جلسة 8 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
----------------
(36)
الطعن رقم 102 لسنة 33 القضائية
استئناف. "الحكم في الاستئناف". "أثره". حكم. "حجية الحكم".
قضاء المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بعد أن بحثت أسباب الاستئناف دون أن تتنبه إلى أن طلبات المستأنف فيه هي وقف تنفيذ الحكم المستأنف. استنفاد المحكمة ولايتها بالنسبة للنزاع ولو كان حكمها باطلاً إذ سبيل إصلاح ذلك الخطأ هو الطعن بالنقض. الحكم في استئناف آخر مرفوع عن ذات الحكم وعلى ذات أسباب الاستئناف، بانتهاء الخصومة في الاستئناف. قضاء صحيح لا يعاب عليه عدم تمسك أي من الخصوم بحجية الحكم الأول عند نظر الاستئناف الثاني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقامتا الدعوى رقم 1704 سنة 1958 مدني كلي إسكندرية على الطاعن طلبتا فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 2385 ج منه مبلغ 1750 ج باقي المستحق لهما من ثمن الأطيان المبيعة له من تركة المرحوم ملتيلاً بسيخة وآخرين ومبلغ 635 ج قيمة الفوائد القانونية المستحقة لهما عن باقي الثمن من 24 مايو سنة 1949 حتى رفع الدعوى فدفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وبتاريخ 9 يناير سنة 1960 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى وفي موضوعها بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهما مبلغ 1750 وفوائده بواقع 4% سنوياً ابتداء من 24 مايو سنة 1949 حتى السداد فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 93 سنة 16 ق إسكندرية وبتاريخ 21 يناير سنة 1963 قضت تلك المحكمة بانتهاء الخصومة في الاستئناف تأسيساً على أن الطاعن كان قد رفع الاستئناف رقم 121 سنة 16 ق إسكندرية المنضم ملفه يطلب فيه الحكم بوقف تنفيذ ذات الحكم المستأنف بالتطبيق لنص المادة 472 مرافعات وأسس طلبه على ذات الأسباب التي أبداها في الاستئناف الحالي - وأن نفس محكمة الاستئناف بهيئة سابقة استعرضت هذه الأسباب وقضت حضورياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف دون أن تتحدث في أسباب ذلك الحكم عن طلب وقف النفاذ وأنه بهذا الحكم ينتهي النزاع بين الطرفين ويصبح الاستئناف الحالي غير ذي موضوع - طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم الصادر في طلب وقف النفاذ في الاستئناف رقم 121 سنة 16 ق حكماً قطعياً حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه ومن شأنه إنهاء النزاع على وجه نهائي، يكون قد أخطأ في تطبيق المادة 405 من القانون المدني من وجوه ثلاث (الأول) أن الحكم الصادر في الاستئناف المذكور لا يعدو أن يكون صادراً بإجراء وقتي في حدود المادة 472 مرافعات وفي طلب إيقاف تنفيذ أمر لا مساس له بأصل الحق ولا تأثير له عليه (الثاني) أن الاستئناف الصادر فيه ذلك الحكم يختلف في موضوعه عن الاستئناف رقم 93 سنة 16 ق الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه إذ الاستئناف الأول ينصب على طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف والاستئناف الثاني خاص بطلب إلغائه ورفض الدعوى موضوعاً، وإذا كانت محكمة الاستئناف قد تعرضت في الاستئناف الأول الخاص بطلب وقف التنفيذ لغير ما هو مطروح عليها فإن حكمها ليست له أية حجية في هذا الخصوص (الثالث) أن الحكم المطعون فيه أعمل من تلقاء نفسه وبغير طلب من الخصوم قاعدة حجية الأمر المقضى به في الاستئناف رقم 121 سنة 16 ق إسكندرية رغم أنها ليست من النظام العام.
وحيث إن هذا النعي في جميع وجوهه غير سديد ذلك بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتهاء الخصومة في الاستئناف على قوله. وحيث إن المستأنف كان قد رفع الاستئناف رقم 121 سنة 16 ق المنضم ملفه طلب فيه الحكم بوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف بالتطبيق لنص المادة 472 مرافعات وأسس طلبه المذكور على نفس الأسباب التي أبداها في الاستئناف الحالي وقد استعرضت المحكمة موضوع الدعوى - دون أن تتكلم عن طلب وقف النفاذ - وقضت حضورياً في 25 ديسمبر سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنف المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وقالت في أسبابها أن الدفعين بعدم الاختصاص وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لا سند لهما من القانون كما تعرضت لموضوع الدعوى وفسرت شروط عقد البيع بما يؤيد وجهة نظر المستأنف عليهما من حلول الدين المرفوع به الدعوى مما يتعين معه إلزام المستأنف به وانتهت من هذا كله إلى القول بأن الحكم المستأنف في محله متعيناً تأييده وحيث إن الحكم المذكور قد صدر من هذه المحكمة بهيئة سابقة وقد انتهى به النزاع فأصبح الاستئناف الحالي غير ذي موضوع - لذلك يتعين القضاء بانتهاء الخصومة".
ويبين من ذلك أن محكمة الاستئناف لم تقض بعدم جواز نظر الاستئناف المعروض عليها لسبق الفصل فيه بالحكم الصادر في الاستئناف الآخر حتى يعاب عليها بخطئها في تطبيق المادة 405 من القانون المدني وبعدم تمسك أي من الخصوم بحجية الحكم الأول عند نظر الاستئناف الثاني المعروض عليهما بل قضت بانتهاء الخصومة فيه لسبق قضائها في هذه الخصومة في الاستئناف رقم 121 لسنة 16 ق الذي كان مرفوعاً عن ذات الحكم المستأنف وأقيم على ذات أسباب الاستئناف المعروض عليها. ولما كان يبين أن الاستئناف رقم 121 لسنة 16 ق إسكندرية قد أقيم من الطاعن على المطعون عليهما وطلب فيه وقف تنفيذ الحكم المستأنف رقم 1704 لسنة 1958 مدني كلي إسكندرية لذات الأسباب التي بني عليها الاستئناف رقم 93 لسنة 16 ق إسكندرية المرفوع عن نفس الحكم فقضت محكمة الاستئناف في الاستئناف الأول رقم 121 سنة 16 ق برفضه وبتأييد الحكم المستأنف بعد أن بحثت الأسباب التي بني عليها الاستئنافان وتناولتها بالرد - على ما أوضحه الحكم المطعون فيه - دون أن تتنبه إلى ما كان مطلوباً في هذا الاستئناف من طلب وقف تنفيذ الحكم المستأنف، وكان هذا القضاء منها هو قضاء قطعي في أصل النزاع موضوع الاستئناف رقم 93 لسنة 16 ق الذي كان معروضاً عليها، فإن المحكمة تكون بذلك قد استنفدت ولايتها بالنسبة لهذا النزاع بحيث يمتنع عليها أن تعود فتقضي في هذا النزاع ذاته بقضاء آخر يستوي في ذلك أن يكون حكمها فيه صحيحاً أو باطلاً إذ يترتب على صدوره انتهاء النزاع بين الخصوم على أصل الحق وخروجه عن ولايتها، ولا يغير من ذلك قول الطاعن إنه لم يكن قد طلب في استئنافه الأول إلا وقف تنفيذ الحكم المستأنف وأن محكمة الاستئناف إذ فصلت في الموضوع فإنها تكون قد قضت بما لم يطلبه في هذا الاستئناف. ذلك بأنه وإن كان صحيحاً أن محكمة الاستئناف قد أخطأت في قضائها في الاستئناف الأول لم تقصر قضاءها فيه على طلب وقف التنفيذ الذي كان الهدف من رفع الاستئناف إلا أن سبيل إصلاح هذا الخطأ كان الطعن في هذا القضاء بطريق النقض ولا تملك المحكمة ذاتها تصحيحه والرجوع فيما فصلت فيه قطعياً وأنهت به النزاع الذي كان يتناوله موضوع الاستئنافين - لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم لم يشر إلى ما إذا كان أحد الخصوم قد دفع بعدم جواز الاستئناف لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 121 سنة 16 ق ولم يشر إلى الأساس القانوني الذي تقوم عليه قاعدة حجية الأمر المقضى به وهي المادة 405 مدني. وكان يتعين عليه تحديد الوصف الصحيح لذلك الحكم وما إذا كانت تتوافر له أوصاف الحكم أم لا ومدى اتحاد الخصومة في الاستئنافين من حيث موضوعهما وأصل الحق فيهما وما إذا كان ذلك قد صدر فيما هو معروض عليه أم في أمر خارج عن نطاق النزاع. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بحث ذلك فقد شابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك بأن محكمة الاستئناف - على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - لم تستند في قضائها بانتهاء الخصومة بين الطرفين إلى سبق الفصل فيها عملاً بأحكام المادة 405 من القانون المدني وإنما أسست قضاءها على أنها قد استنفدت ولايتها بالحكم القطعي الصادر منها في أصل النزاع في الاستئناف رقم 121 سنة 16 ق المقام من الطاعن على المطعون عليهما والذي بني على ذات أسباب الاستئناف المعروض عليها لما كان ذلك فإنه ليس على الحكم المطعون فيه وهو لم يستند في قضائه إلى حكم المادة 405 من القانون المدني أن يبحث توافر شروطها وما إذا كان المطعون عليهما قد دفعا بعدم جواز نظر الاستئناف لسبق الفصل فيه - وحسب الحكم المطعون فيه إنه أقام قضائه على أن المحكمة استنفدت ولايتها بالفصل في الاستئناف الأول في ذات موضوع الاستئناف المعروض عليها وبين نفس الخصوم - لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق