جلسة 29 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/
عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي،
عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
--------------
(187)
الطعن رقم 306 لسنة 59
القضائية
(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. شرطها. أن
يكون هناك حكم قضائي صادراً من جهة قضائية لها ولاية في النزاع المطروح عليها
وبقاء هذا الحكم قائماً دون إلغاء.
(2) نقض "أثر نقض
الحكم". حكم.
نقض الحكم. أثره. إلغاء
جميع الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها.
(3، 4 ) مسئولية
"مسئولية تقصيرية". محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى".
تعويضي".
(3)محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية ما دام
استخلاصها سائغاً.
(4)حقا التقاضي والدفاع. من الحقوق المباحة. مؤدى ذلك. عدم مسئولية من
يلج أبواب التقاضي تمسكاً بحق أو زوداً عنه ما لم يثبت انحرافه عنه إلى اللدد في
الخصومة ابتغاء الإضرار بالخصم.
(5)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها في
تقدير الدليل على التواطؤ. شرطه.
--------------
1 - لكي يجوز التمسك
بحجية الحكم يتعين كشرط أساسي أن يكون هناك حكم قضائي صادر من جهة قضائية لها
ولاية في النزاع المطروح عليها وأن يظل هذا الحكم قائماً ولم يتم إلغاءه من جهة
القضاء المختصة.
2 - المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أياً كانت الجهة التي
أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها وتعود
الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض كما يعود الخصوم إلى مراكزهم
الأولى.
3 - المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة
الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
4 - المساءلة بالتعويض
قوامها خطأ المسئول، وتنص المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني على أنه من
استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن
استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو مالا
يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق وكان حق التقاضي والدفاع من الحقوق
المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زوداً عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا
ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء
الإضرار بالخصم.
5 - تقدير الدليل على
التواطؤ هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها
متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى
رقم 617 سنة 1986 مدني الجيزة الابتدائية بطلب إلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن
يؤدوا إليهم مبلغ 250000 جنيه واحتياطياً ندب خبير لتقدير قيمة المحلات وبيان
المبلغ الذي يتعين على المطعون ضدهم دفعه للحصول على محلات مماثلة لمحلاتهم وبيان
الأضرار التي لحقت بهم، وقالوا بياناً لها إنه بموجب عقود إيجار ثابتة التاريخ
يستأجرون من المطعون ضده الأول المحلات والدكاكين والورش المبينة بتلك العقود وقد
تواطأ مع زوجته مورثة المطعون ضدهما الثانية والثالثة فأقامت دعوى مستعجلة بطرده
من الأرض المقام عليها المحلات على سند من أنه يستأجرها من البائع لها وانتهت مدة
عقد الإيجار وضمنت دعواها المساحة المقام عليها المحلات التي يستأجرونها دون أن
تشير إلى وجود تلك المحلات رغم علمها بذلك ودون أن تدخلهم في هذه الدعوى التي قضي
فيها بطرد المطعون ضده الأول الذي استشكل صورياً في التنفيذ، ثم تنفذ الحكم وتم
هدم المحلات التي يستأجرونها فأقاموا الجنحة المباشرة رقم 2700 سنة 1978 الدقي
ضدهما فحكمت المحكمة بإدانتهما وبإلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ 51 جنيه على سبيل
التعويض المؤقت وإذ استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم قضت محكمة الجنح المستأنفة
ببرائتهما ورفض الدعوى المدنية. فطعنوا في هذا الحكم بالنقض في خصوص ما قضى به في
الدعوى المدنية، وقيد الطعن برقم 5349 لسنة 52 ق وبتاريخ 19/ 4/ 1983 نقضت محكمة
النقض الحكم المطعون فيه وقضت بعدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بنظر الدعوى
المدنية، فقام المطعون ضده الأول ومورثة المطعون ضدهما الثانية والثالثة بتعجيلها
وتحديد جلسة لنظرها أمام محكمة جنح مستأنف أمن الدولة بعد مرور أكثر من عام فيكون
حقهما في تعجيل الاستئناف قد سقط ويكون الحكم الجنائي بالنسبة للدعوى المدنية - في
خصوص قضائه بمبدأ التعويض - قد أصبح باتاً، وإذ لحقت بهم أضرار نتيجة خطأ المطعون
ضده الأول ومورثة المطعون ضدهما الثانية والثالثة تمثل في الاستيلاء بغير حق على
محلاتهم وهدمها وحرمانهم من مصدر رزقهم فقد أقاموا الدعوى وبتاريخ 30 من إبريل سنة
1986 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعنون الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
بالاستئناف رقم 7090 لسنة 103 قضائية وبتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1988 حكمت المحكمة
بالتأييد، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير
بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين ينعى الطاعنون بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان
ذلك يقولون إن الحكم الصادر في الجنحة المباشرة رقم 2700 لسنة 1978 الدقي صار
باتاً بالنسبة لما قضى به في الدعوى المدنية بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا إليهم
مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت لتعجيل المطعون ضدهم الدعوى المدنية أمام
محكمة جنح أمن الدولة بعد مرور أكثر من سنة من صدور حكم محكمة النقض في الطعن رقم
5349 لسنة 52 قضائية بتاريخ 9/ 4/ 1983 فتكون دعواهم الحالية هي تكملة التعويض
المستحق لهم، غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الحكم الصادر في الدعوى المدنية
في الجنحة المشار إليها ليس له أية حجية ورتب على ذلك أن دعواهم تعتبر دعوى مبتدأة
بالتعويض فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه لكي يجوز التمسك بحجية الحكم يتعين كشرط أساسي أن يكون هناك حكم
قضائي صادر من جهة قضائية لها ولاية في النزاع المطروح عليها وأن يظل هذا الحكم
قائماً ولم يتم إلغاءه من جهة القضاء المختصة وأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أياً كانت الجهة التي أصدرتها
والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها وتعود الخصومة إلى
ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض كما يعود الخصوم إلى مراكزهم الأولى، لما كان
ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الحكم الصادر في الجنحة المباشرة
رقم 2700 لسنة 1978 الدقي لا يجوز حجية على دعوى التعويض الماثلة على قوله (....
لا يسوغ الاستناد إلى الحكم الصادر من محكمة النقض في إثبات نهائية الحكم الصادر
في الدعوى المدنية والقاضي بتعويض مؤقت، وغير سديد أن هذا الحكم قد أضحى نهائياً
وحائزاً قوة الأمر المقضي ذلك أن مفاد حكم النقض هو إلغاء الحكم الاستئنافي فيما
قضى به في الدعوى المدنية والقضاء بعدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بنظر تلك
الدعوى إعمالاً لأحكام القانون 115 لسنة 1980 والذي يعمل به اعتباراً من 31/ 5/
1980 وأن الدعوى قد غدت وعلى ما جاء في حكم النقض من اختصاص محكمة أمن الدولة
الجزئية ولا يقدح في ذلك وعلى نحو ما أثبت حكم النقض في مدوناته ما نصت عليه
الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون المشار إليه من أنه لا يقبل الإدعاء
المدني أمام محكمة أمن الدولة إذ أن مناط تقدير ذلك هو لمحكمة أمن الدولة....
ومفاد كل ذلك أنه غير سديد قانوناً ما ذهب إليه المستأنفون من أن الحكم القاضي
بتعويض مؤقت لا زال قائماً أو أنه اكتسب أية حجية، وكان هذا الذي أقام عليه الحكم
قضاءه يتفق وصحيح القانون من أنه ليس للحكم الصادر في الجنحة سالفة الذكر بالنسبة
للدعوى المدنية وجود بعد نقض الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة وبعدم
اختصاصها بنظر الدعوى المدنية، وإذ رتب الحكم على هذا تكييفه للدعوى المقامة من
الطاعنين بأنها دعوى مبتدأة بالتعويض وليست دعوى تكملة للتعويض يكون سديداً ويضحى
النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي
بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم بثبوت خطأ المطعون ضده الأول وزوجته مورثة
المطعون ضدهما الثانية والثالثة وحصول التواطؤ بينهما وعلمهما بوجود المحلات التي
يستأجرونها وثبوت وجودها بالعقد المسجل الذي تضمن أن الأرض مقام عليها محلات
ودكاكين ولم تدخلهم في دعوى الطرد ولم يستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم ولم
يدفع الدعوى بثمة دفاع وقام بعمل إشكال صوري في التنفيذ ليفوت عليهم فرصة وقف
تنفيذ الحكم وتم إخلائهم بمقتضى حكم لم يمثلوا فيه، وأن التواطؤ ثابت بين المطعون
ضده الأول وزوجته من تقديمهما طلب للحصول على ترخيص لإقامة عمارة سكنية من تسعة
أدوار على الأرض وقد تسلم المطعون ضده الأول الترخيص وأعلن في الصحف عن بيع وإيجار
وحدات سكنية بها مما يدل على عدم وجود خصومة بينهما كما أن المشرع في المادة 82 من
القانون رقم 49 لسنة 1977 افترض علم الزوج والزوجة بالتعاقد السابق معهم، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه ذلك وخلص إلى نفس الخطأ وذهب إلى أنهم قد ركنوا في إثبات دعواهم
إلى صورية عقد الإيجار الذي استندت إليه مورثة المطعون ضدهما الثانية والثالثة،
فإنه يكون قد خالف القانون وخالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في
السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً كما أن المساءلة
بالتعويض قوامها خطأ المسئول وكانت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني
قد نصتا على أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئول عما ينشأ عن ذلك من
ضرر بالغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار
بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق وكان حق التقاضي
والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زوداً عن حق
يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع
وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم، كما أن تقدير الدليل على التواطؤ هو من المسائل
الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على
أسباب سائغة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين
على انتفاء ركن الخطأ الموجب للمسئولية في حق المطعون ضدهم ودلل على ذلك بأسباب
سائغة ومقبولة وكافية لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن
يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية بغية الوصول إلى نتيجة
أخرى غير تلك التي انتهى إليها الحكم مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى
النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق