جلسة 11 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار
أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقي العصار،
وعبد الرؤوف عبد المجيد جودة، وزكي الصاوي صالح، وجمال الدين عبد اللطيف.
-------------
(49)
الطعن رقم 579 لسنة 43
القضائية
(1) إعلان "بطلان
الإعلان". نقض "إعلان الطعن". نظام عام.
بطلان إعلان صحيفة الطعن
بالنقض. نسبي. عدم جواز التمسك به لغير من شرع لمصلحته. لا يغير من ذلك أن يكون
الموضوع غير قابل للتجزئة.
(2، 3) إيجار. عقد "فسخ
العقد". ريع. قوة الأمر المقضي.
(2)اشتمال عقد الإيجار على الشرط الصريح الفاسخ. وجوب اعتبار العقد
مفسوخا من تاريخ حصول المخالفة. التزام المستأجر بأداء الريع لصاحب العين باعتباره
غاصبا عن المدة اللاحقة. عدم تقيد المحكمة بالأجرة المتفق عليها.
(3)استصدار المؤجر أمر أداء بالأجرة ضد المستأجر عن الفترة اللاحقة
لاعتبار العقد مفسوخا بتحقق الشرط الصريح الفاسخ. صيرورة الحكم الصادر برفض التظلم
منه نهائيا. عدم جواز عودة المؤجر للمطالبة بالريع عن ذات الفترة. طلب الأجرة. لا
يفيد التنازل عن الفسخ.
-------------------
1 - بطلان إعلان صحيفة
الطعن هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي غير متعلق بالنظام العام
ولا يملك التمسك به غير من شرع لمصلحته ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
2 - إن شرط اعتبار الفسخ
واقعا عند عدم الوفاء بالأجرة في المواعيد المحددة دون تنبيه أو إنذار أو استصدار
حكم قضائي بالفسخ هو شرط فاسخ صريح يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ ولا
يبقى له في اعتبار الفسخ حاصلا فعلا إلا التحقق من حصول المخالفة التي يترتب
عليها، ويعتبر العقد مفسوخا من تاريخ حصول هذه المخالفة وبالتالي لا يستحق المؤجر
عن المدة السابقة على الفسخ إلا الأجرة المتفق عليها أما عن المدة اللاحقة فيكون
المستأجر واضعا اليد على العين المؤجرة بغير سند ويعتبر غاصبا ومن ثم فإنه يلزم
بتعويض الأضرار الناشئة عن هذا الغصب، ولا تتقيد المحكمة بالأجرة المتفق عليها عند
قضائها بالريع لصاحب العين مقابل ما حرم من ثمار.
3 - إذ كان الثابت أن
المطعون عليهما الأولين قد استصدرا أمر أداء بالزام الطاعنين بأن يؤدوا لهما مبلغ
..... وأفصحا بأن هذا المبلغ هو قيمة أجرة الأطيان المؤجرة عن السنوات من 1959
إلى 1962 الزراعية طبقا لعقد الإيجار المؤرخ 6/ 8/ 2957، وتأيد هذا الأمر في التظلم
رقم ..... وصار نهائيا بعدم استئنافه، مما مفاده أن المطعون عليهما الأولين قد
ارتضيا الأجرة المتفق عليها في العقد وذلك عن المدة من سنة 1959 إلى سنة 1962
الزراعية ولا يعد هذا تنازلا منهما عن طلب الفسخ إذ لا تعارض بين التمسك بحق الفسخ
والمطالبة بالأجرة التي يترتب الفسخ على التأخر في دفعها(1) وما دام أن الحكم في التظلم قد أصبح نهائيا فانه
يحوز قوة الشيء المحكوم به في هذا الخصوص ويمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من
العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا
النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت
ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. لما كان ذلك وكان المطعون عليهما الأولين قد طلبا
إلزام الطاعنين بريع الأطيان عن المدة من سنة 1959 إلى سنة 1962 فان دعواهما تكون
عودا إلى موضوع سبق الفصل فيه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ أجابها إلى هذا الطلب
وألزم الطاعنين بالريع عن تلك المدة فانه يكون قد خالف القانون لمخالفته قوة الأمر
المقضي التي اكتسبها الحكم المشار إليه والتي تسمو على اعتبارات النظام العام.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثاني
أقام الدعوى رقم 955 لسنة 1969 مدنى سوهاج الابتدائية ضد الطاعنة الأولى عن نفسها
وبصفتها وصية على ولديها قاصري المرحوم ...... وضد الطاعنين الثاني والثالث طلبا
فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 2558 جنيها، وقالا شرحا
لدعواهما أنهما يمتلكان أطيانا زراعية مساحتها 16 ط 9 ف مبينة الحدود والمعالم
بالصحيفة بموجب عقد بيع صادر لهما من ورثة المرحوم ...... وكان المرحوم ...... -
مورث الطاعنين - يستأجر تلك الأطيان من هؤلاء البائعين بعقد تاريخه 6/ 8/ 1957
بأجرة سنوية قدرها 87 جنيها أتفق فيه على الشرط الصريح الفاسخ في حالة التأخر في سداد
الأجرة، وحول إليهما هذا العقد في 6/ 2/ 1962 على أساس أحقيتهما في اقتضاء الأجرة
ابتداء من سنة 1958 الزراعية وأعلنا الطاعنين بهذه الحوالة - وبانفساخ عقد الإيجار
لتحقق الشرط الصريح الفاسخ للتأخر في سداد الأجرة منذ سنة 1958 كما نبها عليهم
بدفع الريع المستحق اعتبارا من هذه السنة، غير أنهم لم يستجيبوا لهذا الطلب فأقاما
ضدهم الدعوى رقم 143 سنة 1964 مدنى البلينا وحكم فيها بطردهم من الأطيان تأسيسا
على تحقق الشرط المذكور وتأيد هذا الحكم استئنافا وتسلما منهم الأطيان بتاريخ 10/
10/ 1965 وإذ يستحقان ريع تلك الأطيان اعتبارا من سنة 1958 وحتى نهاية سنة 1965
الزراعية ويقدرانه بمبلغ 3080 جنيها بواقع 385 جنيها في السنة وقد حصلا من
الطاعنين على مبلغ 522 جنيها فيكون الباقي لهما 2558 جنيها وهو المبلغ المطالب به.
تنازل المطعون عليهما الأول والثاني عن اختصام الطاعنة الأولى بصفتها وصية على
أولادها القصر وبتاريخ 30/ 4/ 1970 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج
لتقدير الريع المستحق عن الأطيان موضوع النزاع في المدة من سنة 1958 حتى نهاية سنة
1965 الزراعية وتصفية الحساب بين الطرفين، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة
في 18/ 5/ 1972 بإثبات ترك المطعون عليهما الخصومة بالنسبة للطاعنة الأولى بصفتها
وصية على أولادها القصر وبالزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا إلى المطعون عليهما
الأول والثاني مبلغ 993 جنيها وثمانية مليمات استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام
محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهم برقم 223 سنة 47 ق مدنى (دائرة سوهاج) طالبين إلغاءه
والحكم برفض الدعوى تدخلت المطعون عليها الثالثة منضمة للمطعون عليهما الأول والثاني
في طلب رفض الاستئناف استنادا إلى أنها باعتهما أطيان النزاع وحولت إليهما عقد
الإيجار. وبتاريخ 5/ 4/ 1973 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليها الثالثة وبرفض
الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع
المطعون عليهما الأول والثاني بعدم قبول الطعن شكلا وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفى الموضوع بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة
في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة على
رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع
المبدى من المطعون عليها الأول والثاني أن المطعون عليها الثالثة لم تعلن بصحيفة
الطعن إذ وجه الإعلان إلى مكتب الأستاذ..... المحامي بسوهاج باعتباره موطنها
المختار غير أنها لم تعلن لعدم وجود محام بهذا الاسم في سوهاج فيكون الطعن غير
مقبول شكلا بالنسبة لها وبالنسبة للمطعون عليهما الأولين لعدم قابلية الموضوع للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع مردود،
ذلك أن الثابت أن المطعون عليها الثالثة أعلنت بصحيفة الطعن في محل أقامتها بتاريخ
30/ 7/ 1943 وإذ كان ذلك وكان بطلان إعلان صحيفة الطعن هو - وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة - بطلان نسبى غير متعلق بالنظام العام ولا يملك التمسك به غير من شرع
لمصلحته ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة، ولما كانت المطعون عليها الثالثة لم
تدفع بالبطلان، فإن الدفع يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على
سببين، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم استند في قضائه بإلزامهم بريع الأطيان
تأسيسا على انفساخ عقد الإيجار المؤرخ 6/ 8/ 1957 لتحقق الشرط الفاسخ الصريح
المنصوص عليه في العقد للتأخر في الوفاء بالأجرة، وأن هذا التأخير قد ثبت من أمر
الأداء الذى استصدره المطعون عليهما الأول والثاني بالزام الطاعنين بالأجرة عن
السنوات من سنة 1959 حتى سنة 1962 فيكون العقد قد انفسخ منذ استحقاق أجرة سنة 1959
وهو ما ثبت من الحكم الصادر بتاريخ 17/ 11/ 1964 في الدعوى رقم 143 لسنة 1964 مدنى
البلينا بطرد الطاعنين من الأطيان، في حين أن الأثر الرجعى للفسخ مقصور على العقود
الفورية أما عقد الإيجار فهو عقد زمنى وليس لفسخه أثر رجعى ويعتبر مفسوخا من وقت
الحكم النهائي الصادر بالفسخ وتكون الأجرة المستحقة عن المدة السابقة لها صفة
الأجرة لا التعويض وقد استصدر المطعون عليهما الأولان أمر الأداء سالف الذكر بإلزامهم
بالأجرة عن المدة من سنة 1959 حتى سنة 1962 وقاموا بأداء الأجرة المحكوم بها نفاذا
لهذا الأمر وإذ قضى الحكم المطعون فيه إلزامهم بالريع عن المدة المذكورة فإنه يكون
قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان الثابت
من الأوراق أن الطرفين اتفقا في عقد الإيجار المؤرخ 6/ 8/ 1957 على أنه في حالة
عدم الوفاء بالأجرة في المواعيد المحددة يعتبر العقد منتهيا من تلقاء نفسه دون
حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو استصدار حكم قضائي بالفسخ، وكان الحكم المطعون فيه قد
انتهى إلى أن عقد الإيجار يعتبر طبقا لهذا الشرط مفسوخا فعلا منذ تأخر الطاعنين في
الوفاء بالأجرة سنة 1959 ويلزمون بريع هذه السنة والسنوات التالية حتى سنة 1965،
ولئن كان هذا القول من الحكم لا مخالفة فيه للقانون لأن شرط اعتبار الفسخ واقعا
عند عدم الوفاء بالأجرة في المواعيد المحددة دون تنبيه أو إنذار أو استصدار حكم قضائي
بالفسخ هو شرط فاسخ صريح يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ ولا يبقى له في
اعتبار الفسخ حاصلا فعلا إلا التحقق من حصول المخالفة التي يترتب عليها، ويعتبر
العقد مفسوخا من تاريخ حصول هذه المخالفة وبالتالي لا يستحق المؤجر عن المدة
السابقة على الفسخ إلا الأجرة المتفق عليها أما عن المدة اللاحقة فيكون المستأجر
واضعا اليد على العين المؤجرة بغير سند غاصبا ومن ثم فإنه يلزم بتعويض الأضرار
الناشئة عن هذا الغصب ولا تتقيد المحكمة بالأجرة المتفق عليها عند قضائها بالريع
لصاحب العين مقابل ما حرم من ثمار، إلا أنه لما كان الثابت أن المطعون عليهما
الأولين قد استصدر أمر الأداء رقم 951 سنة 1962 البلينا بالزام الطاعنين بأن يؤدوا
لها مبلغ 348 جنيها وأفصحا بأن هذا المبلغ هو قيمة أجرة الأطيان المؤجرة عن
السنوات من 1959 إلى 1962 الزراعية بواقع 87 جنيها في السنة طبقا لعقد الإيجار
المؤرخ 6/ 8/ 1957، وتأيد هذا الأمر في التظلم رقم 858 لسنة 1962 مدنى البلينا
وصار نهائيا بعدم استئنافه مما مفاده أن المطعون عليهما الأولين قد ارتضيا الأجرة
المتفق عليها في العقد وذلك عن المدة من سنة 1959 إلى سنة 1962 الزراعية ولا يعد
هذا تنازلا منهما عن طلب الفسخ إذ لا تعارض بين التمسك بحق الفسخ والمطالبة
بالأجرة التي يترتب الفسخ على التأخر في دفعها، وما دام أن الحكم في التظلم قد
أصبح نهائيا فأنه يحوز قوة الشيء المحكوم به في هذا الخصوص ويمنع الخصوم في الدعوى
التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية
يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى
الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، لما كان ذلك وكان المطعون عليهما
الأولين قد طلبا الزام الطاعنين بريع الأطيان عن المدة من سنة 1959 إلى سنة 1962
فان دعواهما تكون عودا إلى موضوع سبق الفصل فيه ويكون الحكم المطعون فيه إذ
أجابهما إلى هذا الطلب والزم الطاعنين بالريع عن تلك المدة بواقع 189 جنيها و497
مليما في السنة فأنه يكون قد خالف القانون لمخالفته قوة الأمر المقضي التي اكتسبها
الحكم المشار إليه والتي تسمو على اعتبارات النظام العام، مما يستوجب نقض الحكم
لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، أما عن المدة من سنة 1963 إلى سنة
1965 فلا محل وعلى ما سلف البيان لتعييب الحكم في قضائه بالريع عنها.
وحيث إن الحساب لم تتم
تصفيته بين الطرفين، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
(1)نقض 18/ 1/ 1945 مجموعة القواعد القانونية في 25 سنة صـ 853 بند 130
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق