الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 مارس 2021

الطعن 12105 لسنة 82 ق جلسة 23 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 97 ص 583

جلسة 23 من ابريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ حسني عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد سعيد السيسي، ربيع محمد عمر ومحمد شفيع الجرف نواب رئيس المحكمة وضياء الدين عبد المجيد.
-------------
(97)
الطعن 12105 لسنة 82 القضائية
(1) نقض "الطعن بالنقض للمرة الثانية: التصدي للموضوع".
تصدي محكمة النقض للموضوع بعد نقض الحكم المطعون فيه للمرة الثانية. مؤداه. عدم تغير طبيعة الحكم باعتباره صادرا من محكمة النقض.

(2) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: انعقاد عقد الإيجار، بطلان الإيجار". بطلان "بطلان التصرفات: بطلان الإيجار".
انعقاد الإجارة قبل صدور قرار الحجر على المؤجر. عدم صلاحيته بذاته سندا لطلب بطلان عقد الإيجار. م 114 مدني. تمسك المستأنفين ببطلان عقد الإيجار لشيوع حالة العته وعلم المستأجر بها. دفاع جوهري. لا ينال منه دفع المستأنف ضده بصورية قرار الحجر لكونه على غير أساس. علة ذلك. سمو حجية الأحكام على اعتبارات النظام العام. مؤدى ذلك. الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية. حجيتها. مطلقة إذا تعلقت بمصلحة المجتمع ونسبية إذا تعلقت بمصالح الأفراد.

(3 - 7) أهلية "أهلية التصرف: تصرف المجنون أو المعتوه". إيجار "القواعد العامة في الإيجار: بطلان عقد الإيجار". بطلان "بطلان التصرفات". عقد "إبطال العقد". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة" "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود: سلطتها في تقدير قيام عارض من عوارض الأهلية المبطل للرضا".
(3) التفرقة بين تصرفات المجنون أو المعتوه في الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له. قرار الحجر قرينة على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه. تسجيل ذلك القرار قرينة على علم الغير بذلك. عدم صدور قرار بتوقيع الحجر على المجنون أو المعتوه لا يعني بمجرده أن تصرفاته صحيحة. ثبوت شيوع حالة العته وقت التعاقد أو علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف. كان لإبطاله ولو كان صادرا قبل توقيع الحجر وتسجيل قراره. علة ذلك.
(4) تقدير حالة العته. تقدير موضوعي يتعلق بفهم الواقع في الدعوى.
(5) محكمة الموضوع. حقها في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى.
(6) حق محكمة الموضوع في القضاء ببطلان العقود لعته المتصرف على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن.
(7) استخلاص المحكمة قيام العته بالمحجور عليه - المؤجر - وعلم المستأنف ضده المستأجر - بهذه الحالة وقت تحرير عقد الإيجار. مؤداه. بطلانه. م 114 مدني. إقرار ورثة المستأجرين السابقين الحانوتين محل النزاع بتنازلهم عن الإجارة للملاك. مؤداه. إخلاؤهما وتسليمهما للملاك.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تصدي محكمة النقض للموضوع والحكم فيه بعد نقض الحكم المطعون فيه وفقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات لا يغير من طبيعة هذا الحكم واعتباره صادرا من محكمة النقض.
2 - إذ كان المستأنفون قد تمسكوا في دفاعهم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 لعته المؤجر - ... - وشيوع هذه الحالة وعلم المستأجر - المستأنف ضده بالبند ثالثا - بها وقت التعاقد، فإن المحكمة تنوه إلى أن عقد الإيجار المشار إليه قد أبرم قبل صدور قرار الحجر على المؤجر المذكور في 6/ 5/ 2006، ومن ثم فإن هذا القرار لا يصلح بذاته سندا لطلب بطلان ذلك العقد طبقا للمادة 114 من القانون المدني، وإنما يكون طلب بطلانه على أساس شيوع هذه الحالة وقت العقد أو علم الطرف الآخر - المستأجر - بها، وهو ما تمسك به المستأنفون أمام محكمة الاستئناف وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته وتتعرض له هذه المحكمة - بعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين - لتقول كلمتها فيه باعتباره دفاعا جوهريا في ذات موضوع الدعوى، دون أن ينال من اعتبار هذا الدفاع جوهريا دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصورية قرار الحجر وما ساقه من قرائن للتدليل على هذه الصورية، ذلك أن حجية الأحكام - على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمادة 101 من قانون الإثبات - تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو عنوان الحقيقة بما افترضه المشرع فيه من حجية تحول دون إعادة طرح النزاع من جديد أو قبول إثبات ما يخالفه وذلك رعاية لحسن سير العدالة وضمانا للاستقرار واتقاء تأبيد المنازعات أو وقوع تعارض بين الأحكام، وهي أمور متعلقة بالنظام العام بل وتسمو على اعتباراته، ومؤدى ذلك أن الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية وهذه القرينة يتوقف مداها - من حيث كونها مطلقة أو نسبية - على طبيعة ونوع وموضوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع وكانت سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم كالمسائل الجنائية ومسائل الأحوال الشخصية التي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة فإن حجيتها تكون مطلقة قبل الناس كافة، أما إذا كانت متعلقة بمصالح الأفراد الخاصة وسلطة المحكمة في شأنها مقيدة بإرادة الخصوم ومرهونة بالتالي بما يقدمونه من أدلة، فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون سواهم. لما كان ذلك، فإن القرار الصادر بتوقيع الحجر على المؤجر/ ... يكون قد حاز قوة الأمر المقضي فيما قضى به من الحجر عليه للعته، ذلك أن القرار بوصفه منشئا لحالة مدنية له حجية مطلقة تسري في حق الناس جميعا، ومن ثم فإن دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصوريته يكون على غير أساس.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة 114 من القانون المدني وإن واجهت حالة الحجر وصدور قرار به وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون والمعتوه ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير به، إلا أنه ليس معني ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب أو لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة وإلا أنهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت شيوع حالة العته وقت التعاقد أو ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذا بأن الإرادة تعتبر ركنا من أركان التصرف القانوني، وإذ كان ذلك، فإن ما ينعى به المستأنف ضده بالبند ثالثا من أن عقد الإيجار سنده قد أبرم قبل بداية مدة السنة السابقة على صدور قرار الحجر بما يخرجه عن نطاق حكم المادة 114 سالفة البيان يكون فاقدا للأساس القانوني السليم.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو تقدير موضوعي يتعلق بفهم الواقع في الدعوى.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن للمحكمة كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقا وعدلا.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن (محكمة الموضوع) تملك أن تقيم قضاءها ببطلان العقود لعته المتصرف على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن.
7 - إذ كانت هذه المحكمة تطمئن لأقوال شهود المستأنفين وتستخلص منها أن المحجور عليه/ ... كان مصابا بعته معدم لإرادته وقت تحرير عقد الإيجار الصادر منه إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا، وأن حالة العته كانت شائعة ومعلومة للأخير وقت التعاقد، إذ تضافرت أقوالهم على أن إمارات العته بدت على المحجور عليه سالف الذكر عقب تعرضه لحادث سير في غضون عام 2001 وما زالت بادية عليه حتى الآن فقد اعتراه بعد الحادث خلل في قواه العقلية أفقده الوعي والقدرة على التركيز حتى إن المستأجر منهم بملك الأخير راح بعيد الحادث يتعامل مع نجله بعد ما رأه من عدم إدراكه لما يدور حوله، وأن حالته هذه كانت ومازالت شائعة بين أهالي المنطقة جميعا ويعلمها المستأنف ضده بالبند ثالثا بحكم أنه من أهالي المنطقة ويزاول بها تجارته وعلى صلة بالمحجور عليه المذكور، ومما يؤيد من رجحان الثقة في أقوال شهود المستأنفين ما ثبت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى ..... - المقدم من المستأنفين أمام هذه المحكمة - عن حالة المحجور عليه سالف الذكر منذ دخوله إلى المستشفى في فبراير 2001 حتى أبريل من نفس العام - وهو تاريخ معاصر لما قال به شهود المستأنفين - من أنه أصيب - وقتئذ - بنزيف تحت الأم الجافية وأجريت له جراحة لتفريغ النزيف وجراحة أخرى لتفريغ باقيه، وأنه يعاني من عدم اتزان في المشي مع ضعف في الذاكرة وعدم قدرة على التركيز، ويحتاج إلى متابعة طبية مستمرة، كما يزيد من اطمئنان المحكمة لأقوال هؤلاء الشهود ما ثبت أيضا بالتقرير الطبي العقلي الصادر من مستشفى ...... بالعباسية بتاريخ 23/ 4/ 2006 - والمقدم أيضا من المستأنفين أمام هذه المحكمة - من أن المحجور عليه سالف الذكر غير مدرك للزمان والمكان وذاكرته مشوشة وغير قادر على الاتزان ويعاني من دوار مخيخي مزمن وهي آفة عقلية تمنعه من إدارة أمواله بنفسه، ومن ثم فقد ثبت للمحكمة قيام حالة العته بالمحجور عليه/ ... وشيوع هذه الحالة إبان تأجيره المحلين مثار النزاع إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا بالعقد المؤرخ 1/ 4/ 2005 كما ثبت لها علم الأخير بهذه الحالة وقت التعاقد، مما مؤداه أن يكون عقد الإيجار سالف البيان باطلا وفقا للمادة 114 من القانون المدني، وهو ما يضحى معه طلب المستأنف ضده بالبند ثالثا - الخصم المتدخل - أمام محكمة أول درجة رفض الدعوى تأسيسا على شغله للمحلين موضوعها استنادا لهذا العقد مرفوضا ولا محل له، وإذ كان ذلك، وكان المستأنف ضدهم بالبندين الأولين - ورثة المستأجرين بالعقدين المؤرخين 1/ 6/ 1974 - قد قرروا أمام المحكمة المطعون في حكمها ولدى هذه المحكمة بتنازلهم عن إجارة المحلين موضوع النزاع للملاك وهو الأمر الذي حسمه الحكم الناقض بتاريخ 27/ 11/ 2013، ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإخلاء المحلين مثار النزاع وتسليمهما إلى المستأنفين خاليين، باعتبار أن ذلك أثر من آثار الإخلاء.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع مبينة في الحكم الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 23 من محرم سنة 1435 هجرية الموافق 27 من نوفمبر سنة 2013 ميلادية والذي قضى بنقض الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 123 قضائية القاهرة بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المستأنفون بكافة طرق الإثبات القانونية، بما فيها شهادة الشهود، أن حالة عته المحجور عليه/ ... كانت شائعة وقت إبرام عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 أو أن المستأنف ضده بالبند ثالثا كان على بينة منها، وللأخير النفي بذات الطرق، وعليه تحيل المحكمة في بيانها.

وحيث إنه نفاذا لحكم التحقيق فقد استمعت المحكمة إلى أقوال شهود الطرفين فأشهد المستأنفون كلا من ... و... و...، فأخبر أولهم بأنه مستأجر لمحل بملك المستأنفين وأنه في غضون عام 2001 تعرض المحجور عليه - ... - لحادث سير أدى إلى فقدانه للوعي والتركيز العقلي حتى إنه لا يستطيع التحرك بمفرده للآن، وقد شاع خبر إصابته الملازمة له حتى الآن بين جميع أهالي المنطقة الذين يتعاملون معه كمعتوه وأن ... - المستأنف ضده بالبند ثالثا - باعتباره من أهالي المنطقة وله محل قديم بها كان على علم بهذه الحالة، وأضاف بأنه منذ عام 2003 وهو يتعامل مع ابن المحجور عليها - ... - وأنه لا علم له بواقعة التأجير مثار النزاع، وجاءت أقوال الشاهدين الثاني والثالث في مضمونها بما لا يخرج عن أقوال الشاهد الأول، وأشهد المستأنف ضده بالبند ثالثا كلا من ... و... و... و... فذكر أولهم بأنه جار لطرفي النزاع وأنه لا علم له بقرار الحجر على/ ... ولا بالحادث الذي تعرض له وأن الأخير في كامل قواه العقلية وليس معتوها وحالته طبيعية للآن، وأضاف بأنه لم يحضر واقعة تحرير عقد الإيجار مثار النزاع وقد سمع بأن ... دفع لورثة المستأجرين السابقين للمحلين موضوع العقد مبلغ خمسة وسبعين ألف جنيه ومثله لـ ... مقابل تحرير العقد، وشهد الشهود الثلاثة الباقون بمضمون ما شهد به زميلهم الأول، وقدم الحاضر عن المستأنفين خمس حوافظ مستندات طويت على صورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 127 ق القاهرة، وصورة رسمية من القرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن رقم ... لسنة 81 ق، وصورة ضوئية من عقد إيجار مؤرخ أول مارس 2002 صادر للشاهد الثالث للمستأنف ضده بالبند ثالثا موقع عليه من المستأنفين كمؤجرين بما فيهم المحجور عليه/ ...، وصورة ضوئية من عقد إيجار مؤرخ 6/ 3/ 2003 صادر للشاهد الأول للمستأنفين موقع عليه منهم جميعا كمؤجرين بما فيهم المحجور عليه سالف الذكر تدليلا على أن توقيع الأخير منفردا على عقد الإيجار مثار النزاع تم على غير ما جرت عليه عادة هؤلاء الملاك في التأجير، كما طويت على صورة طبق الأصل من تقرير طبي عن حالة المحجور عليه المذكور خلال الفترة من فبراير حتى أبريل 2001 وصورة ضوئية من تقرير طبي عن حالته العقلية صادر من مستشفى ..... بالعباسية بتاريخ 23/ 4/ 2006 وصورة رسمية من قرار محكمة السيدة زينب للولاية على المال بتوقيع الحجر على المذكور بتاريخ 6/ 5/ 2006 وشهادة صادرة من جمعية ... تضمنت أن المحجور عليه سالف الذكر عضو شرفي بالجمعية ولا دور له في إدارتها، كما طويت على عقدي اتفاق بين الأخير وإدارتي ... و... التعليميتين مؤرخ أولهما في 26/ 9/ 1995 والثاني في 10/ 2/ 1996 وبعض المراسلات الموجهة من هاتين الإدارتين إلى المحجور عليه المذكور، تدليلا على مبرر الأخير لعمل توكيلات لأولاده، كما قدم الحاضر عن المستأنفين مذكرة صمم فيها على ما سبق وأن أبداه من دفاع ودفوع في الدعوى، وقدم الحاضرون مع المستأنف ضده بالبند ثالثا خمس حوافظ مستندات طويت على إيصالات سداد أجرة موقع عليها من المحجور عليه، وصور ضوئية لعقود إيجار صادرة عن المستأنفين، وإقرار صادر من المحجور عليه بملكيته للعقار الكائن به المحلين مثار النزاع وإنذار موجه إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا من وكيل المستأنفة الأولى يخطره فيه بشرائها لنصف العقار المشار إليه من المحجور عليه، وصورة ضوئية من محضر الجنحة رقم ... لسنة 2009 السيدة زينب والحكم الصادر فيها بإدانة الأخير بتهمة إجراء تعديلات في أعمال البناء بدون ترخيص، وصورة طبق الأصل لعقود وطلبات موقع عليها من المحجور عليه سالف الذكر في الفترة من 1/ 10/ 2003 حتى 21/ 8/ 2007 تدليلا على سلامة قواه العقلية، كما قدموا ثلاث مذكرات بدفاع المستأنف ضده بالبند ثالثا وقدم الأخير مذكرة موقع عليها منه ولم تذيل بتوقيع محام مقبول أمام محكمة النقض، وقد تضمنت المذكرات الثلاث الأول دفاعا مؤداه عدم انصراف حكم المادة 114 من القانون المدني على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 لأنها تستوجب لتطبيقها شيوع حالة العته خلال السنة السابقة على قرار الحجر والذي صدر في 6/ 5/ 2006 بعد تجاوز مدة السنة بشهرين، كما تضمنت دفعا بصورية قرار الحجر سالف البيان، وطلبوا في ختامها رفض الاستئناف والقضاء مجددا برفض الدعوى، كما قدم الحاضر عن المستأنف ضدهم بالبندين أولا وثانيا - ورثة المستأجرين السابقين للمحلين مثار النزاع - حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه ذكر فيها أنهم تقاضوا من المستأنف ضده بالبند ثالثا مبلغ خمسة وسبعين ألف جنيه نظير تنازلهم عن عقدي الإيجار المؤرخين 1/ 6/ 1974 للمالك/ ... الذي تقاضى بدوره مبلغ مماثل مقابل تحرير عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005، وطلب في ختامها تأييد طلبات المستأنف ضده بالبند ثالثا، وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم بجلسة اليوم.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن المحكمة تشير بداءة إلى أنها تستبعد المذكرة الموقع عليها من المستأنف ضده بالبند ثالثا وتلتفت عما ورد بها من دفاع لعدم التوقيع عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض، اعتبارا بأن تصدي محكمة النقض للموضوع والحكم فيه بعد نقض الحكم المطعون فيه وفقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات لا يغير من طبيعة هذا الحكم واعتباره صادرا من محكمة النقض.

وحيث إنه عن موضوع الاستئناف، فإنه لما كان المستأنفون قد تمسكوا في دفاعهم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 لعته المؤجر - ... - وشيوع هذه الحالة وعلم المستأجر - المستأنف ضده بالبند ثالثا - بها وقت التعاقد، فإن المحكمة تنوه إلى أن عقد الإيجار المشار إليه قد أبرم قبل صدور قرار الحجر على المؤجر المذكور في 6/ 5/ 2006، ومن ثم فإن هذا القرار لا يصلح بذاته سندا لطلب بطلان ذلك العقد طبقا للمادة 114 من القانون المدني، وإنما يكون طلب بطلانه على أساس شيوع هذه الحالة وقت العقد أو علم الطرف الآخر - المستأجر - بها، وهو ما تمسك به المستأنفون أمام محكمة الاستئناف وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، وتتعرض له هذه المحكمة - بعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين - لتقول كلمتها فيه باعتباره دفاعا جوهريا في ذات موضوع الدعوى، دون أن ينال من اعتبار هذا الدفاع جوهريا دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصورية قرار الحجر وما ساقه من قرائن للتدليل على هذه الصورية ذلك أن حجية الأحكام - على نحو ما أفصحت عنه المنكرة الإيضاحية للمادة 101 من قانون الإثبات - تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو عنوان الحقيقة بما افترضه المشرع فيه من حجية تحول دون إعادة طرح النزاع من جديد أو قبول إثبات ما يخالفه وذلك رعاية لحسن سير العدالة وضمانا للاستقرار واتقاء تأبيد المنازعات أو وقوع تعارض بين الأحكام، وهي أمور متعلقة بالنظام العام بل وتسمو على اعتباراته، ومؤدى ذلك أن الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية وهذه القرينة يتوقف مداها - من حيث كونها مطلقة أو نسبية - على طبيعة ونوع وموضوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع وكانت سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم كالمسائل الجنائية ومسائل الأحوال الشخصية التي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة فإن حجيتها تكون مطلقة قبل الناس كافة، أما إذا كانت متعلقة بمصالح الأفراد الخاصة وسلطة المحكمة في شأنها مقيدة بإرادة الخصوم ومرهونة بالتالي بما يقدمونه من أدلة، فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون سواهم، لما كان ذلك، فإن القرار الصادر بتوقيع الحجر على المؤجر/ ... يكون قد حاز قوة الأمر المقضي فيما قضى به من الحجر عليه للعته، ذلك أن هذا القرار بوصفه منشئا لحالة مدنية له حجية مطلقة تسري في حق الناس جميعا، ومن ثم فإن دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصوريته يكون على غير أساس.

وحيث إنه لما كانت المادة 114 من القانون المدني - والتي تنص على أنه "يقع باطلا تصرف المجنون أو المعتوه إذا صدر بعد تسجيل قرار الحجر، أما إذا صدر قبله فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها"- وإن واجهت حالة الحجر وصدور قرار به وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون والمعتوه ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير به، إلا أنه ليس معنى ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب أو لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة وإلا انهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت شيوع حالة العته وقت التعاقد أو ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذا بأن الإرادة تعتبر ركنا من أركان التصرف القانوني، وإذ كان ذلك، فإن ما ينعى به المستأنف ضده بالبند ثالثا من أن عقد الإيجار سنده قد أبرم قبل بداية مدة السنة السابقة على صدور قرار الحجر بما يخرجه عن نطاق حكم المادة 114 سالفة البيان يكون فاقدا للأساس القانوني السليم.

وحيث إنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو تقدير موضوعي يتعلق بفهم الواقع في الدعوى، وأن للمحكمة كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقا وعدلا، كما تملك أن تقيم قضاءها ببطلان العقود لعته المتصرف على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة تطمئن لأقوال شهود المستأنفين وتستخلص منها أن المحجور عليه/ ... كان مصابا بعته معدم لإرادته وقت تحرير عقد الإيجار الصادر منه إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا، وأن حالة العته كانت شائعة ومعلومة للأخير وقت التعاقد، إذ تضافرت أقوالهم على أن إمارات العته بدت على المحجور عليه سالف الذكر عقب تعرضه لحادث سير في غضون عام 2001 وما زالت بادية عليه حتى الآن فقد اعتراه بعد الحادث خلل في قواه العقلية أفقده الوعي والقدرة على التركيز حتى إن المستأجر منهم بملك الأخير راح بعيد الحادث يتعامل مع نجله بعد ما رآه من عدم إدراكه لما يدور حوله، وأن حالته هذه كانت وما زالت شائعة بين أهالي المنطقة جميعا ويعلمها المستأنف ضده بالبند ثالثا بحكم أنه من أهالي المنطقة ويزاول بها تجارته وعلى صلة بالمحجور عليه المذكور، ومما يؤيد من رجحان الثقة في أقوال شهود المستأنفين ما ثبت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى .... - المقدم من المستأنفين أمام هذه المحكمة - عن حالة المحجور عليه سالف الذكر منذ دخوله إلى المستشفى في فبراير 2001 حتى أبريل من نفس العام - وهو تاريخ معاصر لما قال به شهود المستأنفين - من أنه أصيب - وقتئذ - بنزيف تحت الأم الجافية وأجريت له جراحة لتفريغ النزيف وجراحة أخرى لتفريغ باقيه، وأنه يعاني من عدم اتزان في المشي مع ضعف في الذاكرة وعدم قدرة على التركيز، ويحتاج إلى متابعة طبية مستمرة، كما يزيد من اطمئنان المحكمة لأقوال هؤلاء الشهود ما ثبت أيضا بالتقرير الطبي العقلي الصادر من مستشفى ..... بالعباسية بتاريخ 23/ 4/ 2006 - والمقدم أيضا من المستأنفين أمام هذه المحكمة - من أن المحجور عليه سالف الذكر غير مدرك للزمان والمكان وذاكرته مشوشة وغير قادر على الاتزان ويعاني من دوار مخيخي مزمن وهي آفة عقلية تمنعه من إدارة أمواله بنفسه، ومن ثم فقد ثبت للمحكمة قيام حالة العته بالمحجور عليه/ ... وشيوع هذه الحالة إبان تأجيره المحلين مثار النزاع إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا بالعقد المؤرخ 1/ 4/ 2005 كما ثبت لها علم الأخير بهذه الحالة وقت التعاقد، مما مؤداه أن يكون عقد الإيجار سالف البيان باطلا وفقا للمادة 114 من القانون المدني، وهو ما يضحى معه طلب المستأنف ضده بالبند ثالثا - الخصم المتدخل - أمام محكمة أول درجة رفض الدعوى تأسيسا على شغله للمحلين موضوعها استنادا لهذا العقد مرفوضا ولا محل له، وإذ كان ذلك، وكان المستأنف ضدهم بالبندين الأولين - ورثة المستأجرين بالعقدين المؤرخين 1/ 6/ 1974 - قد قرروا أمام المحكمة المطعون في حكمها ولدى هذه المحكمة بتنازلهم عن إجارة المحلين موضوع النزاع للملاك وهو الأمر الذي حسمه الحكم الناقض بتاريخ 27/ 11/ 2013، ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإخلاء المحلين مثار النزاع وتسليمهما إلى المستأنفين خاليين، باعتبار أن ذلك أثر من آثار الإخلاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق