جلسة 21 من مايو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمر السعيد غانم وأحمد كمال حمدي نواب رئيس المحكمة.
-------------------
(108)
الطعن 17812 لسنة 76 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب المجهل".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة. عدم بيان الطاعن العيب الذي يعزوه إلى الحكم المطعون فيه وأثره في قضائه. نعي مجهل. غير مقبول. مثال.
(2) قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي".
النص الواضح جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه. لا محل للخروج عليه أو تأويله.
(3 - 5) بطلان "بطلان التصرفات" البطلان المطلق". بنوك "عمليات البنوك".
(3) الأصل في الإرادة هو المشروعية. بطلان الإرادة. شرطه.
(4) تحديد نوع البطلان. معياره. الغاية التي تغياها المشرع من القاعدة محل المخالفة. البطلان المطلق محله حماية مصلحة عامة.
(5) البنوك العقارية والصناعية وبنوك الاستثمار. حظر تعاملها في المنقول أو العقار بالبيع أو الشراء أو المقايضة. الاستثناء. ما تؤول ملكيتها للبنك استيفاء لدين له قبل الغير. علة ذلك. م 45 ق 163 لسنة 1957 المعدل بق 97 لسنة 1997. مخالفة هذا الحظر. أثره. البطلان المطلق.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بنى عليها الطعن وإلا كان باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد به التحدي يجب أن يكون مبينا بيانا دقيقا في صحيفة الطعن لا تغني عن الإحالة في بيانه إلى أوراق أخرى. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين في الوجه الثالث في صحيفة الطعن مقدار المبالغ التي قامت بسدادها للبنك المطعون ضده والتي لم يقم الخبير باحتسابها وكذا مقدار الفائدة التي قام باحتسابها بالزيادة مما لا يغني عنه إحالتها في هذا الشأن إلى كشوف الحساب المقدمة من البنك كما أنها لم تبين في الوجه الرابع ماهية المصاريف القضائية والإدارية التي أضافها البنك بكشوف الحساب كمديونية عليها ولم ينص عليها بالعقد سند الدعوى، فإن النعي يكون مجهلا، ومن ثم غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل في الإرادة هو المشروعية فلا يلحقها بطلان إلا إذا كان نص القانون على بطلان الالتزام الناشئ عنها صراحة أو كان هذا الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب محلاً أو سبباً أو كان على خلاف نص آمر أو ناه في القانون.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتحدد نوع البطلان بالغاية التي تغياها المشرع من القاعدة محل المخالفة، فإن كانت حماية مصلحة عامة جرت أحكام البطلان المطلق، ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به.
5 - إن النص في المادة 45 من القانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان المستبدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1996 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي على أن "يحظر على البنوك العقارية والبنوك الصناعية وبنوك الاستثمار والأعمال ما يأتي: أ- التعامل في المنقول أو العقار بالشراء أو البيع أو المقايضة عدا 1- العقار المخصص لإدارة أعمال البنك أو للترفيه عن العاملين به، 2- المنقول أو العقار الذي تؤول ملكيته إلى البنك استيفاء لدين له قبل الغير على أن يقوم البنك بالتصرف فيه خلال سنة من تاريخ أيلولة الملكية إليه بالنسبة للمنقول وخمس سنوات بالعقار ويجوز لمجلس إدارة البنك المركزي مد هذه المدة عن الاقتضاء "يدل على أن المشرع حظر على البنوك العقارية والصناعية وبنوك الاستثمار التعامل في المنقولات أو العقارات بالبيع أو الشراء أو المقايضة عدا التي تؤول ملكيتها إلى البنك استيفاء لدين له قبل الغير وحدد نطاق تصرفه فيها، وفي خلال مدة معينة - وهي غاية ولا شك تتعلق بالصالح العام - وذلك لخشيته أن تؤدي هذه المعاملات إلى أن تحيد هذه البنوك عن تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله، فإن مقتضى هذا الحظر الصريح - وهو حظر عام دعت إليه اعتبارات المصلحة العامة - ترتب عليه البطلان المطلق - وإن لم ينص عليه بلفظه - جزاء المخالفة بحيث يجوز لكل ذي مصلحة التمسك عليه، ومن ثم فإن عقدي البيع المؤرخين 30/4/1997، 8/10/1997 باطلان لمخالفتهما الحظر الوارد في المادة 45 سالفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنة 2000 تجاري شمال القاهرة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة وآخرين غير مختصمين في الطعن بطلب الحكم وفقا لطلباته الختامية وإلزامهم بأن يؤدوا له 1- مبلغا قدره 820081.51 جنيها قيمة المديونية الناشئة عن عقد البيع المؤرخ 8/10/1997 المستحقة في 30/12/2002 بخلاف ما يستجد من عائد بواقع 15.5% وعمولات ومصروفات حتى تمام السداد، 2- مبلغا قدره 126901.90 جنيها قيمة المديونية الناشئة عن عقد البيع المؤرخ 30/4/1997 المستحقة في 30/12/2002 بخلاف ما يستجد من عائد بواقع 16% وعمولات ومصروفات حتى تمام السداد، 3- مبلغا قدره 266081.91 جنيها قيمة المديونية الناشئة عن عقد فتح الاعتماد والمؤرخ 27/9/1998 المستحقة في 30/12/2002 بخلاف ما يستجد من عائد بواقع 14% وعمولات ومصروفات حتى تمام السداد، وقال بيانا لدعواه إنه بموجب عقدي البيع سالفي البيان باع للطاعنة مع الاحتفاظ بحق الملكية الآلات والماكينات المبينة في كل منهما بثمن قدره 754996.25 جنيها بالنسبة للعقد المؤرخ في 8/10/1997 سدد عند التوقيع مبلغا 13925.25 جنيها وقسط الباقي على خمسة أقساط متساوية، وبالنسبة للعقد المؤرخ 30/4/1997 بثمن قدره 178840.50 جنيها سدد منه عند التوقيع مبلغا قدره 35000 جنيه وقسط الباقي على خمسة أقساط متساوية، ونظرا لتخلف الطاعنة عن سداد الأقساط المستحقة في المواعيد المحددة فاستحقت المديونية المطالب بها، كما أنه بموجب عقد فتح اعتماد بحساب جار ثابت التاريخ برقم 7937 في 7/11/1998 توثيق البنوك فتح لها اعتماد وبمبلغ 200000 بعائد 14% سنويا ومدته من تاريخ التعاقد وينتهي في 26/9/1999 وقد نتج عنه الرصيد المطالب به وأنه قام بإنذار الطاعنة رسميا بالسداد في 9/9/2000 دون جدوى ولذا أقام الدعوى. أقامت الطاعنة دعوى فرعية على البنك المطعون ضده بطلب الحكم برد وبطلان عقدي البيع المؤرخين 30/4/1997، 8/10/1997 وإلزامه برد المبالغ التي حصلها منها نتيجة العقدين والفوائد القانونية تأسيسا على أن قيام البنك ببيع المنقولات محل عقدي البيع مخالف لنص المادة 45 من القانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان المستبدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1996 والتي تحظر على البنوك العقارية والبنوك الصناعية وبنوك الاستثمار التعامل في المنقول أو العقار بالشراء أو البيع أو المقايضة وترتب على ذلك بطلان التصرف لمخالفته النظام العام، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره أعادت المأمورية للخبير وبعد إيداع التقرير حكمت المحكمة بتاريخ 11/2/2006 أولا: بقبول الطلب العارض المبدى من الطاعنة شكلا، وفي الموضوع برفضه، ثانيا: في موضوع الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للبنك المبالغ الآتية: 1- مبلغ 820081.51 جنيها قيمة المديونية المستحقة عن العقد المؤرخ 8/10/1997 وما يستجد من فوائد عقب هذا التاريخ بواقع 15.5% حتى تمام السداد، 2- مبلغ 126901.90 جنيها قيمة المديونية المستحقة عن العقد المؤرخ 30/4/1997، وما يستجد من فوائد عقب هذا التاريخ بواقع 16% وحتى تمام السداد، 3- مبلغ 266181.91 جنيها قيمة المديونية المستحقة عن عقد فتح الاعتماد المؤرخ 27/9/1998 حتى 30/12/2002 وما يستجد من فوائد عقب هذا التاريخ بواقع سعر الفائدة المقررة بالبنك المركزي وحتى تمام السداد، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة... ق أمام محكمة استئناف القاهرة والتي قضت بتاريخ 26/9/2006 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجهين الثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن تقرير الخبير المنتدب والذي عول عليه الحكم المطعون فيه في قضائه لم يحتسب كافة المبالغ التي قامت بسدادها واحتسب فوائد وعمولات على كامل المبلغ دون خصم المبالغ المسددة، كما أن البنك المطعون ضده أضاف بكشوف الحساب مبالغ ومصاريف كمديونية تحت مسمى مصاريف قضائية وإدارية لا سند لها في عقدي التداعي أو القانون واحتسب عليها فوائد وعمولات دون وجه حق، إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بنى عليها الطعن وإلا كان باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد به التحدي يجب أن يكون مبينا بيانا دقيقا في صحيفة الطعن لا تغني عن الإحالة في بيانه إلى أوراق أخرى. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين في الوجه الثالث في صحيفة الطعن مقدار المبالغ التي قامت بسدادها للبنك المطعون ضده والتي لم يقم الخبير باحتسابها، وكذا مقدار الفائدة التي قام باحتسابها بالزيادة، مما لا يغني عنه إحالتها في هذا الشأن إلى كشوف الحساب المقدمة من البنك، كما أنها لم تبين في الوجه الرابع ماهية المصاريف القضائية والإدارية التي أضافها البنك بكشوف الحساب كمديونية عليها ولم ينص عليها بالعقد سند الدعوى، فإن النعي يكون مجهلا، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول والوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ببطلان عقدي البيع المؤرخين 30/4/1997، 8/10/1997 لقيام البنك بشراء المنقولات محل البيع من الغير وأعاد بيعها للطاعنة بالمخالفة لنص المادة 45 من القانون رقم 163 لسنة 1957 المستبدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1996 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي والتي تحظر على البنوك العقارية والبنوك الصناعية وبنوك الاستثمار التعامل في المنقول أو العقار بالشراء والبيع أو المقايضة عدا العقار المخصص لإدارة البنك أو للترفيه عن العاملين والمنقول أو العقار الذي تؤول ملكيته استيفاء لدين قبل الغير، ورتب على ذلك بطلان التصرف لمخالفته للنظام العام إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بقالة إن القانون المنشئ للبنك يجيز بيع الآلات والماكينات دون أن تبين النص القانوني الذي يجيز هذا التصرف، فضلا عن ذلك فإن العقدين سالفي البيان يخضعان لأحكام القانون المدني، ولا تسري عليهما الفائدة الاتفاقية وتسري عليهما الفائدة القانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان النص واضحا جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله، وأنه من المقرر أن الأصل في الإرادة هو المشروعية فلا يلحقها بطلان إلا إذا كان نص القانون على بطلان الالتزام الناشئ عنها صراحة أو كان هذا الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب محلا أو سببا أو كان على خلاف نص آمر أو ناه في القانون، ويتحدد نوع البطلان بالغاية التي تغياها المشرع من القاعدة محل المخالفة فإن كانت حماية مصلحة عامة جرت أحكام البطلان المطلق ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به، وكان النص في المادة 45 من القانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان المستبدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1996 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي على أن "يحظر على البنوك العقارية والبنوك الصناعية وبنوك الاستثمار والأعمال ما يأتي: أ- التعامل في المنقول أو العقار بالشراء أو البيع أو المقايضة عدا 1- العقار المخصص لإدارة أعمال البنك أو للترفيه عن العاملين به، 2- المنقول أو العقار الذي تؤول ملكيته إلى البنك استيفاء لدين له قبل الغير على أن يقوم البنك بالتصرف فيه خلال سنة من تاريخ أيلولة الملكية إليه بالنسبة للمنقول وخمس سنوات بالعقار ويجوز لمجلس إدارة البنك المركزي مد هذه المدة عن الاقتضاء "يدل على أن المشرع حظر على البنوك العقارية والصناعية وبنوك الاستثمار التعامل في المنقولات أو العقارات بالبيع أو الشراء أو المقايضة عدا التي تؤول ملكيتها إلى البنك استيفاء لدين له قبل الغير وحدد نطاق تصرفه فيها، وفي خلال مدة معينة - وهي غاية ولا شك تتعلق بالصالح العام - وذلك لخشيته أن تؤدي هذه المعاملات إلى أن تحيد هذه البنوك عن تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله، فإن مقتضى هذا الحظر الصريح - وهو حظر عام دعت إليه اعتبارات المصلحة العامة - ترتب عليه البطلان المطلق - وإن لم ينص عليه بلفظه - جزاء المخالفة بحيث يجوز لكل ذي مصلحة التمسك عليه، ومن ثم فإن عقدي البيع المؤرخين 30/4/1997، 8/10/1997 باطلان لمخالفتهما الحظر الوارد في المادة 45 سالفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه جزئيا في هذا الشأن.
وحيث إن الموضوع في خصوص ما تم نقضه صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين تعديل الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق