الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 مارس 2021

الطعن 6615 لسنة 84 ق جلسة 3 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 69 ص 500

 جلسة 3 من يونيه سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق ، منتصر الصيرفي ، عادل غازي ومحمود عمر نواب رئيس المحكمة.
------------

(69)

الطعن رقم 6615 لسنة 84 القضائية

(1) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .

اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . المجادلة في هذا الشأن . غير مقبولة .

عدم بيان نوع المادة المخدرة أو مدة المراقبة بمحضر الضبط . لا يقدح في جدية التحريات . علة ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات .

(2) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

        الدفع ببطلان إذن التفتيش على أساس جديد أمام محكمة النقض . غير جائز .

(3) إثبات " شهود " . إجراءات "إجراءات المحاكمة" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

فصل المحكمة في الدعوى دون سماع شهود لم يُطلب منها سماعهم . لا يعيب حكمها.

التفات المحكمة عن طلب الطاعنة سماع شهادة المصدر السري الذي لم يكشف ضابط الواقعة عن شخصه . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟

(4) مواد مخدرة . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الإتجار في المواد المخدرة . واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها . طالما أنها تقيمها على ما تنتجها .

تزيد الحكم في معرض التدليل على توافر قصد الإتجار لدى الطاعنة . لا يمس منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها في التدليل على قصد الإتجار لديها . حد وعلة ذلك ؟

مثال .

(5) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي .

للمحكمة وزن أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين واطراح ما لا تطمئن إليه في حق متهم آخر . حد ذلك ؟

للمحكمة تجزئة أقوال الشهود فيما يمكن تجزئته بأسباب خاصة بمتهم أو متهمين بذواتهم .

(6) قانون " تفسيره " . صيادلة . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " محكمة النقض " سلطتها " .

مزاولة مهنة الصيدلة طبقاً للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون 127 لسنة 1995 . ماهيتها ؟

اعتبار الحكم مجرد بيع الطاعن للشريط محل المحاولة الشرائية مزاولة لمهنة الصيدلة ومعاقبته تبعاً لذلك بعقوبة الحبس المقررة في المادة 78 من القانون 127 لسنة 1955 لمزاولة تلك المهنة دون ترخيص . خطأ في تطبيق القانون . خلو الدعوى من أي دليل آخر على ارتكابه جرائم أخرى. أثره : نقض الحكم وبراءته . أساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة العقيد / .... وحوت بيانات كافية لتسويغ إصدار إذن التفتيش وهو أمر محقق في واقعة الدعوى ، ومن ثم يكون الإذن انبنى على تحريات جدية وأن دفع المتهمين يكون على غير أساس سليم " ، لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه ، فإن مجادلة الطاعنة في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة ، فضلاً عن أنه لا يقدح في جدية التحريات عدم بيان نوع المادة المخدرة أو مدة المراقبة بمحضر الضبط ؛ لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها .

2- لما كان البيّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة أو المدافع عنها لم يدفع ببطلان إذن التفتيش على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه ، ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأنه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه من الطعن غير سديد .

3- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود والمحكمة أمرت بتلاوتها وتُليت ، كما أن الطاعنة لم تطلب سماع الشاهد - الذي أشارت إليه بأسباب الطعن - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماع شهود لم يُطلب منها سماعهم ، هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن الشاهد الذي أشارت إليه الطاعنة بمذكرة أسباب طعنها هو ذاته المصدر السري الذي قام بعملية الشراء من المتهم الثاني ولم يكشف ضابط الواقعة عن شخصه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن سماع هذا الشاهد - بفرض صحة ذلك - لكونه شخصاً مجهولاً .

4- لما كان الإتجار في المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ، طالما أنها تقيمها على ما تنتجها ، وكان من المقرر أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع ، فإن تزيد الحكم في معرض التدليل على توافر قصد الإتجار لدى الطاعنة بقوله " إذ تم ضبط الأقراص المخدرة بداخل الصيدلية معداً للبيع ولم يكن مجنباً أو مخزوناً " لا يمس منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها في التدليل على قصد الإتجار لديها ، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله ، ومن ثم فإن منعى الطاعنة على الحكم في هذا الصدد بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير سند .

5- لما كان تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر ، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها ما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون ذلك تناقضاً يعيب حكمها ، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في جزء من أقواله وغير صادق في شطر منها ، وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، كما أنه من حق محكمة الموضوع تجزئه أقوال الشهود فيما يمكن فيه التجزئة بأسباب خاصة بمتهم أو متهمين بذواتهم ، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له .

6 - لما كان البيّن من مطالعة القانون رقم 127 لسنة 1995 في شأن مزاولة مهنة الصيدلية أنه عرف ما يعتبر مزاولة لتلك المهنة في الفقرة الثانية من مادته الأولى بأنها تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا ، وواضح من تعريف القانون لمزاولة مهنة الصيدلة أنه قصرها على أفعال تجهيز الدواء أو تركيبة أو تجزئته ، لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر مجرد بيع الطاعن للشريط محل المحاولة الشرائية مزاولة لمهنة الصيدلة وعاقب الطاعن تبعاً لذلك بعقوبة الحبس المقررة في المادة 78 من القانون رقم 127 لسنة 1955 لمزاولة تلك المهنة دون الحصول على ترخيص ، يكون قد أخطأ في تطبيق صحيح القانون ، لما كان ما تقدم ، وكانت الدعوى بحالتها حسبما حصلها الحكم بالنسبة للطاعن خلت من دليل آخر على ارتكابه جرائم أخرى يمكن نسبتها إليه ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمـت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :

المتهمة الأولى :

1- حازت بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " ثلاثة وتسعين قرص ترامادول " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

2- وهي صاحبة صيدلية طرحت للبيع أدوية لم يصدر قرار من وزير الصحة بتداولها على النحو المبين بالأوراق .

 3- طرحت للبيع أدوية منتهي صلاحيتها مع علمها بذلك على النحو المبين بالأوراق .

المتهم الثاني :                                

 1- حاز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " ترامادول " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

 2- زاول مهنة الصيدلة بدون الحصول على ترخيص .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7 ، 34/ بند1 فقرة أ ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والقسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقراري وزير الصحة والسكان رقمي 46 لسنة 1997 ، 125 لسنة 2012 والمواد 2/1 بند 2 ، 8 ، 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941المعدل بالقانونين رقمي 80 لسنة 1961 ، 281 لسنة 1994 والمادتين 5 ، 6 من القانون رقم 10 لسنة 1966 والمواد 1 ، 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 78 ، 81/2،1 ، 84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 360 لسنة 1956 ، 167 لسنة 1998 ، مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات ، وبعد أن أضافت للمتهمة الأولى تهمة السماح للمتهم الثاني بممارسة مهنة صيدلي وإدارة الصيدلية المملوكة لها دون أن يكون مرخصاً له في ذلك ، بمعاقبة المتهمة بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليها من اتهامات ومصادرة المضبوطات جميعاً وأمرت بغلق الصيدلية محل الواقعة خاصتها لمدة سنة واحدة ، وبمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة نظير ما أسند إليه عن التهمة الثانية وببراءته من الاتهام الأول المسند إليه والغلق .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى :

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم حيازة جوهرٍ مخدرٍ " عقار الترامادول " بقصد الإتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وبصفتها صاحبة صيدلية طرحت للبيع أدوية لم يصدر من وزير الصحة قرار بتداولها ، وأخرى منتهية الصلاحية مع علمها بذلك ، كما مكنت المتهم الثاني من ممارسة مهنة صيدلي وإدارة الصيدلية المملوكة لها دون أن يكون مرخصاً له في ذلك ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض ، ذلك بأن المدافع عنها دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلوها من بيان نوع المادة المخدرة ومدة المراقبة ، بيد أن الحكم اطرح هذا الدفع برد غير سائغ ، ولم يبد رأيه في عناصر التحريات السابقة ، فضلاً عن بطلان تفتيش الصيدلية لتجاوز حدود إذن التفتيش سيما ولم تسفر محاولة الشراء عن وجود عقاقير مخدرة ، وهو ما بنت عليه المحكمة قضاءها عند براءة المتهم الثاني ، والتفتت المحكمة عن طلب سماع الشاهد الذي قام بإجراء عملية الشراء من المتهم الثاني ، واستدل على توافر قصد الإتجار لدى الطاعنة بما لا أصل له بالأوراق ، إذ أورد في معرض تدليله على ذلك أن الأقراص المضبوطة كانت معدة للبيع وغير مجنبة أو مخزنة وهو ما لم يرد بأقوال أي من شهود الواقعة أو مستنداتها ، هذا إلى أنه قضى ببراءة المتهم الثاني من الاتهام الأول المسند إليه رغم وحدة الأدلة التي دان بمقتضاها الطاعنة ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة حيازة عقار مخدر بقصد الإتجار التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات العقيد / .... والمفتش بإدارة التفتيش الصيدلي بمديرية الصحة بالبحيرة / .... و.... وما ثبت بتقرير المعامل الكيماوية وتقرير إدارة تفتيش الصيادلة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبة الحكم عليها ، لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة العقيد / .... وحوت بيانات كافية لتسويغ إصدار إذن التفتيش وهو أمر محقق في واقعة الدعوى ، ومن ثم يكون الإذن انبنى على تحريات جدية وأن دفع المتهمين يكون على غير أساس سليم " ، لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه ، فإن مجادلة الطاعنة في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة ، فضلاً عن أنه لا يقدح في جدية التحريات عدم بيان نوع المادة المخدرة أو مدة المراقبة بمحضر الضبط ؛ لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة أو المدافع عنها لم يدفع ببطلان إذن التفتيش على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه ، ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأنه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه من الطعن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود والمحكمة أمرت بتلاوتها وتُليت ، كما أن الطاعنة لم تطلب سماع الشاهد - الذي أشارت إليه بأسباب الطعن - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماع شهود لم يُطلب منها سماعهم ، هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن الشاهد الذي أشارت إليه الطاعنة بمذكرة أسباب طعنها هو ذاته المصدر السري الذي قام بعملية الشراء من المتهم الثاني ولم يكشف ضابط الواقعة عن شخصه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن سماع هذا الشاهد - بفرض صحة ذلك - لكونه شخصاً مجهولاً . لما كان ذلك ، وكان الإتجار في المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما تنتجها ، وكان من المقرر أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع ، فإن تزيد الحكم في معرض التدليل على توافر قصد الإتجار لدى الطاعنة بقوله " إذ تم ضبط الأقراص المخدرة بداخل الصيدلية معداً للبيع ولم يكن مجنباً أو مخزوناً " لا يمس منطقة أو النتيجة التي انتهى إليها في التدليل على قصد الإتجار لديها ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله ، ومن ثم فإن منعى الطاعنة على الحكم في هذا الصدد بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر ، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها ما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون ذلك تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في جزء من أقواله وغير صادق في شطر منها ، وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، كما أنه من حق محكمة الموضوع تجزئه أقوال الشهود فيما يمكن فيه التجزئة بأسباب خاصة بمتهم أو متهمين بذواتهم ، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الثاني .

وحيث إن مما ينعاه الطاعن بمذكرتي أسبابه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه اعتبر ما أسند إليه من قيامه ببيع أدوية مزاولة لمهنة الصيدلة في حين أن القانون رقم 127 لسنة 1995 الذي يحكم الواقعة قد عرف مهنة الصيدلة في مادته الأولى بأنها تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية ، وهو ما لم يتوافر في الدعوى المطروحة ، هذا إلى أن الحكم نسب للطاعن بيع شريط دوائي دون أن يحدد محتواه ، فضلاً عن أن الطاعن أنكر واقعة البيع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إنه يبين مطالعة القانون رقم 127 لسنة 1995 في شأن مزاولة مهنة الصيدلية أنه عرف ما يعتبر مزاولة لتلك المهنة في الفقرة الثانية من مادته الأولى بأنها تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا ، وواضح من تعريف القانون لمزاولة مهنة الصيدلة أنه قصرها على أفعال تجهيز الدواء أو تركيبة أو تجزئته ، لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر مجرد بيع الطاعن للشريط محل المحاولة الشرائية مزاولة لمهنة الصيدلة وعاقب الطاعن تبعاً لذلك بعقوبة الحبس المقررة في المادة 78 من القانون رقم 127 لسنة 1955 لمزاولة تلك المهنة دون الحصول على ترخيص ، يكون قد أخطأ في تطبيق صحيح القانون ، لما كان ما تقدم ، وكانت الدعوى بحالتها حسبما حصلها الحكم بالنسبة للطاعن خلت من دليل آخر على ارتكابه جرائم أخرى يمكن نسبتها إليه ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق