جلسة 26 من نوفمبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
-----------------
(28)
القضية رقم 1464 لسنة 10 القضائية
(أ) دعوى. "الإجراءات السابقة على رفعها. التظلم".
ينتج التظلم أثره متى وصل علم الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية به في الميعاد القانوني. أثر ذلك. الاعتداد بتظلم قدم إلى النيابة الإدارية ما دام أنها قد أحالته إلى جهة الاختصاص في الميعاد القانوني.
(ب) عامل. "عامل عرضي". "انتهاء الخدمة". عامل مؤقت.
العامل العرضي لا يفيد من أحكام القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين والموسميين - مثال للعمل العرضي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 130 لسنة 11 قضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 8 من ديسمبر سنة 1963 طالباً الحكم بإلغاء قرار فصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه - أنه فصل من الخدمة في 13 من يونيه سنة 1963 بالمخالفة لنص المادة الأولى من قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 في شأن العمال المؤقتين والعمال الموسميين التي تقضي بأن يحظر على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بالطريق التأديبي ثم قال المدعي أنه من العمال المؤقتين ومع ذلك فصلته الهيئة العامة للبريد عن غير الطريق التأديبي فتظلم ثم قدم طلب المعافاة رقم 20 لسنة 11 القضائية معافاة وفي 30 من نوفمبر سنة 1963 صدر القرار بقبول طلبه.
ردت الهيئة العامة للبريد على الدعوى بأن المدعي كان يلحق بمكتب بريد الروضة بمحافظة المنيا بمعرفة رئيس المكتب في حالة الحاجة إليه في فترات متقطعة بسبب غياب أو ندب أو فصل أحد موظفي المكتب ويستغنى عنه بعد انتهاء العمل وهو من العمال العرضيين الذين لا يصدر قرار بتعيينهم من السلطة المختصة بالتعيين ولا يقدمون مسوغات تعيين وليس لهم ملفات خدمة وبالتالي لا يصدر قرار بفصلهم ولا يسري عليهم قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 لأنه لا يسري على من يلحقون بأعمال لمدة شهرين فأقل. ثم ذكرت الهيئة أن المدعي لم يصدر قرار بفصله حيث إنه استغنى عن خدماته لاستكمال عدد الموظفين بالمكتب. وقد تظلم من ذلك ثم رفع هذه الدعوى. وقدمت الهيئة ملف الشكاوى المقدمة منه وكشفاً بالفترات التي اشتغلها.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار فصل المدعي من الخدمة وإخراج وزارة الشئون الاجتماعية من الدعوى بلا مصاريف وإلزام الهيئة العامة للبريد بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن عمل المدعي وإن كان مؤقتاً إلا أنه مستقر نسبياً وأن فصله قد تم بالمخالفة لأحكام القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960.
عقبت الحكومة على تقرير هيئة المفوضين بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم تظلم المدعي تظلماً قانونياً قبل رفع الدعوى وطلبت احتياطياً رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت في ذلك إلى ما جاء بردها على الدعوى وأضافت إليه أنه يبين من الاطلاع على الكشف الذي قدمته أن أطول فترة قضاها المدعي في العمل لا تجاوز الشهرين الأمر الذي يؤكد عرضية الأعمال التي كان يقوم بها.
وبجلسة 9 من يونيه سنة 1964 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار فصل المدعي من الخدمة وإخراج وزارة الشئون الاجتماعية من الدعوى بلا مصاريف وإلزام الهيئة العامة للبريد بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها - بقبول الدعوى شكلاً - وعلى أن المدعي فصل من الخدمة في 12 من يونيه سنة 1963 فتقدم بتظلم إلى النيابة الإدارية إلى إحالته إلى الهيئة العامة للبريد فاتصل علمها به في 17 من ذات الشهر وليس في الأوراق ما يفيد استجابتها له. وأنه لما كان قد تقدم في 3 من أكتوبر سنة 1963 بطلب معافاته من رسوم الدعوى وصدر قرار الإعفاء في 30 من نوفمبر سنة 1963 وأقام دعواه في 8 من ديسمبر سنة 1963 فتكون الدعوى قد أقيمت في المواعيد المقررة قانوناً أما عن الموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن خدمة المدعي بدأت منتظمة في أول مارس سنة 1961 واستغرقت شهرين حتى 30 من إبريل سنة 1961 ثم اقتصرت الهيئة بعد ذلك على تشغيل المدعي في النصف الأول من كل شهر ثم إخلائه من العمل في نصفه الآخر حتى فصلته في 12 من يونيه سنة 1963 حين قررت فصله وأن الإدارة قد استهدفت من ذلك حرمانه من الإفادة من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960.. وأن فصل المدعي قد تم بالمخالفة لأحكام هذا القرار لأنه لا يبين من الأوراق أنه كان معيناً لمدة محددة وانقضت أو أنه كان معيناً لعمل انتهى أو نفذ الاعتماد المرهون به.
وقد طلبت الحكومة في هذا الحكم بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 8 من أغسطس سنة 1964 طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول دعوى المطعون عليه شكلاً ومن باب الاحتياط رفضها موضوعاً مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت في ذلك إلى نفس الأسباب التي استندت إليها في ردها على الدعوى وفي المذكرة المقدمة منها فيها.
عقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن تقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات واستندت في ذلك إلى نفس الأسباب التي بنت الحكومة عليها طعنها.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى فقد أصاب الحكم المطعون فيه وجه الحق في قضائه برفض هذا الدفع للأسباب التي استند إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها - أن العبرة بالتظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو إلى الهيئات الرئيسية هي اتصال علمها به حتى يتسنى لها فحصه وإصدار قرارها فيه إما بالقبول أو بالرفض. ومتى كان الثابت أن التظلم الذي قدمه المدعي ينتج في هذا الصدد أثره المطلوب لأنه وإن كان قد قدم إلى النيابة الإدارية إلا أنها أحالته فوراً إلى الهيئة العامة للبريد فاتصل علمها به في الميعاد القانوني ولكنها لم تستجب إليه مما حدا بالمدعى إلى أن يتقدم بطلب إعفائه من رسوم الدعوى في الميعاد القانوني وصدر قرار معافاته في 30 من نوفمبر سنة 1963 ثم أقام دعواه في 8 من ديسمبر سنة 1963 ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت في الميعاد القانوني ويكون الدفع بعدم قبولها على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق أنه لم يصدر أي قرار بتعيين المدعي في مكتب البريد المنوه عنه ولم يقدم أية مسوغات لهذا التعيين بل كان يعهد إليه السيد رئيس المكتب بالمساعدة في أعمال ذلك المكتب في أثناء غياب أحد موظفيه وعلى ذلك فإن عمله لم يكن له صفة الاستقرار بل كان عملاً عرضياً يتوقف قيامه وبقاؤه على غياب أحد عمال المكتب وينتهي بحضور ذلك العامل ومن ثم فلا تثريب على رئيس المكتب إذ استغنى عن مساعدته في أعمال المكتب بسبب عودة من كان غائباً من عماله ولا يعتبر استغناؤه هذا فصلاً من خدمة مؤقتة حتى بتناول هذا الفصل الحظر المنصوص عليه بالقرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين والعمال الموسميين الذي ينص في مادته الأولى على أن "يحظر على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل موسمي أو مؤقت إلا بالطريق التأديبي" إذ أن المدعي يعتبر حسبما تقدم عاملاً عرضياً لا مؤقتاً ولا موسمياً ومن ثم فإنه لا يفيد من أحكام القرار الجمهوري سالف الذكر وتكون دعواه لذلك على غير أساس سليم من القانون حقيقة بالرفض. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار فصل المدعي والحكم برفض دعواه مع إلزامه بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق