جلسة 16 من نوفمبر سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.
-----------------
(6)
القضية رقم 195 لسنة 13 القضائية (1)
(أ) - ضريبة - الضريبة على العقارات المبنية
- دفاتر الحصر والتقدير - عدم جواز قصر تعديلها على الحالات الواردة في المادة الثالثة من القانون رقم 56 لسنة 1954 وهي الخاصة بحصر العقارات التي استجدت بعد الحصر أو الإجراء والإضافات التي طرأت عليها بعد ذلك - إذا كان الوصف الوارد في دفاتر الحصر والتقدير غير مطابق للواقع وقت إجراء الحصر فلا يعتد به ويجب تصحيحه - حكمة ذلك - إمكان تطبيق أحكام القانون 169 لسنة 1961 في شأن تحديد وعاء الضريبة وسعرها - سريان هذا المبدأ كذلك في حالة عدم وجود وصف مشتملات العقارات في تلك الدفاتر - حكمة ذلك - عدم إمكان تطبيق القانون المذكور إلا بعد تحديد عدد الحجرات بالوحدات السكنية وغير السكنية الموجودة فيها.
(ب) - تفسير تشريعي - (قانون - ميعاد سريان)
- نشره دون أن يتضمن تاريخاً سابقاً لنفاذه - سريانه اعتباراً من تاريخ نفاذ القانون الذي صدر القرار التفسيري استناداً إلى أحكامه - أساس ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 906 لسنة 18 ضد السادة وزيري الخزانة والإسكان ومحافظ الجيزة بصفاتهم بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 23 من مايو سنة 1964 طالباً الحكم بإلغاء قرار مصلحة الأموال المقررة ومأمورية عوائد الجيزة، المتضمن رفض إخضاع عقاره للشريحة الثانية على اعتبار سعر ضريبة مقداره 15% من القيمة الإيجارية طبقاً للقانون رقم 129 لسنة 1961 وما يترتب على ذلك من آثار مع المصاريف والأتعاب، وقال المدعي بياناً لدعواه إنه تقدم بطلب للحصول على كشف رسمي بمشتملات عقار يملكه بشارع الأهرام، واتضح له من الاطلاع عليه أن مشتملات العقار ذكرت جملة ولم يدرج بها عدد الوحدات الموجودة بالبدروم - فقد قيل عنه أنه يشتمل على غرف، دون أن يذكر عددها، مع أنه طبقاً للقانون رقم 129 لسنة 1961 فإن عدد حجرات المبنى أصبح هو المعول عليه في تحديد الشريحة الضريبية التي تنطبق على العقار، ولذلك تقدم بطلب إلى المأمورية المختصة لإعادة معاينة العقار وإثبات عدد الغرف الموجودة بالبدروم، فأجابته إلى طلبه، وتبين لها أن البدروم يشتمل على ثماني غرف، ويترتب على إضافتها إلى باقي غرف العقار إخضاعه للشريحة الثانية وسعر ضريبتها 15% بدلاً من الشريحة الثالثة وسعر ضريبتها 30%، وقامت المأمورية بإرسال كتاب بهذا المعنى إلى مصلحة الأموال المقررة، غير أن هذه المصلحة رفضت إجراء التعديل استناداً إلى المذكرة التفسيرية للقانون رقم 129 لسنة 1961 والتي أشارت إلى أن العبرة بمشتملات العقار المدونة بدفتر الحصر، وقال المدعي إن إهمال هذا الحكم يفترض وجود وصف ثابت بالدفاتر مبيناً به عدد وحدات المبنى، أما إذا كان هذا الوصف غير موجود فلا يمكن إعمال الحكم المشار إليه، والحال أنه يبين بدفتر الحصر أن بالعقار 18 غرفة بالإضافة إلى وحدات أخرى لم يذكر عددها، ولذلك فلا يكون هناك وصف بالدفتر يمنع من إجراء الإضافة ويكون قرار مصلحة الأموال المقررة برفض طلبه مخالفاً للقانون.
أجابت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن المدعي يمتلك العقار رقم 367 بشارع الأهرام، وجاء في وصف العقار بدفاتر الحصر أنه عبارة عن فيلا مكونة من دورين وبدروم يحيط به حديقة، ويتكون من جراج بثلاثة أبواب وسبع عشرة وحدة بالدورين أما البدروم فقد أثبت في دفتر الحصر أنه عبارة عن صالات وغرف ودورات مياه وقدر الإيجار الشهري بمبلغ 125 جنيه، وعند تطبيق القانونين رقمي 129، 169 لسنة 1961 فرز مبلغ جنيهين من الإيجار الشهري للجراح وربط على أساس سعر ضريبة مقدارها 10% وأعفي من الضرائب الأصلية والإضافية، أما باقي وحدات الفيلا وعددها 17 فقد أخضعت للشريحة الثالثة 20% باعتبار أن متوسط الإيجار الشهري للوحدة هو 7 جنيه 235 مليم، أما بالنسبة إلى ما يطلبه المدعي من تعديل وصف البدروم فهو أمر غير جائز قانوناً لأن المادة الأولى من القرار رقم 1 لسنة 1963 الصادر من لجنة تفسير أحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 يقضي بأن يحدد عدد الحجرات بالوحدة السكنية أو غير السكنية على أساس الوصف الثابت بدفاتر الحصر والتقدير وقت العمل بالقانون رقم 169 لسنة 1961. ويضاف إلى ذلك أنه لا يجوز إجراء تعديل في البيانات الواردة في دفاتر الحصر والتقدير إلا إذا توافرت حالة من الحالات المحددة على سبيل الحصر في المادة الثالثة من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن العقارات المبنية وهو ما لم يتوافر في شأن حالة المدعي وتكون الدعوى على غير أساس من القانون.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة حافظتي مستندات أرفق بالأولى استكشاف من دفتر الحصر، ورد فيه أن البدروم عبارة عن صالات وغرف ودورات مياه وأرفق بالثانية صورة كتاب مأمورية مالية الجيزة إلى مدير عام مصلحة الأموال المقررة وجاء فيها أن لجنة جرد سنة 1960 وصفت البدروم بأنه يشتمل على غرف وصالات دون إيضاح عددها وبالتالي لم تحسب ضمن المشتملات عند تطبيق نظام الشرائح وأن تثمين السيد المعاون أثبت أن عدد حجرات البدروم ثمانية ويترتب على إدخالها ضمن حجرات الفيلا أن تعدل الضريبة من الشريحة الثالثة للشريحة الثانية، وطلبت المأمورية من المصلحة إبداء الرأي في شأن جواز إضافة غرف البدروم إلى باقي وحدات العقار. ومرفق بالحافظة كذلك كتاب مدير عام مصلحة الأموال المقررة المرسل إلى المأمورية في 30 من مارس سنة 1964 وفيه رأت المصلحة عدم جواز تعديل الوصف الوارد بدفاتر الحصر والتقدير وإبقاء الحالة على ما هي عليه.
وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أساس أن القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبنية أوكل أمر حصر العقارات إلى موظفين يندبون لهذا الغرض، ولم يجعل للبيانات التي يثبتونها العامل الوحيد في تقدير الضريبة ولم يضف على تلك البيانات أية حصانة ولم يمنع من تعديلها بما يتفق والحقيقة، ذلك لأن تعديلها لم يكن يترتب عليه أي أثر بالنسبة إلى قرار ربط الضريبة التي فرض على العقار والتي تكتسب حجية تمنع من إعادة النظر فيها بمجرد فوات مواعيد الطعن عليها أمام الجهات المختصة، أما بعد صدور القانونين رقم 129 لسنة 1961، 169 لسنة 1961 وإجراء تعديل جوهري في وعاء الضريبة وسعرها فقد أصبح وصف مشتملات الوحدات السكنية له أهمية خاصة في تحديد وعاء الضريبة وسعرها سواء بالنسبة إلى الممولين، ولذلك ثار خلاف حول حق الممولين في طلب تعديل وصف الوحدات السكنية طبقاً لحالتها، وقد استعرضت اللجنة التي خولت تفسير أحكام القانون هذا الموضوع بجلستها المنعقدة في 25 من يناير سنة 1963، ورغبة في استقرار الأوضاع وحتى يكون هناك معيار ثابت يوزع على أساسه الإيجار السنوي للوحدة السكنية، رأت أن يحدد عدد الحجرات بالوحدة السكنية أو غير السكنية على أساس الوصف الثابت بدفاتر الحصر والتقدير وقت العمل بأحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 ولحساب متوسط الإيجار الشهري للحجرة تقوم الجهة الإدارية المختصة بتقسيم القيمة الإيجارية الإجمالية على عدد الحجرات وصدر بذلك القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1963، والأصل ألا يخرج التفسير التشريعي على أحكام القانون أو يتضمن تعديلاً له. وليس من شك في أنه حتى يمكن إعمال القرار التفسيري المشار إليه يجب أن يحتوي دفاتر الحصر والتقدير على وصف يحدد مشتملات الوحدة السكنية أما إذا كانت الدفاتر قد أغفلت هذا الوصف أو تجاهلته فقد تخلف شرط تطبيق ذلك التفسير التشريعي ويتعين الرجوع إلى الأصل العام وهو إباحة إجراء التعديل.
أما القول بأنه لا يجوز إجراء تعديل أو تغيير في دفاتر الحصر والتقدير إلا إذا توافرت حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 56 لسنة 1954، فإنه قول على غير أساس للأسباب سالفة الذكر، فضلاً عن أن المادة المشار إليها خاصة بحصر العقارات التي استجدت بعد الحصر أو الإجراء والإضافات التي طرأت عليها بعد ذلك. ولذلك فهي لا تنطبق في شأن الوصف الثابت على الطبيعة عند الحصر ولم يتم درجة في دفاتر الحصر.
وإذ كان الثابت من الأوراق والاستكشاف الذي تقدمت به الحكومة من جرد سنة 1960 أن عقار المدعي مكون من دورين ومن بدروم، ولم يوصف البدروم وصفاً يحدد مشتملاته وأغفل فيه بيان عدد الحجرات، كما أغفلت تلك الغرف عند حساب القيمة الإيجارية لوحدات المبنى، وأصرت المصلحة على عدم إجراء تصحيح تلك البيانات رغم ما ثبت لها من أن البدروم ثماني غرف يترتب على إضافتها على باقي غرف العقار تغيير الشريحة الضريبية التي تنطبق على العقار، فإن قرارها المشار إليه يكون مخالفاً للقانون متعين الإلغاء، أما فيما يتعلق بتحديد سعر الضريبة وشريحته بعد حساب حجرات البدروم فإن ذلك يتطلب أولاً تحديد القيمة الإيجارية الخاصة بالبدروم إذا كانت تختلف عن القيمة الإيجارية للدورين الآخرين، ثم تقسم القيمة الإيجارية على عدد الحجرات الموجودة به وتحدد الشريحة القانونية على هذا الأساس. ولا يؤثر على هذا الرأي ما جاء في الاستكشاف من أن عدم وصف البدروم كان بسبب عدم السماح للجنة بدخوله، ذلك لأنه لم يكن ثمة أثر يمكن أن يترتب على عدم تحديد مشتملات الوحدات السكنية، ولم يبرز هذا الأثر إلا بعد نفاذ القانونين رقمي 129 لسنة 1961، 169 لسنة 1961 وبالتالي فلا يجوز أن يؤخذ ذلك حجة على المدعي.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ذلك لأنه طبقاً لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 تجرى عملية حصر العقارات المبنية حصراً عاماً كل عشر سنوات، ولا يجوز إجراء تعديل فيما هو ثابت بدفاتر الحصر والتقدير إلا لأسباب معينة حددتها المادة الثالثة، وليس من بينها حالة اكتشاف اختلاف بين مشتملات العقار المدونة في دفاتر الحصر وبين الطبيعة، ومفهوم ذلك أن الشارع قصد عدم الاعتداد بالحالة الأخيرة كسبب من أسباب تغيير بيانات تلك الدفاتر، وحكمة ذلك أن التعديل إما أن يكون غير ذي أثر في تقدير القيمة الإيجارية فلا يكون ثمة حل لإجرائه، وإما أن يكون غير ذلك ووسيلة تصحيحه الطعن أمام مجلس المراجعة طبقاً للأوضاع وفي المواعيد المنصوص عليها في القانون، فإن فات ميعاد الطعن صار التقدير نهائياً، وقد استهدف المشرع بهذا التنظيم استقرار المراكز القانونية بالنسبة إلى الخزانة العامة والممولين. ولما كان المدعي يرمي من وراء دعواه طلب تصحيح البيانات المثبتة في دفتر الحصر إلى تعديل سعر الضريبة المفروضة على عقاره فمن ثم يكون هذا الطلب على غير أساس من القانون، ويضاف إلى ذلك أن القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1963 اعتد بما هو ثابت في دفاتر الحصر والتقدير ولما كان مخالفاً للحقيقة ولذلك فلا يجوز تصحيح البيانات الخاصة بعقار المدعي لأن إجراء ذلك يتضمن مساساً بالأحكام التي تضمنها القرار التفسيري الذي له قوة القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صحيح فيما انتهى إليه الأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لحكمها، وقد تضمنت هذه الأسباب الرد على ما أثاره الطاعنون في تقرير الطعن بما يغني عن الرد عليها مرة ثانية. ويضاف إلى ذلك ويؤكده أن اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 129 لسنة 1961 أصدرت القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1967 ونصت المادة الأولى منه على ما يأتي "تضاف فقرة ثالثة للمادة (1) من القرار 1 لسنة 1963 في شأن تفسير أحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 المشار إليه نصها الآتي "ويشترط في جميع الأحوال أن يكون الوصف الوارد في دفاتر الحصر والتقدير مطابقًا للواقع وقت إجرائه" ومفاد ذلك أنه إذا كان الوصف الوارد في دفاتر الحصر والتقدير غير مطابق للواقع وقت إجراء الحصر، فلا يعتد به ويجب تصحيحه، حتى يمكن تطبيق الأحكام التي استحدثها المشرع بالقانون رقم 169 لسنة 1961 في شأن تحديد وعاء الضريبة وسعرها، وليس من شك في سريان هذا الحكم أيضاً على الحالات التي ثبت فيها عدم وجود وصف للمشتملات والعقارات في تلك الدفاتر، ذلك لأنه لا يمكن تطبيق أحكام القانون المشار إليه على تلك العقارات تطبيقاً سليماً إلا بعد تحديد عدد الحجرات بالوحدات السكنية وغير السكنية الموجودة فيها، بعد إذ تغير وعاء الضريبة على العقارات المبنية وصارت القيمة الإيجارية للحجرة في الوحدة السكنية أو غير السكنية بدلاً من القيمة الإيجارية للعقار برمته.
ومن حيث إنه وإن كان القرار التفسيري المشار إليه قد نشر بتاريخ 17 من أغسطس سنة 1967 ولم يتضمن نصاً يقضى بنفاذه في تاريخ سابق على تاريخ نشره، غير أنه ليس من شك في سريانه اعتباراً من تاريخ نفاذ القانون الذي صدر القرار التفسيري استناداً إلى أحكامه، ذلك لأن القرارات التفسيرية إنما تصدر لتكشف عن غوامض القانون، ولتزيل الإبهام الذي قد يلابس بعض نصوصه، فهي لا تخرج عن أحكام القانون أو تعدله أو تستحدث أحكاماً يتناولها، وعلى هذا الأساس فإن القرار التفسيري المشار إليه ينطبق على واقعة الدعوى الحالية، ويترتب عليه التزام مصلحة الأموال المقررة بتصحيح البيانات الخاصة بعقار المطعون ضده الثابتة في دفاتر الحصر والتقدير بعد أن اتضح لها خطؤها ومخالفتها للواقع، ويكون القرار الصادر منها بالامتناع عن إجراء ذلك التصحيح قراراً مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الطاعنة بالمصروفات.
[(1)] أيدت المحكمة الإدارية العليا في هذه الدعوى حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وأشارت إلى أنها تأخذ بأسبابه وتعتبرها أسباباً لحكمها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق