الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 مايو 2020

الطعن 1042 لسنة 24 ق جلسة 20 / 10 / 1958 مكتب فني 9 ج 3 ق 200 ص 817


جلسة 20 من أكتوبر سنة 1958
برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل، وعادل يونس المستشارين.
----------------
(200)
الطعن رقم 1042 سنة 24 القضائية

استدلال.
إجراءات التحقيق التي يملكها استثناء رجال الضبط القضائي. القبض على المتهمين الاستيقاف لا يعد قبضا. مثال.
اقتياد السيارة وبها المتهم إلى نقطة البوليس بعد هرب راكبين منها يحملان سلاحا ناريا يعتبر استيقافا افتضاه سير السيارة من غير نور.

--------------
إن ما قام به رجال الهجانة من اقتياد السيارة التي كان يركبها المتهم وبها هذا الأخير إلى نقطة البوليس بعد هروب راكبين منها يحملان سلاحا ناريا في وقت متأخر من الليل لا يعدو أن يكون صورة من صور الاستيقاف اقتضته بادئ الأمر ملابسات جدية هي سير السيارة بغير نور فلا يرقى إلى مرتبة القبض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولا - أحرز جواهر مخدرة "حشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. ثانيا - أحرز ذخائر تستعمل في الأسلحة دون أن يكون مرخصا له بإحراز السلاح. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33/ 1 ج و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (أ) المرفق و1 و5 و10 و12 من القانون رقم 58 سنة 1949 فقررت بذلك. وأمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات أولا - بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة وذلك عن التهمة الأولى. وثانيا - بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة أربعة أشهر والمصادرة عن التهمة الثانية وذلك على اعتبار أن المتهم أحرز المخدر بقصد التعاطي وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنه في غير محله. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات ذلك أن محكمة الجنايات سمعت أقوال الجنديين عبد الحليم عثمان صالح وحسن أحمد يوسف وقد اتفقت إجابتهما على أنهما لا يذكران شيئا عن الحادث لمضى فترة طويلة على وقوعه فتلت عليهما المحكمة أقوالهما في التحقيقات فأقراها ثم شرعت المحكمة في مناقشتها مع أن اعتذارهما بأن مضى الوقت قد محا من ذاكرتهما وقائع الدعوى اعتذار غير مقبول لأنهما ليسا من رجال الضبط القضائي ولا يعهد إليهما بإجراء تحقيقات في الحوادث الجنائية، وكان يتعين على المحكمة أن تحاول حملها على الإجابة على ما توجهه إليهما من أسئلة بدلا من أن تعيد عليهما تلاوة أقوالهما في التحقيقات، ومن ثم تكون الطريقة التي اتبعتها المحكمة في مناقشة هذين الشاهدين مخالفة للقانون ولا تؤدى إلى إظهار الحقيقة على الوجه الصحيح.
وحيث إنه لما كانت المادة 290 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه "إذا قرر الشاهد أنه لم يعد يذكر واقعة من الوقائع يجوز أن يتلى من شهادته التي أقرها في التحقيق أو من أقواله في محضر جمع الاستدلالات الجزء الخاص بهذه الواقعة. وكذلك الحال إذا تعارضت شهادة الشاهد التي أداها في الجلسة مع شهادته أو أقواله السابقة" فإن الإجراء الذي اتخذته المحكمة بتلاوة أقوال الشاهدين في التحقيقات بعد أن قرر أنهما لا يذكران شيئا عن الحادث لمضى حقبة طويلة من الوقت على وقوعه هو إجراء صحيح مطابق للقانون، ويكون ما جاء بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثاني من الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه تناقض واضطراب ذلك أنه أثبت في صدره أن الطاعن أدخل يده اليمنى في جيبه الأيمن وأسقط منديلا ارتطم بالأرض واستعان الحاضرون على اكتشافه بضوء (بطارية) ثم التقطه الجاويش سليم علي إبراهيم الذي وجد بداخله أربع طلقات خرطوش وعليه دخان وقطعة حشيش - واستطرد الحكم بعد ذلك قائلا إن أحد لم ينظر الطاعن يضع يده في جيبه أو يلقى بالمنديل على الأرض وأن الشهود إنما سمعوا فقط صوت سقوط المنديل على الأرض فالتقطوه وإذا به يحوى هذه الممنوعات - وهو تناقض من شأنه إبهام الواقعة الأساسية التي استند عليها الحكم في الإدانة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. وكان التناقض في أقوال الشهود بفرض قيامه لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه، لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم من أن الطاعن قد أسقط المنديل الذي يحوى المخدر على الأرض له أساس من الأوراق إذ يبين من أقوال شاهدي الإثبات عبد الحليم عثمان صالح وحسن أحمد يوسف اللذين سمعتهما المحكمة بالجلسة أن هذا المنديل سقط من الطاعن وقت نزوله من السيارة ولم يكن بها وقتذاك سواه ووجد به خاتم باسمه واعترف الطاعن بملكيته لهذا المنديل وإن أنكر حيازته للمخدر. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، فقد دفع الطاعن ببطلان الإجراءات استنادا إلى أن جنود الهجانة قد تصرفوا معه تصرفا تعسفيا بأن اقتادوا السيارة التي كان يركباها إلى نقطة البوليس دون أن يلحق به اتهام أو اشتباه ثم زعموا أنه أسقط على الأرض منديلا يحوى ممنوعات ومن ثم فإن القبض عليه يكون باطلا، إلا أن المحكمة أخطأت إذ اعتبرت أن الدفع قاصر على إجراءات التفتيش بنقطة البوليس وذهبت إلى أن تخلى الطاعن عن المنديل ومحتوياته كان بمحض اختياره، مع أن هذا الدفع ينصب أصلا على القبض الباطل الواقع على الطاعن واقتياده قسرا إلى نقطة البوليس دون قيام لذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما جاء بهذا الوجه من الطعن ورد عليه في قوله "وحيث إن الحاضر مع المتهم دفع ببطلان القبض والتفتيش مع أن الثابت من أوراق التحقيقات ومما دار بالجلسة أن المتهم ألقى بالمنديل وبه المخدر والذخائر طواعية واختيارا فتخلى عنه وأضحى فرز ما بالمنديل لا يعد تفتيشا لأنه لم يقع على شيء في حوزة إنسان أو تحت سيطرته فضلا عن أن هذا الوضع في حد ذاته يمكن أن يكون ظاهرة وأمارة قوية على خلق حالة تلبس تبيح تفتيش المتهم والقبض عليه - أم ضبط المتهم واقتياده مع العربة إلى نقطة البوليس فأمر يسوغه مرور العربة في منتصف الليل ولا نور فيها وهروب اثنين من ركابها وكانا يحملان سلاحا فكان لرجال الداورية أن يقتادوا المتهم لنقطة البوليس للتحري عنه". لما كان ذلك وكان هذا الذي قاله الحكم صحيحا في القانون، إذ ما قام به رجال الهجانة من اقتياد السيارة التي كان يركبها الطاعن وبها هذا الأخير إلى نقطة البوليس بعد هروب راكبين منها يحملان سلاحا ناريا في وقت متأخر من الليل لا يعدو أن يكون صورة من صور الاستيقاف اقتضته بادئ الأمر ملابسات جدية هي سير السيارة بغير نور ولا يرقى إلى مرتبة القبض - لما كان كل ما تقدم وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن هو الذي تخلى بإرادته بعد ذلك عن المنديل الذي يحوى المخدر فإنه لا يقبل منه التنصل من تبعة إحراز المخدرات.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق