الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 فبراير 2019

الطعن 6860 لسنة 59 ق جلسة 16 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ق 22 ص 187


جلسة 16 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
-----------
(22)
الطعن رقم 6860 لسنة 59 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام". حكم "وضعه وإصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم للأدلة التي استخلص منها الإدانة. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
(3) جريمة "أركانها". تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟.
 (4)أسباب الإباحة وموانع العقاب "أسباب الإباحة".
طاعة الرئيس. لا تمتد إلى ارتكاب الجرائم.

-----------
1 - إن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها متى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما به جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بالرد على كل دفاع موضوعي يثيره المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
3 - القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في محرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ولا حرج على القاضي في استظهاره من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدوناته توافره توافراً فعلياً.
4 - من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: أولاً: بصفتهما موظفين عموميين من أعضاء هيئة التدريس بكلية طلب الأسنان "جامعة......" سهلوا للغير الاستيلاء بغير حق على أموال عامة وذلك بأن قبل آخر عروضاً نسبها إلى الشركات الأجنبية المثبتة بالتحقيقات لتوريد معدات وأجهزة طبية للكلية سالفة الذكر بأسعار جاوزت أسعارها في السوق وترأس ومعه المتهمين (الطاعنان) وآخرين لجان فحصها عند ورودها مقررين بمطابقتها للمواصفات رغم اختلافها في البعض منها فمكنوا بذلك الشركة الأجنبية من الاستيلاء وبغير حق على مبالغ جملتها 165727.59 دولار أمريكي "مائة وخمسة وستين ألفاً وسبعمائة وسبعة وعشرين دولاراً وتسعة وخمسين سنتاً" على النحو المبين بتقارير اللجان وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير في محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها ارتباط لا يقبل التجزئة هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهما سالفة البيان ارتكبا تزويراً في محررات رسمية عن طريق جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها وذلك بأن أثبتا على غير الحقيقة في محاضر فحص المعدات والأجهزة الواردة بالموافقات الاستيرادية أرقام 139/ 50 المؤرخ 6/ 7/ 1983، 119/ 50 المؤرخ 9/ 8/ 1983، 194/ 50 المؤرخ / / 1987، 200/ 50 المؤرخ 17/ 5/ 1983 مطابقتها للمواصفات المتفق عليها واستعملا المحررات المزورة سالفة البيان بأن قدماها للاعتداد بها وترتيب آثارها مع علمهما بتزويرها الأمر المنطبق عليه المادتين 213، 214 من قانون العقوبات. ثانياً: - المتهمان الطاعنان: اشتركا مع المتهمين الآخرين في ارتكاب جناية الإخلال العمدي بالالتزامات التي تفرضها عليهم عقود التوريد سالفة الذكر والمبينة بالبند رابعاً من هذا الأمر بطريقي الاتفاق والمساعدة وذلك بأن اتفقا معهم على ارتكابها وساعداهم على ذلك بأن قدماها إلى لجان الفحص المشكلة منهم بقبولها رغم مخالفتها للمواصفات المقررة وبالقصود سالفة الذكر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة أمن الدولة العليا بطنطا قضت حضورياً (للطاعنين) عملاً بالمادتين 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة الطاعن الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما نسب إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات على أن يكون الإيقاف شاملاً لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم. ثانياً: بمعاقبة الطاعن الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما نسب إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات على أن يكون الإيقاف شاملاً لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية باعتبار أن الاتهام المسند إليهما التزوير في محررات رسمية واستعمالها. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في القانون والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول الطاعن الأول أن الحكم لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والتفت عما أثاره من وجوه دفاع تنفى التهمة عنه من ذلك أنه حديث العهد بالعمل وأن اللجنة أثبتت بتقريرها - بالنسبة لبعض الأجهزة - أنه لا يمكن الوقوف على مدى مطابقتها للمواصفات وأن تقرير الخبراء فحص فواتير خلاف الفاتورة المحررة بمعرفة اللجنة التي كان عضواً بها ويقول الطاعنان أن دفاعهما انبنى على عدم توافر القصد الجنائي من جريمة التزوير في حقهما وإنهما كانا لا يعلمان بعدم مطابقة الأجهزة والمعدات للمواصفات ووقعا على محاضر الفحص الذي أجراه عميد الكلية انصياعاً لرغبته باعتباره رئيساً لهما يأتمران بأوامره إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بتسبيب قاصر غير سائغ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه وقد بين الحكم أن المتهم الأول كان مع آخرين سبق الحكم عليهم عضواً في لجان فحص الأصناف التي وردت إلى كلية طلب الأسنان جامعة........ خلال الفترة من 1/ 1/ 1981 حتى 31/ 12/ 1983 موضوع الموافقات الاستيرادية أرقام 139 لسنة 50، 199 لسنة 50، 200 لسنة 50 وأثبت على خلاف الحقيقة من محاضر فحص تلك الأصناف الموردة مطابقتها للمواصفات المتعاقد عليها أصلاً من تلك الموافقات رغم الاختلاف البين بين هذه وتلك واستعمل هذه المحررات المزورة بأن قدمها للاعتداد بها وترتيب أثارها مع علمه بتزويرها وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن الأول أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن تقارير خبراء وزارة العدل واللجنة الفنية واتبع ذلك ببيان مفصل لهذه الأدلة يبين منه دور الطاعن الأول الذي أسهم به في مقارفة الجريمتين اللتين دانه بهما. لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد على كل دفاع موضوعي يثيره المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه عن ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع الطاعن الأول بشأن حداثته في العمل وأن بعض الأجهزة لا يمكن الوقوف على مدى مطابقتها للمواصفات كما انتهت إلى ذلك اللجنة الفنية على التفصيل الوارد بوجه النعي. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين بشأن عدم توافر القصد الجنائي في حقهما في جريمة التزوير وعدم علمهما بعدم مطابقة الأجهزة والمعدات للمواصفات ورد عليه بقوله "أن المحكمة لا تجد في دفاعهما ما يبرر التوقيع على محاضر فحص أدوات وأجهزة موردة إلى الكلية التي يعملون بها دونما - علم يقيني من أن تلك الأدوات وهذه الأجهزة قد وردت غير مطابقة لما تم التعاقد عليه إنما كانا عالمين بعدم المطابقة وقصداً إثبات تلك المطابقة لسبب أو لآخر إذ الفرض أنهما تخرجا من كلية طب الأسنان ثم عملا بها كمعيدين زهاء ثلاث أو أربع سنوات وليس من المعقول ولا من المقبول أن من يدرس في فرع محدد من فروع الطلب مدة عشر سنين متصلة أن لا يستطيع التمييز بين كراسي من ماركة "دل ثبوت" وماركة "رويال متلا" لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في محرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ولا حرج على القاضي في استظهاره من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدوناته توافره توافراً فعلياً وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم ورد به اقتناعه بعلم الطاعنين بعدم مطابقة الأجهزة للمواصفات المتعاقد عليها وقصداً إثبات مطابقتها كافياً في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغاً في العقل والمنطق وكان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق