الدعوى رقم 87 لسنة 30 ق " دستورية " جلسة 5 / 1 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يناير سنة 2019م،
الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجاروالدكتور طارق
عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 87 لسنة 30 قضائية " دستورية
".
المقامة من
شركة أولاد طاهر رزق
ضــــــد
1- رئيس الجمهوريـــة
2- رئيس مجلس الـــــــوزراء
3- رئيس مجلس النـــــــــواب
4- وزير التجارة الخارجية
الإجراءات
بتاريخ الخامس من مارس سنة 2008، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبة الحكم بعدم دستورية الفقرة
الثانية من المادة (15) من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع
على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين
من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن وزير التجارة الخارجية آنذاك كان قد أقام
دعويين ضد الشركة المدعية، أولاهما: الدعوى رقم 1507 لسنة 1989 تجارى الإسكندرية،
طلبًا للحكم بإلزامها - وحسب طلباته الختامية - بأن تؤدى إليه بصفته مبلغًا قدره
مليون ومائتين وثمانية آلاف وثمانمائة وسبعة وأربعون جنيهًا، وثمانمائة وعشرون
مليمًا، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية،
وثانيتهما: الدعوى رقم 814 لسنة 1991 تجارى الإسكندرية، طلبًا للحكم بإلزامها بأداء
مبلغ قدره خمسمائة وأربعة وتسعون ألفًا وتسعمائة وتسعة وستون جنيهًا ومائتى مليم،
تطبيقًا لنص الفقرة الثانية مـن المادة (15) من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن
الاستيراد والتصدير، على سند من أن الشركة المدعية تعمل في مجال استيراد السيارات،
وأنها قامت باستيراد سبع دفعات من السيارات المستعملة لأغراض الاستعمالات
المختلفة، بناء على موافقات استيرادية صدرت من وزارة الاقتصاد والتجارة وذلك أثناء
سريان قرار وزارة التخطيط والمالية والاقتصاد رقم 15 لسنة 1980، الذى يبيح للقطاع
الخاص الاستيراد بقصد الاتجار عن طريق مصارف القطاع العام التجارية، ويسمح
باستيراد سيارات عمرها خمس سنوات سابقة على تاريخ الشحن خلاف سنة الصنع، وأنها
بدأت باستيراد السيارات الموافق عليها في غضون عامى 1986، و1987، بعد صدور
الموافقات الاستيرادية بنحو خمس سنوات، وكان الثابت أن معظمها يرتد بسنة إنتاجه عن
سنتين خـلاف سنة الصنع. وإذ كان قد صدر قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم
6 لسنة 1985، معدلا قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978، ونشر بالوقائع المصرية
في 5/1/1985، مغايرًا في شروط استيراد السيارات بغرض الاتجار، ونص في المادة (2)
منه على جملة شروط، من بينها اشتراط ألا يزيد عمر السيارة عن سنتين سابقتين على
شحنها إلى أحد الموانى المصرية بخلاف سنة الصنع، وإذ وردت أولى دفعات السيارات إلى
الجمرك، فقد حظرت إدارة الجمرك الإفراج عنها، فأقامت الشركة المدعية الدعويين رقمى
4664 لسنة 1986، 563 لسنة 1987، أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، ضد المدعى
عليه الرابع وآخرين، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة في الدعوى الأولى بالإفراج عن
السيارات موضوع الموافقات الثلاث الأول، وفى الدعوى الثانية بالإفراج عن باقى
السيارات التى ترد تباعًا على قوة الموافقات الاستيرادية الثلاث التالية لها، وعن
السيارات التى ترد على قوة الموافقة الرابعة، مع الإذن للشركة بفتح الاعتماد المستندي
لدى أحد المصارف المعتمدة طبقًا لحكم الفقرة الأولى من القرار الوزارى رقم 15 لسنة
1980، فقضت تلك المحكمة للشركة المدعية بطلباتها في الدعوى الأولى بجلسة
15/12/1986، وفـى الدعـوى الثانية بجلسة 18/4/1987. لم يرتض المحكوم عليهم هذا
الحكم فطعنوا على الحكمين المستعجلين أمام محكمة جنوب القاهـرة الابتدائية - دائرة
مستأنف مستعجل، وقُيد الاستئناف على الحكم الأول برقم 1663 لسنة 1986 مستأنف
مستعجل جنوب القاهرة، وقُضى فيه بجلسة 26/4/1987، بالتأييد، كما قُيد الاستئناف
على الحكم الثانى برقم 905 لسنة 1987، وقُضى فيه بجلسة 31/3/1988، بعدم قبوله
لرفعه على غير ذى صفة. وبناءً على ذلك قام المدعى عليه الرابع بالإفراج عن
السيارات جمركيًّا. وإذ تدوولت الدعويان سالفتا الإشارة إليهما، المقامتان من
المدعى عليه الرابع أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، والتى قررت ضمهما للارتباط
ووحدة الموضوع، وبجلسة 31/5/2006، قضت في الدعوى رقم 1507 لسنة 1989، تجارى كلى
الإسكندرية بإلزام الشركة المدعية، وآخرين، على سبيل التضامن، بأن يؤدوا للمدعى
عليه الرابع مبلغًا قدره مليون ومائة وسبعة وخمسون ألفا وتسعمائة وخمسة وتسعون
جنيهًا، والفوائد القانونية بواقـــع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام
السداد، وفى الدعوى رقم 814 لسنة 1991، تجارى كلى الإسكندرية، بإلزام الشركة
المدعية وآخرين، على سبيل التضامن، بأن يؤدوا للمدعى عليه الرابع مبلغًا قدره
خمسمائة وسبعة وسبعون ألفا، وخمسمائة وتسعون جنيهًا، وذلك على سند من أن الشركة
المدعية خالفت قواعد الاستيراد المنصوص عليها في القانون رقم 118 لسنة 1975 المشار
إليه، وتستحق عليها المبالغ المشار إليها، باعتبارها تعويضًا معادلا لقيمة البضاعة
المفرج عنها، عملاً بنص الفقرة الثانية مـن المادة (15) من هـذا القانون. لم يرتض
طرفا الخصومة هذا الحكم، فطعن عليه المدعى عليه الأخير بالاستئناف رقم 1286 لسنة
62 قضائية، أمام محكمة استئناف الإسكندرية، كما طعنت الشركة المدعية عليه
بالاستئنافين رقمي 1313، 1349 لسنة 62 قضائية أمام المحكمة ذاتها، وقررت المحكمة
ضم الاستئنافين الأخيرين إلى الاستئناف الأول، وأثناء نظر الاستئنافات المشار
إليها دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (15) من
القانون رقم 188 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير، وهو الدفع الذى قدرت محكمة
الموضوع جديته، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى
المعروضة.
وحيث إن المادة (15) من القانون رقم
118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير تنص على أن "يعاقب كل من يخالف أحكام
المادة (1) من هذا القانون أو القرارات المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه
ولا تزيد على ألف جنيه، وتحكم المحكمة في جميع الأحوال بمصادرة السلع موضوع
الجريمة.
ولوزير
التجارة أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية الإفراج عن السلع التى تستورد
بالمخالفة لحكم المادة (1) أو القرارات المنفذة لها على أساس دفع المخالف تعويضًا
يعادل قيمة السلع المفرج عنها حسب تثمين مصلحة الجمارك يحصل لحساب وزارة
التجارة".
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة
الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية -
مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون
الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها
والمطروحة على محكمة الموضوع. وأن شرط المصلحة الشخصية المباشرة الذى يحدد للخصومة
الدستورية نطاقها، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية
من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة. وهو كذلك يقيد
تدخلها في تلك الخصومة القضائية، فلا يمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو
بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه. ومؤدى ذلك: أن يقيم
المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى
النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلًا على من ادعى مخالفته
للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا
يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي
في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني
بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن
المشرع في المادة (15) من قانون الاستيراد والتصدير المار ذكره، بعد أن نص على
تأثيم الأفعال المحظورة بموجب نص المادة رقم (1) من القانون ذاته، والقرارات
المنفذة لها، منشئًا لهذه المخالفات جريمة جنائية، سن لها عقوبة الغرامة
والمصادرة، استحدث في الفقرة الثانية المطعون عليها نظامًا بديلاً عن المحاكمة
الجنائية ، أتاح بمقتضاه لوزير التجارة أو من يفوضه – وقبل رفع الدعوى الجنائية –
الإفراج عن السلع المستوردة بالمخالفة لنص المادة (1) والقرارات المنفذة لها،
مقابل دفع تعويض يعادل قيمة السلع المفرج عنها - حسب تثمين مصلحة الجمارك - وربط
الحق في إقامة الدعوى الجنائية بطلب يقدم من وزير التجارة إلى النيابة العامة، على
النحو المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من هذه المادة، وكان البين أن مناط استحقاق
هذا التعويض وفقًا لأحكام النص المطعون عليه، أن يكون الإفراج عن السلع المحظور
استيرادهــــا بناء على قرار يصدر من وزير التجارة أو من يفوضه حال وجود السلع في الجمارك،
وقبل إقامة الدعوى الجنائية، بحيث يكون التعويض المنصوص عليه مصحوبًا بالإفراج عن
تلك السلع، بديلاً عن المحاكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت أن وزير
التجارة أو من يفوضه ، لم يصدر أي منهما قرارًا بالإفراج عن السلع المستوردة ،
وإنما جرى الإفراج عنها بمقتضى حكم قضائي صادر من القضاء المستعجل، ولم تَعُدْ
السلع في حوزة الجمارك، فضلا عن خلو الأوراق مما يفيد تقديم ممثل الشركة المدعية
"المستوردة" إلى المحاكمة الجنائية، أو صدور حكم بإدانته، ومن ثم، فقد
انتفى موجب إعمال حكم هذه المادة على النزاع المطروح أمام محكمة الموضوع، وانتفت
تبعًا لذلك مصلحة الشركة المدعية في الطعن على هذا النص، مما يتعين معه القضاء
بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى،
وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب
المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق