جلسة 14 من يناير سنة 1961
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.
----------------
(68)
القضية رقم 404 لسنة 5 القضائية
مرفق عام - موظف - عقد العمل الفردي - سكة حديد الدلتا
- مركز موظفيها عقب قيام مصلحة السكك الحديدية بإدارة المرفق - قرار مجلس الوزراء في 10/ 6/ 1953 بإبقاء الوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها - أثره - استمرار تطبيق قانون عقد العمل الفردي على موظفي هذا المرفق.
إجراءات الطعن
في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 72 لسنة 5 القضائية المرفوعة من المغاوري محمد الكفراوي ضد سكة حديد الدلتا (وزارة المواصلات) القاضي "بأحقية المدعي في اقتضاء مكافأته القانونية عن مدة خدمته وتعويض مساو لأجره الأخير عن سبعة أيام مدة المهلة وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي وألزمت المدعى عليها نصف مصروفات الدعوى وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 24 من مايو سنة 1959 وإلى الخصم في 26 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960 حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بأحقيته في مكافأة عن مدة خدمته مضافاً إليها مبلغ 150 جنيهاً على سبيل التعويض عن فصله التعسفي المخالف للقانون مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه كان من عمال سكة حديد الدلتا التي أسقط التزامها بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يونيه سنة 1953 وأضيفت أعمالها إلى مصلحة السكة الحديد، وقد غاب المدعي عدة أيام متفرقة عن العمل وأوقعت عليه جزاءات الإنذار والخصم من راتبه، ولما كان قانون عقد العمل الفردي ينص على فصل العامل إذا بلغ مجموع أيام غيابه خلال السنة الواحدة أكثر من 15 يوماً فقد أحصت المصلحة مجموع أيام الغياب من أول يناير سنة 1956 وهي فترات متفرقة لم يبلغ إحداها 15 يوماً متوالية واحتسبتها 16 يوماً وأصدرت قراراً بفصل المدعي اعتباراً من 21 من مايو سنة 1956 وأقام المدعي دعواه أمام محكمة بندر طنطا العمالية فقضت بعدم الاختصاص لعدم الولاية، وقد قام دفاع المدعي على أنه غاب لأعذار قانونية من بينها المرض وردت المصلحة بأن المدعي أبدى استهتاراً بالعمل وقد كثر غيابه وانقطاعه ولم تجد فيه الجزاءات فأصدرت قراراً بفصله طبقاً لقانون عقد العمل الفردي.
وفي 21 من ديسمبر سنة 1958 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها قاضياً "بأحقية المدعي في اقتضاء مكافأته القانونية عن مدة خدمته وتعويض مساو لأجره الأخير عن سبعة أيام مدة المهلة وذلك بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي وألزمت المدعى عليها نصف مصروفات الدعوى وبأن تدفع للمدعي 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات". وأسست قضاءها على أنه "لا مشاحة في أن العلاقة بين المدعي وبين المدعى عليها قائمة على أساس عقد عمل رضائي فردي مما يندرج في نطاق القانون الخاص؛ لأنه وإن كان المدعي من مستخدمي الحكومة وعمالها بعد أن انتقلت إدارة المرفق إليها أثر إسقاط التزام شركة سكة حديد الدلتا المساهمة بقرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 3 من يونيه سنة 1953. إلا أنه ليس خاضعاً لتنظيم لائحي ومن ثم يطبق في شأنه المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي ويخضع فصله لأحكام ذلك القانون، ولم يثبت أن المدعي تغيب أكثر من خمسة عشر يوماً متقطعة في خلال السنة التي بدأت من أول يناير سنة 1956 بل إن مجموع أيام الغياب في تلك السنة لا تزيد على 14 يوماً. وكان أخر يوم تغيبه هو 13 من مايو سنة 1956 وجوزي عن ذلك بخصم يوم كجزاء وخصم يوم الغياب وأنذر إنذاراً نهائياً بالجزاء مشدداً إذا تكرر منه ذلك مستقبلاً، وغني عن البيان أن هذا الإنذار - كيفما كان تكييفه - ليس هو الإنذار القانوني الذي قصده المشرع في الفقرة الخامسة من المادة 40 من قانون عقد العمل الفردي، كما أن الإنذار الذي وجه من الهيئة إلى المدعي في 8 من أبريل سنة 1956 أثناء غيابه في شهر أبريل قد أهدرته الهيئة حين غاب المدعي وعاد إلى عمله يوم عيد الفطر فأنذرته بألا يعود إلى الغياب مرة أخرى، ولما كان المدعي قد عاد إلى عمله وانتظم فيه بعد 13 من مايو سنة 1956 (أخر يوم غياب له) فليس للهيئة المدعى عليها أن تعمد إلى فصله في 21 من مايو سنة 1956 قبل إكمال المدة القانونية ودون إنذار بالمخافة للمادة "40" من قانون العمال الفردي وإذ قد فعلت ذلك فإن الفصل يكون موجباً للمكافأة والتعويض عن المهلة، ولا اعتداد بما أثارته الهيئة من أن المدعي قد تكرر غيابه في أثناء السنة وجوزي عنه - لا اعتداد بذلك لأن أيام الغياب الواقعة في خلال السنة والتي جوزي عنها بجزاءات مختلفة وإن كانت تدخل في حساب الأيام الموجبة للفصل طبقاً للمادة 40 سالفة الذكر إلا أنها لا تصلح وحدها سنداً لهذا الفصل المسقط للمكافأة والتعويض دون أن تكتمل مدتها المنصوص عليها في المادة المذكورة، كما أن أيام الغياب الواقعة في سنوات سابقة وجوزي عنها المدعي لا تصلح من باب أولى سبباً لهذا الفصل ولكنها قد تنهض مبرراً لفسخ العقد غير المحدد المدة إن كشف هذا الغياب عن أن العامل دأب على الإخلال بشروط العقد وإن الفصل كان متناسباً مع خطئه.
ومن حيث إنه متى تبين ذلك يكون المدعي مستحقاً لتعويض معين مساو لأجره عن سبعة أيام مدة المهلة التي لم تمنح له قبل فسخ العقد طبقاً للمادة 36 من قانون عقد العمل الفردي كما يكون مستحقاً طبقاً للمادة 37 من القانون المشار إليه لمكافأة عن مدة خدمته على أساس أجرة عشرة أيام عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر خمسة عشر يوماً عن كل سنة من السنوات التالية بحيث لا تجاوز المكافأة أجر سنة (أي عن مدة خدمته من 21/ 9/ 1950 إلى 21/ 5/ 1956) وذلك على أساس أجره الأخير مضافاً إليه ملحقاته ومنها إعانة الغلاء طبقاً للمادة 38 من القانون المذكور، وقالت عن طلب التعويض أن الفيصل فيه هو ما نصت عليه المادة 31 من قانون عقد العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ أصابه ضرر من هذا الفسخ الحق في تعويض تقدره المحكمة مع مراعاة نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرق الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ وذلك من عدم الإخلال بأحكام المادتين 36، 37 وما وضعه القانون العام من قيود وضوابط لاستعمال الحقوق استعمالاً مشروعاً" وأنه بتحقيق ظروف الفسخ اتضح أن المدعي وإن لم تكتمل في حقه المدة القانونية والإجراءات المقررة في المادة 40 من قانون عقد العمل الفردي إلا أن المحكمة ترى في ضوء هذه الظروف مما سبق سياقه، أن المدعي قد أكثر من الغياب منذ تعيينه في السنة الأخيرة وأوشك أن يتم مدة الفصل بغير تعويض أو مكافأة فإذا ما فصلته الهيئة المدعى عليها فإن هذا الفصل لا يكون خالياً من المبرر وإن لم تنطبق عليه شرائط المادة 40 التي تحرم من المكافأة والتعويض، ما دام أن المدعى عليها لم تقصد الإضرار بالمدعي، ولا تحقيق مصلحة غير مشروعة ومن ثم يتعين رفض هذا الطلب.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن من أحكام عقد العمل الفردي ما لا يتفق تطبيقه والأوضاع المرفقية للمصالح الحكومية ولذلك فلا تطبق أحكام ذلك العقد بحذافيرها في هذه الحالة بل يطبق فيها ما يلائم المحيط الإداري ولا يتنافى مع أصوله وأوضاعه ولما كان المدعي من عمال اليومية المؤقتة وهؤلاء يجوز فصلهم بغير هذه القيود التي اقتضاها الحكم المطعون فيه إذ أن العلاقة بين المدعي وبين الحكومة خليط من الوضعين، الوضع الإداري وعقد العمل الفردي، إذ يقتبس من عقد العمل الفردي ما يلائم الهيئة الإدارية من الأحكام وذلك كنظام لائحي وليس كتنظيم تعاقدي، فلا حرج على الإدارة إذ هي تحرت أن يكون تصرفها مطابقاً للوضعين الإداري والخاص.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المذكرة المرفوعة من وزير المواصلات والتي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 10 من يونيه سنة 1953 بشأن سكة حديد الدلتا أنها تضمنت ما يأتي: "وبما أن المصلحة تقتضي بقاء سير هذا المرفق أثناء المدة التي تستغرقها إجراءات الميزانية فالمرجو من المجلس التفضل بالموافقة على اعتبار الحراسة منتهية وعلى أن تقوم مصلحة السكك الحديدية بإدارة المرفق باعتبار أن أعمالها وثيقة الصلة به على أن تكون إدارتها بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها مع تخويل مجلس إدارة السكك الحديدية سلطة البت في شئون هذا المرفق خلال فترة إدارته بمعرفة المصلحة". وظاهر مما تقدم أن مركز المدعي وأمثاله هو مركز قانوني مؤقت يطبق في حقه قانون عقد العمل الفردي، بناء على ما جاء في قرار مجلس الوزراء سالف الذكر من أن تكون إدارة هذا المرفق بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها ومن بين هذه القواعد قانون عقد العمل الفردي الذي كان مطبقاً على موظفي المرفق المذكور قبل إدارته بمعرفة الهيئة العامة للسكك الحديدية التي تتولى إدارته بمقتضى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر وبوضعه الحالي كما تقدم. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه لأسبابه التي بني عليها، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق