الدعوى رقم 4 لسنة 32 ق " دستورية " جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م،
الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمـى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور
طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 32
قضائية " دستورية ".
المقامة من
شركة العز الدخيلة للصلب - الإسكندرية
ضــــد
1 - رئيس مجلس الــوزراء
2 - رئيس مجلس النــــواب
3 - وزير الماليــة
4 - وزير الاقتصاد
5 - الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة
الإجراءات
بتاريخ
السادس من يناير سنة 2010، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة الدستورية العليا؛ طالبة الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (16، 23) من
قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، فيما لم يتضمناه
من الإعفاء الضريبي للتوسعات التي تقوم بها الشركات الاستثمارية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص
المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، ومن باب
الاحتياط الكلى: برفض الدعوى.
كما قدَّمت الهيئة العامة للاستثمار مذكرة بدفاعها، طلبت فيها الحكم
أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين
من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم
2049 لسنة 1998 ضرائب كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، طلبًا للحكم بأحقية
نشاط شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب - سابقًا - وحاليًا، شركة العز
الدخيلة للصلب الإسكندرية - بالتمتع بالإعفاء الضريبى وفقًا لقانون نظام استثمار
المال العربي والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974، وقانون
الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار
الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، وذلك على سند من القول بأن الشركة المدعية باشرت
نشاطها في مجال تصنيع الحديد بقطاعاته المختلفة، اهتداءً بدراسة فنية أعدتها
الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا) على مراحل عدة، يتم توسيع نشاطها
تباعًا وفقًا لاحتياجات السوق، وقامت الشركة بتنفيذ المرحلة الأولى للمشروع،
واستنفاد الإعفاءات الضريبية المقررة طبقًا لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبي
والمناطق الحرة المشار إليه المعدل، اعتبارًا من تاريخ البدء في تشغيل المرحلة
الأولى من المشروع، وقد كاتبت الشركة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عند
الشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من هذا المشروع، بطلب تمتع رأس المال المخصص
للتوسع الاستثماري في المرحلة الثانية بالإعفاءات الضريبية الواردة بالقانون
المذكور، فامتنعت الهيئة المذكورة عن إصدار توصيتها بذلك؛ لعدم سريان الإعفاءات
الضريبية على التوسعات للمشروعات القائمة طبقًا لنص المادة (16) من قانون
الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، فأقامت أمام محكمة القضاء الإدارى
بالإسكندرية الدعوى رقم 123 لسنة 53 قضائية، طعنًا على هذا القرار؛ طلبًا للحكم
بوقف تنفيذ، ثم إلغاء قرار الهيئة السلبى بالامتناع عن إصدار توصية بتمتع التوسعات
الاستثمارية للشركة بالإعفاءات القانونية المقررة للمشروعات المرخص بها طبقًا
للقوانين المار ذكرها، مستندة في ذلك إلى تفسير النصين المطعون عليهما بما مقتضاه
سريان هذه الإعفاءات على جميع مراحل الإنتاج، بغض النظر عـن تاريخ بــدء الإنتاج
في كـل مرحلة، وبجلسة 26/11/2001، قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية، بوقف الدعوى
رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى الإسكندرية، تعليقًا لحين الفصل في الدعوى رقم 123
لسنة 53 قضائية المشار إليها. هذا وقد قررت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية،
إحالة الدعوى المنظورة أمامها السالف ذكرها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهـــرة
للاختصاص، ونفاذًا لذلك، تم إحالة الدعوى إلى المحكمة الأخيرة، وقيدت أمامها برقم
30771 لسنة 57 قضائية، وبجلسة 16/7/2005، قضت فيها المحكمة بإلغاء القرار المطعون
عليه. وإذ لم ترتض الهيئة هذا الحكم فطعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا
بالطعن رقم 24360 لسنة 51 قضائية عليا، التى قضت فيه بجلسة 27/12/2008، بإلغاء
الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وبتاريخ 25/7/2009، قامت الشركة المدعية بتعجيل
الدعوى رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى الإسكندرية من الوقف، وبجلسة 15/11/2009،
دفعت الشركـة بعدم دستورية نصى المادتين (16، 23) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار
الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، فصرحت لها المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية،
فأقامت الدعوى المعروضة، ناعيةً على النصين المطعون عليهما الإخلال بمبدأى
المساواة وتكافؤ الفرص، والحق في الملكية الخاصة. وبجلسة 28/2/2010، قضت محكمة
الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة
الإسكندرية الاقتصادية، وقيدت أمام المحكمة الأخيرة برقم 44 لسنة 3 قضائية، وإذ
تدوولت الدعوى أمام المحكمة الاقتصادية، فقضت بجلسة 25/3/2012 - بناء على دفع
المدعى عليها الخامسة- بسقوط الخصومة؛ لعدم تعجيلها من الوقف في الميعاد القانونى
المنصوص عليه في المادة (134) من قانون المرافعات.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص هذه
المحكمة بنظر الدعوى استنادًا إلى أن حقيقة مناعى المدعى تنصرف إلى مخالفة القانون
المطعون فيه قانونًا آخر، فإنه مردود: بأن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية
العليا أن الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص
القانونية مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض
بين نصين قانونيين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا بذاته على مخالفة دستورية. متى
كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد أسست دعواها الدستورية المطروحة على هذه المحكمة
على ما ارتأته من مخالفة النصين المطعون عليهما لنصوص المواد (8 و32 و34 و40) من
دستور سنة 1971، لإخلالهما بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، والحق في الملكية،
لتمييز المشروعات الجديدة في مجال الإعفاءات الضريبية عن التوسعات الاستثمارية
للمشروعات القائمة، ومن ثم، فإن المحاججة بأن مراد الشركة المدعية تعارض النصين
التشريعيين المطعون عليهما مع نصوص تشريعية أخرى تكون قد سيقت على غير أساس من
الواقع والقانون، ويضحى هذا الدفع جديرًا بالرفض.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة
قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فلما كان مؤدى نص الفقرة (ب)
من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979، أن المشرع قد رسم طريقًا لرفع الدعوى الدستورية التى أتاح للخصوم إقامتها،
وربط بينه وبين الميعاد الذي حدده لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من
مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة
الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذى ناط المشرع بمحكمة الموضوع
تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها
بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - تتعلق بالنظام العام باعتبارها من
الأشكال الجوهرية التى تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل
الدستورية بالإجراءات التى رسمها، وفى الموعد الذى حدده، وبالتالى فإن ميعاد
الثلاثة أشهر الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية التى
تقام وفقًا للنص سالف الذكر، أو الميعاد الذى تحدده محكمة الموضـــوع - في غضون
هذا الأجل - يعتبر ميعادا حتميا يتعين على الخصوم رفع دعواهم الدستورية قبل
انقضائه وإلا كانت غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان الثابت أن الشركة المدعية دفعت
بعدم دستورية النصين المطعون عليهما، بجلسة 15/11/2009، بعد تعجيل الدعوى من الوقف
بتاريخ 25/7/2009، بموجب مذكرة تقدمت بها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية إبان
نظرها الدعوى رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى، وكانت تلك المحكمة قد قدرت جدية هذا
الدفع، وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية في أجل غايته 10/1/2010، فأقامت الدعوى
المعروضة بإيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 6/1/2010، في غضون الميعاد
الذى ضربته لها محكمة الموضوع، وبما لا يجاوز مهلة الثلاثة أشهر التى فرضها المشرع
كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، ومن ثم، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد
الميعاد، على سند من أن تصريح محكمة الموضوع قد صدر بتاريخ 15/11/2008، استنادًا
إلى خطأ مادى ورد في محضــــــر جلسة تلك المحكمة، لا يصح الارتكان إليه، مما
يتعين معه رفض الدفع المشار إليه.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن مفاد نص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998، أنه ما لم تحدد المحكمة
تاريخًا آخر لنفاذ حكمها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي
- عدا النصوص الضريبية - يكون له أثر رجعى ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التى اتصل
بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره بالجريدة الرسمية، ما لم تكن
الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم بات صادرًا
قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا أو بانقضاء مدة التقادم.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان مناط
الدعوى الموضوعية المنظورة أمام محكمة الموضوع هو سريان الإعفاءات الضريبية
المنصوص عليها بموجب النصين المطعون عليهما على التوسعات التي استجدت بعد بدء نشاط
الشركة، وكانت هذه المسألة القانونية قد سبق طرحها على المحكمة الإدارية العليا في
الطعن رقم 24360 لسنة 51 قضائية عليا، والتى قضت فيها بجلسة 27/12/2008، برفض
الدعوى، حاسمة موضوع هذا النزاع، قبل إقامة هذه الدعوى الدستورية، وهو حكم بات
حائزًا لقوة الأمر المقضى، وما يستتبعه ذلك من استقرار الحقوق والمراكز القانونية
لأطراف النزاع الصادر في شأنه هذا الحكم، ومن ثم فقد صار الفصل في دستورية النصين
المطعون فيهما، غير ذى أثر على النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، والطلبات
المطروحة فيه، لتنتفي بذلك المصلحة في الطعن عليها، مما يتعين معه القضاء بعدم
قبول الدعوى.
وحيث إنه ولئن كان الأصل أنه متى أقيمت الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية
العليا، دخلت في حوزتها، لتهيمن عليها وحدها، ولا يجوز بالتالى لأية محكمة أو هيئة
ذات اختصاص قضائى أن تنقض قرارها الصادر بإحالة مسألة دستورية إليها، أو أن تنحى
الدفع الفرعى المثار أمامها بعد تقديرها لجديته، بل يجب عليها أن تتربص قضاء
المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية باعتباره فاصلاً في موضوعها، كاشفًا
عن صحة النصوص المطعون فيها أو بطلانها، إلا أنه ولما كانت محكمة الإسكندرية
الابتدائية بعد أن صرحت بإقامة الدعوى الدستورية المعروضة، قضت بعدم اختصاصها
نوعيًّا وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية بالإسكندرية للاختصاص، وقيدت أمام
المحكمة الأخيرة برقم 44 لسنة 3 قضائية، التي مضت في نظرها والفصل فيها، فقضت
بجلسة 25/3/2012، بسقوط الخصومة؛ لعدم تعجيلها من الوقف في الميعاد القانونى
المنصوص عليه في المادة (134) من قانون المرافعات، وإذ انتهت هذه المحكمة فيما
تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة، فلا تثريب على محكمة الموضوع إذ هى
استمرت في نظر الدعوى الموضوعية والفصل فيها، ولم تتربص قضاء المحكمة الدستورية
العليا في الدعوى الدستورية المعروضة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة
المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق