جلسة 15 من مايو سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد متولي عامر وعصام محمد أحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة وعمر يس سالم ومحمود يحيى صديق .
---------------
( 65 )
الطعن رقم 15513 لسنة 86 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيانات حكم الإدانة ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . سلاح . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمتي دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض بعبارة مستقلة . غير لازم . استفادته من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة .
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة أن تعول على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
إحالة الحكم في بيان التحريات إلى مضمون أقوال الشاهدين . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(4) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه . أساس ذلك ؟
تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(6) نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن على الحكم خطئه في واقعة فرعية لم يكن لها أثر في قيام الجريمة التي دانه بها . غير مجد .
مثال .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم . استبعادها جناية الشروع في سرقة من مكان مسكون مع التعدد وحمل السلاح ونزولها إلى جنحة دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض . لا إخلال بحق الدفاع . نعي الطاعن بوجوب تنبيهه لهذا التغيير رغم تناول دفاعه الوصف الذي عدلته المحكمة في مرافعته . غير مقبول . علة ذلك ؟
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " .
تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 عقوبات . موضوعي . ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة . توقيع الحكم عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين . صحيح . ما دام انتهى لعدم تحقق الارتباط بينهما .
(9) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن ببطلان إقراره . غير مجد . ما دام الحكم لم يعول عليه في قضائه بالإدانة .
(10) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء الصلة بها وكيدية وتلفيق الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(12) غرامة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بالغرامة بالإضافة للعقوبة السالبة للحرية عن جريمة إحراز سلاح أبيض . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت الواقعة قد استقام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم من شهادة المجني عليه وضابطي الواقعة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم شابه الإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له .
2- من المقرر أنه لا يشترط أن يتحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمتي دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض بعبارة مستقلة بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة ، وهي كما أوردها الحكم تنتج أن الطاعن قد ارتكب فعلته عن عمد من دخول حديقة مسكن المجني عليه محرزًا سلاحًا أبيض ، ويضحى منعى الطاعن بهذا الشأن غير سديد .
3- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في بيانه التحريات أنها أكدت حدوث الواقعة على نحو ما شهد به المجني عليه والضابط / .... بعد أن ساق مضمون شهادتهما ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين له معينه الصحيح من الأوراق ، وأن مدلول التحريات يتفق وما استند إليه الحكم من تلك الأقوال ، فلا يعيب الحكم إحالته إليها في بيان التحريات ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير ذي محل .
4- لما كان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادة 37 منه على أنه لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن تأسيسًا على توافر حالة التلبس ، وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال الشهود يكون غير مقبول طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذي يقول به .
6- لما كان لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم بشأن ما سجله على لسان الضابط / .... من أنه حال تواجده بمقر عمله حضر إليه المجني عليه ممسكًا بالمتهم خلافًا لما جاء بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة من أنه انتقل إلى محل البلاغ وتقابل مع المجني عليه وحارس العقار - بفرض حصوله - طالما أن هذه الواقعة الفرعية بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها لم يكن لها من أثر في قيام الجريمة التي دانه الحكم بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7- لما كان الأصل أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً جديدًا بل نزلت بها حين استبعدت جناية الشروع في السرقة من مكان مسكون مع التعدد وحمل السلاح إلى وصف أخف من الوصف السابق المبين بأمر الإحالة واعتبرت الواقعة جنحة دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض ولم يتضمن هذا التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى ، فإن ذلك لا يخول الطاعن إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ؛ لأن دفاعه في الجريمة المرفوعة بها الدعوى يتناول بالضرورة الجريمة التي نزلت إليها المحكمة المؤسسة على الواقعة بذاتها ، مما تنتفي معه قالة الإخلال بحق الدفاع ، هذا فضلًا أن الدفاع قد طلب بمحضر جلسة المحاكمة بتعديل القيد والوصف وأضاف أن العقار محل الجريمة مكون من أربعة طوابق والمجني عليه ليس له سوى شقة واحدة بالعقار والمتهم قبض عليه في فناء العقار ، وهذا يدل على أن المتهم لم يتم القبض عليه في حالة تلبس بسرقة ، ومن ثم يكون الدفاع قد تناول الوصف الذي عدلته المحكمة في دفاعه .
8- من المقرر أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، فإن الحكم يكون قد اقترن بالصواب فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين .
9- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم ببطلان إقرار الطاعن ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الإقرار المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال الشهود ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى لا محل له .
10- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصور وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد يستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجًا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له وردًا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
12- لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالحبس شهرين ومصادرة السلاح الأبيض عن التهمة الثانية وأغفل تغريم الطاعن وذلك بالمخالفة لما تقضي به المادة 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولًا : شرع وآخران مجهولان في سرقة المنقولات المبينة وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه / .... من داخل مسكنه ليلًا حال كون المتهم حاملًا لسلاح أبيض مطواة ، وكان ذلك عن طريق تسور المتهم جدار مسكن المجني عليه ، إلا أن أثر جريمتهم قد أوقف لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهم والجريمة متلبسًا بها ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيًا : أحرز سلاحًا أبيض ( مطواة ) بدون ترخيص .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمادة 370 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكررًا/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وذلك عن التهمة الأولى ، وبالحبس شهرين عن التهمة الثانية ، ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط ، باعتبار أن التهمة الأولى : دخل حديقة مبنى مسكونًا والمملوك للمجني عليه / .... بقصد ارتكاب جريمة فيه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى في مذكرتي أسباب طعنه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض مطواة بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماة ومجهلة في بيان واقعة الدعوى وأركان الجريمة التي دانه بها ولا سيما القصد الجنائي ولم يورد مضمونه ومؤدى محضر التحريات التي تساند إليها في إدانته ، واطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وركن في الإدانة إلى أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات رغم تناقضها ، وأورد الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى أن ضابط الواقعة أثناء تواجده بمقر عمله حضر إليه المجني عليه ممسكًا بالطاعن ، وذلك على خلاف الثابت بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة ، وعدلت المحكمة التهمة من شروع في سرقة بالإكراه إلى دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة دون تنبيه الدفاع ، وأفردت المحكمة عقوبة مستقلة لكل جريمة من الجرائم التي دين بها الطاعن رغم قيام الارتباط بينهما ، وأشاح الحكم بوجهه عن دفاع الطاعن ببطلان الإقرار المنسوب للطاعن وكيدية الاتهام وتلفيقه وانتفاء صلته بالواقعة واستحالة تصورها وباقي أوجه دفوعه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجـب نقضه .
وحيث إن الواقعة قد استقام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم من شهادة المجني عليه وضابطي الواقعة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم شابه الإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط أن يتحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمتي دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض بعبارة مستقلة بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة ، وهي كما أوردها الحكم تنتج أن الطاعن قد ارتكب فعلته عن عمد من دخول حديقة مسكن المجني عليه محرزًا سلاحًا أبيض ، ويضحى منعى الطاعن بهذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في بيانه التحريات أنها أكدت حدوث الواقعة على نحو ما شهد به المجني عليه والضابط / .... بعد أن ساق مضمون شهادتهما ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين له معينه الصحيح من الأوراق ، وأن مدلول التحريات يتفق وما استند إليه الحكم من تلك الأقوال ، فلا يعيب الحكم إحالته إليها في بيان التحريات ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير ذي محل . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادة 37 منه على أنه لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن تأسيسًا على توافر حالة التلبس ، وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال الشهود يكون غير مقبول طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذي يقول به . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم بشأن ما سجله على لسان الضابط / .... من أنه حال تواجده بمقر عمله حضر إليه المجني عليه ممسكًا بالمتهم خلافًا لما جاء بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة من أنه انتقل إلى محل البلاغ وتقابل مع المجني عليه وحارس العقار - بفرض حصوله - طالما أن هذه الواقعة الفرعية بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها لم يكن لها من أثر في قيام الجريمة التي دانه الحكم بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً جديدًا بل نزلت بها حين استبعدت جناية الشروع في السرقة من مكان مسكون مع التعدد وحمل السلاح إلى وصف أخف من الوصف السابق المبين بأمر الإحالة واعتبرت الواقعة جنحة دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض ولم يتضمن هذا التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى ، فإن ذلك لا يخول الطاعن إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ؛ لأن دفاعه في الجريمة المرفوعة بها الدعوى يتناول بالضرورة الجريمة التي نزلت إليها المحكمة المؤسسة على الواقعة بذاتها ، مما تنتفي معه قالة الإخلال بحق الدفاع ، هذا فضلًا أن الدفاع قد طلب بمحضر جلسة المحاكمة بتعديل القيد والوصف وأضاف أن العقار محل الجريمة مكون من أربعة طوابق والمجني عليه ليس له سوى شقة واحدة بالعقار والمتهم قبض عليه في فناء العقار ، وهذا يدل على أن المتهم لم يتم القبض عليه في حالة تلبس بسرقة ، ومن ثم يكون الدفاع قد تناول الوصف الذي عدلته المحكمة في دفاعه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، فإن الحكم يكون قد اقترن بالصواب فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم ببطلان إقرار الطاعن ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الإقرار المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال الشهود ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصور وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد يستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجًا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له وردًا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالحبس شهرين ومصادرة السلاح الأبيض عن التهمة الثانية وأغفل تغريم الطاعن وذلك بالمخالفة لما تقضي به المادة 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق