الدعوى رقم 328 لسنة 23 ق "دستورية" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من فبراير سنة 2019م،
الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور
طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 328 لسنة 23 قضائية
"دستورية"
المقامة من
عبدالله محمود سيد أحمد سراج
ضــد
1 – رئيس مجلس الوزراء
2 - وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والسجل العيني
3 - سيد أحمد محمود سيد أحمد
الإجـراءات
بتاريخ
الثامن عشر من نوفمبر سنة 2001، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا؛ طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (14)،
والبندين (ب، هـ) من المادة (15)، والمادة (45) من قانون الإثبات في المـواد
المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين،
طلبت في كلتيهما الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير
الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر
الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع
على الأوراق، والمداولة.
حيث
إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى
عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 291 لسنة 2001 مدنى كلى، أمام محكمة الزقازيق
الابتدائية - مأمورية منيا القمح الكلية، ضد المدعى، بطلب الحكم بصحة توقيعه على
عقد البيع العرفي المؤرخ 5/5/1999، وذلك على سند من القول بأنه بموجب هذا العقد
باع له المدعى قطعة الأرض الزراعية المبينة المساحة والحدود والمعالم بصحيفة
الدعوى، لقاء ثمن قدره عشرون ألف جنيه، تم سداده، إلا أنه نكل عـن تسليمه سند
ملكيته للأرض المبيعة، مما حدا به لإقامة دعواه بطلباته سالفة الذكر، وحال نظر
الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية
والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا
الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية التي
أتاح المشرع للخصوم إقامتها وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانـون رقم 48 لسنة 1979، يتحدد - على ما جرى به قضاء
هذه المحكمة - بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى
الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وتصرح بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه،
وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة في صحيفة الدعوى الدستورية، أو يتعدى
نطاقها. إذ كان ذلك، وكان المدعى قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص
المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25
لسنة 1968، وقد قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية عن
ذلك النص وحده، فأقام المدعى دعواه المعروضة؛ طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرة
الثالثة من المادة (14)، والبندين (ب، هـ) من المادة (15)، والمادة (45) من
القانون المشار إليه، فإن نطاق الدعوى المعروضة ينحصر في نص الفقرة الثالثة من
المادة (14) منه، دون سواه من باقي أحكام نص تلك المادة، والتي تنحل الدعوى
المعروضة بالنسبة لها، وكذا نص المادتين (15) و(45) من القانون المشار إليه إلى
دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون
المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى
بالنسبة لها؛ لاتصالها بهذه المحكمة بالمخالفة للأوضاع التي رسمها قانونها.
وحيث إن المادة (14) من قانون الإثبات في المواد
المدنية والتجارية المشار إليه تنص على أن "يعتبر المحرر العرفي صادرًا ممن
وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة.
أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار، ويكفي
أن يحلف اليمين بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى
عنه الحق.
ومن
احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم
أو بصمة الإصبع".
وحيث
إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعــوى الدستورية، مناطها - على ما
جرى عليه قضاء هذه المحكمة- قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى
الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها
والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار
المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ومن ثم
فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة
الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على
أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلاًّ
بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو
نظريًّا أو مجهلاً. وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون
عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر
إلى النص التشريعي المطعون عليه، ذلك أن شرط المصلحة الشخصية هو الذى يحدد فكرة
الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل
فيها، ويؤكد ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية. ومن
المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعي
المطعون عليه مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، اعتبارًا بأن هذا التوافق أو
الاختلاف هو موضوع الدعـوى الدستوريـة، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها.
وحيث إن دعوى صحة التوقيع - التي انتظمتها المواد
من (45) إلى (48) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - ليست سوى دعوى
تحفظية، شرعت ليطمئن من بيده محرر عرفي على آخر، إلى أن الموقع على ذلك السند، لن
يستطيع بعد الحكم بصحة توقيعه عليه أن ينازع في صحة ذلك التوقيع. وإقرار المدعى
عليه - الصريح أو الضمني - في تلك الدعوى، لا يرد إلا على الخط أو الإمضاء أو
الختم أو البصمة، دون سواها، ومؤدى ذلك أن سائر أوجه الدفاع الشكلية أو الموضوعية
تظل بمنأى عن هذا الإقرار، ولذوي الشأن حق التمسك بها في دعوى تالية، بطلب رد
وبطلان المحرر لتزوير صلبه أو لبطلان التصرف الوارد في المحرر، أو عدم نفاذه.
ويمتنع على القاضي في دعوى صحة التوقيع أن يتعرض لموضوع التصرف المدون في المحرر،
من جهة صحته أو بطلانه، ووجوده أو انعدامه وزواله، ونفاذه أو توقفه، أو تقرير الحقوق
المترتبة عليه، وتقتصر حجية الحكم الصادر في تلك الدعوى على صحة التوقيع، ولا
يستطيل أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن ذلك السند. ومن أجل ذلك نصت
الفقرة الثالثة (الأخيرة) من المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية
والتجارية المشار إليه - المطعون عليها - على أن "ومن اُحتج عليه بمحرر عرفي
وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع"،
ذلك أن مناقشة موضوع المحـرر ممن احتج عليه به - المعنية بهذا النص - تفيد -
بداهةً وابتداءً - التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن
يُحتج عليه بذلك المحرر.
حيث
كان ما تقدم، وكان النزاع في الدعوى الموضوعية المُردد بين المدعى والمدعى عليه
الثالث، يدور حول طلب الحكم بصحة توقيع المدعى - في الدعوى المعروضة - على محرر عرفي،
ولم يثبت سبق مناقشته موضوع ذلك المحرر، فضلاً عن أن الحكم بإثبات صحة توقيعه عليه
- في حالة عدم إنكاره ما نسب إليه من توقيع - لا يحول بينه وبين إقامة دعوى مبتدأة
برد وبطلان موضوع ذلك المحرر لأى سبب شكلي أو موضوعي، باعتبار أن الحكم الصادر
بصحة توقيعه عليه لا يحوز أية حجية في هذا الشأن، لاختلاف موضوع الدعويين، ومن ثم،
فإن إعمال حكم نص الفقرة الثالثة من المادة (14) من قانون الإثبات في المواد
المدنية والتجارية - المطعون عليه - يكون مُنبت الصلة بالطلب المعروض في الدعوى
الموضوعية، ولا يرتب الفصل في دستوريته انعكاسًا على موضوع تلك الدعوى، وقضاء
محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الطعن على دستوريته،
مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات
ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق