القضية رقم 25 لسنة 28 ق "دستورية " جلسة 7 / 11 / 2010
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السابع من نوفمبر سنة 2010م ،
الموافق الأول من ذو الحجة سنة 1431 هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد
القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وماهر سامى يوسف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 28 قضائية "دستورية " .
المقامة من
1- السيد / فرناندو لوبيز نفوا - ربان السفينة ويستا
2- السادة / وستا شيبنج ليمتد - ملاك السفينة ويستا ـــ مالطية
الجنسية .
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس مجلس الشعب
4- السيد وزير العدل
5- الممثل القانونى لشركة السويس لتصنيع البترول
6- الممثل القانونى لتوكيل أنشكيب للملاحة
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من شهر فبراير سنة 2006 ، أودع المدعيان صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبين في
ختامها الحكم بعدم دستورية نص المادتين ( 80 ، 287 ) من قانون التجارة البحرية رقم
8 لسنة 1990 ، مع سقوط نص الفقرة الأولى من المادة (7) من القانون رقم 6 لسنة
1995 في شأن تنظيم الإرشاد في موانى الهيئة العامة لموانى البحر الأحمر .
وسقوط أى نص آخر يقابل النصين المطعون فيهما
في أى قانون آخر طالما قد اتصل بهذين النصين .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى الأول يعمل رباناً على السفينة " ويستا " المالطية الجنسية والمملوكة للمدعى الثاني ، وأثناء قيادته للسفينة المذكورة بتاريخ 31/1/2001 ، مستعيناً بأحد مرشدي هيئة قناة السويس لدخول ميناء السويس ، والوقوف بمرسى الناقلات بغاطس الميناء ، وخلال عملية " التراكى " اللازمة للوقوف ، اصطدمت مقدمة السفينة بمنصة الشحن الجديدة المملوكة لشركة السويس لتصنيع البترول ، فأحدثت بها التلفيات المبينة بالأوراق ، مما حدا بالشركة المذكورة إلى تقديم الطلب رقم 7 لسنة 2001 إلى السيد المستشار رئيس محكمة السويس الابتدائية لتوقيع حجز تحفظي على السفينة يقابل تعويض مبدئي حددته بمبلغ مائة وخمسة وعشرين ألف دولار أمريكي ، فأمر بتوقيع الحجز بتاريخ 4/2/2001 ، ثم اتبعته الشركة المذكورة بإقامة الدعوى الموضوعية رقم 11 لسنة 2001 تجارى بحرى السويس ، بطلب تثبيت الحجز التحفظي وتحديد الدين ، الذى حددته الشركة بمبلغ مائتين وخمسين ألف دولار أمريكي . وقد أحالت المحكمة الدعوى إلى خبير ، خلص في تقريره إلى ثبوت وقوع الحادث مقدراً تكاليف إصلاح منصة الشحن بمبلغ ستمائة وأربعين ألف جنيه مصري ، ولم يحدد خطأ أطراف الحادث كلا على حده . ودرءاً لهذه المطالبة ، قرر المدعيان أن الحادث وقع أثناء عملية " التراكي " بخطأ المرشد ، وأن المرشد تابع لهيئة قناة السويس ، وهو أحد موظفيها العموميين ، ومن ثم تنت في مسئوليتهما عن الحادث . ودفعا بعدم دستورية نص المادتين (80 و287) من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 المانعتين من مسئولية المرشد وهيئة قناة السويس ، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع ، صرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقاما الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعيين ينعيان على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام
الشريعة الإسلامية ، وذلك لإخلالها بمبدأي العدالة والمساواة التي توجب الشريعة
الغراء تحريهما ، وكذا إخلالها بالمساواة التي كفلها الدستور في المادة (40 ) منه ، بأن ألقت بتبعية أعمال
المرشد على مجهز السفينة وحده دون المرشد والهيئة التي يتبعها . كما ينعيان على
هذه النصوص مخالفتها لمبدأ سيادة القانون والدولة القانونية المنصوص عليهما في المادتين (64 ، 65) من الدستور ، بتحميل
مجهز السفينة وزر خطأ ارتكبه شخص آخر لا يخضع لرقابته ولا لتوجيهه ، وأع في هيئة
قناة السويس التي يتبعها المرشد من أخطاء تابعيها الذين يأتمرون بأمرها ، وهو ما
يقوض الأساس القانوني الذى يحكم أعمال الموظفين التابعين لأشخاص القانون العام ،
دون مسوغ ، افتئاتاً على مبدأ الدولة القانونية .
وحيث إن المادة (80) من قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8
لسنة 1990 تنص على أنه " يسأل مالك السفينة أو مجهزها مدنياً عن أفعال الربان
والبحارة والمرشد أو أي شخص آخر في خدمة
السفينة متى وقعت منهم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها ، كما يسأل عن التزامات
الربان الناشئة عن العقود التي يبرمها في
حدود سلطته القانونية " .
وتنص المادة (287) من القانون ذاته على أن " يسأل مجهز السفينة
وحده عن الأضرار التي تلحق الغير بسبب الأخطاء التي تقع من المرشد في تنفيذ عملية الإرشاد " .
وتنص الفقرة الأولى من المادة (7) من القانون رقم 6 لسنة 1995 في شأن
تنظيم الإرشاد في مواني الهيئة العامة لمواني
البحر الأحمر على أن " لا تتحمل الهيئة أية مسئولية عما يحدث من هلاك أو ضرر
بسبب عمل المرشد ، وتسري في شأن المسئولية
أحكام المادة 287 من قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990
" .
وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط
المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى
الدستورية – وهو شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون
الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل
في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك ، وكانت رحى
النزاع الموضوعي تدور في حقيقتها حول
المسئولية المدنية لمالك السفينة " ويستا " عن الأضرار التي لحقت بمنصة
الشحن المملوكة للشركة المدعى عليها الرابعة ، جراء اصطدام السفينة بها ، وما تمسك
به كل من مالك السفينة وربانها من أن الحادث قد وقع بخطأ من المرشد التابع لهيئة
قناة السويس ، ومن ثم يكونان مسئولين معاً دونهما عن تبعات هذا الحادث وتعويض
الشركة المتضررة . وكانت النصوص المطعون فيها هي الحاكمة لتلك المسئولية ، فإن
المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة في
الطعن عليها ، ويتحدد نطاق الدعوى فيما تضمنه نص المادة (80) من تقرير مسئولية
مالك السفينة أو مجهزها عن أفعال المرشد التي تقع منه أثناء تأدية وظيفته ، وكذا
نص المادة (287) برمته ، كما أن نطاق الدعوى يمتد ليشمل نص الفقرة الأولى من
المادة (7) من القانون رقم 6 لسنة 1995 المشار إليه ، القاضي بعدم مسئولية الهيئة
عن الأضرار الناشئة عن عمل المرشد وتحميلها لمالك السفينة ولو كان ناشئاً عن خطأ
المرشد ، لارتباط هذا النص بالنصين المطعون فيهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، بما
يجعله مطروحاً بحكم اللزوم على هذه المحكمة ، كافلاً الأغراض التي توخاها المدعيان
بدعواهما الدستورية ، وهو ما يغنى عن طلبهما الحكم بسقوط هذا النص .
وحيث إن الأصل المقرر في قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8
لسنة 1990 ، أن يظل الربان أثناء قيام المرشد بعمله سيد السفينة وقائدها ، وأن
المرشد مجرد ناصح يدلى بالرأي ولا يتولى تنفيذه . وهذا الأصل هو الذى تقوم عليه
أحكام المسئولية عن الأضرار التي تحدث أثناء تنفيذ عملية الإرشاد ، والتي لها جملة
وجوه تناولتها المواد ( من 287 إلى 290 ) من القانون المشار إليه ، منها المسئولية
تجاه الغير عن الأخطاء التي تقع من المرشد أثناء عملية الإرشاد ، والمسئول عن هذه
الأخطاء هو مجهز السفينة المخدومة ، لأن المرشد لا يحجب الربان ، في ظل
الربان في نظر الغير قائد السفينة المسئول
عن كل ما يقع من أخطاء في قيادتها أو
إدارتها ، كما أن المرشد يعتبر أثناء تأدية عمله على السفينة تابعاً للمجهز ،
فيسأل المجهز مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ، ولو كان الإرشاد إجبارياً .
وليس في هذا خروجاً على الأحكام
المقررة في القانون المدني في شأن مسئولية المتبوع ، ذلك أن الفقرة
الثانية من المادة 174 منه تقضى بأن رابطة التبعية تقوم ولو لم يكن المتبوع
حراً في اختيار تابعه متى كانت له عليه
سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ، والمجهز
يمارس سلطة الرقابة والتوجيه على المرشد بواسطة ربانه ، وقد قررت القاعدة المتقدمة
معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالمصادمات البحرية والتي وافقت
مصر عليها وصدر مرسوم بالعمل بأحكامها ، إذ تقضى المادة الخامسة منها ببقاء
مسئولية السفينة في حالة ما إذا حصل
التصادم بسبب خطأ المرشد ، ولو كان الإرشاد إجبارياً . بما مؤداه أن المرشد
ينسلخ في الفترة التي يباشر فيها نشاطه
على ظهر السفينة عن الجهة التي يتبعها أصلاً ، وعلى ذلك لا تسأل هذه الجهة عن
الأخطاء التي تقع منه في تلك الفترة
" .
وحيث إن النعي بمخالفة النصوص المطعون فيها أحكام الشريعة الإسلامية التي
توجب العدالة والمساواة ، مردود بأن قضاء المحكمة الدستورية العليا مطرد على أن ما
نص عليه الدستور في مادته الثانية – بعد
تعديلها في سنة 1980 – من أن مبادئ
الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، أنه لا يجوز لنص تشريعي يصدر أن
يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها
ودلالتها معاً ، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يمتنع الاجتهاد فيها لأنها
تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً . والأحكام
غير القطعية في ثبوتها أو دلالتها أو
فيهما معاً ، فإن باب الاجتهاد يتسع فيها لمواجهة تغير الزمان والمكان ، وتطور
الحياة وتنوع مصالح العباد ، وهو اجتهاد وإن كان جائزاً أو مندوباً عند أهل الفقه
، فهو بذلك أوجب لولى الأمر ليواجه ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءًا لمفسدة أو جلباً
لمنفعة أو درءًا وجلباً للأمرين معاً .
لما كان ذلك ، وكان المشرع قد تحرى بتنظيمه أوضاع التجارة البحرية
ومسئوليات أشخاص الملاحة البحرية ، تحقيق المصلحة العامة ، والتوفيق والتناسب بين
الواجبات والمسئوليات المحددة لكل منهم أخذاً بالنظريات العامة في القانون وما تضمنته الأعراف والاتفاقيات
الدولية ، وما اضطردت عليه أحكام القضاء ، فإنه يكون قد سعى موضوعياً إلى تحقيق
العدل والمساواة ، في اجتهاد سائغ في أمور وضعيه لا تندرج تحت قاعدة كلية أو
جزئية من قواعد الشريعة الإسلامية قطعية الثبوت والدلالة ، ومن ثم فإن هذا النعي
يكون غير سديد .
وحيث إن النعي بمخالفة النصوص المطعون فيها لمبدأ المساواة أمام
القانون المنصوص عليه في المادة (40) من
الدستور ، فمردود ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن هذا المبدأ
ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية ، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور
التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق
بين الأشياء ، وإذ جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير ، لتنظيم
موضوع محدد ، أو توقياً لشر تقدر ضرورة رده ، فإنه يكون من الجائز تبعًا لذلك أن
تغاير السلطة التشريعية – ووفقاً لمقاييس منطقية – بين مراكز لا تتحد معطياتها ،
أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم
عليها ، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها ولا تخيل ، ذلك أن ما
يصون مبدأ المساواة ، ولا ينقض محتواه هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيماً تشريعياً
ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها .
وحيث إن المشرع وازن بدقة في
اختيار الحلول التي انتهجها لتحديد مسئولية كل من مالك السفينة أو مجهزها ،
والربان أو المرشد كل في مجال عمله وحدود
مسئوليته ، بأن جعل مالك السفينة أو مجهزها مسئولاً عن تعويض أى ضرر يصيب الغير من
جراء أخطاء تابعيه ومن بينهم المرشد ، باعتبار أن عائد عمل المرشد يعود في المقام الأول إلى السفينة التي يرشدها ، وتبعًا
لذلك فإن الأخذ بعدم مسئولية الهيئة التابع لها المرشد خلال فترة أدائه لعمله على
السفينة واعتباره أثناء ذلك تابعاً لمالكها أو مجهزها ، هو ما يتفق وطبيعة العلاقة
القانونية الناشئة بينهما ، وانتقال السلطة الفعلية على المرشد وتبعيته أثناء
أدائه عمله على السفينة للربان الذى يمثل مالك السفينة ، ليصير تقرير المسئولية
المدنية لمالك السفينة ومجهزها عن الأخطاء التي يقترفها المرشد على نحو ما تناولته
النصوص المطعون فيها غير مناقض لقواعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة ، ولا
يستبعد تطبيق القواعد المنظمة لها في
القانون المدني ، وكل ما سعى إليه المشرع بهذا التنظيم هو إيجاد ذمة مالية مليئة
يستطيع المضرور اقتضاء التعويض المستحق له منها ، وقد راعى المشرع في كل ذلك تحقيق التوازن بين مصلحة السفينة
المخدومة والمصلحة العامة في المحافظة على
المجاري الملاحية باعتبارها أحد المرافق العامة ذات الأهمية ، وعصب التجارة
الدولية ، وضمان استمرار سير الملاحة فيها بانتظام واضطراد ، وما سلكه القانون المصري في هذا الشأن ليس بدعاً بين الدول ، إذ
انتهجت العديد من الدول ذات المنحى ، كما أن سن تلك الأحكام يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في مجال تنظيم الحقوق دون مصادمة لمبدأ
المساواة الذى كفلته المادة (40) من الدستور . وذلك بوضعه الضوابط الحاكمة للعلاقة
بين أطرافها ، سواء في ذلك المرشد أو مالك
السفينة ومجهزها ، وكذا الهيئة العامة للموانى أو هيئة قناة السويس ، ملتزماً
بالمعايير التي تكفل تحقيق التوازن بين المصالح المختلفة ، ومن ثم فإن النعي
بمخالفة النصوص المطعون فيها لمبدأ المساواة يكون غير صحيح .
وحيث إن النعي بمخالفة المشرع مبدأ خضوع الدولة للقانون بتحميل مالك
السفينة أو مجهزها وزر خطأ لم يرتكبه ، وارتكبه شخص آخر لا يخضع لرقابته وتوجيهه ،
مردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
الأصل في النصوص التشريعية في الدولة القانونية هو ارتباطها عقلا بأهدافها
، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودًا لذاته ، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك
الأهداف ، ومن ثم يتعين دائمًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي يلتزم إطار
منطقيًا للدائرة التي يعمل فيها ، كافلا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها ،
أم متهادمًا مع مقاصده أو مجاوزًا لها ومناهضًا بالتالي لمبدأ خضوع الدولة للقانون
المنصوص عليه في المادة (65) من الدستور .
إذ كان ذلك ، وكان التصور الذى أقام المدعيان عليه هذا النعي لا أساس
له بل إنه يخالف الواقع ، إذ أن التنظيم الذى أتى به المشرع ، لم يخل بالحقوق التي
يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية ،
مفترضًا أوليًا لقيام الدولة القانونية ، بل كفل هذا التنظيم صون هذه الحقوق
وتيسير الحصول عليها ، كما لم يميز هيئة قناة السويس عن غيرها ، طالما كان المتبوع
الحقيقي للمرشد أثناء عملية الإرشاد هو مالك السفينة أو مجهزها وليست الهيئة التي
يتبعها المرشد إداريًا أو وظيفيًا ، الأمر الذى يتلاءم وطبيعة الملاحة البحرية
وظروفها هديًا بما أخذت به دول كثيرة في
تنظيم أوضاع الملاحة البحرية لديها ، ملتزمًا
في كل ذلك بالمعايير التي تحقق التوازن بين المصالح المختلفة ودون ما خروج
على مبدأ خضوع الدولة للقانون أو إعفاء من التقيد بأحكامه لأى من أطراف تلك
العلاقة .
و في ضوء ما تقدم جميعه يتبين أن النصوص المطعون فيها لا تخالف نصوص المواد
( 2 ، 40 ، 64 ، 65 ) من الدستور ، كما لا تخالف أي نص آخر منه ، فإن الدعوى
الماثلة تكون خليقة بالرفض .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وبإلزام المدعيين المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق