الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 244 لسنة 24 ق جلسة 14 / 5 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 64 ص 404

جلسة 14 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

-----------------------

(64)
الطعن رقم 244 سنة 24 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب كاف". محكمة الموضوع.
عدم إهدار محكمة الموضوع حجية سند. عدم إغفالها لسببه. اعتباره ورقة موقوتة استنفذ الغرض منها باتفاق في ورقة محاسبة لاحقة. تفسيرها لعبارات المستمدة من ظاهرها ومن ظروف الدعوى. استنادها في ذلك إلى أسباب تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لا مسخ ولا تناقض.
(ب) حكم "تسبيب كاف". محكمة الموضوع. إثبات "الإثبات بالكتابة".
اعتبار محكمة الموضوع دعوى الطاعن بالتقابل من عقد مكتوب لا يجوز إثباتها بغير الكتابة. عدم تقديم الطاعن لهذا الدليل. رفض الادعاء. تعيين الحكم فيما استطرد إليه من مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن. لا محل له.
(جـ) حكم "تسبيب كاف". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها الخصوم. يكفي أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمله.

-------------------
1 - إذا كانت محكمة الموضوع لم تهدر حجية سند محرر بين الطاعن ومورثة المطعون عليهما ولم تغفل سببه المصرح فيه واعتبرته ورقة موقوتة استنفذ الغرض منها بالاتفاق المبرم بين طرفيها والمنطوية عليه ورقة محاسبة لاحقة، وكانت المحكمة قد استظهرت ما تدل عليه ورقة المحاسبة وما قصد من تحريرها مستندة في ذلك إلى تفسير عباراتها تفسيراً مستمداً من ظاهرها ومن ظروف الدعوى وملابساتها التي بينتها ومن القرائن العديدة التي ساقتها في تفصيل وإيضاح، وكانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها قضاءها في هذا الخصوص تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي على الحكم بالمسخ أو التناقض يكون نعياً لا سند له.
2 - إذا كانت محكمة الموضوع قد اعتبرت أن دعوى الطاعن بالتقابل من عقد مكتوب لا يجوز إثباتها بغير الكتابة وأن الطاعن لم يقدم هذا الدليل مما كان يكفي لحمل قضاء الحكم برفض هذا الادعاء فإنه لا محل بعد ذلك لتعييب الحكم فيما استطرد إليه من مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن طالما أن الحكم كان في غنى عن مناقشتها بما سبق أن قرره من عدم جواز إثبات دعوى التقايل بالقرائن.
3 - محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها كل من الخصوم لتعزيز وجهة نظره في النزاع بل يكفي أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 356 سنة 1940 كلي المنيا على ورثة المرحوم صالح لملوم بصحيفة أعلنت في 24 من أغسطس سنة 1940 قال فيها بياناً لدعواه إنه كان يداين أخاه المرحوم صالح لملوم مورث المطعون عليهم في مبلغ 22100 جنيه و150 مليماً بمقتضى محاسبة نهائية مؤرخة 29/ 7/ 1934 موقع عليها بإمضاء مدينه المذكور وثابتة التاريخ في 30/ 7/ 1934 واتفق على سداد هذا الدين على خمسة عشر قسطاً سنوياً يستحق أولها في أول أكتوبر سنة 1934 وأخرها في أول أكتوبر سنة 1948 وتعهد المدين في هذا المحرر بأن يقدم ضماناً لهذا الدين من أطيانه 440 فداناً و2 قيراط و10 أسهم كما التزم بتحمل فوائد كل قسط يتأخر عن سداده في أجله بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وقد توفى المدين في بداية سنة 1938 دون أن يسدد من هذا الدين سوى مبلغ 3000 جنيه قيمة القسطين المستحقين في أول أكتوبر سنة 1934 وأول أكتوبر سنة 1935 وأصبح الباقي في ذمته مبلغ 19100 جنيه و150 مليماً كما أنه لم ينفذ ما تعهد به من إتمام الرهن المتفق عليه في المحرر وكذلك تخلف ورثته من بعده عن وفاء الدين مما يصح معه للطاعن اعتبار الباقي من دينه مستحق الأداء إلا أنه مع ذلك ينبه على هؤلاء الورثة بوفاء تعهد مورثهم في ظرف ثلاثين يوماً وإلا يعتبر الدين حالاً وتعتبر الآجال المشروطة ساقطة وأنه بسبب وجود ديون في ذمته فقد تم الاتفاق بينهما على أن يلتزم أخوه المذكور بسداد تلك الديون لأربابها في مقابل تنازله هو إليه عن 222 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً وتحرر بشأن ذلك عقد بيع عرفي مؤرخ 4 فبراير سنة 1935 تضمن أن الطاعن باع هذه الأطيان لأخيه المرحوم صالح لملوم بثمن مقداره 22294 جنيهاً و450 مليماً دفع منه المشتري للبائع 12294 جنيهاً و450 مليماً والباقي من الثمن وقدره 10000 جنيه تعهد المشتري بسداده للبنك العقاري المصري في اسم البائع. وفي ذات التاريخ حرر إقرار بتوقيع المشتري نص فيه على أن مبلغ الـ 12294 جنيهاً و450 مليماً لم يقبضه البائع وإنما تعهد المشتري بسداده في الديون المبينة بالإقرار المذكور ولكن المرحوم صالح لملوم لم يسدد شيئاً من هذه الديون كما أنه لم يسدد أقساط البنك العقاري فأصبح عقد البيع المذكور ساقطاً من تلقاء نفسه لعدم تنفيذ ما تضمنه من شروط وأنه أي المدعي ظل واضعاً يده على الأطيان الواردة بعقد البيع المذكور ينتفع بها ويسدد عنها الأموال الأميرية كما ظل يسدد بنفسه ومن ماله الأقساط المطلوبة للبنك العقاري والديون المطلوبة للآخرين إلى أن فوجئ بإعلان مؤرخ 9/ 7/ 1940 بناء على طلب المطعون عليها الأولى تطلب فيه الحكم بصحة توقيع المرحوم صالح لملوم على عقد صادر منه إليها بتاريخ 25/ 1/ 1937 يتضمن بيعه لها الأطيان الواردة بعقد 4 من فبراير سنة 1935 كما تطلب في الوقت ذاته الحكم بصحة توقيعه هو على العقد المذكور والإذن بالتسجيل لنقل التكليف من اسمه لاسمها في حين أن الثابت من المستندات المشار إليها آنفاً ومما ستتقدم به إلى القضاء إلى العقد المحرر بتاريخ 4 من فبراير سنة 1935 قد سقط مفعوله فلا مبرر لطلب الحكم بصحة التوقيع عليه ومع هذا فإن العقد المذكور يعتبر منفسخاً لعدم قيام المشتري وورثته من بعده بالتزاماتهم المبينة بتلك المحررات مما يؤدي إلى بطلان العقد المؤرخ 25/ 1/ 1937 المترتب عليه وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم أولاً - بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا من مال وتركة مورثهم المرحوم صالح لملوم مبلغ 19100 جنيه و150 مليماً وفوائده بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى السداد. ثانياً - ببطلان عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 الصادر ببيع 222 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً وسقوط مفعوله واعتباره كأن لم يكن. ومن باب الاحتياط الحكم باعتبار هذا العقد منفسخاً أو الحكم بفسخه لعدم قيام مورث المدعى عليهم وهم من بعده بنفاذ الالتزامات التي تعهد بها طبقاً للمحررات المأخوذة عليه. ثالثاً - ببطلان وإلغاء العقد المؤرخ 25/ 1/ 1937 الصادر من المرحوم صالح لملوم إلى المدعى عليها الأولى السيدة خديجة المصري واعتباره كأن لم يكن. رابعاً - بإلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب مع النفاذ. وبتاريخ 28 من يناير سنة 1946 قضت محكمة المنيا الابتدائية حضورياً برفض الدعوى. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 238 سنة 64 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 4 من مايو سنة 1954 حكمت محكمة استئناف القاهرة حضورياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف محيلة في قضائها إلى أسباب الحكم الابتدائي وإلى ما أضافته من أسباب أخرى. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض العن على دائرة فحص الطعون وأصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة حيث ترافع طرفا الخصومة وأصر كل منهما على طلباته وصممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن الطاعن قسم أسباب طعنه إلى قسمين أولهما خاص بقضاء الحكم في دعوى الدين وقد أفرد له الأسباب الأربعة الأولى، والثاني خاص بقضاء الحكم في دعوى التقايل من عقد البيع وفسخه وصورية عقد البيع الصادر للمطعون عليها الأولى من المورث وقسمه إلى فرعين تناول في أولهما دعوى التقايل والصورية في السببين الخامس والسادس والفرع الثاني خاص بدعوى الفسخ وقد تناولهما في السببين السابع والثامن.
القسم الأول:
ومن حيث إن الأسباب الثلاثة الأولى تتحصل في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالبطلان لمسخه الإقرار بالدين المؤرخ 29 يوليه سنة 1934 ومسخه ورقة المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 ولتناقضه بشأن حقيقة الدين الثابت بإقرار 29 يوليه سنة 1934 ويقول الطاعن في بيان السبب الأول إن المرحوم صالح لملوم حرر بما تجمد في ذمته لأخيه مدة إدارته للروكية سنداً في 29 يوليه سنة 1934 أثبت تاريخه في اليوم التالي أقر فيه بحصول محاسبة بينه وبين أخيه الطاعن أسفرت عن اشتغال ذمته بمبلغ 22100 جنيه و105 مليماً، ولم يقل الحكم إن السند كان صورياً بل أقر بجديته غير أنه مسخه وأهدر حجيته بغير علة قانونية مقبولة بأن وقت مفعوله وعزاه إلى سبب غير المصبح به فيه، فقال إن صالح باشا أراد أن يطمئن أخاه حتى نهاية السنة الزراعية حيث تتم المحاسبة النهائية وقال في موضع آخر إن تلك الورقة لم تكتب إلا لغرض مؤقت هو إيجاب القسمة وإنهاء حالة الشيوع وبهذا ربط الحكم بين هذا السند وبين ورقة المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 بعد أن مسخ معناها وتصور أنها شاملة لكافة حقوق والتزامات الأخوين فيما بينهما وبالنسبة للغير وأنه قدم تأييداً لبيان سبب الدين كشفاً من واقع دفاتر المرحوم صالح لملوم بالأقلام التي تألف منها هذا الدين ولكن المحكمة لم تلتفت إليه ولم تعن بالرد عليه. ويقول في بيان السبب الثاني الذي تضمن النعي بمسخ ورقة المحاسبة المؤرخة 31/ 12/ 1934 أن الحكم الابتدائي أورد نص هذه المحاسبة وقال إنها تناولت دين الطاعن ونسخته وأنها كانت عامة شاملة لكافة الحقوق والالتزامات بين الأخوين وبالنسبة للغير في حين أنها لا تتناول دين الطاعن الوارد بالسند المؤرخ 29/ 7/ 1934 كما يظهر من مجرد الاطلاع على عبارات هذه المحاسبة الصريحة والتي يبين منها أنها خاصة بديون معينة نص عليها فيها وأنها مجرد جزء من أجزاء عمليات إنهاء الروك بين الأخوين ولو أن المحكمة فهمت المحاسبة على حقيقتها وأنها خاصة وليست عامة مقصورة على ديون الغير المبينة فيها لما مسخت سنده ولاستحال عليها القول بتوفيته استناداً إلى الحجج غير المنتجة التي ساقتها إذ لا شأن لهذه المحاسبة بذلك الدين، على أن الحكم الابتدائي لم يلبث أن وقع في التناقض فبعد أن قال إن محاسبة 31/ 12/ 1934 تناولت دين الطاعن بالتصفية عاد فقال إن ذلك الدين ثابت بالكتابة ولا توجد كتابة بما يخالفه وراح يتلمس المبررات لجواز الإثبات بالبينة والقرائن واعتبر محاسبة ديسمبر سنة 1934 مبدأ ثبوت بالكتابة وبهذا يكون قد رجع عن اعتبارها محاسبة شاملة كما قرر في بادئ الأمر. ويقول الطاعن في بيان السبب الثالث الذي نعى فيه على الحكم تناقضه فيما قرره بشأن حقيقة الدين الثابت بإقرار 29 يوليه سنة 1934 إن الحكم اعتبر الدين جدياً حين قال إن المرحوم صالح لملوم أراد بالسند المثبت له طمأنة أخيه حتى نهاية السنة الزراعية وحين قال إن المقصود به كان إيجاب القسمة ولكن الحكم عدل عن ذلك في موضع ثالث وذلك إذ قال إن ورقة يوليه 1934 التي احتوت هذا الإقرار لم تكن ورقة جدية أريد بها الالتزام بدين واجب الأداء مستحق الوفاء وعاد في موضع آخر وأدخل هذا الدين في التصفية التي أجريت بمحاسبة سنة 1934 والتصفية والمحاسبة لا ترد على الديون الصورية وحيال هذا التضارب لا سبيل أمام محكمة النقض لمعرفة رأي الحكم في ذلك الدين وهل استقر عنده أنه دين ولد صورياً بورقة غير جدية أو هو دين حقيقي لحقته التصفية واستهلكته المحاسبة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي أنه أثبت إطلاع المحكمة على الورقتين المؤرختين 29/ 7/ 1934، 31/ 12/ 1934 وأورد مضمونهما ثم ناقشهما في مواضع متفرقة من أسبابه وخلص إلى أن الورقة الأولى لم تكن سوى محاسبة مؤقتة لم يرد لها الدوام وأن محاسبة 31/ 12/ 1934 قد نسختها - وقد ورد بالحكم الابتدائي في هذا الشأن ما يأتي: "وبما أنه لا نزاع بين طرفي الخصومة باعتراف الجميع أن ورقة المحاسبة المؤرخة 29 يوليه سنة 1934 لم تدرج إطلاقاً في دفاتر المدعية أو مورث المدعى عليهم سواء أثناء قيام حالة الشيوع أو بعد الانفصال. وبما أنه بمطالعة ورقة المحاسبة المحررة بتاريخ 31/ 12/ 1934 يبين أنها تناولت بتفصيل علة تحريرها إذ سجل الأخوان فيها رغبتهما في دوام أواصر الود بينهما وانتهاء حالة الشيوع في الأطيان والحسابات وتصفية ما بينهما من النقود والغلال والمصروفات الزراعية أو الشخصية ونص على الديون التي يتحمل كل من المتقاسمين وفاءها وحرصاً على أن يذكرا أسماء كل الدائنين الذين يتعهد كل متقاسم بسداد دينه إليه سواء كان الدين مطلوباً باسم المتعهد أو باسم زميله وسواء كان أصيلاً أو كفيلاً بل ولم يغفل دين صالح صليب وكيل دائرتهما ولا دين الأقربين وانتهيا إلى التقرير في تلك المحاسبة إلى أن (هذه القسمة في الدين عملت بعد التساوي فيما بينهما في الحسابات الأخرى - أما دين البنك العقاري المصري فكل واحد منا يسدد السلفة أو السلفيات التي باسمه بدون دخل للآخر) وختمت بالعبارة الآتية (وهذه محاسبة نهائية بيننا بذلك) والذي يستفاد من هذه الورقة والتي تحررت بعد إقرار 29 يوليه سنة 1934 ولم يكن مداده قد جف بعد أن الأخوين قد صفيا ما بينهما من علاقات مالية بكافة نواحيها في هذا التاريخ وأن الأخوين حرصاً غاية الحرص على أن ينهيا حالة الاندماج حتى يكون كل منهما مستقلاً وجوداً وكياناً - وأن ورقة يوليه سنة 1934 لم تكن إلا وسيلة أراد بها الأخ الأكبر أن يطمئن أخاه المدعي حتى نهاية السنة الزراعية فينفصلان بعد أن يعرف كل منهما حال تلك السنة إيراداً ومنصرفاً فيسويان الحساب على هدي ما تنتجه التصفية الختامية..." وساقت محكمة أول درجة قرائن عديدة تأييداً لوجهة نظرها إلى أن قالت: - "وبما أنه حقاً وإن كان دين المدعي ثابتاً بإقرار مورث المدعى عليهم إقراراً كتابياً معترفاً به - والأصل عدم جواز إثبات ما يخالفه لنقض الثابت به أو الإضافة إليه لكفالة احترام الدليل الكتابي ولصدارته على البنية إلا أن هذا الحظر ترد عليه استثناءات من بينها ما أورده المشرع في المادة 217 من القانون المدني التي تقرر بأنه "ومع ذلك فالإثبات بالبينة وبقرائن الأحوال يجوز قبوله إذا كان الدين أو التخالص منه صار قريب الاحتمال بورقة صادرة من الخصم المطلوب الإثبات عليه"، ومفاد هذا النص أنه إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل وجود الالتزام أو انقضائه أو غير ذلك مما يتصل بالالتزام قريب الاحتمال فإنه يجوز تعزيز مبدأ الثبوت الكتابي بالبينة أو بالقرائن - إذا يخلص من اجتماع ذلك دليل كامل على الادعاء - ذلك لأن البينة أو القرائن تستند في هذه الحالة إلى ورقة مكتوبة ممكن الركون إليها ومنحها من الثقة ما لا تمنح لو لم تستند إلى الورقة المكتوبة" ثم أشارت المحكمة إلى رأي الفقه والقضاء في هذا الشأن وطبقته على واقعة الدعوى إلى أن قالت: "فالثابت الذي لا ريب فيه أنها عامرة ليس بمبدأ ثبوت واحد بل بالعديد منه - إذ عدم النص على الدين في مخالصة ديسمبر سنة 1934 والبيع في فبراير سنة 1935 بظروفه وشروطه وعدم قيد الدين في محضر حصر التركة وإغفاله في محضر الجرد وعدم رصده في دفاتر المدعي مع أنه قد رصد فيها محاسبة ديسمبر سنة 1934 وعدم ذكره في الكشوف المتبادلة بين الدائنين فضلاً عن الذي سقناه من أدلة قاطع في أن ورقة يوليه سنة 1934 التي احتوت هذا الإقرار لم تكن ورقة جدية أريد بها الالتزام بدين واجب الأداء مستحق الوفاء إذ محاسبة ديسمبر سنة 1934 تفيد أن الحساب بين الأخوين قد تصفى إلى غير رجعة وإلا لما كان هناك ثمة ضرورة تقتضيه وكان من الطبيعي لو أنه لا يزال قائماً أن يكلف المدعي أخاه بسداد هذه الديون حالة أن معظم هذه الديون مسئول عنها المشتري دون البائع فالبيع وعدم قبض الثمن وتكليف المدعي أخاه بوفاء الديون - كلها حلقات متصلة دالة بذاتها على أن إقرار يوليه سنة 1934 قد أطرح ظهرياً فإذا أضيف إلى هذا عدم إدراجه في محضر الحصر والجرد مع إثبات بقية الديون والعناية بتبيانها واستخراج أصولها من الدفاتر والتوقيع على هذه المحاضر منه مما يؤكد صحة ما نذهب إليه من استخلاص أن الثبوت ومبدأه متوافران والقرائن تعزز إهدار كيان هذا الإقرار باتفاق أصحابه". كما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف أوردت بأسبابه في هذا الصدد أيضاً ما يأتي: "وحيث إن الحكم المستأنف في محله لأسبابه التي تعتمدها هذه المحكمة وتتخذها أسباباً لقضائها ويضاف إليها رداً على أسباب الاستئناف أنه وإن كان صحيحاً أن السيد المستأنف وأخاه المرحوم السيد/ صالح لملوم كانا يعيشان في روكية واحدة إلا أنهما فكرا في الخروج في سنة 1934 وكان من أثر ذلك أن تحررت محاسبة أولية في 29/ 7/ 1934 ثم أعقبتها في نهاية السنة الزراعية - واستقر الوضع النهائي بين الأخوين - محاسبة نهائية في 31 ديسمبر سنة 1934 وعقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 الذي صدر من المستأنف لأخيه ثم باع هذا الأخير الأطيان نفسها إلى زوجته المستأنف عليها الأولى في 25/ 1/ 1937..... وظاهر مما تقدم أن المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 هي المحاسبة النهائية التي حددت مركز كل من الطرفين قبل الآخر. وبهذا جاء في نهايتها أن المحاسبة تمت بعد التساوي فيما بينهما في الحسابات الأخرى. فالعبرة بهذه المحاسبة النهائية فقد نسخت ما سبقها من محاسبات أخرى وليس أدل على ذلك من أنه لم يرد ذكر مطلقاً لهذه المحاسبة الأولية فيها ولم ترصد تلك المحاسبة في دفاتر الدائرة مع رصد المحاسبة النهائية وليس في الأوراق ما يفيد قيام مورث المستأنف عليهم بسداد أي قسط من ورقة 29/ 7/ 1934 ولو كان الأمر كما يصور المستأنف من أنه يداين أخاه بما يبلغ نحو 19100 جنيه و150 مليماً لما كانت به حاجة إطلاقاً إلى بيع أطيانه إلى أخيه في 4/ 2/ 1935 إذ أن قيمة هذا الدين المزعوم تعادل تقريباً الدين الذي اختص به بموجب المخالصة النهائية وقيمة ذلك الدين هو 19197 جنيهاً و180 مليماً. وفي سكون المستأنف وعدم إدراج الدين في محضر حصر التركة على أهميته مما يقطع بأن المخالصة النهائية هي التي كانت معتمدة من الطرفين وفي نظر المستأنف نفسه فلم يحاول أن يثبت شيئاً من دينه أو يقتضي شيئاً منه في سنتي 1938 - 1939". ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تهدر حجية الورقة المؤرخة في 29 يوليه سنة 1934 كسند ولم تغفل سببها المصرح به فيها ولكنها اعتبرتها ورقة موقوتة استنفذ الغرض منها بالاتفاق المبرم بين طرفيها والمنطوية عليه ورقة المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 ولا يغير من هذا أن يكون قد ورد في سياق أسباب الحكم الابتدائي أن ورقة 29/ 7/ 1934 لم تكن ورقة جدية ذلك أنه بربط هذه العبارة بما سبقها وما تلاها من عبارات يبين أن الحكم لم يستظهر أن دين ورقة 29/ 7/ 1934 كان ديناً صورياً وإنما استظهر أن هذا الدين كان ذا كيان ووجود فقدهما بالمحاسبة التالية التي حررها الطرفان في 31/ 12/ 1934 كما يبين أيضاً من الأسباب السابق الإشارة إليها محكمة الموضوع استظهرت ما تدل عليه محاسبة 31/ 12/ 1934 وما قصده الأخوان من تحريرها واعتبرتها شاملة ومنهية للوضع الذي كانت تنطوي عليه ورقة 29/ 7/ 1934 مستندة في ذلك إلى تفسير عبارات محاسبة 31/ 12/ 1934 تفسيراً مستمداً من ظاهر عباراتها ومن ظروف الدعوى وملابساتها التي بينتها ومن القرائن العديدة التي ساقتها في تفصيل وإيضاح، ولما كان ذلك وكانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها قضاءها في هذا الخصوص تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي على الحكم بالمسخ أو التناقض أو إغفال الرد على بعض أوجه الدفاع يكون نعياً لا سند له مما يتعين معه رفض هذه الأسباب الثلاثة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قواعد القانون المتعلقة بإثبات الديون المدنية وانقضائها وتناقضه ومخالفته للثابت في الأوراق واعتماده على أدلة غير منتجة وذلك من ثلاثة وجوه أولها - أن دين الطاعن ثابت بسند موقع عليه من المدين وقد سلم الحكم الابتدائي بأنه لا توجد كتابة تثبت التخالص منه مما كان يقتضي أن يحكم لصاحبه به ولكن الحكم لم يفعل وأخذ يتحدث عن مبدأ الثبوت بالكتابة في حالة وجود المانع الأدبي أو وجود ورقة تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة وشرط ذلك ثم انتقل من هذا البحث إلى أن القضية عامرة ببدايات الثبوت بالكتابة دون أن يبين مرمى هذا الإثبات فإن كان لثبوت التخالص من الدين فإن الخصوم لم يدعوا أن المورث قد أوفاه وإن كان لثبوت أن الدين قد شملته محاسبة ديسمبر سنة 1934 كما قال الحكم فإن هذا مما لا يجوز إثباته ببداية الثبوت وإنما بنفس ورقة المحاسبة وإن كان لثبوت أن الدين صوري وهو ما قاله الحكم في موضع منه ونقضه في موضع آخر فإن الحكم يكون قد حاول ببدايات الثبوت أن يثبت الشيء ونقيضه وإن كان لثبوت أن الإقرار أهدر كيانه باتفاق أصحابه كما قال الحكم في موضع آخر فهي عبارة خطابية مبهمة المعنى لا يبين منها قصد الحكم وما إذا كان اعتبر الدين صحيح النشأة أو اعتبره صورياً، وأن ما اعتبره الحكم بدايات ثبوت من عدم النص على الدين في محاسبة 1934 والبيع الصادر من الطاعن لأخيه في 4 فبراير سنة 1935 وعدم قيد الدين في محضر حصر تركة المدين كل ذلك لا يجيز إهدار دين الطاعن الثابت بالكتابة بالورقة المؤرخة 29/ 7/ 1934. والوجه الثاني يتحصل في أن الحكم الابتدائي تناقض في أسبابه تناقضاً واضحاً يفسد تدليله ذلك أنه قرر أن بقاء إقرار الدين في حيازة الطاعن ليس دليلاً على استمرار قوة الالتزام لقيام مانع أدبي حال بين أخيه وبين استرداد الإقرار ثم استبعد الحكم هذا المانع عندما قرر أن هذا المانع لم يحل بين الأخوين والحساب عن كل صغيرة وكبيرة والاحتفاظ بأدلة هذا الحساب وتسجيله في دفاتر قد ترقى إلى الدفاتر التجارية دقة ونظاماً كما أخذ الحكم على الطاعن عدم مطالبته بدينه عند المحاسبة في ديسمبر سنة 1934 وعدم تكليفه أخاه بوفاء هذا الدين عنه في الديون المطلوبة للبنوك والبيوت المالية المذكورة في تلك المحاسبة وأخذ عليه أيضاً بيعه لأخيه في 4 فبراير سنة 1935 أطياناً ليقوم بسداد ثمنها فيما على الطاعن من ديون ثم عاد الحكم بعد ذلك وسلم للطاعن بحقه في أن لا يطالب أخاه بدينه رعاية للأخوة حتى يستد الأجنبي بدينه ولكنه في الوقت ذاته أخذ عليه عدم إثبات دينه بمحضري الحصر والجرد بعد وفاة أخيه.
ومن حيث إن النعي بما ورد بهذين الوجهين مردود بأنه يبين مما سلف إيضاحه في الرد على الأسباب الثلاثة الأولى أن الحكم اعتبر محاسبة 31/ 12/ 1934 دليلاً كاملاً على تصفية العلاقات السابقة بين الطرفين وعلى أن ورقة 29 يوليه سنة 1934 قد استنفدت أغراضها فلم يكن الحكم في حاجة بعد ذلك للتحدث عن مبادئ الثبوت بالكتابة وعلى ذلك فلا جدوى من النعي على الحكم فيما استطرد إليه تزيداً ما دام فيه من الأسباب الأخرى ما يكفي لحمل قضائه فيما انتهى إليه.
ومن حيث إن الوجه الثالث من هذا السبب يتحصل في أن الحكم المطعون فيه في القليل الذي زاده على الحكم الابتدائي قد خالف الثابت في الأوراق - ذلك أن الطاعن استدل على صحة دينه وقيامه بورقة صادرة من 10/ 11/ 1935 من أخيه المرحوم صالح لملوم تفيد أنه خصم مبلغ 892 جنيهاً و610 مليماً كان على الطاعن من دين للطاعن في ذمته - ولكن محكمة الاستئناف ردت على ذلك رداً غير صحيح إذ قررت أن الورقة المذكورة لا تنصرف إلا إلى المبلغ المطلوب للطاعن من ثمن الأطيان المبيعة للمرحوم صالح لملوم بالعقد المؤرخ 4 فبراير سنة 1935 في حين أنه يبين من عقد البيع المذكور أن البائع غير مطلوب له شيء من الثمن وأن الثمن كله متفق على سداده لدائنين معينين - وبذلك يبقى دليل الطاعن بغير رد مما يعيب الحكم بالقصور ويبطله.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما ورد به من أنه لم ترد بالإقرار المؤرخ 10/ 11/ 1935 أية إشارة إلى الورقة المؤرخة 29/ 7/ 1934 وفي هذا ما يكفي لحمل قضائه في نفي العلاقة بينهما أما تعرضه بعد ذلك لتحديد نوع الدين الذي أشار الإقرار المذكور إلى ترتبه في ذمة مورث المطعون عليهم فلم يكن ثمة ما يقتضيه - وعلى ذلك يكون النعي عليه في هذا الصدد غير منتج.
القسم الثاني:
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوباً بالبطلان لقصور أسبابه نتيجة الارتكان على استدلال غير منتج وتناقضه والاعتماد على دليل غير موجود ذلك أن الطاعن تمسك بوقوع تقايل بينه وبين أخيه المرحوم صالح لملوم من عقد البيع المؤرخ 4 فبراير سنة 1935 وذلك في أواخر سنة 1937 واعتمد على قرائن عدة ولكن الحكم نفى التقايل بقرائن سابقة على سنة 1937 فهي لذلك غير منتجة في النزاع إذ لا يجادل الطاعن في أن أخاه كان يعتبر الأطيان ملكه إلى أن تقايلا وأعادها إليه فلا يصلح رداً على دعوى الطاعن قول الحكم إن صالح لملوم قدم طلباً بتاريخ 18/ 2/ 1935 للبنك العقاري بطلب سلفية على تلك الأطيان - كذلك لا يصلح رداً قول الحكم أن صالح لملوم تصرف في الأطيان بالبيع لزوجته في 25/ 1/ 1937 لأن هذا التصرف سابق على تاريخ التقايل فضلاً عن أنه مطعون عليه بالصورية ومطلوب الحكم ببطلانه لكونه غير جدي - وكذلك عقد الإيجار وكشوف الحساب الموقع عليها من صالح لملوم والمحررة من صالح صليب سابقة على التاريخ المدعى بحصول التقايل فيه - هذا إلى أن الحكم اعتمد على دليل غير موجود وذلك حين قال إن هذه الأطيان أدرجت في دفاتر المرحوم صالح لملوم قبل وفاته وبعدها إذ لا أصل لهذه الواقعة وينفيها محضر حصر تركة المرحوم صالح لملوم فقد خلا من ذكر هذه الأطيان - كما ينعى الطاعن في السبب السادس على الحكم المطعون فيه بالبطلان لقصوره في الرد على دعوى صورية ورقتي البيع والتأجير المحررتين في 25 يناير سنة 1937 ولمسخه وتجاهله المستندات المقدمة منه لإثبات هذا الجزء من الدعوى ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة بطلب إلغاء عقد البيع المؤرخ 25 يناير سنة 1937 الصادر من المرحوم صالح لملوم إلى زوجته المطعون عليها الأولى والمتضمن بيعه لها الـ 222 فداناً سالفة الذكر لصورية هذا البيع واستدل على هذه الصورية فضلاً عن ظروف تحرير عقدها وشروطه والصلة بين طرفيه ببقاء عقد البيع بدون تنفيذ في حوزة المرحوم صالح لملوم حتى وفاته وعدم علم السيدة زوجته به إلى ما بعد ذلك التاريخ، وأنه دلل على صحة دفاعه بأن قدم كشف حساب مؤرخاً في 6 يونيه سنة 1938 موقعاً عليه من المطعون عليها الأولى عن حساب أطيانها الموروثة لها عن والداها ومقدارها 181 فداناً وقد تضمن الكشف إقراراً باستلامها أطيانها وتسديدها للطاعن إيجار 28 فداناً و8 قراريط و2 سهماً استأجرتها منه وهي من ضمن الـ 222 فداناً ولكن الحكم الابتدائي قد أطرح هذا الدليل بقوله إن السيدة كانت أجرت تلك الأطيان لزوجها يوم بيعها لمدة أربع سنوات - وهو قول تنفيه طبيعة هذا الكشف إذ لم يرد فيه ذكر إلى ملكية السيدة للـ 222 فداناً أسوة بملكيتها للـ 181 فداناً مع النص على استئجارها جانباً منها - فضلاً عن أنه لا يصح الاستناد إلى عقد الإيجار لأنه مطعون عليه هو وعقد البيع بالصورية - كما قدم الطاعن لمحكمة الاستئناف تأييداً لكشف 6 يونيه سنة 1938 أوراقاً صادرة من المطعون عليها الأولى لم تشر في أي منها إلى ملكيتها للـ 222 فداناً موضوع النزاع - وهذه الأوراق هي الإقرار المؤرخ 16 مايو سنة 1940 الموقع عليه من المطعون عليها الأولى والإنذار المعلن منها في 14 أكتوبر سنة 1940 للطاعن وبنك التسليف وآخرين والمذكرة المقدمة منها للمجلس الحسبي في 14/ 10/ 1940 ولكن الحكم الاستئنافي مسخ إقرار 6 يونيه سنة 1938 كما مسخه الحكم الابتدائي ولم يقل عن هذه الأوراق الثلاثة شيئاً.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أورد في خصوص دعوى الطاعن بالتقايل من عقد بيع 4/ 2/ 1935 - أو فسخه ما يأتي: "وبما أنه بالنسبة لدعوى بطلان عقد البيع أو فسخه فإن المدعي في بيان أسانيد هذا الطلب يقول إن هذه الأطيان سلمت إلى المرحوم صالح باشا لملوم عند تحرير العقد وأدارها وبقيت في حيازته إلى سنة 1937 حيث قرر نهائياً أنه لا يستطيع القيام بالتزاماتها فأعادها إليه وعدل نهائياً عن إتمام العقد وأنه وإن كان موقناً بأن من الصعب إثبات العدول عن صفقة كبيرة كهذه بالقرائن إلا أنه استناداً إليها يستمسك به إذ هو الحقيقة الفعلية الواقعة". ثم أورد الحكم محصل القرائن التي استند إليها الطاعن تأييداً لدفاعه في هذا الصدد وتولى مناقشتها والرد عليها بقوله: "وبما أن الثابت من أوراق الدعوى أن القرائن التي ساقها المدعي تدليلاً على العدول عن صفقة شراء الأطيان والتقايل منها دعوى منهارة الأساس للأسباب الآتية... 3 - ثابت من الشهادة المستخرجة من قلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة أن البنك العقاري المصري رفع عن عاتق المدعي عشرة آلاف جنيه حملها أطيان المرحوم صالح باشا (مستند/ 5 حافظة/ 9 مرفقة بالقضية رقم 330 سنة 1940 كلي المنيا) فضلاً عن الضمان العام 4 - ثابت من كتاب البنك العقاري المصري المؤرخ 18/ 1/ 1945 والموجه إلى المدعى عليها الأولى أن البنك المذكور قبل بتاريخ 21/ 8/ 1936 ضماناً لمبلغ عشرة آلاف جنيه من أصل دينه الناتج عن العقد الموقع عليه في قلم كتاب محكمة مصر المختلطة بتاريخ 9/ 11/ 1933 تخصيص رهنية على 212 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً تدخل ضمن الـ 514 فداناً و6 قراريط و22 سهماً المرهونة برقم 21683، 39592 من المدعي - وبما أنه إذا أضيف إلى هذا أن هذه الأطيان أدرجت في دفاتر المرحوم صالح باشا لملوم إلى ما قبل وفاته وبعدها وكانت جميع أموالها تسدد من المشتري سواء بصفته مشترياً أو نيابة عن زوجته يكون القول بأن المشتري قد عدل عن الصفقة قولاً غير سائغ ولا شبهة في أن عدم حصر هذه الأطيان ضمن تركة المشتري دليل على جدية سبق التصرف فيها فلا مبرر لهذا الجرد إذ أنها ليست على ملك المورث - أما دعواه بأن أموال هذه الأطيان كان يسددها من ماله الخاص بعد وفاة المورث فليس ثمة دليل على هذا الادعاء إذ أنه كما سبق أن بيناً كان يدير أموال القصر والبلغ بما فيهم المدعى عليها الأولى نيابة عن الجميع بصفته وكيلاً - وثابت من مطالعة الدفاتر المقدمة أن هذه الأموال كانت ترصد لحساب المدعى عليها وتخصم من غلة أطيان..... على أنه من ناحية أخرى فإن التفاسخ من مثل هذه الصفقة بعد أن تم انفصال دينها وأصبح على عاتق صالح باشا ووقفه وزوجته لا يؤخذ في مثله بالظن والتخمين". كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الصدد رداً على أسباب الاستئناف ما يأتي: "وحيث إنه فيما يتعلق بالشطر الثاني من الاستئناف فإن المستأنف لم يأت بجديد وقد تناول الحكم المستأنف الرد على ما أثاره من دفوع بما لا يترك زيادة لمستزيد ويكفي للرد عن واقعة استئجار المستأنف عليها للثمانية وعشرين فداناً ضمن الأرض المبيعة القول بأن الثابت من الأوراق أن المرحوم السيد صالح لملوم استأجر الأرض بعد بيعها من المستأنف عليها الأولى هي وأطيان أخرى لمدة أربع سنوات نهاية نوفمبر سنة 1936 حتى نوفمبر سنة 1940 ثم توفى المرحوم صالح لملوم وتعين المستأنف شخصياً وصياً على القصر من أولاد أخيه ثم احتاجت المستأنف عليها الأولى إلى هذه الثمانية وعشرين فداناً عن سنة 1938 فاستأجرتها من الوصي لسابقة تأجيرها للمورث وتعهدت بدفع الإيجار للمستأنف بصفته وصياً على القصر وفي هذا ما يؤيد نفاذ عقد البيع في حق المستأنف وإقراره به فغير صحيح القول من أن المستأنف عدل عن إتمام الصفقة إذ أن البيع قد تم صحيحاً واقترن بوضع اليد وباشر المورث سداد الديون واتخذ الإجراءات فعلاً بشأن سداد دين البنك العقاري وإبراء ذمة المستأنف منه وقد رفعه البنك عن عاتق المستأنف وأصبح مورث المستأنف عليهم هو وحده المسئول عن سداده وعدم تسجيل العقد لا يقلل من قيمته القانونية وقد كان هذا العقد محل احترام من جانب المستأنف نفسه في حياة المورث وبعد موته حتى أخر سنة 1939 وقد كان المورث يقوم بسداد ما عليها من مال سواء بصفته مشترياً أو بطريق الإنابة عن زوجته ولا يغني المستأنف القول بأن المستأنف عليها الأولى سبق أن تعهدت في 16/ 5/ 1940 بسداد مبلغ 354 جنيهاً و260 مليماً عند استلامها الـ 147 فداناً الموقوفة دون أن تحاول الادعاء بالمقاصة بين هذا الدين وبين ما لها من إيجار لو أنها كانت تملك الأطيان إذ أن هذا المبلغ إنما يمثل المصاريف التي أنفقها المستأنف على زراعة القمح التي تسلمت للمستأنف عليها الأولى فكان من الضروري أن تدفعها أو تتعهد على القليل بدفعها. أما ما يستحقه من إيجار فلم يكن هناك نزاع في خصوصه ولم يكن ثمة حاجة إلى توكيده وسكوتها عن ذلك لا يسقط حقها في الإيجار الثابت لها قانوناً" - ولما كان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الموضوع اعتبرت أن دعوى الطاعن بالتقايل من عقد مكتوب لا يجوز إثباتها بغير الكتابة وأن الطاعن لم يقدم هذا الدليل - مما كان يكفي لحمل قضاء الحكم برفض هذا الادعاء فإنه لا محل بعد ذلك لتعييب الحكم فيما استطرد إليه من مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن طالما أن الحكم كان في غنى عن مناقشة هذه القرائن بما سبق أن قرره من عدم جواز إثبات دعوى التقايل بالقرائن - ولما كان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سليماً من أوراق الدعوى ومستنداتها جدية البيع الصادر من المورث إلى زوجته المطعون عليها الأولى وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها كل من الخصوم لتعزيز وجهة نظره في النزاع بل يكفي أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمله - لما كان ذلك فإن ما أثاره الطاعن بهذين السببين يكون نعياً غير سديد مما يتعين معه رفضهما.
ومن حيث إن السبب السابع يتحصل في أن الطاعن بوصفه مالكاً لم يكن ملزماً بأن يثبت أن مورث المطعون عليهم وورثته من بعده لم يفوا بثمن الأطيان التي باعه إياها في 4/ 2/ 1935 بل على هؤلاء إذا أرادوا تفادي الفسخ أن يثبتوا أن الثمن قد حصل الوفاء به بالفعل أو أنه نشأ ما يعطيهم الحق في حبسه أو تأجيله فإذا عجزوا عن الإثبات تعين الحكم بالفسخ ولا يقوم الوعد بالوفاء بالثمن مقام الوفاء به كما لا يقوم مقامه البحث عن وسائل الوفاء أو تكليف الغير بالوفاء إذا لم يكن البائع قد قبل حلول هذا الغير محل المشتري في الثمن وإبراء ذمة المشتري منه وقد خالف الحكم قانون العقد نتيجة خلطه بين الوعد بالسداد وبين السداد الفعلي وخلطه بين الديون المتشابهة في أسماء الدائنين الخاص منها بالطاعن والخاص منها بأخيه وركن إلى اعتبارات عددها كي ينفي بها عن المرحوم صالح لملوم قعوده عن تنفيذ التزاماته في عقد البيع المؤرخ في 4/ 2/ 1935 في حين أن كل هذه الاعتبارات لا تصلح أن تكون وفاء مبرئاً للذمة. ويتحصل السبب الثامن في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالبطلان لعدم صحة نقله من الأوراق المقدمة في الدعوى ومخالفته الثابت فيها وتناقض تسبيبه - وذلك من ثلاثة وجوه أولها - أن الحكم الابتدائي قرر بأسبابه أنه ثابت من الشهادة المستخرجة من قلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة أن البنك العقاري رفع عن عاتق المدعي (الطاعن) عشرة آلاف جنيه حملها أطيان المرحوم صالح لملوم وأحال الحكم إلى المستند رقم 5 حافظة 9 بالقضية رقم 330 سنة 1940 كلي المنيا - في حين أن المستند المذكور لا يتحدث إلا عن تخصيص السلفية ولم يرد به أن البنك رفع عن عاتق الطاعن هذا المبلغ ولا أن أطيان المرحوم صالح لملوم تحملته. وقد قدم الطاعن لمحكمتي الموضوع الدليل المباشر على عكس ذلك من أن مورث المطعون ضدهم لم يقم بشيء يعتبر مساوياً لوفاء دين البنك كما زعم الحكم. والوجه الثاني - أن الحكم الابتدائي قرر أن المرحوم صالح لملوم هو أصلاً المسئول عن معظم هذه الديون مما لا يتصور معه أن يرجع هؤلاء الدائنون على الطاعن إذ ليس لهم ثمة حقوق قبله - في حين أن الديون التي كانت أصلاً باسم صالح لملوم وتحملها الطاعن بمحاسبة ديسمبر سنة 1934 وعاد فحملها المرحوم صالح لملوم كجزء من ثمن الأطيان يبلغ مقدارها 5062 جنيهاً و622 مليماً فقط وليست معظم ثمن الأطيان البالغ 22294 جنيهاً ولا معظم الباقي من الثمن بعد خصم دين البنك العقاري وهو 12294 جنيهاً. والوجه الثالث - أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق في قوله أن الديون المشار إليها في عقد البيع وورقة الضد أثبتت في محضر حصر تركة صالح لملوم ذلك أن الحكم نفسه قرر أن عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 لم يذكر في محضري الحصر والجرد مما لا يسوغ معه أن يذكر في المحضرين المذكورين ثمن الأطيان المبيعة به وقد جره هذا الخطأ إلى خطأ آخر هو تصوره أن ثمن الأطيان المبيعة بالعقد المذكور تحملته التركة الأمر الذي يتناقض مع ما قرره من قبل من الأطيان المذكورة لم تدخل في محضر حصر التركة - كما تناقض الحكم حين قرر أن الطاعن قد وفى الديون المشار إليها في عقد البيع من مال التركة مدة وصايته مع قوله في نفس الوقت أن حساب إدارة الطاعن كوصي لم يصف بعد.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد في شأن طلب الفسخ ما يأتي: - "وبما أنه عن واقعة الفسخ فإن المدعي يسنده إلى عدم قيام المشتري وزوجته من بعده بتنفيذ التزام أداء الثمن إلى الجهات التي عينت في ورقة 4/ 2/ 1935 وبما أنه بالنسبة لدين البنك العقاري وهو أضخمها فقد بينا فيما سلف أن هذا الدين قد تحملته الأطيان المبيعة ضماناً لوفائه فضلاً عن جميع أموال المرحوم صالح باشا لملوم، والمدعي قد أصبح غير مسئول عنه بحال باعتراف البنك العقاري الذي قبل تخصيص هذه الأطيان وفرزها، كما أن صالح باشا قد أعد للأمر عدته من قبل إذ حمل المائة سبعة وأربعين فداناً الموقوفة بوفائه من غلتها أي أنه اتخذ كافة الوسائل لإبراء ذمة المدعي منه فما شأنه به. وبما أنه بالنسبة لبقية الديون فالثابت من دفاتر المشتري أن هذه الديون قد رصدت فيها وخصص لكل دين صحيفة معينة - إذ أثبت فيها أولاً - السلفية المتجمدة ثم دين باركليز وقدره ألف جنيه ص 142 ودين ثابت وقدره 3666 جنيهاً و622 مليماً ص 180 دين شركة الصناعات الكيماوية وقدره 396 جنيهاً ص 181 ودين صادق قليني وقدره 1666 جنيهاً ص 173 ودين بنك التسليف الزراعي وقدره 585 جنيهاً 180 مليماً ص 152 ودين بلانطه وقدره 4980 جنيهاً و648 مليماً ص 141 - وذكر أمام كل هذه الديون أنها من ضمن ثمن الأطيان المشتراة من المدعي (دفتر جريدة المطلوبات جزء ثان) وبالرجوع إلى محضري جرد التركة وحصرهما يبين أن المدعي حصر على إثبات هذه الديون أخذاً من دفاتر التركة - وأثبت في المحضر ما تسدد من هذه الديون وما بقى منها استناداً إلى استمرار التعامل بين المورث وهؤلاء الدائنين - وقد ذكر في محضر الجرد صراحة أنه لم يبق من دين ثابت ثابت إلا مبلغ 349 جنيهاً و462 مليماً كما أنه لم يبق من دين بلانطه القديم إلا مبلغ 474 جنيهاً و800 مليم كما أقر في كشف حسابه المقدم منه باعتباره وصياً على القاصر عدلي صالح لملوم أنه سدد إلى شركة الصناعات الكيماوية 500 جنيه وإلى بنك التسليف الزراعي 2951 جنيهاً و115 مليم وإلى محل بلانطه 3740 جنيهاً وإلى بنك مصر 850 جنيه وذكر في كشف الحساب الآخر المؤرخ 10/ 2/ 1940 أنه سدد 1000 جنيه لمحل بلانطه و200 جنيه لشركة الصناعات الكيماوية و180 جنيه إلى صالح صليب ضمانة ثابت ثابت. ألا يفهم من هذا أنه بعد أن أثبتت الديون في محضر جرد التركة وقام بإدارتها واجتمعت لديه كل صفات النيابة عن القصر والبلغ أنه قد وفى الكثير من هذه الديون من مال التركة فإذا كانت أسانيد الوفاء بيده فالعلة في ذلك أنه هو المدير لهذه التركة والمتصرف في شئونها وبالطبع يكون دليل الوفاء بيده لا بيد سواه - على أنه من ناحية أخرى فإن المسئول أصلاً عن هذه الديون هو مورث المدعى عليهم - فدين بنك باركليز باسم المرحوم صالح لملوم ودين ثابت ثابت كذلك باسمه كما أن دين شركة الصناعات الكيماوية المسئول عنه هو صالح باشا مما لا يتصور معه أن يرجع عليه هؤلاء الدائنون إذ ليس لهم ثمة حقوق قبله فلا يبقى بعد هذا إلا دين بلانطه وبنك التسليف الزراعي وصادق قليني وهؤلاء قد استوفوا الكثير من حقوقهم إما من يد المدعي ومن مال التركة وإما من ذات المورث إذ بنك التسليف قد استوفى مبلغ 295 جنيهاً و111 مليماً باعتراف المدعي وبلانطه قد أخذ ما يقرب من الخمسة آلاف جنيه كما هو ثابت بكشوف المدعي المقدمة منه للمجلس الحسبي. وبما أن المادة 332 من القانون المدني قد نصت على أنه إذا لم يدفع المشتري ثمن البيع في الميعاد المتفق عليه كان للبائع الخيار بين طلب فسخ البيع وبين طلب إلزام المشتري بدفع الثمن. وهو نص لم يأت الشارع فيه بجديد إذ هو إلا تطبيقاً للقواعد العامة عملاً بأحكام الشرط الفاسخ الضمني في العقود الثنائية للالتزامات، وبما أن مناط القضاء بالفسخ أن يكون المشتري قد أخل بالتزامه في دفع الثمن وهذا الأمر - أي تقصير مورث المدعى عليهم في أداء الثمن - غير بين ولا واضح بل نهضت أدلة عديدة على عكسه إذ الكثير من الثمن قد خصص وفاءه لجهات عدة استوفت الكثير منه بل أن ذات المدعي رضى ساكتاً مطمئناً في حال حياة المورث وبعد وفاته ولم يحرك ساكناً إلا بعد أن شجرت بينه وبين زوج أخيه الخصومة وكان حال قيامه بإدارة أعمال التركة يؤدي الكثير من هذه الديون دون تبرم من استقرار الأوضاع بحالتها التي تسلمها بها بعد اطلاعه على أحوال التركة، فضلاً عن أن حساب إدارته كوصي لم يصف بعد ليتبين إن كان في ذمته شيء للتركة أم لا، كما أن أحداً من الدائنين لم يوجه إليه مطلباً وما يستطيع معظمهم مقاضاته إذ ليس ثمة رابطة قانونية بينه وبينهم تجعل لهم حقوقاً قبله - الأمر المستفاد منه أن المدعي ليس جاداً في هذا الطلب...".
ومن حيث إنه يبين من هذه الأسباب أن الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه قد تناول بحث كافة ما أثاره الطاعن بشأن الديون التي تعهد مورث المطعون عليهم بوفائها مقابل ثمن الأطيان المبيعة فقرر أن دين البنك العقاري أصبح مضموناً بالأطيان المبيعة فضلاً عن الضمان العام الواقع على مال المشتري وذلك استناداً إلى قبول البنك تخصيص الأطيان المبيعة وفرزها - وأن باقي الديون وردت في دفاتر المرحوم صالح لملوم وأن محضري الحصر والجرد قد تضمنا بيان ما تسدد منها وأن الطاعن وفي الكثير من هذه الديون من مال التركة أثناء إدارته لها ممثلاً للقصر والبلغ وأن بعض الديون التي وردت في ورقة 4/ 2/ 1935 التي بينها الحكم مطلوبة أصلاً من المرحوم صالح لملوم مما لا يتصور معه رجوع الدائنين بها على الطاعن وأن باقي الدائنين وهم بلانطة وبنك التسليف الزراعي وصادق قليني قد استوفوا الكثير من حقوقهم إما من يد المدعي ومن مال التركة وإما من ذات المورث ثم قررا الحكم أن الجزء الذي لم يسدد قليل الأهمية ونفى عن مورث المطعون عليهم شبهة الإهمال والتقصير في تنفيذ التزاماته بوفاء الثمن وهذه النتيجة التي انتهى إليها الحكم لا مخالفة فيها للقانون وقد بنيت على مقدمات مستخلصة من المستندات التي اطلعت عليها محكمة الموضوع بغير مسخ أو خطأ في نقل ما ورد بها - ذلك أنه يبين من مراجعة عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 ومن ورقة الضد المحررة في ذات التاريخ أن جملة ثمن الأطيان المبيعة 22294 جنيهاً و450 مليماً اتفق طرفا العقد على أن يقوم المشتري بسداد 10000 جنيه من هذا الثمن في الدين المطلوب من البائع للبنك العقاري كما اتفقا في ورقة الضد على أن الباقي من الثمن بعد ذلك وقدره 12294 جنيهاً و450 مليماً يسدد في الديون المبينة بهذه الورقة والمشار إليها بمحاسبة 31/ 12/ 1934. وإذ كان عقد البيع قد تضمن قبول البائع قيام المشتري بسداد مبلغ 10000 جنيه عنه من الثمن إلى البنك العقاري وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت من كتاب البنك المؤرخ في 18/ 1/ 1945 والموجه إلى المطعون عليها الأولى والمتضمن أن البنك المذكور قبل بتاريخ 21/ 8/ 1936 ضماناً لمبلغ عشرة آلاف جنيه من أصل دينه الناتج عن العقد الموقع عليه في قلم كتاب محكمة مصر المختلطة بتاريخ 9/ 11/ 1933 تخصيص رهنه على 212 فدان و22 قيراط و16 سهماً تدخل ضمن الـ 514 فدان و6 قراريط و22 سهم المرهونة برقم 21683 و39592 - استخلصت من هذا الكتاب أن الطاعن أصبح غير مسئول عن هذا الدين فإنه لا يصح النعي على حكمها بمخالفة الثابت بالأوراق أو بالتناقض في التسبيب - وإذ كان الثابت كذلك من ورقة الضد المؤرخة في 4/ 2/ 1935 ومن محاسبة 21/ 12/ 1934 أن باقي الثمن وقدره 12294 جنيهاً و450 مليم بعضه مطلوب أصلاً من صالح لملوم شخصياً وهي ديون بنك باركليز وثابت ثابت وشركة الصناعات الكيماوية وجملتها 5062 جنيهاً و622 مليماً فلا خطأ من جانب الحكم إذ قرر أن الطاعن غير مسئول عن هذه الديون لعدم وجود رابطة بينه وبين هؤلاء الدائنين - ولما كان الحكم قد استخلص أيضاً استخلاصاً سليماً من أوراق الدعوى أن باقي الثمن المخصص لسداد الديون المطلوبة من الطاعن شخصياً وهي ديون صادق قليني وبلانطة وبنك التسليف وجملتها 7231 جنيهاً و828 مليماً قد تسدد الكثير منها بحسب التفصيل الوارد بالحكم عن ذلك وأن أحداً من هؤلاء الدائنين لم يوجه مطلباً للطاعن وأن الباقي من هذه الديون الأخيرة أصبح قليل الأهمية بحيث لا يستوجب فسخ البيع، وكان يبين من الرجوع إلى الأوراق أنه لا أساس لما ادعاه الطاعن من خلط الحكم بين الديون المطلوبة منه والديون المطلوبة من المورث والمتشابهة في أسماء الدائنين، وكان القضاء بالفسخ في حالة عدم النص على الشرط الفاسخ الصريح يخضع لتقدير قاضي الموضوع، لما كان ذلك فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الفسخ استناداً إلى الاعتبارات السائغة التي سبق بيانها وعلى ذلك يكون النعي بما ورد في هذين السببين نعياً غير سديد.
ومن حيث إنه من جميع ما تقدم يبين أن الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق