بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 13-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1 لسنة 2023 الهيئة العامة لمحكمة التمييز
طاعن:
شركة داماك العقارية ( ش.ذ.م.م )
شركة داماك للتطوير ذ.م.م
شركة داماك للتطوير ذ.م.م
مطعون ضده:
رضـا حسـن غلـوم نـجـار
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2022/615 طعن عقاري
بتاريخ 03-04-2023
بتاريخ 03-04-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر / سعد محمد زويل وبعد المداولة
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنتين الدعوى رقم 521 لسنة 2021 عقاري جزئي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم ببطلان وفسخ الاتفاقية المؤرخة 26\4\2014 وإلزام الطاعنتين وآخرين بالتكافل والتضامن فيما بينهم بسداد مبلغ 1,320,874 درهمًا ، وتعويض مقداره مبلغ 700,000 درهـم مع الفائدة القانونية بواقع (12%) من تاريخ الاستحقاق ، واحتياطيًا : إلزامهم بالتضامن بتعويض مقداره مبلغ 900.000 درهم والفائدة القانونية عليه بواقع 12% ، تأسيسًا على أنه بموجب هذه الاتفاقية اشتري من الطاعنتين وآخرين الوحدة الفندقية المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى نظير مبلغ 1.404.100 درهم ، واتفقوا على أن يتم إنجازها في ديسمبر 2016 ، وقد سدد كافة المبالغ المستحقة بموجب الاتفاقية إلا أن الطاعنتين تخلفتا عن تنفيذ التزاماتهما بإنجاز الوحدة بالمواصفات المتفق عليها كشقة فندقية ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، قدمت الطاعنة الأولى وآخرين قبل المطعون ضده دعوى متقابلة بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي للطاعنة الأولى مبلغ23/ 142,977 درهمًا (مائة واثنين أربعون ألفًا وتسعمائة وسبعة وسبعون درهمًا وثلاثة وعشرون فلساً) قيمة الأقساط غير المسددة من ثمن الشراء بالإضافة إلى رسوم أخرى ، وبأن يؤدي لها الغرامة الاتفاقية بواقع 2% شهريًا عن التأخير في سداد باقي ثمن الوحدة طبقاً لنص البند (4-2) من شروط التعاقد أي مبلغ2/ 2,808 درهمًا شهرياً بدءًا من 25/07/2019 وحتى تاريخ المطالبة، بخلاف ما يستجد من غرامات بواقع 2% شهريًا من تاريخ المطالبة وحتى تاريخ السداد التام ، وبأن يؤدي لهما الغرامة الاتفاقية بواقع 2% شهرياً من أجمالي ثمن المبيع من تاريخ الإنجاز الحاصل في 25/07/2019 وحتى تاريخ الاستلام الفعلي بواقع 28,082 درهمًا شهريًا بدءًا من تاريخ الإنجاز الحاصل في 25/07/2019 وحتى تاريخ الاستلام استنادًا لنص البند (5-4) من شروط التعاقد، وبسداد ضريبة القيمة المضافة بقيمة 5% من ثمن الشراء، تأسيسًا على أن المشروع مكتمل وصادر له شهادة إنجاز من مؤسسة دبي للطيران بتاريخ 28/07/2019 وتم إخطار المطعون ضده بتاريخ 4 نوفمبر 2020 بجاهزية الوحدة للاستلام ، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28 / 2 / 2022 في الدعوى الأصلية ببطـلان عقد البيع والشراء محل النزاع ، وبإلزام الطاعنتين بالتضامم فيما بينهما بأن تسددا للمطعون ضده مبلغ 1.320.874 درهمًا "مليون وثلاثمائة وعشرون ألفاً وثمانمائة وأربعة وسبعون درهماً " والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الحاصلة في 19 / 4 / 2021 وحتى تمام السداد ، وبإلزام الطاعنتين بالتضامم فيما بينهما بأن تُؤديا للمطعون ضده تعويضًا مقداره مبلغ 200.000 درهم ، وفي موضوع الدعوى المتقابلة برفضها ، استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 266 لسنة 2018 عقاري ، وبتاريخ 29 - 6-2022 حكمت المحكمة بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من بطلان العقد ، والقضاء مجددًا بفسخه وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك ، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بالطعن بالتمييز رقم 615 لسنة 2022 عقاري ، قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن ، كما قدم محامي الطاعنتين مذكرة تكميلية أبدت فيها الدفع باعتبار صحيفة الدعوى الابتدائية رقم 521 لسنة 2021 عقاري جزئي كأن لم تكن لعدم سداد الرسوم خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ الإشعار بسداد الرسم طبقًا لنص المادة 19 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية رقم 33/2020 ، وإذ عُرِض الطعن على الدائرة العقارية الأولى المُختصة رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 3 من إبريل سنة 2020 إحالته إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز للفصل فيه عملاً بالمادة (20 ) من القانون رقم 13 لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي ، إذ ذهب الحكم الصادر في الطعن رقم 525 لسنة 2022 تجاري إلى أن عدم سداد المدعي الرسوم المقررة على الدعوى الابتدائية بعد انقضاء مدة الثلاثة أيام عمل المنصوص عليها في المادة (19) من قرار مجلس الوزراء رقم (33) لسنة 2020 م بشأن قانون الاجراءات المدنية - المنطبقة على إجراءات الدعوى ــ والمقابلة للمادة 47 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية ــ يوجب القضاء باعتبار إيداع صحيفة افتتاح الدعوى كأن لم يكن والحكم بعدم قبول الدعوى طالما لم يصدر قرار بمنحه مهلة أخرى لسداد الرسوم أو تأجيلها كليًا أو جزئيًا أو إعفائه من السداد .
وحيث إن الهيئة العامة لمحكمة التمييز حدَّدَت جلسة 13 / 6 / 2023 لنظر الطعن.
وحيث إنه من الأصول المقررة أن الغاية من سن التشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لتطبيق التشريعات الموضوعية وصولًا لعدل سهل المنال، مأمون الطريق، لا يغرق في الشكليات، فإذا أفرز تطبيق نص تشريعي إجرائي في الواقع العملي إشكاليات يتعين على المشرع معالجتها، إلا أن حُسن سير العدالة ــ ومما لا مُماراة فيه ــ لا يحول دون محكمة التمييز وهي تَتَبوأ أعلى مدارج النظام القضائي والهيئة العامة بمكانة الصَدارة فيها أن تتصدى لفض هذه الإشكاليات هادِفة من ذلِك تحقيق أحكام العدالة التي توجب حفظ حقوق المتقاضين وتمكينهم من تحقيق الهدف المرجو من التقاضي دون تكبدهم نفقات ومصاريف إضافية تطلبها إجراءات رفع دعوى جديدة ودون إهدار لما تم من إجراءات صحيحة في الدعوى .
وحيث إن النص في المادة (44) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية على أن ((1 ــ ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي، وذلك بإيداع صحيفة دعواه لدى مكتب إدارة الدعوى، أو بقيدها إلكترونيًا أو ورقيًا وفق المعمول به في المحكمة ...)) والنص في المادة (45) منه على أن ((1 ـ ...، 3 ـ يُناط بمكتب إدارة الدعوى تحضير الدعوى وإدارتها، قبل إحالة الدعوى للمحكمة المختصة بما في ذلك قيدها وإعلانها وتبادل المذكرات والمستندات وتقارير الخبرة بين الخصوم. 4 ـ للقاضي المشرف أن يصدر قرارًا بعدم قبول الدعوى لعدم سداد رسمها أو لعدم سداد فرق الرسوم أو المصروفات التي يترتب على عدم سدادها تعطيل الفصل في الدعوى، ....، كما له توقيع الجزاءات الإجرائية المقررة في هذا القانون)) والنص في المادة (47) من ذات المرسوم على أن ((1. يقوم مكتب إدارة الدعوى بعد استيفاء الرسوم بقيد الدعوى في السجل الخاص بذلك -إلكترونيًّا أو ورقيًّا- على أن يثبت فيه تاريخ القيد ويسجل فيه علم المدعي بالجلسة وتعتبر الدعوى في تلك الحالة مقيدة ومنتجة لآثارها من تاريخ تقديم الصحيفة شريطة سداد الرسم خلال أجل لا يتجاوز (3) ثلاثة أيام عمل من تاريخ اليوم التالي للإشعار بالسداد وإلا اعتبر القيد كأن لم يكن.)) ــ والمقابلة لنص المادة 19 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية رقم 33 لسنة 2020 الملغاة ــ تدل مجتمعة على أنه بعد إيداع المدعي أو وكيله صحيفة الدعوى لدى مكتب إدارة الدعوى سواء الكترونيًا أو ورقيًا وقيام المكتب بتقدير الرسوم القضائية المقررة وإخطار المدعي أو وكيله المودع للصحيفة بها ، أن يقوم المدعي بسدادها خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ اليوم التالي للإخطار بالسداد ما لم تُؤجل الرسوم أو يُعف منها وفقًا لقانون الرسوم القضائية ، فإذا تم سداد الرسوم المقررة خلال تلك المدة فعلى مكتب إدارة الدعوى القيام بقيد صحيفة الدعوى في السجل الخاص وتعتبر الدعوى مرفوعة ومنتجة لآثارها من تاريخ تقديم صحيفتها ، أما إذا تراخى المدعي عن سداد الرسوم القضائية خلال المدة المشار إليها فعلى القاضي المشرف على مكتب إدارة الدعوى توقيع الجزاء الإجرائي المقرر في هذا القانون وهو التقرير باعتبار قيد الصحيفة كأن لم يكن ، أو أن يصدر قرارًا بعدم قبول الدعوى لعدم سداد رسمها ، ينبني على ذلك أنه إذا أغفل القاضي مار البيان إلغاء قيد الصحيفة أو التقرير بعدم قبول الدعوى لعدم سداد رسومها المقررة وقام المدعى بسداد هذه الرسوم حتى تاريخ الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وكان هذا السداد مطابقًا للقانون ، فإن قيد الصحيفة يكون منتجًا لآثاره من تاريخ هذا السداد باعتبار أن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق وذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه لا تسليط الباطل على الصحيح فيبطله ، وأن الدعوى إنما وجدت لتسير حتى تتحقق الغاية منها بالفصل فيها، لما كان ذلك ، وكان الحكم الصادر في الطعن رقم 525 لسنة 2022 تجاري قد نحا منحى يخالف هذا النظر ، فقد رأت الهيئة بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (20 ) من القانون رقم 13 لسنة 2016 ــ بشأن السلطة القضائية في إمارة دبى وتعديلاته ــ العدول عن هذا الرأي والاعتداد بالسداد الذي يتم أمام مكتب إدارة الدعوى حتى تاريخ الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى أمام محكمة أول درجة ، ولما كانت ولاية الفصل في الطعن قد أُنيطت بالهيئة العامة لمحكمة التمييز، فإنه يتعين الفصل فيه على النحو الوارد في الرأي الأخير .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعنتين باعتبار صحيفة الدعوى الابتدائية رقم 521 لسنة 2021 عقاري جزئي كأن لم تكن لعدم سداد الرسوم خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ الإشعار بسداد الرسم ــ غير سديد ــ لما كانت الهيئة العامة للمحكمة قد أقرت أن سداد رسم الدعوى المقرر قانونًا والحاصل حتى تاريخ الجلسة المحددة لنظرها أمام محكمة أول درجة الدعوى يترتب عليه أن قيد الصحيفة يكون منتجًا لآثاره من تاريخ هذا السداد وتستقيم به إجراءات الخصومة في الدعوى ، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الطاعنتين يكون على غير أساس متعينًا رفضه.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة تنعى الطاعنتان بالسببين الثاني والثالث والوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ، إذ التفت عن الدفع المبدى من الطاعنة الثانية بانتفاء صفتها في الدعوى ،على سند من أنها غير مسؤولة عن الالتزامات التي تضمنها العقد سند الدعوى ، لأنها ليست طرفاً فيه ولم تتعهد بتنفيذ أي من التزاماته أو المشاركة في ذلك ، وأن الحكم أسس قضاءه بفسخ هذا العقد على إخلال الطاعنة الأولى ( البائعة ) بالتزاماتها التعاقدية ،ولم ينسب لها أي تقصير أو إخلال ، وأنها أنكرت الصور الضوئية للإيصالات المنسوبة إليها لخلوها من أي توقيع أو خاتم لها عليها وعدم تقديم أصلها ولا وجود لها في سجلاتها ، كما أنكرت استلام أية مبالغ من المطعون ضده ، وقدمت إفادة مؤرخة في 3/3/2022 صادرة عن دائرة الأراضي والأملاك بدبي ثابت منها أن المشروع مُسجل باسم الشركة الطاعنة الأولى ، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بثبوت صفتها في الدعوى وألزمها بالتضامن مع الطاعنة الأولى بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة ( 250) من قانون المعاملات المدنية أنه ولئن كان انصراف آثار العقد قاصرة على أطرافه إعمالاً لمبدأ نسبية أثر العقد، إلا أنه من الجائز وفي مجال الاستثمار العقاري تعدد أصحاب المشروع الواحد واشتراكهم البعض - رغم اختلاف الشخصية الاعتبارية والذمم المالية لكل منهم - في مشروع مشترك بما يرتب المسئولية المشتركة لهم جميعًا عن الالتزامات الناشئة عنه ، وهو مما تستخلص محكمة الموضوع - بدرجتيها -توافره من عدمه من وقائع الدعوى المطروحة والظروف والملابسات المحيطة بها والمستندات والقرائن وكافة الأدلة المقدمة بما فيها تقرير الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ، ومن المقرر أيضاً أن الصفة في الدعوى تقوم بالمدعى عليه متى كان الحق المطلوب موجودًا في مواجهته باعتبار أنه صاحب شأن فيه والمسئول عنه أصالة أو تبعًا أو مشتركًا في المسئولية عنه حال ثبوت أحقية المدعي له، وأن استخلاص توافر الصفة في الدعوى من عدمه هو من أمور الواقع في الدعوى التي تستقل بها محكمة الموضوع - بدرجتيها - متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ومن المقرر كذلك أنه لا يجوز للخصم جحد وإنكار كافة الصور الضوئية للمستندات المقدمة في الدعوى بصفة عامة مجملة، دون أن ينكر ويجحد صراحةً وبصورة جازمة لمستند أو مستندات معينة ومدى أثرها في دفاعه، لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتوافر صفة الطاعنة الثانية ، على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها أنها هـي التـي استلمـت المبالـغ المالية المسدّدة من المطعون ضده كثمـن للوحدة المبيعـة كما هو ثابـت بإيصالات الاستلام الصادرة منها ، وأنـهـا القائمة بتسويـق المشــروع والدعاية له تـجاريًـا وإعلاميًـا وقـد أقدم الأخير علـى التعاقد نتيجـة لدعايتها الضخمـة ، وهـي القائمة بكافة المراسلات معه حول الوحدة المبيعة بما تنهض معه قرينة مؤداهـا أنها شريك أصيل في المشروع المشترك الكائن به الوحدة محل النزاع مع الطاعنة الأولى ، ورتب على ذلك قضاءه بتوافر صفتها في الدعوى ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم في حدود سلطته الموضوعية سائغًا وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون، ويكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنة الثانية وأوجه دفاعها الواردة في سبب الطعن المطروح، لا يغير من ذلك ما تثيره بهذا النعي من جحدها إيصالات السداد المقدمة من المطعون ضده، ذلك أنه لا يجوز لها جحد وإنكار كافة إيصالات السداد المقدمة في الدعوى بصفة عامة مجملة، ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي في ما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى في استخلاص توافر صفة الطاعنة الثانية في الدعوى وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنتان بباقي أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، إذ قضى بفسخ عقد البيع سند الدعوى وإلزامهما بتعويض مقداره 200,000 درهم بالتضامن فيما بينهما ، رغم وفاء الطاعنة الأولى بالجزء الأكبر من الالتزام وأن ما تبقى منه لا يرقى مبررًا لفسخ هذا العقد التام والمسجل بالسجل العقاري، وأنها قدمت المستندات الدالة على وفائها بالتزامها من حصولها على موافقة مبدئية بتشييد منشأة فندقية ، وقد شيدتها طبقًا للمواصفات المطلوبة من حيث البناء والتجهيزات والأثاث ، وعينت من يلزم لإدارتها وتحصلت على أغلب التراخيص اللازمة لتشغيل المبنى كشقق فندقية، وأن المطعون ضده قد أخل بالتزامه المقابل بأن توقف عن سداد باقي أقساط الثمن منذ عام 2019، ولم يقدم أية دليل يثبت وقوع أي خطأ منهما وما يثبت تعرضه لأي ضرر، فضلاً عن أن إخلاله كان أسبق على أي إخلال منسوب للطاعنة الأولى، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري والمستندات المقدمة للتدليل عليه ، ومن ثم فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة (2) من المرسوم رقم (17) لسنة 2013 بشأن ترخيص وتصنيف المنشآت الفندقية في إمارة دبي على أنه تطبّق أحكام هذا المرسوم على المنشآت الفندقية العاملة في الإمارة، بما فيها المنشآت العاملة في مناطق التطوير الخاصة والمناطق الحرة بما فيها مركز دبي المالي العالمي. والنص في المادة 3 من ذات المرسوم على أنه أ-يُحظر تشغيل أية منشأة فندقية في الإمارة ما لم تكن مرخصة ومصنفة من الدائرة-يُحظر تشييد أية منشأة فندقية أو تحويل مبنى قائم إلى منشأة فندقية إلاّ بعد الحصول على الموافقة الخطية المسبقة من الدائرة واستيفاء الشروط المقررة بموجب التشريعات السارية- على جميع الجهات الحكومية المعنيّة في الإمارة عدم إصدار أي ترخيص لإقامة أي مبنى أو تحويل مبنى قائم إلى منشأة فندقية إلاّ بعد حصول مقدم الطلب على موافقة الدائرة الخطية المسبقة على ذلك والنص المادة (5) من المرسوم المشار إليه على أنه أ- يتم منح الجهة الراغبة بمزاولة النشاط في الإمارة الموافقات الأولية والترخيص والتصنيف الذي تستحقه وشهادة عدم الممانعة باستقبال النزلاء وفقًا للإجراءات المعتمدة لدى الدائرة في هذا الشأن .ب- يجب على المنشأة الفندقية الراغبة بمزاولة النشاط توفير كافة متطلبات تشغيلها فعليًا والتقدم للدائرة بطلب الحصول على الترخيص- بعد منح المنشأة الفندقية الترخيص يتم الكشف والتدقيق الموقعي عليها وذلك لغايات تصنيفها وفقًا للمعايير المعتمدة لدى الدائرة في هذا الشأن د- يُحظر على المنشأة الفندقية ممارسة النشاط قبل توفير كافة متطلبات التشغيل المعتمدة لدى الدائرة وحصولها من الدائرة على شهادة عدم ممانعة باستقبال النزلاء هـ- - بعد حصول المنشأة الفندقية على الترخيص يتم تسجيلها في السجل المعتمد لدى الدائرة لهذه الغاية والذي تدوّن فيه كافة البيانات الأساسية المتعلقة باسم المنشأة الفندقية والمرافق التابعة لها وعنوانها واسم مالكها ومديرها وأية بيانات أخرى تراها الدائرة مؤداه ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الموافقة المبدئية على انشاء المنشأة الفندقية لا يغني عن استيفاء باقي متطلبات التشغيل وممارسة النشاط وحصولها من دائرة السياحة والتسويق التجاري على الترخيص والتصنيف وشهادة عدم ممانعة باستقبال النزلاء، ومن المقرر أيضاً أن العقد شريعة المتعاقدين فإذا ما تم العقد صحيحًا غير مشوب بعيب من عيوب الرضا وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات وأنه وفقًا للمادة 246 من قانون المعاملات المدنية يجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد على كل منهما وأنه يجب عليهما تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية وأن تنفيذ العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يشمل أيضًا كل ما هو من مستلزماته وفقًا للقانون والعرف وطبيعة التصرف ، ومن المقرر كذلك أن البائع يلتزم بتسليم المبيع بالحالة والأوصاف التي تم الاتفاق عليها ، ومن المقرر أن تقدير كفاية أسباب إنهاء أو فسخ العقد الملزم للطرفين وتحديد الطرف المقصر منهما في تنفيذ التزامه أو نفي التقصير عنه من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى ، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى و تقدير الأدلة والمستندات المقدمة اليها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره من عناصر الإثبات في الدعوى ولها الأخذ بما اطمأنت إليه ورأت فيه ما يتفق مع الواقع الثابت في الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها. ومن المقرر أن المسئولية - سواء كانت عقدية أو تقصيرية - لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة من فعل ضار وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث إذا انتفى ركن منها انتفت المسئولية، وعلى الدائن إثبات ارتكاب المدين فعلًا ضارًا والضرر الذى أصابه، وثبوت أو نفى توافر الفعل الضار والضرر وعلاقة السببية بينهما هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بما في ذلك تقرير الخبير المنتدب والقرائن الموضوعية التي تستخلصها من الوقائع الملابسة ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما لـه أصل ثابت في الأوراق ومؤديًا إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم، ومن المقرر كذلك أن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تحديد مبلغ التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أن القانون لم يوجب اتباع معايير معينة للتقدير ولا معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز مادام أنها قد أبانت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض عنها من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق ، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب فيها من أن الثابت من اتفاقية البيع والشراء المؤرخة 26/4/2014 والخاصة بالوحدة محل النزاع أنها تضمنت أن الاستخدام المصرح به " شقق فندقية " أي أن هذا الاستخدام كان محل اعتبار لدى طرفيه سواء بالنسبة للمشتري أو للبائع فيما يتعلق بسعر شراء الوحدة ، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة أنه بمعاينة الخبير للمبنى الكائن به الوحدة تبين له عدم وجود شهادة أو لوحة تصنيف للمشروع ،ومدير خدمات للوحدة وصدور شهادة تصنيف مبدئية للمشروع كشقق فندقية بتاريخ 29/6/2021 ، إلا أن الطاعنة الأولى لم تلتزم بالحصول على شهادة التصنيف النهائية لوجود إجراءات وضوابط لابد من اتباعها للحصول على تلك الشهادة ، وأنه يتم عرض وحدات المشروع كشقق سكنية مفروشة وليست كشقق فندقية ، وأما بشأن قيام الطاعنة الأولى بتعيين / شركة سليستيا للشقق الفندقية ( ش .ذ.م.م ) كمدير خدمات الشقق الفندقية في المبنى المشار إليه بتاريخ 7/10/2021 فإن الثابت من معاينة الخبرة أنه لم يتبين تنفيذ هذا التعيين على أرض الواقع حيث أن رخصة الشركة لا يمكن أن تعمل بدون تصنيف للمبنى كشقق فندقية ، وانتهى الحكم إلى التعويل على تقرير الخبير في شأن وصفه الحالي للمبنى ، وكانت الطاعنة الأولى لم تقدم حتى قفل باب المرافعة في الاستئناف ما يفيد حصولها تصنيف نهائي للمبنى من دائرة الأراضي والأملاك والتصريح بتشغيل المبنى كشقق فندقية تنفيذًا للمنصوص عليه بالمادتين 3 و 5 من المرسوم رقم (17) لسنة 2013 بشأن ترخيص وتصنيف المنشآت الفندقية في إمارة دبي ، ومن ثم فإنها تكون قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية إخلالًا جوهريًا من شأنه ترتيب فسخ العقد إذ يستحيل على المطعون ضده والحال كذلك استعمال واستغلال الوحدة محل النزاع الاستخدام المصرح له به ، وأن الخبير تناول الرد المسقط على كل ما تسمكت به الطاعنة الأولى من تعيينها مشغل للمبنى ، ومن ثم فلا أهمية لهذا التعيين طالما لم يباشر أعماله على أرض الواقع ، ولما كان الحكم المستأنف قد قضى ببطلان العقد لمخالفة المستأنفة للقواعد الآمرة بموجب المرسوم السالف، وكانت أحكام القانون لم ترتب البطلان على العقود المبرمة تنظيمًا له ومن ثم تقضي المحكمة بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف في شق البطلان، إذ لا يعيب الحكم ما استند إليه في قضائه من تقريرات قانونية خاطئة إذ يحق لهذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه القانوني السليم ، ومن ثم تقضي بفسخ العقد موضوع الشقة الفندقية وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعنتين برد كافة المبالغ المسددة كأثر من آثار الفسخ وهو إعادة المتعاقدين للحالة التي كانا عليهما قبل التعاقد ، وبتأييد التعويض المقضي به لثبوت إخلال الطاعنتين بالتزاماتها التعاقدية بشأن الاستخدام المصرح به للوحدة وقد تسبب هذا الإخلال بإصابة المطعون ضده بأضرار تمثلت في حرمانه من الانتفاع بالوحدة بالوجه المتفق عليه والحصول على عائدها الاستثماري ، وهي أضرار مؤكدة الوقوع ارتبطت بإخلال الطاعنتين ارتباط السبب بالمسبب بما تتحقق معه أركان المسئولية الموجبة للتعويض ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغًا وله أصل ثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافيًا لحمل قضائه ويؤدي إلى ما انتهى إليه من نتيجة صحيحة ويتضمن الرد المسقط لما تثيره الطاعنتين من حجج مخالفة - وإذ يدور النعي بأسباب الطعن حول تعييب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: منعقدة بالهيئة العامة برفض الطعن وإلزام الطاعنتين بالمصروفات وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق