جلسة 27 من نوفمبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى والدكتور أحمد ثابت عويضه وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.
---------------
(29)
القضية رقم 73 لسنة 8 القضائية
(أ) دعوى. "دعوى الإلغاء. ميعاد الستين يوماً".
صدور حكم بأحقية صاحب الشأن في الدرجة الثامنة - صيرورته نهائياً - تظلم صاحب الشأن من القرار الصادر بالترقية إلى الدرجة السابعة بعد مضي أكثر من ستين يوماً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً - لا أثر له في قطع الميعاد.
(ب) دعوى. "دعوى الإلغاء. ميعاد الستين يوماً". نشرة مصلحية. موظف "ترقية".
تضمن النشرة المصلحية لأسماء من رقوا وبيانها أن حركة الترقيات قد قامت على أساس الأقدمية - اعتبار النشر قد تم بصورة كافية للتعريف بالقرار وعناصره الجوهرية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي قدم إلى لجنة المساعدة القضائية في 25 من مايو سنة 1960 طلب إعفاء من رسوم الدعوى الحالية وافقت عليه اللجنة في 6 من ديسمبر سنة 1960 فأقام بناء عليه الدعوى رقم 146 لسنة 8 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الإدارية لهذه الوزارة بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة في 21 من ديسمبر سنة 1960 طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 235 الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السابعة الفنية اعتباراً من 23 من أكتوبر سنة 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبجلسة 28 من أكتوبر سنة 1961 أجابته المحكمة إلى طلبه بحكمها المطعون فيه، وبنت قضاءها فيما يتعلق بقبول الدعوى على أن القرار المطعون فيه لم يعلن إلى المدعي وأنه لا اعتداد بما ذهبت إليه الوزارة من أن القرار المذكور قد نشر في النشرة رقم 80 الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1958 ما دام لم يثبت من الأوراق أن الوزارة قد قامت بتوزيع هذه النشرة على نحو منضبط على الجهات المعنية ومن بينها الجهة التي يعمل بها المدعي فضلاً عن أنه حتى باقتراض حصول ذلك فإن النشرة لم تشتمل على القرار المطعون فيه ولم تتضمن العناصر الأساسية المكونة له إذ اكتفت الوزارة فيما بسرد أسماء المرقين دون أن تبين أسس الترقية وقالت المحكمة عن الموضوع إن القرار المطعون فيه مخالف للقانون بتخطية المدعي في الترقية إلى الدرجة السابعة، إذ شمل من هم أحدث منه في الأقدمية، وأنه لا حجة فيما ذهبت إليه الوزارة من أن المدعي كان في الدرجة التاسعة عند إصدار هذا القرار إذ من المقرر أن الأحكام القضائية كاشفة ومقررة للمراكز القانونية وليست منشئة لها، ولا يضار المدعي من تراخي الوزارة في تسوية حالته على النحو القانوني السليم.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن المشرع في القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة قد اعتد بالنشرات التي تصدرها المصالح كوسيلة من وسائل الإخبار بالقرار الإداري، ورتب عليها ذات الأثر الذي رتبه على النشر في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن بالقرار، وقد نشر القرار المطعون فيه بنشرة الوزارة نصف الشهرية بالعدد رقم 80 الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1958 الذي ورد إلى المدرسة التي يعمل بها المدعي في يناير سنة 1959، ولما كان قد صدر للمذكور حكم بجلسة 22 من إبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 138 لسنة 6 القضائية بأحقيته للدرجة الثامنة اعتباراً من 25 من يونيه سنة 1946 فإن مواعيد الطعن تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم الذي تحدد به مركزه القانوني بما يمكنه من الطعن على القرار المشار إليه، إلا أنه لم يتظلم من هذا القرار إلا في 27 من فبراير سنة 1960، وبذلك يكون قد فوت على نفسه الميعاد المقرر بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحبة الشأن به ومفاد ذلك أن المشرع قد جعل مناط بدء سريان ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة هو واقعة نشر القرار المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن النشر يجرى عادة بالنسبة إلى القرارات التنظيمية العامة أو اللائحية، والإعلان بالنسبة إلى القرارات الفردية، إلا أنه يقوم مقام الإعلان - في صدد هذه القرارات الأخيرة - علم صاحب الشأن بها بأية وسيلة من وسائل الإخبار بما يحقق الغاية من الإعلان، ولو لم يقع هذا الإعلان بالفعل، ويثبت هذا العلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة، وللقضاء الإداري التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر المترتب عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره، وذلك حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال، فلا تأخذ بهذا العلم إلا إذا توفر اقتناعها بقيام الدليل عليه، كما لا تقف عند إنكار صاحب المصلحة له، حتى لا تهدر المصلحة العامة المبتغاة من تحصين القرارات الإدارية، ولا تزعزع استقرار المراكز القانونية الذاتية التي اكتسبها أربابها بمقتضى هذه القرارات.
ومن حيث إن الثابت من كتاب منطقة المنصورة التعليمية المؤرخ 30 من مارس سنة 1961 (والمقدم للمحكمة ضمن حافظة مستندات الحكومة) أن النشرة النصف شهرية الصادر بها العدد رقم 80 في 16 من ديسمبر سنة 1958 وقد وصلت إلى مدرسة ميت سلسيل الإعدادية التي كان يعمل بها المدعي في شهر يناير سنة 1959 بالكتاب رقم 21 المؤرخ 12 من مارس سنة 1961 وبالاطلاع على هذه النشرة يتبين أنها تضمنت حركة الترقيات التي أجرتها الوزارة بالقرار رقم 235 المؤرخ 27 من نوفمبر سنة 1958 وهو القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المدعي لم يقدم الدليل على عكس ما تقرره الوزارة من أن القرار المطعون فيه قد نشر بالنشرة المشار إليها في 16 من ديسمبر سنة 1958 وأن هذه النشرة وردت إلى المدرسة التي كان يعمل بها في شهر يناير سنة 1959 بما كفل علمه بهذه الواقعة التي يبدأ منها جريان ميعاد رفع الدعوى، والثابت أن المدعي قد صدر حكم لصالحه من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في الدعوى رقم 138 لسنة 6 القضائية بجلسة 22 من إبريل سنة 1959 بأحقيته في الدرجة الثامنة اعتباراً من 25 من يونيه سنة 1946 وأنه تظلم إدارياً من القرار المطعون فيه في 27 من فبراير سنة 1960 أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً - وهو الميعاد المقرر للتظلم أو للطعن بالإلغاء - من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً واستقرار مركزه القانوني به، وبذلك يكون تظلمه الحاصل بعد الميعاد غير ذي أثر في قطع هذا الميعاد، وبالمثل تكون دعواه التي أقامها بعد ذلك بطلب إلغاء القرار المطعون فيه، الذي أصبح حصيناً من الإلغاء واستقرت به المراكز القانونية التي اكتسبها أربابها بمقتضاه بفوات مواعيد الطعن فيه، تكون دعواه هذه مرفوعة بعد الميعاد إذ أنه تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بطلب إعفائه من رسوم الدعوى الحالية في 25 من مايو سنة 1960، فأجابته إلى طلبه في 6 من ديسمبر سنة 1960، وبناء عليه أقام دعواه بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية في 21 من ديسمبر سنة 1960، ومن ثم يكون قد فوت على نفسه المواعيد القانونية التي كان يجب عليه مراعاتها منذ أن أصبح الحكم الصادر لصالحه نهائياً واستقر بموجبه مركزه الوظيفي، وتكون دعواه مرفوعة بعد الميعاد وغير مقبولة شكلاً، ولا يغير من ذلك زعمه أن النشرة آنفة الذكر لم تتضمن القرار المطعون فيه ولا الأسس التي قامت عليها الترقية المطعون فيها، مما تعذر عليه معه تحديد موقفه حيال هذا القرار - ذلك أن النشرة قد تضمنت أسماء من رقوا وبينت أن حركة الترقيات للدرجة السابعة الفنية قد قامت على أساس الأقدمية المطلقة، ومن ثم فإن النشر على هذا النحو يكون قد تم بصورة كافية للتعريف بالقرار وعناصره ومحتوياته الجوهرية بما يتيح للمدعي تحديد موقفه إزاء هذا القرار من حيث ارتضاؤه أو الطعن فيه بعد أن تحدد مركزه الوظيفي واستقر بصيرورة الحكم الصادر لصالحه نهائياً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ ذهب غير هذا المذهب، يكون قد جانب الصواب، ويتعين الحكم بإلغائه، وبعدم قبول الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق