاء الحنفية أن الإقرار كما يكون بمجلس القضاء يصح أن يكون في غيره وفي هذه الحالة يجوز للمدعي إثباته بالبينة ويكون المقر فيها كأنه قد أقر أمام القاضي، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بإقرار المتوفى بمجلس القضاء في دعوى النفقة التي أقامتها ضده زوجته المطعون عليها لإلزامه بنفقة لها ولولديها منه - القاصرين المنكر نسبهما بصحة هذا الادعاء وهو ما ينطوي على إقراره بأبوته لهما أبوة حقيقية وأيد الحكم الابتدائي فيما أورده رداً على ما أثاره الطاعنون من دفاع قائم على عدم قدرة الزوجين على الإنجاب وأن السبب الحقيقي للإقرار بالنسب هو التبني لا البنوة وأن المقر بنسبهما من لقطاء مركز رعاية الطفل من قوله: ... ومع التسليم بادعاء المدعى عليهم - الطاعنون - بأن هذين الولدين...... لقيطان استلمهما المورث المذكور من مركز رعاية الطفل بطنطا فإنه رغم ذلك فقد ثبت نسبهما منه بالإقرار الذي توافرت جميع شرائطه فقد كان مجهولي النسب ولا يقدح في ذلك قيدهما بدفاتر مركز رعاية الطفل الأول باسم....... والثانية باسم........ إذا أن هذا القيد وعلى ما قضت به محكمة النقض لا يغير أنهما ابن وبنت شخصين حقيقيين لأن القانون رقم 23 لسنة 1912 يوجب إطلاق اسم ولقب على كل طفل حديث الولادة وقد التزم المركز ذلك فضلاً عن أنه يمكن ولادة هذين الطفلين للمقر خاصة وأنه سبق له وأنجب ابناً يدعى رفعت من زوجته المدعية نفسها - كما ثبت ذلك من بطاقته العائلية - مع ملاحظة أنه وقت الإقرار بالنسب سنة 1965 في القضية المذكورة لم يكن الصغيران مميزين حتى يصدقا المقر في إقراره بالنسب ومن ثم فإن جميع شرائط الإقرار بالنسب تكون متوافرة في هذه - الدعوى. ومتى ثبت النسب بالإقرار فإنه ينطوي على الاعتراف ببنوة الطفلين بنوة حقيقة، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال وإذا كان لا يجوز للمقر نفسه أن ينفي النسب بعد إقراره لأن النفي إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع فإنه لا يجوز من باب أولى للورثة أن ينفوا هذا النسب الذي أقر به الأب إذ هو التزام للمقر دون غيره فلا يتوقف نفاذه على تصديق الورثة ولا يلتفت إلى إنكارهم لأن النسب قد ثبت باعتراف المقر وفيه تحميل للنسب على نفسه وهو أدرى من غيره بالنسبة لما أقر به فيرجح قوله على قول غيره والمورث حين أقر بنسب الصغيرين لم يصرح أنه تبناهما لأنه فضلاً عن أن نسب اللقيط يثبت بمجرد الدعوى فإنه لم يثبت في المستندين المقدمين من المدعية - المطعون ضدها تحت رقمي 7 في الحافظة أن المقر قد صرح بأنه تبنى هذين الولدين. وأضاف إلى ذلك قوله "... ومن حيث إن الخطاب المقدم من المستأنفين - الطاعنين - من الصحة يدل على تسلم المتوفى الولدين بعد ثبوت نسبهما له وما جاء بظهر هذا الخطاب من عبارة تبني شرعي، "لا يلزمه لأنه ليس عليه توقيع منسوب إلى المتوفى وفرق بين ثبوت النسب والتبني." وكان ما أورده الحكمان في هذا الخصوص له سند من الأوراق ويتفق مع ما هو مقرر في الفقه الحنفي الواجب الاتباع ويكفي للرد على ما أثاره الطاعنون من دفاع، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن المحكمة استبعدت شهادة أحد شاهديهم لأنه زوج الطاعنة الثانية في حين أنه أيضاً ابن عم المورث.
وحيث إن هذا النعي مردود أن المقرر في فقه الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله وأحد الزوجين لصاحبه غير مقبولة شرعاً لعدم انتفاء التهمة عنهم وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق