الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 مارس 2021

الطعن 13580 لسنة 82 ق جلسة 13 / 5 / 2014 مكتب فني 65 ق 104 ص 646

جلسة 13 من مايو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الرحيم الشاهد نائب رئيس المحكمة، محمد القاضي، صلاح عصمت وأحمد المنشاوي.
------------
(104)
الطعن 13580 لسنة 82 القضائية
(1) شركات "الدعاوى المتعلقة بالشركات: تمثيل الشركة أمام القضاء: صاحب الصفة في تمثيل شركات الأموال أمام القضاء".
رئيس مجلس إدارة شركة المساهمة. يمثلها أمام القضاء. م 85 ق 159 لسنة 1981. مثال.

(2) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون خصما حقيقيا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. أثره. عدم قبول اختصامه في الطعن. مثال.

(3 - 7) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية التقصيرية: الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية". مسئولية "عناصر المسئولية: الخطأ" "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية الشخص الاعتباري".
(3) الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية والعقدية. ماهيته.

(4) مسئولية الشخص المعنوي عن أخطاء ممثليه ووكلائه. شرطه. وقوعه أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها أو بمناسبتها.

(5) مسئولية الشخص المعنوي التقصيرية عن أفعال تابعه. مناطها. الانحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وتنكب المصلحة العامة والخروج على أغراض القانون. شرطه. عدم انقطاع علاقة السببية بين الخطأ والضرر بقيام سبب أجنبي أو قوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.

(6) استخلاص الخطأ. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. شرطه.

(7) الخطأ العقدي والتقصيري للمصرف. مناطه. ألا يؤدي فعله إلى إلحاق ضرر بالعميل. مؤداه. قيام مسئوليته وإن كان الفعل المؤدي إلى الضرر لا يشكل خطأ. علة ذلك. شرطه. وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل أو إثبات المصرف أن سلوكه يتفق والعادة المصرفية الصحيحة أو وجود اتفاق يعفيه من المسئولية العقدية عن الضرر المطلوب تعويضه أو انتفاء السبب الأجنبي.

(8 ، 9) رسوم "الرسوم القضائية: تقديرها".
(8) الرسوم القضائية. منازعات أفردها القانون بإجراءات معينة. شرطها. وجوب تقديم طلب بذلك من قلم كتاب المحكمة إلى رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال. م 16 ق 90 لسنة 1944. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصديه لمقدار الرسوم القضائية من تلقاء نفسه في ذات الحكم الصادر في موضوع الدعوى دون طلب من كتاب المحكمة المختصة. خطأ.

(9) الرسم المستحق لقلم الكتاب بعد الحكم في الدعوى أو الاستئناف. احتسابه على نسبة ما يحكم به في آخر الأمر. المواد 1، 3، 9، 21 ق 90 لسنة 1944 المعدل بالقوانين 66 لسنة 1964، 7 لسنة 1995، 126 لسنة 2009. قضاء الحكم المطعون فيه بتسوية الرسوم القضائية وفقا لمقدار طلبات الطاعن رغم قضائه برفض الدعوى دون الحكم لأي من طرفيها بشيء. خطأ.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - وعملا بالمادة 85 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية البسيطة بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، أن رئيس مجلس إدارة شركة المساهمة هو الذي يمثلها أمام القضاء. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده "بنك التنمية والائتمان الزراعي" هو شركة من شركات المساهمة مصرية، ومن ثم يكون المطعون ضده الأول هو من يمثله أمام القضاء دون المطعون ضده الثالث "المسئول عن فرع مطاي" ويضحى اختصام الأخير في الطعنين غير مقبول.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل ينبغي أن يكون خصما حقيقيا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الثاني بصفته لم توجه إليه أية طلبات ولم يقض له أو عليه في الحكم المطعون فيه، مما يكون معه اختصامه في الطعن بالنقض غير مقبول.

3 - المقرر - أن الخطأ الموجب للمسئولية العقدية هو عدم قيام المدين بالتزامه الناشئ عن العقد، أما الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية المنصوص عليه في المادة 163 من التقنين المدني، فهو الانحراف عن السلوك العادي المألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر حتى لا يضر بالغير، والانحراف في السلوك قد يقع من الشخص وهو يأتي رخصة، وقد يقع منه وهو يستعمل حقا ويخرج عن حدود كل منهما، ويكون أيضا في التعسف في استعمال الحق، أي بانتفاء كل مصلحة من استعماله.

4 - إن الأصل هو جواز مساءلة الشخص المعنوي مسئولية شخصية عن الأخطاء التي يرتكبها ممثلوه ووكلاؤه ومسئولية المتبوع عن أفعال تابعيه غير الممثلين له قانونا إذا وقعت أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها أو بمناسبتها.

5 - إن مسئولية الشخص المعنوي تتحقق على النحو الذي تتحقق به مسئولية الأفراد ويسأل عن أفعال تابعه إذا أساء استعمال سلطته بالانحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وتنكب بتصرفه المصلحة العامة فأضر بالغير كلما استعمل نصوص القانون ونفذها بقصد الخروج على أغراض القانون، فتتحقق المسئولية التقصيرية وجزاؤها التعويضي، ما لم يقطع علاقة السببية بين الخطأ والضرر سبب أجنبي سواء كان قوة قاهرة أو حادثا مفاجئا أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.

6 - المقرر - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه وبين الضرر مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه.

7 - لما كان الخطأ التقصيري لم يعد كافيا لاستيعاب حالات خطأ المصرف ولو في صورة التعسف في استعمال الحق وخاصة في حالة عدم إمكانية اكتشاف وجود خطأ من قبل العميل، وكذلك الخطأ العقدي إذا أساء المصرف تنفيذ التزامه العقدي أو سلك مسلكا يخالف ما استقرت عليه الأعراف والعادات المصرفية - وتعتبر من الواجبات المهنية - والإخلال بالواجب المهني بمعياره المعتاد هو في حقيقته إخلال بواجب عام بالنهي عن الإضرار بالغير، وإذا كانت المصارف تمارس مهنة تستفيد منها فيجب عليها تحمل مخاطرها أخذا بقاعدة الغرم بالغنم، فالمصرف مهما كانت حريته في إدارة أعماله إلا أن ذلك مشروط باستعمال هذه الحرية دون أن يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر بالعميل، حتى ولو كان فعل المصرف الذي أدى إلى الضرر لا يشكل خطأ، باعتبار أن ذلك من مخاطر المهنة التي يمارسها ويفيد من مغانمها ومن العدل أن يتحمل تبعاتها، وهو ما يجد له أساسا في قواعد الشريعة الإسلامية "المباشر ضامن ولو لم يقصد" وتحمل هذه التبعة مشروط بعدم وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل وبعدم إثبات المصرف أن سلوكه يتفق مع العادة المصرفية الصحيحة النافذة على العميل، وما لم يستند إلى سبب أجنبي أو شرط صحيح نافذ في العقد يعفيه من المسئولية العقدية عن الضرر المطلوب تعويضه دون التقصيرية التي لا يصح الاتفاق على الإعفاء منها عملا بالمادة 217/ 3 من التقنين المدني وإن جاز الاتفاق على التأمين منها. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أنها جاءت خلوا من أي دليل على أن ضررا لحق بالطاعن الذي لم يطلب تمكينه من إثباته بإحدى الطرق المقررة قانونا وكان ما أثاره بشأن المستندات وما كبدته من نفقات باهظة ووقت وجهد وما لحقه من خسارة وما فاته من كسب قد جاء في عبارة معماة مجهلة لبيان ماهيتها ودلالتها وأثرها في تغير وجه الرأي في الدعوى، وكانت محكمة أول درجة بما لها من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها قد استخلصت من أوراقها انتفاء الخطأ التقصيري والتعسف في استعمال الحق المنسوب للمصرف المطعون ضده وبالتالي انتفاء مسئوليته وجزاؤها التعويض ورتبت على ذلك قضائها برفض الدعوى المؤيد بالحكم المطعون فيه، وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمله، فإن النعي عليه يغدو في حقيقته جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.

8 - إن مفاد النص في المادة 16 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية في المواد المدنية يدل على أن المنازعات المتعلقة بأوامر تقدير الرسوم القضائية تعد من المنازعات التي أفردها القانون بإجراءات معينة إذ استوجب لإصدارها تقديم طلب بذلك من قلم كتاب المحكمة إلى رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدى لمقدار الرسوم القضائية من تلقاء نفسه في ذات الحكم الصادر في موضوع الدعوى دون طلب من قلم كتاب المحكمة المختصة فإنه يكون معيبا.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المستفاد من نصوص المواد 1، 3، 9، 21 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية، المعدل بالقوانين 66 لسنة 1964 و7 لسنة 1995 و126 لسنة 2009 أن الرسم النسبي الذي يستحقه قلم الكتاب بعد الحكم في الدعوى أو الاستئناف إنما يكون على نسبة ما يحكم به في آخر الأمر. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد سوى الرسوم القضائية وفقا لمقدار طلبات الطاعن، رغم قضائه برفض الدعوى، دون الحكم لأي من طرفيها بشيء بما لا يستحق لقلم الكتاب رسم أكثر مما حصل عند رفع الدعوى فإنه يكون معيبا.
-----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة 2010 بني سويف الاقتصادية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عما أصابه من أضرار من فعل المطعون ضده الثالث بصفته، وقال بيانا لدعواه إنه تقدم بطلب للحصول على قرض من البنك المطعون ضده الثالث بمبلغ خمسين ألف جنيه بغرض توسيع نشاطه في مشروع المقاولات والتوريدات الكهربائية، وذلك بعد استيفائه لكافة الأوراق والمستندات، إلا أن المطعون ضده الثالث رفض منحه القرض لعدم جدية المشروع فأقام الدعوى، وبتاريخ 29 من مايو سنة 2010 حكمت محكمة أول درجة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة المنيا الابتدائية، وحيث قيدت برقم ... لسنة 2010 مدني، وبتاريخ 29 من سبتمبر سنة 2010 حكمت برفض الدعوى وألزمت الطاعن بالمصروفات ومقدارها أربعة وعشرون ألفا وسبعمائة وخمسون جنيها ومبلغ اثنا عشر ألفا وثلاثمائة وخمسة وسبعين جنيها رسما لصالح صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 46 ق أمام محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" وبتاريخ 5 من يونيه سنة 2012 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته أن رئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة هو الذي يمثلها أمام القضاء.

وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - وعملا بالمادة 85 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية البسيطة بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة أن رئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة هو الذي يمثل الشركة أمام القضاء. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده "مصرف ..." هو شركة مساهمة مصرية، ومن ثم يكون المطعون ضده الأول هو من يمثله أمام القضاء دون المطعون ضده الثالث المسئول عن فرع مطاي ويضحى اختصام الأخير في الطعنين غير مقبول.

وحيث إن مبنى الدفع الثاني المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته "محافظ البنك المركزي".

وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل ينبغي أن يكون خصما حقيقيا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الثاني بصفته لم توجه إليه أية طلبات ولم يقض له أو عليه في الحكم المطعون فيه، مما يكون معه اختصامه في الطعن بالنقض غير مقبول.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أسس قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي بشأن عدم توفر الخطأ في حق البنك المطعون ضده الأول وأنه استعمل حقه المشروع في رفض الموافقة على طلب القرض الذي تقدم به الطاعن دون أن يبين وجه هذا الحق وكيفية استدلاله عليه، في حين أن البنك ارتكب خطأ تقصيريا بمطالبته للطاعن بإعداد المستندات اللازمة لصرف القرض دون اشتراط أن يكون إعداد المكان اللازم لمباشرة المشروع من ضمن شروط القرض، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن الخطأ الموجب للمسئولية العقدية هو عدم قيام المدين بالتزامه الناشئ عن العقد، أما الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية المنصوص عليه في المادة 163 من التقنين المدني، فهو الانحراف عن السلوك العادي المألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر حتى لا يضر بالغير، والانحراف في السلوك قد يقع من الشخص وهو يأتي رخصة، وقد يقع منه وهو يستعمل حقا ويخرج عن حدود كل منهما ويكون أيضا في التعسف في استعمال الحق، أي بانتفاء كل مصلحة من استعماله، وإن كان الأصل هو جواز مساءلة الشخص المعنوي مسئولية شخصية عن الأخطاء التي يرتكبها ممثلوه ووكلاؤه ومسئولية المتبوع عن أفعال تابعيه غير الممثلين له قانونا إذا وقعت أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها أو بمناسبتها، وتتحقق مسئولية الشخص المعنوي على النحو الذي تتحقق به مسئولية الأفراد ويسأل عن أفعال تابعه إذا أساء استعمال سلطته بالانحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وتنكب بتصرفه المصلحة العامة فأضر بالغير كلما استعمل نصوص القانون ونفذها بقصد الخروج على أغراض القانون فتتحقق المسئولية التقصيرية وجزاؤها التعويضي، ما لم يقطع علاقة السببية بين الخطأ والضرر سبب أجنبي سواء كان قوة قاهرة أو حادثا مفاجئا أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه وبين الضرر مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه، وإذا كان الخطأ التقصيري لم يعد كافيا لاستيعاب حالات خطأ المصرف ولو في صورة التعسف في استعمال الحق - وخاصة في حالة عدم إمكانية اكتشاف وجود خطأ من قبل العميل، وكذلك الخطأ العقدي إذا أساء المصرف تنفيذ التزامه العقدي أو سلك مسلكا يخالف ما استقرت عليه الأعراف والعادات المصرفية وتعتبر من الواجبات المهنية، والإخلال بالواجب المهني بمعياره المعتاد هو في حقيقته إخلال بواجب عام بالنهي عن الإضرار بالغير، وإذا كانت المصارف تمارس مهنة تستفيد منها فيجب عليها تحمل مخاطرها أخذا بقاعدة الغرم بالغنم، فالمصرف مهما كانت حريته في إدارة أعماله إلا أن ذلك مشروط باستعمال هذه الحرية دون أن يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر بالعميل، حتى ولو كان فعل المصرف الذي أدى إلى الضرر لا يشكل خطأ، باعتبار أن ذلك من مخاطر المهنة التي يمارسها ويفيد من مغانمها ومن العدل أن يتحمل تبعاتها، وهو ما يجد له أساسا في قواعد الشريعة الإسلامية "المباشر ضامن ولو لم يقصد" وتحمل هذه التبعة مشروط بعدم وقوع خطا أو إهمال من جانب العميل وبعدم إثبات المصرف أن سلوكه يتفق مع العادة المصرفية الصحيحة النافذة على العميل، وما لم يستند إلى سبب أجنبي أو شرط صحيح نافذ في العقد يعفيه من المسئولية العقدية عن الضرر المطلوب تعويضه دون التقصيرية التي لا يصح الاتفاق على الإعفاء منها عملا بالمادة 217/ 63 من التقنين المدني وإن جاز الاتفاق على التأمين منها. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أنها جاءت خلوا من أي دليل على أن ضررا لحق بالطاعن الذي لم يطلب تمكينه من إثباته بإحدى الطرق المقررة قانونا وكان ما أثاره بشأن المستندات وما كبدته من نفقات باهظة ووقت وجهد وما لحقه من خسارة وما فاته من كسب قد جاء في عبارة معماة مجهلة لبيان ماهيتها ودلالتها وأثرها في تغير وجه الرأي في الدعوى، وكانت محكمة أول درجة بما لها من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها قد استخلصت من أوراقها انتفاء الخطأ التقصيري والتعسف في استعمال الحق المنسوب للمصرف المطعون ضده، وبالتالي انتفاء مسئوليته وجزاؤها التعويضي ورتبت على ذلك قضائها برفض الدعوى المؤيد بالحكم المطعون فيه، وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمله، فإن النعي عليه يغدو في حقيقته جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ ألزمه بالرسوم النسبية ورسم صندوق الخدمات وحدد مقدارها على قيمة الدعوى رغم أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد النص في المادة 16 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية في المواد المدنية يدل على أن المنازعات المتعلقة بأوامر تقدير الرسوم القضائية تعد من المنازعات التي أفردها القانون بإجراءات معينة، إذ استوجب لإصدارها تقديم طلب بذلك من قلم كتاب المحكمة إلى رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدى لمقدار الرسوم القضائية من تلقاء نفسه في ذات الحكم الصادر في موضوع الدعوى دون طلب من قلم كتاب المحكمة المختصة، فإنه يكون معيبا مما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص كما أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المستفاد من نصوص المواد 1، 3، 9، 21 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية المعدل بالقوانين 66 لسنة 1964 و7 لسنة 1995 و126 لسنة 2009 أن الرسم النسبي الذي يستحقه قلم الكتاب بعد الحكم في الدعوى أو الاستئناف إنما تكون على نسبة ما يحكم به في آخر الأمر. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد سوى الرسوم القضائية وفقا لمقدار طلبات الطاعن رغم قضائه برفض الدعوى، دون الحكم لأي من طرفيها بشيء بما لا يستحق لقلم الكتاب رسم أكثر مما حصل عند رفع الدعوى فإنه يكون معيبا مما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم، يتعين تعديل الحكم المستأنف بإلغاء مقدار الرسوم النسبية ورسوم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية والتأييد فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق