جلسة 5 من نوفمبر سنة
1964
برياسة السيد/ محمود
القاضي نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي،
ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.
-------------
(150)
الطعن رقم 7 لسنة 30
القضائية
)أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
"دعوى المسئولية". تعويض. تقادم. "التقادم المسقط". دعوى.
أحكام العمل غير المشروع.
انطباقها على أنواع المسئولية الثلاث. النص في المادة 172 مدني على تقادم دعوى
التعويض الناشئة من العمل غير المشروع بثلاث سنوات. مفاده، تقادم دعوى المسئولية
عن العمل الشخصي وعمل الغير وعن الأشياء بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه
المضرور بحوث الضرر وبالشخص المسئول عنه قانوناً.
)ب) مسئولية.
"مسئولية تقصيرية". "عناصر المسئولية". محكمة الموضوع. حكم.
"عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
استخلاص علم المضرور
بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. استقلال قاضي الموضوع به. لمحكمة النقض بسط
رقابتها متى كانت أسباب الاستخلاص ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي
انتهى إليها الحكم. إقران الحكم المطعون فيه علم الطاعنات بحدوث الضرر وبالشخص
المسئول عنه بتاريخ وقوع الضرر. انتفاء التلازم الحتمي بينما تعييبه بالقصور.
--------------
1 - عقد المشرع لمصادر
الالتزام فصولاً خمسة حيث خصص الفصل الثالث منها للمصدر الثالث من مصادر الالتزام
جاعلاً عنوانه العمل غير المشروع ثم قسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع رصد الفرع الأول
منها للمسئولية عن الأعمال الشخصية والفرع الثاني للمسئولية من عمل الغير والفرع
الثالث للمسئولية عن الأشياء، مما مفاده أن أحكام العمل غير المشروع تنطبق على
أنواع المسئولية الثلاث. وإذ تحدث المشرع عن تقادم دعوى المسئولية المدنية فقد
أورد نص المادة 172 من القانون المدني عاماً منبسطاً على تقادم دعوى التعويض
الناشئة عن العمل غير المشروع بصفة عامة، واللفظ متى ورد عاماً ولم يقم الدليل على
تخصيصه وجب حمله على عمومه وإثبات حكمه قطعاً لجميع أفراده، ومن ثم تتقادم دعوى
المسئولية عن العمل الشخصي ودعوى المسئولية عن الأشياء بانقضاء ثلاث سنوات من
اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول قانوناً عنه. ولا يؤثر في
ذلك كون المسئولية الأولى تقوم على خطأ ثابت وكون الثانية تقوم على خطأ مفترض لا
يقبل إثبات العكس إذ أن كليهما مصدره الفعل غير المشروع الذي تترتب عليه المسئولية
والتي لا يتأثر تقادم دعوها بطريقة إثبات الخطأ فيها. ولا وجه للتحدي بورود نص
المادة 172 في موضعها من مواد المسئولية عن الأعمال الشخصية للقول بقصره على تقادم
دعوى تلك المسئولية إذ أن الثابت من الأعمال التحضيرية أن المشرع حين عرض لأحكام
العمل غير المشروع عرض لها في قسمين رئيسيين أفرد أولهما للمسئولية من الأعمال
الشخصية مضمناً إياه القواعد العامة للمسئولية ومنها التقادم وأفرد ثانيهما لأحوال
المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء ولا مراء في أن القواعد
العامة تنطبق على جميع أنواع المسئولية (1).
2 - إنه وإن كان استخلاص علم
المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع والتي
يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب
التي بني عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى
إليها الحكم. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قرن علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص
المسئول عنه بتاريخ وقوع الضرر مع انتفاء التلازم الحتمي بينهما ولم يعن ببيان
العناصر التي استخلص منها اقتران العلم بتاريخ وقوع الضرر فإنه يكون مشوباً
بالقصور (2).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل -
كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنات رفعن على
المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 228 سنة 1956 كلي أمام محكمة سوهاج الابتدائية وطلبن
فيها الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 800 جنيه قائلات في تبيان دعواهن إنهن يملكن منزلاً
كائناً ببندر أخميم وقد حدث في فبراير سنة 1953 أن انفجرت أنابيب المياه الممتدة
بالشارع المار بالجهة القبلية للمنزل نتيجة إهمال عمال المجلس البلدي في صيانتها
وعدم الكشف عليها في أوقات منتظمة مما أدى إلى انهيار المنزل وتهدمه بأكمله، وقد
بادر عقب الانهيار برفع دعوى إثبات الحالة رقم 408 سنة 1954 مدني أخميم طلبن فيها
تعيين خبير لمعاينة المنزل وبيان سبب تهدمه وتقدير ما لحقهن من ضرر من جراء ذلك
وقد أجابتهن المحكمة إلى طلبهن وأودع الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن السبب
المباشر لانهيار المنزل هو انفجار أنابيب مياه المجلس البلدي وأن التكاليف اللازمة
لإعادة بناءه إلى الحالة التي كان عليها قبل الانهيار تقدر بمبلغ ثمانمائة جنيه
وقد قضت محكمة سوهاج الابتدائية في 29 من أكتوبر سنة 1958 بإلزام المدعى عليه
بصفته (المطعون ضده) بأن يدفع للمدعيات (الطاعنات) مبلغ ثمانمائة جنيه رفع المطعون
ضده استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 37 سنة 34 ق ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 7/
12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط حق المستأنف عليهن (الطاعنات) في الدعوى
تأسيساً على مرور ثلاث سنوات من تاريخ علمهن بالضرر وبالشخص المسئول عنه. طعن
الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها
رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة
المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنات ينعين
بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين كيف واقعة الدعوى
بغير تكييفها الصحيح فوصف مسئولية المطعون ضده خطأ بأنها مسئولية عن عمل شخصي
تحكمها المادة 163 من القانون المدني بينما هي مسئولية ناشئة عن شيء تحكمها المادة
178 من ذلك القانون وقد جره هذا الخطأ إلى خطأ آخر هو تطبيق التقادم الثلاثي
المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني مع أن التقادم الوارد بهذا النص لا
ينطبق إلا على دعوى التعويض عن المسئولية عن العمل الشخصي دون دعوى التعويض عن عمل
الغير وعن المسئولية الناشئة عن الأشياء يدل على ذلك اختلاف مصدر الالتزام في كل
من المسئوليات الثلاث فبينما مصدره في الأولى الخطأ الشخصي الثابت إذا مصدره في
الثانية الخطأ المفترض الذي يقبل إثبات العكس وفي الثالثة الخطأ المفترض الذي لا
يقبل إثبات العكس - كما يدل عليه أيضاً أن المشرع حين أورد نص المادة 172 أوردها
في نهاية المواد الخاصة بالمسئولية عن الأعمال الشخصية وقبل المواد الأخرى الخاصة
بالمسئوليتين الأخريين مما مفاده عدم انطباقه عليهما وخضوعهما للقواعد العامة في
التقادم. وإذ كان هذا النص نصاً استثنائياً فإنه لا يجوز التوسع في تفسيره.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأنه أياً كان الرأي في تكييف مسئولية المطعون ضده وهل هي مسئولية عن عمل شخصي أو
مسئولية ناشئة عن شيء فإن كلا المسئوليتين ينطبق عليهما حكم المادة 172 من القانون
المدني ذلك أن المشرع عقد لمصادر الالتزام فصولاً خمسة حيث خصص الفصل الثالث منها للمصدر
الثالث من مصادر الالتزام جاعلاً عنوانه العمل غير المشروع ثم قسم هذا الفصل إلى
ثلاثة فروع رصد الفرع الأول منها للمسئولية عن الأعمال الشخصية والفرع الثاني
للمسئولية عن عمل الغير والفرع الثالث للمسئولية الناشئة عن الأشياء مما مفاده أن
أحكام العمل غير المشروع تنطبق على أنواع المسئولية الثلاث وإذ تحدث المشرع عن
تقادم دعوى المسئولية المدنية فقد أورد نص المادة 172 عاماً منبسطاً على تقادم
دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بصفة عامة واللفظ متى ورد عاماً ولم
يقم دليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه وإثبات حكمه قطعاً لجميع أفراده ومن ثم
تتقادم دعوى المسئولية عن العمل الشخصي ودعوي المسئولية الناشئة عن الأشياء
بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول
قانوناً عنه ولا يؤثر في ذلك كون المسئولية الأولى تقوم على خطأ ثابت وكون الثانية
تقوم على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس إذ أن كليهما مصدره الفعل غير المشروع
الذي تترتب عليه المسئولية والتي لا يتأثر تقادم دعوها بطريقة إثبات الخطأ فيها
ولا وجه للتحدي بورود نص المادة 172 في موضعها من مواد المسئولية عن الأعمال
الشخصية للقول بقصره على تقادم دعوى تلك المسئولية إذ أن الثابت من الأعمال
التحضيرية أن المشرع حين عرض لأحكام العمل غير المشروع عرض لها في قسمين رئيسيين
أفرد أولهما للمسئولية عن الأعمال الشخصية مضمناً إياه القواعد العامة للمسئولية
ومنها التقادم وأفرد ثانيهما لأحوال المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن
الأشياء ولا مراء في أن القواعد العامة تنطبق على جميع أنواع المسئولية ومن ثم
يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات ينعين
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه على زعم أن المادة
172 من القانون المدني تنص على أن التقادم الثلاثي يبدأ من اليوم الذي علم فيه
المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه فإن الحكم المطعون فيه اعتبر بدء التقادم
سارياً من تاريخ وقوع الضرر دون أن يبين العناصر التي استخلص منها تاريخ بدء سريان
التقادم مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح
ذلك أن الحكم المطعون فيه حين عرض لسقوط الدعوى بالتقادم قرر ما يأتي "وحيث
إن هذه المحكمة تتبين من مطالعة صحيفة الدعوى الابتدائية أن المستأنف عليهن
(الطاعنات) اختصمن المستأنف (الطاعن) وأعلنه بتاريخ 8/ 4/ 1956 وانطوت الصحيفة على
أن الحادث الذي أدى إلى انهيار منزلهن قد وقع في فبراير سنة 1953 بسبب إهمال
العمال التابعين للمستأنف ومن ذلك يتضح في جلاء أن المستأنف عليهن علمن بالضرر
الواقع بهن ومسببه ولم يباشرن الدعوى ضد المستأنف إلا بعد انقضاء مدة ثلاث سنوات
على ذلك الأمر الذي يسقط حقهن في الدعوى المذكورة إعمالاً لنص المادة 172 فقرة
أولى من القانون المدني" وحيث إنه وإن كان استخلاص علم الطاعنات بحدوث الضرر
وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع والتي يستقل بها قاضي الموضوع
إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم
استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قرن علم الطاعنات بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه
بتاريخ وقوع الضرر مع انتفاء التلازم الحتمي بينهما ولم يعن ببيان العناصر التي
استخلص منها اقتران العلم بتاريخ وقوع الضرر فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب
نقضه ولا محاجة فيما تضمنه الحكم من أن صحيفة الدعوى انطوت على أن الحادث وقع في
فبراير سنة 1953 بسبب إهمال العمال التابعين للمطعون ضده إذ أن ذلك لم يتضمن
إقراراً من الطاعنات بعلمهن بالشخص المسئول عن الضرر في ذلك التاريخ بل كان ذلك
منهن على سبيل الرواية بعد ما تبين لهن من دعوى إثبات الحالة.
(1)راجع نقض 11/ 4/ 1963 الطعون أرقام 299 س 27 ق،
319 س 27 ق، 321 س 27 ق السنة 14 ص 520.
(2)راجع نقض 27/ 4/ 1961
الطعن 551 س 25 ق السنة 12 س 404.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق