باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حاكم إمارة رأس الخيمة
-------------------------
محكمة تمييز رأس الخيمة
الدائرة المدنية و التجارية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمودة الشريف رئيس الدائرة
وعضوية السيدين المستشارين/ صلاح عبد العاطي أبو رابح ومحمد عبدالعظيم عقبة
وأمين السر السيد/ حسام على
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأربعاء 15 جمادى الأول 1437 ه الموافق 24 من فبراير من العام 2016
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 130 لسنة 10 ق 2015 مدني
الطاعن / شركة ... للتأمين بوكالة المحامي/.....
المطعون ضده / .... عن نفسه و بصفته بوكالة المحامي ...
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / صلاح عبد العاطي أبو رابح والمرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته أقام ضد الشركة الطاعنة الدعوى رقم 402 لسنة 2014 رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم بالتعويض المادي والأدبي عما لحق من جراء وفاة نجلة بسبب حادث السيارة من مخاطرها لدى الشركة الطاعنة ودين قائدها بحكم جنائي بات .محكمة أول درجة حكمت بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده عن نفسه وبصفته وكيلاً عن جنت خاتون مبلغ ثمانين ألف درهم بالسوية بينهما تعويضاً عن ضررهما الشخصي الأدبي ورفضت الدعوى فيما عدا ذلك استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 98 لسنة 2015 استئناف رأس الخيمة وبتاريخ 25/5/2015 قضت المحكمة بالتأييد .طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظرة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم .
حيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني مخالفة القانون ذلك أنه قضى للمطعون ضده عن نفسه وبصفته بمبلغ ثمانين ألف درهم تعويضاً عن الأضرار الأدبية التي أصابتهما من جراء وفاة مورثهما في حين أن الديه الشرعية المقضي بها من المحكمة الجزائية للمطعون ضدهما تغطي الضرر الذي لحقهما من جراء وفاة المورث فيكون قد جمع بين الديه والتعويض بالمخالفة لنص المادة 299 من قانون المعاملات المدنية مما يعيبه ويستوجب نقضة.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن من المقرر وفق ما تقضي به المادة 299 من قانون المعاملات المدنية أن المحظور هو الجمع بين الديه الشرعية أو الأرش وبين التعويض عما يلحق بشخص المضرور نتيجة الإيذاء الواقع عليه أما التعويض المستحق لورثته عما يصيبهم من ضرر شخصي مادي أو أدبي بسبب فقدهم لموروثهم فإنه يخرج عن نطاق التعويض الذي عناه المشرع بحظر الجمع بينه وبين الديه أو الأرش وبالتالي فإنه يجوز للقاضي الجمع بين الديه المستحقة لورثة المتوفي ، وما يكون قد لحق أشخاصهم من أضرار أدبية ، لما كان ذلك ،وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بتعويض المطعون ضدهما عن الضرر الأدبي الذي لحق بهما من جراء وفاة مورثهما بالإضافة إلى قيمة الديه كاملة المقررة قانوناً والذي قضى فيها الحكم الجزائي البات فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع إذ قضى بالتعويض للمطعون ضدهما على الرغم من أنهما لم يقدما ما يدل على وجود إخلال بمصلحة ماليه بوفاة مورثهما .مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك إن البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى برفض الشق الخاص بالمطالبة بالتعويض المادي وإذا إنتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض هذا الدفع فإن النعي على ما ورد في هذا الخصوص يكون غير صحيح وعلى غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه .
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع إذ قضى بالتعويض على الرغم من إن مورث المطعون ضدهما قد ساهم في وقوع الحادث بنسبة 95% مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك انه من المقرر أن الديه الشرعية هي عقوبة أصلية قانوناً فضلاً عن كونها تعد بمثابة تعويض وأن توزيعها بهذا الوصف بنسبة درجة الخطأ المنسوب لكل منهم والغير على أساس اشتراكهما فيه والذي أدى إلى الوفاة ليس فيه افتئات على قيمتها الأصلية المحددة قانوناً ما دام أن هذه القيمة هي التي اتخذت أساساً في التوزيع لأن الديه الكاملة بقيمتها المحددة لا يقضي بها كاملاً إلا في حالة ثبوت الخطأ الكامل في جانب المتهم الذي لا يكون للمجني عليه أو لغيرة مساهمة مباشرة فيه ، ومن ثم يجوز للقاضي الجنائي انقاص قيمة الديه الشرعية لورثة المتوفى إذ ثبُت أن المجني عليه أو غيره قد ساهم في الخطأ المنسوب للجاني والذى ترتب عليه الوفاة ، ومن المقرر أيضاً أن المحكمة المدنية ترتبط بالحجية التي اكتسبها الحكم الجزائي البات بإدانة المتهم طالما أن الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم كانت لازمة وضرورية للقضاء بالعقوبة وهذه الحجية تحول دون إمكان إثارة النزاع في الدعوى المدنية بمقولة انتفاء الخطأ في جانب مرتكب الحادث الذي قضى بإدانته أو بانقطاع رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين إصابة المجني عليه لما في ذلك من مساس بحجية الحكم الجزائي الذي قضى بإدانة المتهم عن فعلة الخاطئ ، بحيث إذا قضى بإلزامه بالديه كامله، فإن مؤدى ذلك أنه نفى ضمنا مساهمة المجني عليه أو الغير في هذا الخطأ وأنه هو المسؤول وحده عن نتيجة فعلة الإجرامي ، لما كان ذلك ، وكان الحكم الجزائي الصادر في الجنحة رقم 329 لسنة 2013 جنح مرور رأس الخيمة قد قضى بإدانة قائد السيارة مرتكبه الحادث والمؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة بتغريمه والزامة بأن يؤدي لورثة المتوفى (المطعون ضدهما ) قيمة الديه كاملة ، وبالتالي فإن هذا الحكم يكون قد اكتسب الحجية في شأن مسئوليته وحده عن الخطأ المسند إليه الذي ترتب عليه وفاة مورث المطعون ضدهما وإذ خلص الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في أسبابه إلى هذه النتيجة ونفي مساهمة مورث المطعون ضدهما في الخطأ وإحداث الضرر وأن قائد السيارة هو السبب المباشر الوحيد في وقوع الحادث وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله اصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه فإن ما تثيره الشركة الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق