الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 فبراير 2019

الطعن 17127 لسنة 60 ق جلسة 16 / 1 / 1992 مكتب فني 43 ق 13 ص 156


جلسة 16 من يناير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف، وبهيج القصبجي وحسن عبد الباقي.
-------------
(13)
الطعن رقم 17127 لسنة 60 القضائية

استيلاء على مال للدولة بغير حق. اختلاس. جريمة "أركانها". موظفين عموميين. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق. اقتضاؤها وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية وقيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة.
اعتبار المال قد دخل في ملك الدولة. شرطه: أن يكون قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك. تسلمه موظف مختص بتسلمه.
المنازعة في ملكية الشيء المدعى الاستيلاء عليه. دفاع جوهري. وجوب تعرض الحكم له.
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة توجب امتداد أثر الطعن لباقي الطاعنين.
مثال لتسبيب معيب للرد على دفع بعدم ملكية الدولة للمال المدعى الاستيلاء عليه.

-------------
لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة ومن مدونات الحكم المطعون فيه أن مما قام عليه دفاع الطاعنين هو المنازعة في ملكية الأرض محل جريمة الاستيلاء واسترسلا بدفاعهما إلى أن تلك الأرض مملوكة لهما ملكية خاصة مستندين في ذلك إلى عقد بيع مسجل صادر لهما من آخرين وقدما تأييداً لذلك العديد من المستندات وخلصا من ذلك إلى أن تلك الأراضي ليست من الأموال العامة التي تقع تحت طائلة التأثيم بنص المادة 113 من قانون العقوبات. وتناول الحكم دفاع الطاعنين القائم على المنازعة في الملكية وخلص إلى رفضه بمقولة "وحيث إنه في شأن الادعاء بأن الأرض مملوكة للمتهمين الرابع والخامس وأن الملكية آلت إليهما بموجب عقود ملكية متتابعة وأنها ليست مملوكة لإحدى الجهات المبينة في المادة 113 من قانون العقوبات، فإن تحقيقات الدعوى وأوراقها تجافيه وتدعو إلى إطراحه وآية ذلك أن الثابت من أقوال كل من الشاهد السابع....... والشاهد الثامن...... والشاهد التاسع...... والشاهد العاشر..... والشاهد الثاني عشر....... والتي تطمئن إليها المحكمة كل الاطمئنان وتثق فيها - أن الأرض موضوع الاتهام ضمن بحيرة ادكو وهي عبارة عن مزرعة سمكية مملوكة للدولة ملكية عامة وأنه لا يجوز التعامل فيها وقد تعزز ذلك بما ثبت من الاطلاع على نسختي دفتر فك الزمام لسنة 1913 بمكتب مساحة رشيد من أن الأرض المذكورة كائنة بحوض بحيرة ادكو وتبلغ مساحتها 85 فداناً وأنها أملاك أميرية". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات التي دين الطاعنين بمقتضاها إذ نصت على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل موظف عمومي استولى بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الهيئات العامة أو الشركات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما، أو سهل ذلك لغيره" فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام ومن في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة. ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب ناقل للملكية، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته، وكان من المقرر أن المنازعة في ملكية الشيء المدعى الاستيلاء عليه هي من أوجه الدفاع الجوهرية التي يجب أن يتعرض الحكم لها ويتناولها برد سائغ وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على الرغم من تفطنه لهذا الدفاع. إلا أن ما أورده في مدوناته - على ما سلف بسطه - ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما خلص إليه الحكم من رفضه. ذلك أن مجرد القول باطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وما تضمنه دفتر فك الزمام سنة 1913 ليس من شأنه القطع بملكية الدولة لتلك الأراضي في تاريخ حدوث الواقعة وهو لاحق لذلك التاريخ بنحو خمسة وستين عاماً واستمرار ملكيتها لها - دون غيرها - طوال هذه الحقبة من الزمن خاصة وقد قدم الطاعنان مستندات للتدليل على ملكيتهما لها بموجب عقود مسجلة وهو ما لم يتعرض لدلالته الحكم للوقوف على مدى جديته مع أنه في خصوصية هذه الدعوى دفاع جوهري قد ينبني عليه لو صح - تغير وجه الرأي في الدعوى - فإن ذلك مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن المقدمة منهم.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: بصفتهم موظفين عموميين (الأول رئيس المكلفات بمأمورية الضرائب العقارية بـ....... والثاني كاتب المكلفات بها والثالث رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ........) أضروا عمداً بأموال الدولة (مصلحة السواحل سابقاً) التي يتصلون بها بحكم عملهم إذ عمدوا إلى اتخاذ إجراءات مزورة لتسجيل عقد شراء المتهمين الرابع والخامس الأرض المبينة الحدود والمعالم بالتحقيقات البالغة مساحتها 85 فداناً من مسطح بحيرة ادكو، المملوكة للدولة والمقدرة قيمتها بمبلغ ثلاثة ملايين وخمسمائة وسبعين ألف جنيه بأن أثبت المتهم الأول على خلاف الحقيقة في المذكرة المرفوعة منه إلى رئيس مأمورية الضرائب العقارية أنه قد تم نقل تكليف الأرض سالفة البيان إلى البائعين المتهمين الرابع والخامس بالمحافظة لما هو مدون بسجلات المأمورية من أن تكليفها مقيد باسم مصلحة السواحل كما أثبت هو والمتهم الثاني ذات البيان المزور في إذن نقل التكليف المقدم إلى مأمورية الشهر العقاري وقام المتهم الثالث، خروجاً على الإجراءات التي يعلم بوجوب اتخاذها بتكليف المراجع الهندسي بمأمورية الشهر العقاري بإجراء مطابقة حدود الأرض المبينة بالعقد على الطبيعة مخالفاً ما أفاد به مكتب المساحة المختص وحدد بإجراء المطابقة - من عدم جواز القيام بها لأن الأرض ملك للدولة وتعمد عدم إجراء تحقيق على الطبيعة وأغفل وجوب حضور من يمثل الدولة مالكة الأرض وقام بتسجيل عقد شراء المتهمين الرابع والخامس لها فتمكنا بذلك من الاستيلاء عليها وحيازتها مما ترتب عليه ضرر جسيم بأموال الدولة يتمثل في قيمة الأرض سالفة الذكر. ثانياً: بصفتهم سالفة الذكر حصلوا للمتهمين الرابع والخامس بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفتهم بأن اتخذوا الإجراءات المزورة آنفة البيان لتسجيل عقد شراء المتهمين المذكورين للأرض سالفة الذكر المملوكة للدولة على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: بصفتهم السالفة سهلوا للمتهمين الرابع والخامس الاستيلاء بغير حق على الأرض المبينة في وصف التهمة الأولى والمملوكة للدولة والبالغة قيمتها ثلاثة ملايين وخمسمائة وسبعين ألف جنيه وقد ارتبطت هذه الجريمة بجرائم التزوير والاستعمال موضوع التهم التالية المنسوبة للمتهمين الأول والثاني ارتباطاً لا يقبل التجزئة. المتهم الأول أيضاً. أولاً: بصفته سالفة الذكر ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو المذكرة المحررة منه إلى رئيس مأمورية الضرائب العقارية بتاريخ 7/ 2/ 1979 حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها ومحو عبارات وإضافة أخرى بأن ضمن المذكرة - خلافاً للحقيقة - وجود تأشيرة بدفتر مكلفات مأمورية الضرائب العقارية تفيد مراعاة تنفيذ عقد شراء البائعين للمتهمين الرابع والخامس للأرض المتقدم بيانها ثم قام بعد توقيع رئيس المأمورية عليها بمحو العبارة السالفة وأثبت زوراً بالمذكرة أنه مطلوب إجراء التأشير بالبيان السالف على النحو المفصل بالتحقيقات. ثانياً: استعمل المحرر الرسمي سالف الذكر بأن قدمه إلى رئيس مأمورية الضرائب العقارية بـ..... للتوقيع عليه باعتماده مع علمه بتزويره. المتهمين الأول والثاني أيضاً. أولاً: بصفتهما آنفة البيان ارتكبا في أثناء تأدية وظيفتهما تزويراً في محرر رسمي هو إذن نقل تكليف الأطيان رقم 41 بتاريخ 7/ 2/ 1979 حال تحريره المختص بوظيفته بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن حررا بيانات ذلك الإذن وضمناه - خلافاً للحقيقة - نقل تكليف 85 فداناً من الأرض المملوكة للدولة السالف الإشارة إليها إلى البائعين للمتهمين الرابع والخامس وقدماه إلى رئيس مأمورية الضرائب العقارية فوقع عليه باعتماده على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: استعملا المحرر الرسمي المزور سالف الذكر بأن قدماه إلى رئيس مأمورية الضرائب العقارية بـ...... للتوقيع عليه باعتماده وإلى مأمورية الشهر العقاري بـ....... مع علمهما بتزويره. المتهمين الرابع والخامس: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثلاثة الأول في ارتكاب جرائم الإضرار العمدي والحصول على منفعة وتسهيل الاستيلاء على المال العام وتزوير المحررات الرسمية واستعمالها المبينة في وصف التهم السابقة بأن اتفقا معهم على ارتكابها وساعداهم بأن قدما لهم البيانات اللازمة لاتخاذ إجراءات نقل ملكية الأرض المبينة في وصف التهمة الأولى إليهما ثم استوليا عليها استناداً إلى تسجيلها باسميهما بناء على الإجراءات المزورة سالفة البيان فوقعت هذه الجرائم بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 113/ 1 - 2، 115، 116 مكرراً، 118، 119/ أ، 119/ أ مكرراً، 211، 213، 214 من قانون العقوبات. بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبعزل كل من الأول والثاني والثالث من وظيفته لمدة أربع سنوات فقط وبتغريم جميع المحكوم عليهم مبلغ ثلاثة ملايين وخمسمائة وسبعين ألف جنيه وإلزامهم جميعاً برد مثله.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول والأستاذ ..... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني والأستاذ..... المحامي عن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثالث والأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما الرابع والخامس في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان الرابع والخامس....... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما وباقي المحكوم عليهم بالجرائم محل الاتهام وأوقع عليهم العقوبة المقررة لجريمة الاستيلاء على المال العام بوصفها العقوبة الأشد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن دفاعهما بجلسة المحاكمة وبالمذكرة المقدمة منهما قام على تخلف الركن المادي لهذه الجريمة تأسيساً على أن المال محلها ليس مالاً عاماً وأن تلك الأراضي مملوكة لهما ملكية خاصة بموجب المستندات والعقود المسجلة المقدمة بيد أن الحكم تناول هذا الدفاع برد قاصر لا يسوغ إطراحه وذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة ومن مدونات الحكم المطعون فيه أن مما قام عليه دفاع الطاعنين هو المنازعة في ملكية الأرض محل جريمة الاستيلاء واسترسلا بدفاعهما إلى أن تلك الأرض مملوكة لهما ملكية خاصة مستندين في ذلك إلى عقد بيع مسجل صادر لهما من آخرين وقدما تأييداً لذلك العديد من المستندات وخلصا من ذلك إلى أن تلك الأراضي ليست من الأموال العامة التي تقع تحت طائلة التأثيم بنص المادة 113 من قانون العقوبات. وتناول الحكم دفاع الطاعنين القائم على المنازعة في الملكية وخلص إلى رفضه بمقولة "وحيث إنه في شأن الإدعاء بأن الأرض مملوكة للمتهمين الرابع والخامس وأن الملكية آلت إليهما بموجب عقود ملكية متتابعة وأنها ليست مملوكة لإحدى الجهات المبينة في المادة 113 من قانون العقوبات، فإن تحقيقات الدعوى وأوراقها تجافيه وتدعو إلى إطراحه وآية ذلك أن الثابت من أقوال كل من الشاهد السابع...... والشاهد الثاني....... والشاهد التاسع..... والشاهد العاشر...... والشاهد الثاني عشر........ والتي تطمئن إليها المحكمة كل الاطمئنان وتثق فيها - أن الأرض موضوع الاتهام ضمن بحيرة ادكو وهي عبارة عن مزرعة سمكية مملوكة للدولة ملكية عامة وأنه لا يجوز التعامل فيها وقد تعزز ذلك بما ثبت من الاطلاع على نسختي دفتر فك الزمام لسنة 1913 بمكتب مساحة رشيد من أن الأرض المذكورة كائنة بحوض بحيرة ادكو وتبلغ مساحتها 85 فداناً وأنها أملاك أميرية". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات التي دين الطاعنين بمقتضاها إذ نصت على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل موظف عمومي استولى بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الهيئات العامة أو الشركات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما، أو سهل ذلك لغيره" فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة. ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملكية، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته، وكان من المقرر أن المنازعة في ملكية الشيء المدعى الاستيلاء عليه هي من أوجه الدفاع الجوهرية التي يجب أن يتعرض الحكم لها ويتناولها برد سائغ وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على الرغم من تفطنه لهذا الدفاع. إلا أن ما أورده في مدوناته - على ما سلف بسطه - ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما خلص إليه الحكم من رفضه. ذلك أن مجرد القول باطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وما تضمنه دفتر الزمام سنة 1913 ليس من شأنه القطع بملكية الدولة لتلك الأراضي في تاريخ حدوث الواقعة وهو لاحق لذلك التاريخ بنحو خمسة وستين عاماً واستمرار ملكيتها لها - دون غيرها - طوال هذه الحقبة من الزمن خاصة وقد قدم الطاعنان مستندات للتدليل على ملكيتهما لها بموجب عقود مسجلة وهو ما لم يتعرض لدلالته الحكم للوقوف على مدى جديته مع أنه في خصوصية هذه الدعوى دفاع جوهري قد ينبني عليه لو صح - تغير وجه الرأي في الدعوى - فإن ذلك مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن المقدمة منهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق