الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 مايو 2023

الطعن 1924 لسنة 38 ق جلسة 16 / 12/ 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 224 ص 1099

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

------------------

(224)
الطعن رقم 1924 لسنة 38 القضائية

(أ) عقوبة. "الإعفاء منها" موانع العقاب. جريمة. رشوة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
اقتصار الإعفاء من العقوبة المقررة بالمادة 107 مكرراً عقوبات على حالة قبول الرشوة.
(ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تجزئة الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة.
حق محكمة الموضوع في تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً.
لا تناقض بين تبرئة من عرضت عليه رشوة ولم يقبلها وبين إدانة من عرض الرشوة.

---------------
1 - إن العذر المعفى من عقوبة الرشوة المقررة بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات مقصور على حالة وقوع جريمة المرتشي بقبوله الرشوة المعروضة عليه دون حالة امتناع الموظف عن قبول الرشوة، ذلك أن الراشي أو الوسيط يؤدي في الحالة الأولى خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها، وتسهيل إثبات الجريمة عليه، وهذه العلة التي أدت إلى الإعفاء من عقاب الراشي أو الوسيط منتفية في حالة عدم قبول الموظف الرشوة.
2 - متى كان الحكم قد استفاد من تناقض الشهود أن المتهم الأول لم يقبل الرشوة واستفاد من اعتراف المتهم الثاني أنه عرض الرشوة، ولكنه أطرح من اعترافه أن الأول قبلها، فيكون بذلك قد محص أدلة الدعوى كافة بما فيها من الشواهد والبيانات وأقسطها حقها، والتفت إلى اعتراف المتهم الثاني وتفهم دلالته ثم جزأه، وكان من حق محكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان لا تناقض ثمة بين تبرئة المتهم الأول على أساس رفضه الرشوة التي عرضت عليه، وبين إثبات أن المتهم الثاني عرض الرشوة على المتهم الأول فلم تقبل منه، فإن الحكم المطعون فيه ينحسر عنه دعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في شأن تبرئة المتهم الأول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 1/ 9/ 1966 بدائرة مركز المنشأة محافظة سوهاج: المتهم الأول: بصفته مستخدماً عمومياً (كمساري بالهيئة العامة للسكك الحديدية) قبل وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن قبل وأخذ من المتهم الثاني مبلغ خمسين قرشاً على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على شحن عدد من الحيوانات بالقطار الذي يعمل به. والمتهم الثاني: قدم رشوة لمستخدم عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن أعطى المتهم الأول مبلغ النقود آنف البيان على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على شحن عدد من الحيوانات بالقطار الذي يعمل به. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 103 و107 مكرر و110 و111/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت في الدعوى حضورياً ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة المبلغ المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمتي قبول الرشوة وعرضها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة لم تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة عليها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى لتكون بعد ذلك قواماً لقضائها وعلى الرغم من اعتراف المتهم الثاني أمامها بأنه قدم الرشوة للمتهم الأول فقبلها فإنها لم تفطن إلى دلالة هذا الاعتراف وقعدت عن مناقشته واعتبرت أن المتهم الأول رفض قبول الرشوة، فضلاً عن أنها ركنت في تبرئة المتهم الثاني إلى اعترافه بجلسة المحاكمة بتقديمه مبلغ الرشوة إلى المتهم الأول مما يجعله راشياً يعفيه اعترافه من العقوبة المقررة لجريمة الرشوة إعمالاً للمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات على الرغم مما انتهت إليه من أن الرشوة لم تقبل منه والإعفاء لا يكون إلا في الجريمة التامة دون الشروع، مما يعتبر تأويلاً خاطئاً لأحكام القانون يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى بحسب تصوير الاتهام أن المطعون ضده الأول يعمل كمسارياً بالسكة الحديد، وأن المطعون ضده الثاني قابله بالمحطة وعرض عليه خمسين قرشاً على سبيل الرشوة لييسر له شحن الماشية بالقطار الذي يعمل به وخلص من استعراض التناقض بين الشهود وقول البعض منهم أن المتهم الثاني وضع المبلغ في يد المتهم الأول، وقول البعض الآخر أنه أراد أن يضعه في جيبه فسقطت النقود على الأرض، إلا أن المتهم الأول رفض قبول الرشوة مرجحاً في ذلك ما صرح به الشاهد الأخير، وقضي بناء على ذلك ببراءته. ولكنه إذ عرض لتبرئة المتهم الثاني قال ما نصه (وحيث إن المتهم الثاني وإن أنكر بالتحقيقات إلا أنه عاد فاعترف في الجلسة بأنه قدم مبلغ الرشوة للمتهم، ولما كان المتهم في هذه الحالة يعتبر راشياً ولو أن الرشوة لم تقبل منه كما سلف البيان، فإنه يعفى من العقاب طبقاً للمادة 107 مكرراً فقرة ثانية من قانون العقوبات) ولما كان يبين من المساق المتقدم أن الحكم استفاد من تناقض الشهود أن المطعون ضده الأول لم يقبل الرشوة واستفاد من اعتراف الثاني أنه عرض الرشوة، ولكنه أطرح من اعترافه أن الأول قبلها، فيكون بذلك قد محص أدلة الدعوى كافة بما فيها من الشواهد والبيانات وأقسطها حقها، والتفت إلى اعتراف المتهم الثاني وتفهم دلالته ثم جزأه، وكان من حق محكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان لا تناقض ثمة بين تبرئة المتهم الأول على أساس رفضه الرشوة التي عرضت عليه وبين إثبات أن المتهم الثاني عرض الرشوة على المتهم الأول فلم تقبل منه. فإن الحكم المطعون فيه ينحسر عنه دعوى الفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب في شأن تبرئة المتهم الأول، ويتعين لذلك رفض الطعن بالنسبة إليه. لما كان ذلك وكان العذر المعفي من عقوبة الرشوة المقررة بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات مقصوراً على حالة وقوع جريمة المرتشي بقبوله الرشوة المعروضة عليه دون حالة امتناع الموظف عن قبول الرشوة. ذلك أن الراشي أو الوسيط يؤدي فيها خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها، وتسهيل إثبات الجريمة عليه، وهذه العلة التي أدت إلى الإعفاء من عقاب الراشي أو الوسيط منتفية في حالة عدم قبول الموظف الرشوة، وكان الحكم المطعون فيه أجرى حكم الإعفاء من العقوبة على جريمة عرض الرشوة التي لم يقبل من المطعون ضده الثاني، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه بالنسبة إليه وحده والإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق