جلسة 5 من إبريل سنة 1966
برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
----------------
(107)
الطعن رقم 431 لسنة 31 القضائية
(أ) حكم. "بيانات الحكم". بطلان.
الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن بيانات الحكم. ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان. جواز إيراد الأدلة الواقعية والحجج القانونية في ثنايا أسباب الحكم.
(ب) عقد. "فسخ العقد". "إعذار". التزام. "التنفيذ العيني". تعويض.
لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن وغير مجد بفعل المدين. اعتبار الحكم الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه. لا محل لإعذار المدين بالتنفيذ العيني.
(ج) كفالة. "الكفالة التضامنية". "التزام الكفيل المتضامن". "نطاقه".
فقد الكفيل المتضامن بعض المزايا المقررة للكفيل العادي التي لا تتفق مع فكرة التضامن. التزام الكفيل المتضامن التزام تابع يتحدد نطاقه بموضوع الالتزام في وقت عقد الكفالة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 2873 سنة 1957 مدني كلي القاهرة على الطاعن والمطعون ضده الثاني قالت فيها إنه بمقتضى عقد مقاولة مؤرخ 6/ 8/ 1956 تعهد المطعون ضده الثاني بضمان وتضامن الطاعن ببناء منزل على قطعة أرض مملوكة لها وذلك طبقاً للشروط والمواصفات المبينة في العقد، وتسلم منها في مقابل ذلك مبلغ 1500 ج، وإذ لم يقم المقاول بتنفيذ هذه الشروط فقد أقامت ضده الدعوى رقم 1950 سنة 1957 مستعجل القاهرة بطلب إثبات الحالة وندبت المحكمة خبيراً انتهى في تقريره إلى أن الأعمال التي أتمها المطعون ضده الثاني غير مطابقة للأصول الفنية وأن قيمتها لا تتجاوز 580 ج. واستطردت المطعون ضدها الأولى تقول بأنها أنذرت الطاعن والمطعون ضده الثاني بتاريخ 18/ 5/ 1957 بسداد مبلغ 1557 ج و500 م من ذلك مبلغ 920 ج الباقي في ذمتهما ومبلغ 657 ج على سبيل التعويض، وأنه إزاء امتناعهما عن الوفاء، فقد طلبت في الدعوى الحالية الحكم بفسخ عقد المقاولة وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 1557 ج و500 م وبتاريخ 5/ 12/ 1959 حكمت المحكمة الابتدائية بفسخ عقد المقاولة وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضدها الأولى مبلغ 1031 ج و642 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 228 سنة 77 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 174 سنة 77 ق القاهرة، وأمرت المحكمة بضم الاستئنافين وحكمت فيهما بجلسة 20/ 11/ 1961 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 20/ 12/ 1961، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 22/ 2/ 1966 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل الأول منها في أن الحكم المطعون فيه جاء باطلاً لعدم استيفائه البيانات التي أوجبتها المادة 349 من قانون المرافعات، ويقول الطاعن في بيان ذلك إنه تمسك في مذكرته المقدمة بجلسة 21/ 3/ 1961 بأوجه دفاع جديدة وحجج قانونية غير التي وردت في صحيفة الاستئناف أشار فيها إلى أن عبارة الضمان الواردة بملحق العقد غير واضحة المعنى بما يقتضي تطبيق قواعد التفسير المقررة في القانون بشأنها، وأنه بفرض صحة هذا الضمان فإنه قاصر على الأعمال المبينة بهذا الملحق، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يشر في أسبابه إلى هذه المذكرة وما تضمنته من دفاع، ففوت بذلك عليه المصلحة التي قصد إليها الشارع من إيجاب أن يذكر في الحكم خلاصة ما استند إليه الخصوم من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وفي هذا ما يجعل الحكم باطلاً وفقاً للمادتين 25، 349 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان الحكم المطعون فيه لم يشر في تقريراته الواقعية إلى مذكرة الطاعن المقدمة بجلسة 21/ 3/ 1961 أمام محكمة الاستئناف، إلا أنه عرض في أسبابه إلى الخلاف القائم بين الطرفين بشأن تفسير عبارة الضمان الواردة بالملحق الثاني من عقد المقاولة، وخلص إلى اعتبار الطاعن ضامناً متضامناً مع المطعون ضده الثاني قبل المطعون ضدها الأولى، مستنداً في ذلك إلى أسباب ألمت بوجوه دفاع الطاعن في هذا الخصوص والرد عليها. ولما كان الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن البيانات التي يجب أن تدون في الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان، فيجوز أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكفلت بالرد عليها، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد شابه البطلان.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الأوجه الثلاثة الأولى من السبب الثاني وفي الوجه الأول من السبب الثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في مذكرته المقدمة بجلسة 21/ 3/ 1961 أمام محكمة الاستئناف أن عبارة الضمان الواردة بملحق عقد المقاولة من أن المهندس (الطاعن) يعتبر ضامناً للمالكة (المطعون ضدها الأولى) والمقاول (المطعون ضده الثاني) هي عبارة غير واضحة المعنى ولا تكشف عن إرادة الطرفين لأنه إن صح اعتبار الطاعن بوصفه نائباً عن المالكة في تنفيذ التزاماتها المترتبة على عقد المقاولة - ضامناً لها فإنه لا يتصور أن يكون في الوقت ذاته ضامناً للمقاول في تنفيذ التزاماته قبل المالكية، وأن عدم وضوح هذه العبارة كان يقتضي استجلاء لقصد الطرفين بشأنها - تطبيق قواعد التفسير الواردة في المادة 150 من القانون المدني، وأنه بفرض اعتبار الطاعن ضامناً متضامناً مع المقاول قبل المالكة، فإن مسئوليته ما كانت لترد إلا على الأعمال الإضافية المشار إليها في الملحق الثاني من العقد الذي ذيلت به عبارة الضمان، دون الأعمال المبينة بالعقد الأصلي، هذا إلى أن الملحق المذكور قد جعل التزام المقاول بالأعمال المترتبة عليه معلقاً على شرط إخطاره من المالكة في ظرف ثلاثين يوماً من تاريخ العقد، وإذ لم يتم هذا الإخطار في الميعاد فقد أصبح التزام المقاول غير قائم، مما يستتبع حتماً اعتبار التزام الطاعن غير قائم، ولكن الحكم المطعون فيه لم يتناول بالبحث هذا الدفاع - وأخذ بالمعنى الحرفي لعبارة الضمان ولم يستبن منها إلا الجزء الخاص بضمان المهندس للمقاول دون أن يستوعب العبارة بأكملها، وأطلق الحكم هذا التفسير على العقد جميعه فاعتبر الطاعن ضامناً متضامناً مع المقاول في كافة شروطه ولم يقصر مسئوليته على الأعمال الواردة بملحق العقد، كما أغفل الحكم شرط الإخطار واعتبر الالتزام نافذاً بدونه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما يأتي: "وحيث إنه عن الاستئناف رقم 128 سنة 77 ق القاهرة، فأسباب الاستئناف تدور كلها حول ضمانة تضامن المستأنف (الطاعن) للمقاول فبالاطلاع على عقد الاتفاق المؤرخ 6/ 8/ 1956 تبين أنه مكون من عقد يحتوي على ثلاث ورقات وملحق محرر مع العقد وفي تاريخه، وفي نهايته هذه العبارة "وهذا العقد يتبع في المسئولية القانونية المدة التي أقرها قانون الدولة، والمهندس (الطاعن) يعتبر ضامناً متضامناً عن المقاول والمالك، ويستفاد من ذلك بأنه اتفق على أن يكون المستأنف (الطاعن) ضامناً مع المقاول والمالك في جميع ما جاء بشروط العقد، فإن أخل المقاول بما التزم به من شروط العقد فهو ضامن متضامن معه في مسئولية هذا الإخلال، وإذا أخلت المالكة فهو ضامن متضامن معها في المسئولية، وقد تبين أن أحدهما وهو المقاول قد أخل بالتزاماته فيكون المستأنف (الطاعن) ضامناً متضامناً معه في هذا الإخلال، ولا يكون في هذا المجال اتحاد ذمة لأن الإخلال وقع من جانب واحد كما أن العقد وملحقه هما وحدة اتفاق، فإذا فسخ العقد وهو الأصل فسخ الملحق وقد سبق بيانه أن ضمانة تضامن المستأنف (الطاعن) جاء بعد العبارة الأخيرة من الملحق التي ذكر فيها كلمتي "وهذا العقد" فيستفاد من ذلك أن ضمانة تضامن المستأنف (الطاعن) كان عن جميع ما ورد بشروط العقد وملحقه". ولما كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والمحررات بما تراه أوفى لمقصود المتعاقدين، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بما تفيده ظاهر عبارة الضمان الواردة في ملحق العقد، واعتبر لأسباب مقبولة عقلاً أن الطاعن ضامن متضامن مع المطعون ضده الثاني قبل المطعون ضدها الأولى في تنفيذ كافة الأعمال الواردة في عقد المقاولة وملحقه، وكانت هذه الأسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإنه بذلك يكون قد التزم حدود القانون في تفسير العقود، لما كان ذلك، وكان مقتضى ما قرره الحكم - من أن فسخ عقد المقاولة الأصلي يترتب عليه فسخ الاتفاق الملحق به - هو عدم الاعتداد بهذا الملحق وما تضمنه من شرط إخطار المالكة للمقاول بالقيام بالأعمال الإضافية المبينة به في ظرف ثلاثين يوماً من تاريخ التوقيع على العقد، لما كان ما تقدم، فإن هذا النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الرابع من السبب الثاني والوجه الثاني من السبب الثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 21/ 3/ 1961 بأنه بفرض اعتباره ملزماً بالتضامن مع المقاول، فقد كان على المالكة (المطعون ضدها الأولى) إعذاره لتنفيذ التزاماته عيناً طبقاً للمادة 157/ 1 مدني قبل أن تلجأ إلى فسخ العقد، ولكن الحكم المطعون فيه قضى بالفسخ دون سبق إعذاره بالتنفيذ العيني، أما الإنذار المشار إليه بأسباب الحكم والموجه من المطعون ضدها الأولى إلى الطاعن فقد كان بشأن مطالبتها بدفع المبلغ الذي قدره خبير إثبات الحالة ولم يكن موضوعه المطالبة بالتنفيذ العيني. وأضاف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه بوصفه كفيلاً متضامناً تسري عليه الأحكام الخاصة بالمدينين المتضامنين، فلا تجوز مساءلته إلا عن فعله وبعد إعذاره شخصياً، ولكن الحكم المطعون فيه اعتبره مسئولاً في تنفيذ الالتزام عن فعل المقاول خلافاً لما تقضي به المادة 293 مدني.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركها، وذلك استناداً إلى ما قرره من: "إن النقص في كمية الحديد التي قدرها المهندس في الميدة والأعمدة والأعمال المعيبة في صب رؤوس الآبار والسملات تضر بحالة البناء ولا يمكن الاطمئنان معها إلى تحمل الأساس ضغط الأدوار التي كان مفروضاً أن تتحملها طبقاً للرسومات وقد يدعو البناء إلى الانهيار كما وأن المقاول خرج بالبناء عن خط التنظيم وأن مهندس تنظيم قسم الجمالية أمر بأخذ التعهد الكتابي اللازم على المستأنف عليها (المطعون ضدها الأولى) بنقل الميدة البارزة عن خط التنظيم المعتمد بمقدار 30 سم وذلك بنقلها إلى الداخل" وكان هذا الذي قرره الحكم يفيد أن الالتزام المترتب على عقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه عيناً، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار الطاعن بالتنفيذ العيني - لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور في التسبيب. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الكفيل المتضامن وإن كان يفقد بعض المزايا المقررة للكفيل العادي والتي لا تتفق أساساً مع فكرة التضامن، إلا أنه يظل - على أي حال - ملزماً التزاماً تابعاً يتحدد نطاقه - طبقاً للقواعد العامة - بموضوع الالتزام الأصلي في الوقت الذي عقدت فيه الكفالة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بمساءلة الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى عن إخلال المقاول بتنفيذ التزاماته باعتبار الطاعن كفيلاً متضامناً مع المقاول في التزاماته المترتبة على المقاولة في الوقت الذي عقدت فيه بتاريخ 6/ 8/ 1956 فإنه لا يكون قد خالف القانون، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق