جلسة 12 من فبراير سنة 1959
برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.
----------------
(20)
الطعن رقم 279 سنة 24 ق
التزام. "انقضاء الالتزام" "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء" "الإنابة".
ليس بلازم أن يكون المناب لديه طرفاً في الاتفاق الذي يتم بين المنيب والمناب. ليس بشرط أن يكون للقبول شكلاً خاصاً أو وقتاً معيناً. يكفي لقيامها بالنسبة للمناب لديه أن يقبلها ما دام لم يحصل العدول عنها من طرفيها. م 187/ 2 مدني قديم، 359 مدني جديد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 2631 لسنة 71 ق محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة على محمد حلمي شلتوت وآخرين بصحيفة معلنة في 12 أغسطس سنة 1946 قالا في بيانها إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 5 ديسمبر سنة 1945 باع المدعى عليهم إلى الطاعن الثاني (الأستاذ جورج منسي) أرضاً مساحتها 20 فداناً، 17 قيراطاً، 14 سهماً بناحية الطالبية مركز الجيزة مقسمة إلى قطعتين مفرزتين مبينتي الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقابل ثمن مقداره 1000 جنيه للفدان الواحد دفع منه المشتري 2000 جنيه عند التوقيع على هذا العقد، 2000 جنيه أخرى من أصل الثمن في 17 ديسمبر سنة 1945 والتزام بدفع الباقي وفقاً لما يظهر من كشف تحديد المساحة عند التوقيع النهائي الذي اشترط إتمامه من مدى ثلاثة شهور من تاريخ التوقيع على العقد الابتدائي وبعد تقديم البائعين ما يثبت ملكيتهم للأطيان المبيعة وبعد شطب كافة التسجيلات الموقعة عليها. وقد حول المشتري هذا العقد إلى الطاعنة الأولى (مدرسة العائلة المقدسة) بمقتضى الحق المخول له بالبند التاسع من عقد البيع الابتدائي. وقامت المدرسة بدفع مبلغ 60 جنيهاً باسم ولحساب البائعين إلى شركة بناكي الدائنة لهم - ولما راجعت المدرسة المشترية مستندات التمليك التي قدمها البائعون تبين عدم كفايتها في إثبات فأنذرتهم رسمياً في 4 من إبريل سنة 1946 باستيفاء تلك المستندات ولكنهم لم يفعلوا وردوا عليها بخطاب في أول يوليه سنة 1946 زاعمين أنهم قاموا بكافة الالتزامات المفروضة عليهم وطلبوا إليها التوقيع على العقد النهائي في ظرف أسبوع فأجابت المدرسة على هذا الخطاب مصرة على إخلالهم بالتزامهم وانتهى الطاعنان إلى طلب الحكم: أولاً - بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 5/ 12/ 1945 والتقرير بأن الحكم الذي يصدر يقوم مقام عقد رسمي وأن على كاتب المحكمة المختص أن يقوم بتسجيله وأن يعطي هذا التسجيل تاريخ تسجيل عريضة الدعوى الحالية والحكم كذلك بأن مبلغ الـ 16670 جنيهاً الذي يمثل رصيد الثمن لن يدفع إلا بعد إجراء التسجيل سالف الذكر وبعد إثبات الملكية خالية من كل شيء لتبرير الملكية. ثانياً - وفي حالة ما إذا كانت مستندات المدعى عليهم غير كافية لتبرير الملكية الحكم بفسخ العقد الابتدائي المحرر في 5/ 12/ 1945 على مسئولية المدعى عليهم وبالتالي الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا للطاعنة الأولى مبلغ 4060 جنيهاً رداً للمبالغ المدفوعة من ثمن البيع وكذلك مبلغ 2000 جنيه على سبيل التعويض الاتفاقي المنصوص عليه بالعقد الابتدائي والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد مع إلزامهم متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبصحيفة معلنة في 12 من يوليه سنة 1948 أدخل الطاعنان المطعون عليهما في الدعوى تأسيساً على أن الطاعنين عندما قاما بتسجيل عريضة دعواهما في 26 من أغسطس سنة 1946 وصل إلى علمهما أن البائعين باعوا مرة ثانية 12 فداناً و6 قراريط و1 سهم من نفس المساحة إلى المطعون عليهما بموجب عقد مصدق على توقيعاته بمحكمة الجيزة في 15/ 8/ 1946 ومسجل في 14 نوفمبر سنة 1946 وذلك رغم علم هذين المشتريين بالبيع السابق للطاعنة الأولى من تسجيل عريضة دعواها السابقة على تسجيل عقد المطعون عليهما ومن الخطاب المرسل إلى أحدهما (سلامون سلامة) من الطاعنين بتاريخ 14/ 8/ 1946 والمتضمن إخطاره بالبيع السابق فضلاً عما نص عليه في البند الرابع من عقد المطعون عليهما من احتفاظهما بمبلغ 4060 جنيهاً المستحق للطاعنين. واستخلص الطاعنان من ذلك تواطؤ المشتريين مع البائعين للإضرار بحقوقهما وانتهيا إلى طلب شطب التسجيل الحاصل في نوفمبر سنة 1946 في حالة الحكم بصحة ونفاذ البيع مع إلزام المطعون عليهما متضامنين مع البائعين بما سوف يحكم به عليهم في حالة الحكم بالفسخ - ثم قرر الطاعنان بتنازلهما عن الطلب الأول الخاص بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي واقتصرا على الطلب الثاني الخاص بفسخ هذا العقد ورد ما دفع من الثمن والتعويض وأضافا إليه طلباً آخر هو التأشير بالحكم على هامش التسجيل الحاصل في 26/ 8/ 1946 تحت رقم 3750 جيزة، وبعد أن أشهر إفلاس سلامة سلامون أدخل السنديك الأستاذ فؤاد مصطفى نيابة عنه. ولمناسبة إلغاء المحاكم المختلطة أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت تحت رقم 3932 سنة 1949 كلي القاهرة. وفي 27 من أكتوبر سنة 1951 قضت محكمة أول درجة في هذه الدعوى حضورياً: أولاً - بإثبات تنازل المدعيين عن الطلب الأول الخاص بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5 ديسمبر سنة 1945 والمسجلة عريضة الدعوى المتعلقة به في 26 أغسطس سنة 1946 تحت رقم 3750 جيزة. ثانياً - بفسخ عقد البيع المتقدم بيانه مع إلزام المدعى عليهم من فريق عائلة شلتوت متضامنين بأن يدفعوا إلى المدعيين مبلغ 6060 جنيهاً مع الفوائد القانونية عن مبلغ 4060 جنيهاً بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 12/ 8/ 1946 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 4% سنوياً من 15/ 10/ 1949 حتى تمام السداد وعن مبلغ 2000 جنيه بواقع 4% من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً حتى تمام السداد مع إلزامهم بالمصاريف ومبلغ 5 جنيهات أتعاباً للمحاماة. ثالثاً - رفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 855 سنة 70 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الطلبات الموجهة إلى المستأنف عليهما (المطعون عليهما) والحكم بإلزامهما متضامنين مع البائعين بأن يدفعا للمستأنفين (الطاعنين) مبلغ 6060 جنيهاً والفوائد القانونية..... والأمر بالتأشير بمنطوق الحكم الاستئنافي الذي سيصدر على هامش التسجيل المأخوذ بتاريخ 14/ 11/ 1946 تحت رقم 4691 جيزة مع المصاريف والأتعاب عن الدرجتين - وقد دفع المطعون عليه الأول بعدم قبول الاستئناف تأسيساً على أن الحكم الابتدائي أصبح نهائياً بالنسبة لآل شلتوت وقد قبله المستأنفان - ولما كان المستأنف عليهما خلفين خاصين لآل شلتوت فيكون الحكم نهائياً كذلك بالنسبة إليهما - وفي 27 من مايو سنة 1954 قضت محكمة الاستئناف حضورياً برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بالمصاريف و5 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من أكتوبر سنة 1958 وطلب الطاعنان إحالته إلى الدائرة المدنية وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن - فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1958 حيث صمم كل من طرفي الخصومة على طلباته وطلبت النيابة رفض الطعن.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني مخالفته القانون وقصور تسبيبه ذلك أنهما استندا في عريضة استئنافهما وفي دفاعهما ضمن ما استندا إليه في رجوعهما على المطعون عليهما مع البائعين بالثمن والتعويض المتفق عليه في العقد إلى أن المطعون عليهما التزما بموجب عقد شرائهما بسداد مبلغ 4060 جنيهاً للطاعن الثاني الذي حلت محله الطاعنة الأولى وبسداد كل مبلغ ثابت على الأطيان المبيعة - وأن إثبات هذا الالتزام في عقد شراء المطعون عليهما ينطوي على إنابة ناقصة أناب بموجبها البائعون المطعون عليهما في الوفاء بدين الطاعنين اللذين قبلا هذه الإنابة ولكن الحكم المطعون فيه رفض ما تمسك به الطاعنان في هذا الصدد تأسيساً على القول بأن عقد شراء المطعون عليهما لم يتضمن اتفاقاً على هذه الإنابة كاملة أو ناقصة لأن الدائن (الطاعنين) لم يكن طرفاً فيه ولم يوافق عليه في حين أن هذه الموافقة ثابتة من صحيفة إدخال المطعون عليهما في الدعوى بطلب إلزامهما مع البائعين بالثمن والتعويض متضامنين ومن نص البند الرابع من عقد البيع الصادر للمطعون عليهما المتضمن هذه الإنابة ومن تمسك الطاعنين بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ومن أن الإنابة لا تستلزم أن يكون المناب لديه طرفاً في الاتفاق عليها بل يكفي أن يقبلها المناب لديه سواء وقت انعقادها أو بعد ذلك.
ومن حيث إنه بمطالعة الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد بأسبابه في خصوص هذا النعي ما يأتي: "وحيث إن المستأنفين أقاما استئنافهما على ما يأتي.... ثانياً - أن هناك إنابة ناقصة طبقاً للعقد المسجل في 14 نوفمبر سنة 1946 بين آل شلتوت بصفتهم منيبين والمستأنف عليهما (المشتريين) بصفتهما منابين والمستأنفين باعتبارهما مناباً لديهما - وهذه الإنابة تجعل للمناب لديه مدينين فيرجع على المنيب أو المناب بصفة أصلية - وهي تعتبر ناقصة لأن المناب لديهما لم يبرئا ذمة المنابين والإنابة لم تتضمن تجديداً للدين..." وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين الوارد بهذا السبب بقوله: "وحيث إنه يرد على الوجه الثاني بأن الإنابة طبقاً للمادة 359 من القانون المدني تتم إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبي يلزم بوفاء الدين - وحيث إنه بمراجعة العقد المصدق عليه في 15 أغسطس سنة 1946 والمسجل في 14 نوفمبر سنة 1946 المحرر بين آل شلتوت والمستأنف عليهما يبين أنه لا يتضمن اتفاقاً على الإنابة كاملة أو ناقصة بين المنيب والمناب لديه إذ لم يكن الدائن (المستأنف) وهو المناب لديه طرفاً فيه إطلاقاً ولم يوافق على هذه الإنابة..." ويبين من هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في عدم قيام الإنابة الناقصة إلى عدم تمثيل الطاعنين في عقد البيع المسجل في 14 من نوفمبر سنة 1946 الصادر من آل شلتوت للمطعون عليهما - وإلى أن الطاعنين لم يوافقا على هذه الإنابة. "ولما كانت المادة 187/ 2 من القانون المدني القديم والمادة 359 من القانون المدني الجديد لم تستلزما أن يكون المناب لديه طرفاً في الاتفاق الذي يتم بين المنيب والمناب كما لم يشترطا للقبول شكلاً خاصاً ولا وقتاً معيناً بل يكفي لقيامها بالنسبة للمناب لديه أن يقبلها ما دام لم يحصل العدول عنها من طرفيها وكان الطاعنان قد تمسكا ضمن أسباب استئنافهما وطبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه بحسب ما سبق بيانه بوجود إنابة ناقصة تجيز لهما مطالبة المطعون عليهما بدينهما قبل البائعين لهما استناداً إلى نص البند الرابع من عقد البيع المسجل في 14 من نوفمبر سنة 1946 الصادر لهما من جماعة شلتوت والذي ورد به "أن الطرفين اتفقا على أن يحجز المشتريان تحت يدهما مبلغ 4060 جنيهاً مستحق الأستاذ جورج منسي المحامي...." وقد أصر الطاعنان على هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلبات الطاعنين المبنية على نظرية الإنابة الناقصة دون أن يبين سنده في القول بعدم موافقتهما على هذه الإنابة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق