جلسة 7 من يناير سنة 1961
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
----------------
(60)
القضية رقم 553 لسنة 5 القضائية
لجان قضائية - اختصاص - ميعاد الفصل في التظلم
- نص المادة 8 من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية على إصدار قرارها في التظلم في ميعاد لا يجاوز أربعة أشهر من وقت تقديمه، وإلا اعتبر فواته في حكم قرار بالرفض - طبيعة هذا الميعاد تنظيمي - مخالفته - لا يترتب عليها البطلان أو زوال الاختصاص - إصدار اللجنة القضائية قراراً برفض التظلم لفوات هذا الميعاد - غير سليم - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
في يوم 24 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 28 من يناير سنة 1959 في القضية رقم 217 لسنة 5 القضائية المقامة من عبد المنعم محمود محمد سعيد ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والقاضي "بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في التظلم رقم 3130 لسنة 1 لجنة قضائية وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت المدعي بالمصروفات" وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى للمحكمة الإدارية للفصل في موضوعها.
وقد أعلن الطعن للهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في 9 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 21 من يونيه سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 وأبلغت الجهة الإدارية والمدعي في 17 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 18 من يونيه سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 4 من مارس سنة 1958 طالباً الحكم بتسوية حالته تطبيقاً لكادر العمال بوضعه في درجة صانع دقيق (300/ 500) بأول مربوطها وقدره 300 مليم من تاريخ تعيينه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه تقدم في عام 1950 بطلب تعيينه بإحدى وظائف البرادين الخالية بورش الديزل بالقسم الميكانيكي وأدى الامتحان الفني لوظيفة براد واتضحت لياقته فنياً لهذه الوظيفة في الدرجة (300/ 500) بأول مربوطها وقدره 300 مليم في اليوم واستلم عمله بورش الديزل ببولاق في 15 من أبريل سنة 1951 ولكنه فوجئ بعد ذلك بأن باشكاتب القسم غير وظيفته من صانع براد إلى مساعد صانع براد. ويذكر المدعي أنه تظلم من هذا الإجراء إلى مدير إدارة الديزل الذي رأى أن المدعي محق في تظلمه ورفع الأمر إلى المفتش العام للقسم الميكانيكي بكتابه رقم 15/ 5 بتاريخ 13 من أبريل سنة 1952 ثم أعاد الكتابة ثانية لمفتش عام الديزل بكتابه رقم 15/ 5 بتاريخ 18 من مايو سنة 1953.
وقالت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية رداً على الدعوى بأن المدعي امتحن بورش ديزل بولاق في مهنة البرادة وعرضت نتيجة امتحانه على مدير الورش فقرر تعيينه بوظيفة مساعد صانع وبناء على هذا القرار تم تعيينه بالدرجة (150/ 300) المخصصة لوظيفة مساعد صانع بكادر العمال مع منحه أول مربوطها وقدره 150 مليماً اعتباراً من 15 من أبريل سنة 1951 وتضيف الهيئة المدعى عليها أنه طبقاً لقواعد كادر العمال لا يجوز ترقيته إلى درجة صانع إلا بعد قضاء خمس سنوات عليه بالخدمة بوظيفة مساعد صانع ووجود درجات صناع فئة (300/ 500) خالية.
وذكرت الهيئة أن المدعي وبعض زملائه سبق أن تقدموا بالتظلم رقم 3130 لسنة 1 لجنة قضائية مطالبين باعتبارهم صناعاً بدلاً من مساعدي صناع حيث إنهم امتحنوا لوظائف صناع عند تعيينهم وثبتت لياقتهم الفنية لهذه الوظيفة ومع ذلك فقد عينوا في وظائف مساعدي صناع وبتاريخ 8 من أغسطس سنة 1953 قررت اللجنة القضائية أنه قد انتهى ميعاد الفصل في التظلم في 21 من يوليه سنة 1953 وبذلك أصبح التظلم مرفوضاً ضمنياً بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 ولا تملك اللجنة النظر فيه حيث إنه أصبح من اختصاص محكمة القضاء الإداري. وانتهت في ردها إلى القول بأنه لا حق للمدعي في طلباته إذ العبرة بالقرار الصادر بتعيينه بوظيفة مساعد صانع كما دفعت احتياطياً بسقوط حقه في الفروق المالية بالتقادم الخمسي.
وطلب المدعي بمذكرته الختامية الحكم بتعويض قدره مائة جنيه عن الأضرار التي لحقت به من جراء تخفيض درجته عند التعيين من درجة صانع (300/ 500) إلى درجة مساعد صانع (150/ 300) م.
وبجلسة 28 من يناير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية "بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في التظلم رقم 3130 سنة 1 القضائية وبرفض ماعدا ذلك من الطلبات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بتاريخ 22 من مارس سنة 1953 إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات بالتظلم رقم 3130 لسنة 1 القضائية يطلب فيه نفس طلبه الأصلي في دعواه الحالية وهو تسوية حالته بدرجة صانع دقيق (300/ 500) ويستند في ذلك إلى ذات الأساس الذي يستند إليه في هذه الدعوى وهو ثبوت لياقته الفنية عند التعيين لوظيفة براد بدرجة صانع دقيق (300/ 500) وقد أصدرت اللجنة القضائية قراراً ضمنياً برفض هذا التظلم وذلك تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية ويستطرد الحكم إلى القول بأنه يتضح مما تقدم أن الدعوى الحالية قد اتحدت في أطرافها وموضوعها وسببها مع التظلم السابق رفعه من المدعي والذي فصلت فيه اللجنة القضائية بقرار حاز قوة الأحكام النهائية لعدم الطعن فيه في الميعاد القانوني، ومن ثم فإنه يرد على هذه الدعوى الدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بحكم حاز قوة الشيء المقضى به ويتعين القضاء بذلك. وأما عن الطلب الاحتياطي فتقول المحكمة أن حالة المدعي قد استقرت بحكم الواقع إذ الثابت أنه استلم عمله بوظيفة مساعد براد بتاريخ 15 من أبريل سنة 1951 وأقر أنه يقبل الأجر الذي منحته له المصلحة كما استقرت حالته قانوناً بصدور قرار نهائي من اللجنة القضائية على الوجه السالف بيانه فإنه لا يكون لهذا الطلب الاحتياطي كذلك سند من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم لا يحوز حجية تمنع من إعادة الفصل فيه إلا إذا تعرض للخصومة والإجراءات المتصلة بها فأيد طلبات المدعي أو فندها بالفصل والقضاء فيها، فعند ذلك يمكن القول بأن الحكم سبق الفصل فيه وإلا فلا يتأتى أن يحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وذلك بدون أن يكون هذا الفصل قد تحقق فعلاً وبدون ذلك إذا أخذنا برأي المحكمة وجعلنا للقضاء الحكمي بالرفض الذي كان القانون رقم 160 لسنة 1952 يفترض صدوره إذا فات أربعة أشهر دون فصل في الدعوى، فإن ذلك يحرم المدعي من أن يقول القضاء كلمته في منازعته وينكر عليه حقه في الالتجاء للقضاء، ويقول الطعن أنه لذلك يكون الحكم المطعون قد خالف القانون فيها انتهى إليه من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ومن حيث إن الشارع حين نص في المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 الخاص بإنشاء وتنظيم لجان قضائية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بموظفي الدولة على أنه "تفصل اللجنة في التظلم في ميعاد لا يجاوز أربعة أشهر من وقت تقديمه وتبلغ قرارها مسبباً إلى كل من الطرفين - ويعتبر في حكم قرار بالرفض فوات الميعاد المذكور دون فصل في التظلم". لم يقصد الشارع أن يكون قرار اللجنة باطلاً إن هو صدر بعد هذا الميعاد، وإنما يرمى إلى سرعة الفصل في المنازعات خلال الميعاد المذكور بقدر الإمكان، فنص هذه المادة نص تنظيمي أريد به حث اللجان القضائية على سرعة الفصل في التظلمات التي تقدم إليها حتى لا يضار المتظلم من استطالة أمد التقاضي أمامها فأجاز له أن يعتبر انقضاء أربعة أشهر على تظلمه دون الفصل فيه بمثابة قرار بالرفض له أن يتقدم بعده إلى محكمة القضاء الإداري بالطعن في هذا القرار، ولكن إذا تريث المتظلم وصبر استمر اختصاص اللجنة في الفصل قائماً حتى بعد فوات الأربعة الأشهر المذكورة؛ لأن القانون لم يرتب على فوات هذا الميعاد زوال اختصاص اللجنة عن نظر التظلم المطروح أمامها، وبهذه المثابة تكون اللجنة القضائية حينما قررت أن ميعاد الفصل في التظلم رقم 3130 لسنة 1 القضائية المقدم إليها من المدعي انتهى في 21 من يوليه سنة 1953 وأصبح التظلم مرفوضاً ضمنياً بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1953 ولا تملك اللجنة النظر فيه حيث إنه أصبح من اختصاص محكمة القضاء الإداري تكون اللجنة القضائية بقرارها هذا قد تنكبت الطريق السوي وغاب عنها نور الحق لما سلف من اعتبارات.
ومن حيث إن حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه أقام قضاءه "بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وفي التظلم رقم 3130 لسنة 1 القضائية مع إلزام المدعي بالمصروفات" على أن المدعي أقام هذه الدعوى بطلب الحكم بتسوية حالته عملاً بكادر العمال باعتباره براداً في درجة صانع دقيق (300/ 500 م) وما يترتب على ذلك من آثار إذ أن العمل الذي تقرر له هو مساعد براد وأنه سبق أن رفع إلى اللجنة القضائية تظلماً متضمناً هذه الطلبات وانتهت فيه اللجنة إلى إصدارها قراراً ضمنياً برفض هذا التظلم وأن قرار اللجنة أصبح بمثابة قرار إداري نهائي لا تجوز المنازعة فيه، ولو أن اللجنة لم تفصل في المنازعة من الناحية الموضوعية.
ومن حيث إنه مهما يكن من أمر في شأن طبيعة طلبات المدعي موضوع التظلم رقم 3130 لسنة 1 القضائية المقدم منه ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية إلى اللجنة القضائية والذي سبق أن قررت فيه هذه اللجنة بجلسة 8 من أغسطس سنة 1953 بأن التظلم أصبح مرفوضاً ضمنياً لانتهاء ميعاد الفصل فيه بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1953 وأن اللجنة لا تملك النظر فيه حيث إنه أصبح من اختصاص محكمة القضاء الإداري، وأياً كان تكييف اللجنة لحقيقة هذا النظر - وهو التكييف الذي انتهى بها إلى تقرير رفض التظلم ضمنياً وإلى تقرير عدم اختصاصها بالاستمرار في نظر التظلم لأنه أصبح من اختصاص محكمة القضاء الإداري - فإن الدعوى الراهنة التي أقامها المدعي أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات لم تقم على الطعن في قرار اللجنة القضائية المشار إليه بل هي في الواقع من الأمر دعوى مبتدأة أقامها المدعي للمطالبة بأصل الحق المدعى به استقلالاً عن التظلم الذي كان مرفوعاً أمام اللجنة القضائية طالباً تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر العمال، وهي دعوى مبتدأة منبتة الصلة بتظلمه السابق إلى اللجنة القضائية. ولما كان موضوع هذه الدعوى مما يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية وكانت الدعوى في ذاتها مقبولة شكلاً، فإن حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبجواز نظر الدعوى ما دام لم يسبق للجنة القضائية أن تصدت لموضوعها بل اقتصر بحثها على مسألة فوات الأربعة أشهر منتهياً إلى القرار الذي أصدرته دون التعرض لموضوع المنازعة أو مناقشة أصل الحق فيها ومن ثم لم يكتسب قرارها قوة الأمر المقضى به في هذا الخصوص (1) مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى للمحكمة الإدارية للفصل في موضوعها، غير أنه لما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها، ويبين من مطالعة الأوراق أن المدعي امتحن أمام اللجنة الفنية المشكلة بورش ديزل بولاق في مهنة البرادة وعرضت نتيجة امتحانه على مدير الورش الذي قرر تعيينه بوظيفة مساعد صانع وبناء على هذا القرار تم تعيينه بالدرجة (150/ 300) مليم المخصصة لوظيفة مساعد صانع بكادر العمال مع منحه أول مربوطها وقدره 150 مليماً يومياً اعتباراً من 15 من أبريل سنة 1951.
ومن حيث إن المناط في تحديد أجر العامل هو بحسب العمل أو الوظيفة المسندة إليه في قرار تعيينه إذ به يتحدد مركزه القانوني.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المدعي عين في وظيفة مساعد صانع ولم يصدر قرار بتعيينه في وظيفة أخرى، ومن ثم فلا يستحق سوى الأجر أو المرتب المقرر للوظيفة المعين فيها، ولا ينال من ذلك ما يقول به المدعي من تأديته الامتحان لوظيفة براد وأن رؤساءه طلبوا تسوية حالته في وظيفة براد، طالما لم يصدر قرار بتعيينه في هذه الوظيفة، إذ العبرة بنوع الوظيفة التي نص عليها قرار التعيين حسبما سلف القول.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب فيكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 720 لسنة 4 القضائية بجلسة 27/ 1/ 1960 المنشور بالعدد الأول من مجموعة السنة الخامسة ص 237.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق