الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 147 لسنة 11 ق جلسة 11 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 30 ص 232

جلسة 11 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

-----------------

(30)

القضية رقم 147 لسنة 11 القضائية

(أ) - عقد إداري "تنفيذه "غرامة التأخير" "امتداده".
عقد توريد سيارات - التأخير في توريدها - توريدها بعد الميعاد المحدد بالعقد وقبول جهة الإدارة العذر في التأخير بأن أقالت المتعاقد من غرامة التأخير بعد توقيعها مستندة إلى عدم مسئوليته من التأخير لحدوثه نتيجة أسباب خارجة عن إرادته - مقتضى ذلك أنها اعتبرت العقد قائماً وأنه امتد حتى الميعاد الذي تم فيه التوريد فعلاً.. (1).
(ب) - عقد إداري "تنفيذه" "امتداده".
عقد توريد - صدور القانون رقم 204 لسنة 1960 خلال فترة الامتداد وتضمنه نصاً برفع قيمة الزيادة في رسم الإحصاء الجمركي - تحمل جهة الإدارة قيمة الزيادة - أساس ذلك هو ما ورد في العقد من شروط تحكم هذه الحالة وليس نظرية فعل الأمير (1).
(ج) - رسم جمركي 

- القانون رقم 204 لسنة 1960 قضى بزيادة رسم الإحصاء الجمركي - سريانه على البضائع التي لم يسدد عنها الرسم الجمركي ولو كانت استوردت قبل العمل به.

-------------------
1 - إن الشركة كانت على استعداد لتنفيذ التزامها بتوريد السيارات قبل الميعاد المحدد بالعقد لولا أن حال بينها وبين التنفيذ أسباب أجنبية خارجة عن إرادتها مردها إلى الحكومة التي أصدرت قراراً بوقف الإفراج عن هذه السيارات، وعلى أثر إخطار الهيئة بذلك كتبت إلى مراقبة الاستيراد للموافقة على إعفاء الهيئة من التعليمات الصادرة من وزارة الاقتصاد وظل الأمر معلقاً حتى تمت الموافقة على الإفراج عن السيارات فقامت الشركة بتسليمها فوراً إلى الهيئة التي قبلتها وقبلت عذرها في التأخير فرفعت غرامة التأخير بعد توقيعها وأسست الرفع على عدم مسئوليتها عن التأخير لحدوثه نتيجة أسباب خارجة عن إرادتها، كما أن الهيئة بإمهالها الشركة بعد انتهاء المدة المحددة للتوريد تكون قد اعتبرت العقد قائماً وأنه قد امتد حتى الميعاد الذي تم فيه التوريد فعلاً.
2 - إن صدور القانون رقم 204 لسنة 1960 خلال فترة الامتداد هذه يترتب عليه أن تتحمل الهيئة، دون الشركة، بقيمة الزيادة في رسم الإحصاء الجمركي المقررة بموجب هذا القانون دون حاجة إلى الخوض في نظرية فعل الأمير لأن هذه النظرية إنما يلجأ إليها في حالة طلب التعويض عن أمر غير متوقع وقت إبرام العقد ولكن الثابت أن المتعاقدين قد توقعا، عند إبرام العقد، زيادة الرسوم الجمركية والضرائب وأجور النقل أو نقصها ووضعا نص البند الثالث عشر من الشروط العامة ليحكم هذه الحالة.
3 - لا وجه لما ذكرته هيئة مفوضي الدولة، في تقريرها عن الطعن من عدم سريان زيادة الرسم الإحصائي الجمركي التي فرضت بالقانون رقم 204 لسنة 1960 على السيارات موضوع النزاع بمقولة إن واقعة استيرادها تمت قبل العمل بهذا القانون، لا وجه لذلك لأن الثابت من هذا القانون أنه يسري على البضائع التي لم يسدد عنها الرسم الجمركي المشار إليه حتى تاريخ العمل به في أول يوليه سنة 1960.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الشركة الشرقية للسيارات والتوريدات والنقل (ايست ) أقامت الدعوى رقم 89 لسنة 16 القضائية ضد هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ووزارتي المواصلات والاقتصاد طالبة القضاء بإلزام المدعى عليهما الأولين متضامنين، وفي مواجهة المدعى عليها الأخيرة، بأن يدفعا لها مبلغ 209 جنيه و16 مليماً مع المصروفات وأتعاب المحاماة.. وقالت - شرحاً لدعواها - إنه في 11 من مايو سنة 1960 تحرر بينها وبين الهيئة المدعى عليها الأولى عقد بمقتضاه باعت الشركة للهيئة السيارات المبينة بالعرض المقدم منها في 10 من مارس سنة 1960 وطبقاً للوصف الوارد به وعلى أساس الكتالوجات المقدمة منها والبرقية المرسلة لها في 4 من مايو سنة 1960 بقبول هذا العرض.. ونص في البند الثاني من العقد على قبولها للشروط العامة التي وضعتها الهيئة كما نص في البند الرابع على أن المدة المتفق عليها لتسليم الأصناف بالقاهرة تكون بحيث يتم توريد أربع سيارات على الأقل في خلال عشرة أيام من تاريخ استلامها برقية القبول ويتم توريد باقي السيارات قبل 30 من يونيه سنة 1960 وأن أي إخلال بالمواعيد المذكورة سيترتب عليه تطبيق غرامة التأخير ما لم تقتنع الهيئة بأن التأخير كان لأسباب اضطرارية خارجة عن إرادة المتعاقد وغير متوقعة ففي هذه الحالة يجوز للهيئة - دون أن تكون ملزمة بذلك - أن تتجاوز عن خصم هذه الغرامات كلها أو بعضها.. ثم مضت الشركة المدعية تقول إنه ما إن بدأت في تنفيذ ما التزمت به وسلمت للهيئة أربع سيارات حتى فوجئت بامتناع الجمرك عن الإفراج عن باقي السيارات المستوردة بمعرفتها والموجود فعلاً بالإسكندرية، وذلك استناداً على تعليمات صدرت من وزارة الاقتصاد في 16 من يونيه سنة 1960 تقضي بعدم الإفراج عن البضائع الموجودة بالجمرك التي وردت بطريق المبادلة، ومن بينها السيارات المتعاقد عليها، وقد بادرت بإخطار الهيئة بهذه العقبة في 20، 23، 24 من ذات الشهر.. ونتيجة لذلك قامت الهيئة بمخاطبة مراقبة الاستيراد بوزارة الاقتصاد في 5 من سبتمبر سنة 1960 تطلب الإفراج عن التسع سيارات الباقية.. وفي 3 من أكتوبر سنة 1960 تم الإفراج عنها مع سيارات أخرى كانت لها بالجمرك. وكان من نتيجة التأخير في الإفراج أن صدر القانون رقم 204 لسنة 1960 الذي نشر بالجريدة الرسمية في 10 من يوليه سنة 1960 وهو يقضي برفع فئة رسم الإحصاء الجمركي من 1% إلى 5% وبذلك زادت الرسوم الجمركية.. ولذلك طالبت الهيئة بهذا الفرق في الرسوم وقد بلغ 209 جنيه و16 مليماً عن التسع سيارات التي كانت باقية حتى تم الإفراج بعد زيادة الرسوم وكثرة المكاتبات في شأن ذلك خصوصاً وأن الهيئة كانت قد خصمت من الثمن مبلغ 464 جنيهاً و500 مليم كغرامة تأخير ثم عادت وصرفته للشركة عندما استبان لها عدم أحقيتها في هذا الخصم لأن التأخير كان لأسباب خارجة عن إرادتها وما كان لها أن تتنبأ بها وقت تقديم العطاء.. وإضافات الشركة أنه، ما دامت الهيئة قد سلمت بأن التأخير في التوريد كان رغماً عن الشركة ولسبب خارج عن إرادتها، فإن الهيئة تكون ملزمة بالرسوم الجمركية التي زادت خلال فترة حبس هذه السيارات. وذلك عملاً بصريح نص البند الثالث عشر من الشروط العامة للهيئة حرف ب.. ثم قالت الشركة إنها تختصم وزارة الاقتصاد ليكون الحكم في مواجهتها باعتبار أنها هي التي أصدرت أمر عدم الإفراج ثم أفرجت عنها وذلك لتقديم ما لديها من أوراق خاصة بهذا الموضوع.
وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 28 من نوفمبر سنة 1962 اختصمت الشركة المدعية وزارتي شئون رئاسة الجمهورية والخزانة طالبة القضاء بإلزام هاتين الوزارتين متضامنتين بأن تدفعا لها مبلغ 203 جنيه و247 مليماً مع المصروفات والأتعاب وذلك بالإضافة إلى الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الأصلية ضد المدعى عليهم الخصوم الأصليين واستندت الشركة في ذلك إلى أن السيد وزير شئون رئاسة الجمهورية أصدر في أول يونيه سنة 1960 قراراً بإلغاء جميع تصاريح المبادلات التي سبق صدورها سواء بالنسبة للبضائع التي وصلت فعلاً أو التي لم تصل ثم تلا ذلك صدور قرار من وزارة الخزانة في 16 من ذات الشهر بوقف الإفراج عن البضائع الموجودة بالجمرك تنفيذاً لعمليات المبادلة وكان من نتيجة هذه الإجراءات أن حيل بين الشركة وبين الوفاء بالتزاماتها للهيئة حتى تم الإفراج.. وفي الفترة السابقة لهذا الإفراج صدر القانون رقم 204 لسنة 1960 بزيادة رسم الإحصاء الجمركي على السيارات وكان من نتيجته أن دفعت الشركة للجمرك مبلغ 203 جنيه و247 مليماً زيادة عما كانت تدفعه عند تعاقدها مع الهيئة.. وأن الوزارتين المذكورتين مسئولتان عن تعويضها عما لحقها من ضرر نتيجة إعمال هذين القرارين الخاطئين في حقها بدون مبرر قانوني، وهو ما استبانته الجهات المختصة بعد ذلك فقررت الإفراج عن هذه السيارات.
قدمت الحكومة ملف العملية وردت على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن التعاقد بين الهيئة والشركة المدعية كان على أساس أن السيارات موضوع العقد موجودة بالإقليم المصري وجاهزة وقت الطلب تحت يد الشركة ومن ثم فهي لا تدخل إطلاقاً تحت أي نظام للاستيراد والتصدير ولا يسري عليها القواعد الخاصة بالرسوم الجمركية أو فرق العملة أو غيرها من القواعد التي تسري على البضائع المستوردة وأن الدليل على ذلك مستمد من عطاء الشركة إذ ورد به أن عرضها عن السيارات الجاهزة بدون إذن استيراد أو عملة وأن جميع السيارات المعروضة قد استوردت وموجودة حالياً بالإقليم المصري وعلى هذا الأساس قبلت الهيئة العطاء وورد في مذكرتها بقبول العطاء "إن السعر ثابت لا يتغير بتغير سعر العملة الرسمي أو العلاوة أو الجمارك وهذا السعر مناسب ".. فإذا كانت الشركة قد أخفت واقعة وجود بعض السيارات بالجمرك فإنها تتحمل نتيجة ذلك.. وأن الهيئة، إذا كانت قد أعفت الشركة من غرامة التأخير، فإن ذلك تسامح منها.. وأضافت الحكومة أنه لا محل لتطبيق نص البند الثالث عشر من الشروط العامة لأنه خاص بالبضائع المستوردة بينما التعاقد تم عن بضاعة جاهزة. وأنه، حتى إذا طبق فإنه لا يعطي الشركة الحق في المطالبة بالزيادة في الرسوم الجمركية لأنها حدثت بعد 30 من يونيه سنة 1960 (أي بعد انتهاء أجل التوريد) وأن إعفاء الشركة من غرامة التأخير، الذي تم من قبيل التسامح، لا يؤخذ على أن العقد قد امتد.. وأنه إذا قيل جدلاً - بأن العقد قد امتد إلى الوقت الذي وردت فيه الشركة السيارات وأن الزيادة في هذه الرسوم قد حصلت أثناء تنفيذ العقد - فإن ذلك لا يخرج عن أن يكون فعلاً من أفعال الأمير ويشترط لقيام الحق في التعويض تأسيساً على هذه النظرية أن تصدر الحكومة تشريعاً عاماً جديداً يمس مركز المتعاقد معها بضرر خاص وهذا الضرر الخاص يتحقق إذا ما أصاب التشريع، على الرغم من عمومية نصوصه، المتعاقد وحده - دون مجموع الشعب - أو إذا ما أصابه بضرر من الجسامة بحيث يتجاوز بكثير ما أصاب مجموع الشعب.. والواقع أن الشركة المدعية قد أصابها ضرر يسير جداً نتيجة إجراء عام أصاب الشعب في مجموعه.
عقبت الشركة المدعية على رد الحكومة، بأن الشركة أخفت أن السيارات مستوردة بأنها قد استوردت بطريق المبادلة وتصدر مقابلها فعلاً وأصبحت موجودة فعلاً بالإقليم المصري وسلمت بعضها والباقي كانت ستقوم بتجميعه بمصنعها بالإسكندرية داخل المنطقة الجمركية، وهو بالإقليم المصري طبعاً، وعقبت الشركة على قول الهيئة - بأن الإعفاء من غرامة التأخير كان من قبيل التسامح - بأنها لم تقرر الإعفاء إلا بعد أن ثبت لها أن التأخير كان بسبب خارج عن إرادة الشركة.. ومتى ثبت أن الحكومة قبلت التوريد بعد الميعاد المحدد في العقد ولم تعتبره تأخيراً يستوجب توقيع غرامة بسببه فإن هذا يقع بأن المتعاقدين فعلاً قد اتفقت إرادتهما على امتداد هذا الميعاد إلى التاريخ الذي تم فيه التوريد فعلاً وبذلك تستفيد الشركة من نص البند الثالث عشر من الشروط العامة للهيئة.. ثم قالت الشركة إن ما أثارته الحكومة في صدد نظرية فعل الأمير في غير محله لأن المبلغ المطالب به وإن كان يمثل نسبة ضئيلة من ثمن السيارات، إلا أنه يمثل نسبة كبرى من الربح ومن ثم فقد أصاب الشركة ضرر جسيم نتيجة قرارات وقفت الإفراج وهي قرارات غير سليمة تمس حقوقاً مكتسبة.
وبجلسة 17 من مايو سنة 1964 أمام محكمة القضاء الإداري طلب الحاضر عن الحكومة إخراج المدعى عليهم من الثاني إلى الأخير من الدعوى بلا مصروفات وتمسك الحاضر عن الشركة المدعية بمخاصمة المدعى عليهم جميعاً عدا وزارة شئون رئاسة الجمهورية فقد قرر التنازل عن مخاصمتها.
وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1964 قضت المحكمة المذكورة بإلزام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بأن تدفع للشركة المدعية مبلغ 203 جنيه و247 مليماً والمصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.. وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية أخطرت الهيئة المدعى عليها الأولى في 20 من يونيه سنة 1960 بأن السيارات موجودة بمخازن الشركة بالمنطقة الحرة وأنها على استعداد لتسليمها لولا صدور تعليمات وزارة الاقتصاد في 16 من ذات الشهر بوقف الإفراج عنها، باعتبارها داخلة ضمن البضائع المستوردة على نظام المبادلة. ومقتضى ذلك أن الشركة كانت على استعداد لتنفيذ التزامها بالتوريد قبل الميعاد المحدد بالعقد (وهو 30 من الشهر المذكور) لولا أن حال بينها وبين التنفيذ أسباب أجنبية خارجة عن إرادتها مردها إلى الحكومة التي أصدرت قراراً بوقف الإفراج عن هذه السيارات، وعلى أثر إخطار الهيئة بذلك كتبت إلى مراقبة الاستيراد للموافقة على إعفاء الهيئة من التعليمات الصادرة من وزارة الاقتصاد وظل الأمر معلقاً حتى تمت الموافقة على الإفراج عن السيارات فقامت الشركة بتسليمها فوراً إلى الهيئة التي قبلتها وقبلت عذرها في التأخير فرفعت غرامة التأخير بعد توقيعها وأسست الرفع على عدم مسئوليتها عن التأخير لحدوثه نتيجة أسباب خارجة عن إرادتها، كما أن الهيئة بإمهالها الشركة بعد انتهاء المدة المحددة للتوريد تكون قد اعتبرت العقد قائماً وأنه قد امتد حتى الميعاد الذي تم فيه التوريد ومن ثم فإن صدور القانون رقم 204 لسنة 1960 خلال فترة الامتداد هذه يترتب عليه أن تتحمل الهيئة، دون الشركة، بقيمة الزيادة في رسم الإحصاء الجمركي المقررة بموجب هذا القانون دون حاجة إلى الخوض في نظرية فعل الأمير لأن هذه النظرية إنما يلجأ إليها في حالة طلب التعويض عن أمر غير متوقع وقت إبرام العقد ولكن الثابت أن المتعاقدين قد توقعا، عند إبرام العقد، زيادة الرسوم الجمركية والضرائب وأجور النقل أو نقصها ووضعا نص البند الثالث عشر من الشرط العامة ليحكم هذه الحالة.. كما أنه لا وجه لما تثيره الحكومة - من أن التعاقد كان عن بضاعة موجودة بالإقليم المصري إذ لا ريب أنها كانت موجودة به ولولا قرار وقف الإفراج لكان في إمكان الشركة أن تقوم بتوريدها في الموعد المحدد.. ثم قالت المحكمة إن الحكومة لم تنازع في حقيقة المبلغ المطالب به وهو مبلغ 203 جنيه و247 مليماً حسبما جاء بإقرار الحاضر عن الشركة بمحضر جلسة 24 من يناير سنة 1962 والصحيفة المودعة في 28 من نوفمبر سنة 1962 فيتعين الحكم بإلزام الهيئة المدعى عليها الأولى بأن ترد المبلغ المذكور للشركة المدعية ولا وجه لإلزام باقي الخصوم خاصة وزارة شئون رئاسة الجمهورية لتنازل الشركة عن مخاصمتها.
طعنت الحكومة في الحكم المذكور طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.. وبنت طعنها على نفس الأسباب التي استندت إليها في ردها على الدعوى.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى الشركة مع إلزامها بالمصروفات.. واستندت في ذلك إلى أن الرسم الإحصائي الجمركي، الذي رفعت فئاته من 1% إلى 5% بمقتضى القانون رقم 204 لسنة 1960، إنما يسري اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 تاريخ العمل بالقانون المذكور بمعنى أن تسري تلك الفئات الجديدة على البضائع المستوردة والتي تصل إلى الجمارك من الخارج اعتباراً من ذلك التاريخ ولا تسري على البضائع التي تكون قد تم استيرادها للبلاد وكانت موجودة بالجمارك فعلاً أو تكون الإجراءات الجمركية قد تمت بالنسبة لها وتم بالتالي الإفراج عنها قبل التاريخ المذكور.
عقبت الشركة المدعية على ما قررته هيئة المفوضين في تقريرها، من عدم سريان زيادة الرسم الإحصائي الجمركي على السيارات التي قامت الشركة بتوريدها، بأن ذلك لا يقدح في سلامة إلزام الهيئة الطاعنة بدفع هذه الزيادة للشركة لأنها قد دفعتها فعلاً للخزانة العامة.. وأنها تطالب بهذا استناداً إلى صريح نص البند الثالث عشر من الشروط العامة الذي يحكم علاقتها في هذا الموضوع.. كما قدمت حافظة مستندات أرفقت بها صورة من الشهادة رقم 801 الواردة للهيئة من جمرك إسكندرية في 29 من إبريل سنة 1961 ثابتاً بها مقدار الرسم الإحصائي الذي قامت الشركة بأدائه تنفيذاً للقانون رقم 204 لسنة 1960 المشار إليه.
ثم قدمت الهيئة الطاعنة مذكرة صممت فيها على طلباتها استناداً إلى ما أبدته من دفاع في ردها على الدعوى في صحيفة الطعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه بإلزام الهيئة الطاعنة بقيمة فرق الرسم الإحصائي الجمركي الذي تقرر بالقانون المنوه عنه، ومقداره 203 جنيه و247 مليماً، وذلك للأسباب التي استند إليها الحكم المذكور والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أن الشركة المدعية لم تذكر في العرض المقدم منها أن السيارات جميعها قد دفعت عنها الرسوم الجمركية، وفقط ذكرت أنها قد استوردت وموجودة بالإقليم المصري، ومما لا نزاع فيه أنها كانت وقت العرض داخل الأراضي المصرية.. يضاف إلى ذلك أن الثابت من الأوراق أن الشركة قد أخطرت الهيئة في 20 من يونيه سنة 1960 بصدور قرار من وزارة الاقتصاد بعدم الإفراج عن السيارات الباقية - لأنها قد استوردت بطريق المبادلة - ونتيجة لذلك قامت الهيئة بالتحرير للوزارة بغية العمل على الإفراج عن السيارات. وتم الإفراج عنها بالفعل بعد ذلك.. وهذا يحمل على الاعتقاد بأن الهيئة كانت تعلم أن السيارات المقدم عنها عرض الشركة موجودة بالدائرة الجمركية ولم تسدد عنها الرسوم الجمركية كاملة.
ومن حيث إنه عن قول الهيئة الطاعنة، بأنه قد ورد في مذكرتها بقبول العرض المقدم من الشركة "أن السعر ثابت لا يتغير بتغير سعر العملة الرسمي أو العلاوة أو الجمارك" فإن هذا القول مردود بأن هذه المذكرة تعتبر من الأوراق الخاصة بالهيئة وليس من دليل بالأوراق على أن الشركة قد اطلعت عليها وعلمت بما ورد بها أو أخطرت به.. يؤكد هذا ويعزره أن البرقية التي أرسلت للشركة بقبول عرضها - جاءت خالية من أية إشارة إلى هذا التحفظ أو إلى ما ورد في المذكرة آنفة الذكر بل كانت البرقية مقصورة على إخطار الشركة بقبول عرضها بالشروط الواردة به (تراجع صورة هذه البرقية المرفقة بملف الموضوع المقدم من الهيئة الطاعنة).
ومن حيث إنه لا وجه لما ذكرته هيئة مفوضي الدولة، في تقريرها عن الطعن عن عدم سريان زيادة الرسم الإحصائي الجمركي التي فرضت بالقانون رقم 204 لسنة 1960 على السيارات موضوع النزاع بمقولة إن واقعة استيرادها تمت قبل العمل بهذا القانون لا وجه لذلك لأن الثابت من هذا القانون أنه يسري على البضائع التي لم يسدد عنها الرسم الجمركي المشار إليه حتى تاريخ العمل به في أول يوليه سنة 1960 والثابت من الأوراق أن السيارات المشار إليها لم يكن قد دفع عنها الرسم المذكور حتى ذلك التاريخ.
ومن حيث إن سعي الهيئة الطاعنة لتحقيق الإفراج عن السيارات بعد أن تبينت عذر الشركة في التأخير في توريدها في الميعاد، ثم أقالتها بعد ذلك الشركة من الغرامة بسبب هذا التأخير كل أولئك يستفاد قبول الهيئة الطاعنة امتداد التوريد إلى الميعاد الذي تم فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الهيئة في الحكم المطعون فيه غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه مع إلزام الهيئة الطاعنة بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بالمصروفات.


(1) ورد المبدأن "أ، ب" في حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وقد أيدته المحكمة الإدارية العليا في هذا الصدد لما ورد به من أسباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق