جلسة 21 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/
حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس
المحكمة ومصطفى الشناوي وأنس عماره وفرغلي زناتي.
-------------
(28)
الطعن رقم 10560 لسنة 61
القضائية
(1) رشوة. إثبات "بوجه
عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها".
عدم تعويل الحكم المطعون
فيه على أي دليل مستمد من التسجيلات ينحسر معه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع
ببطلانها.
(2)استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3)إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "بوجه عام".
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن"
عدم جدوى ما يثيره الطاعن
من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه. طالما
أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى.
(4)رشوة. موانع العقاب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اقتصار الإعفاء الوارد في
المادة 107 مكرراً عقوبات على الراشي والوسيط دون المرتشي.
تدليل الحكم على أن ما
ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشياً وليس وسيطاً ينحسر معه
موجب إعمال الإعفاء المقرر في المادة 107 مكرراً عقوبات.
(5) رشوة "الزعم بالاختصاص". جريمة
"أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يزعم الجاني أن
العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته. لمساءلته على أساس الاختصاص
المزعوم.
الزعم هو مطلق القول دون
اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية.
كفاية صدور الزعم فعلاً
من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم.
(6)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود لا
يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(7)نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها".
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجه الطعن. وجوب أن يكون
محدداً.
(8)تحقيق. إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة
على المحاكمة دون طلب اتخاذ إجراء معين في شأنها لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
الهدف من وجوب مراعاة
الإجراءات الخاصة بتحريز الأشياء المنصوص عليها في قانون الإجراءات هو الاستيثاق
من عدم حصول عبث بالمضبوطات. اطمئنان المحكمة إلى ذلك. يتحقق به قصد الشارع.
---------
1 - لما كان الحكم قد بني
قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل
مستمد من التسجيلات التي لم يشر إليها في مدوناته، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه
الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
2 - من المقرر أن تقدير
جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل
الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت
بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو
الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب
عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - لما كان لا جدوى مما
يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض
عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء، قد أسفر عن دليل منتج من
أدلة الدعوى.
4 - من المقرر أن المشرع
قد منح الإعفاء الوارد في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات للراشي باعتباره
طرفاً في الجريمة، ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها - سواء كان يعمل من جانب
الراشي وهو الطالب أو يعمل من جانب المرتشي وهو ما يتصور وقوعه أحياناً - دون أن
يمتد الإعفاء للمرتشي، وإذ كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما
ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشياً - وليس وسيطاً - فإنه لا
موجب لأعمال الإعفاء المقرر في المادة 107 مكرراً المشار إليها.
5 - إن الشارع قد استهدف
بنص المادة 103 مكرراً من قانون العقوبات الضرب على أيدي العابثين عن طريق التوسع
في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين - والذين ألحقهم الشارع
بهم في الباب الثالث من الكتاب الثاني من القانون سالف الذكر - وظيفته للحصول من
ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم، ويكفي لمساءلة
الجاني على هذا الأساس، أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال
وظيفته، والزعم هذا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل
احتيالية، وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور هذا الزعم فعلاً من الموظف دون أن
يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم.
6 - تناقض أقوال الشهود -
على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً
بما لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة
التدليلية لشهادة شاهدي الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة
للأدلة القائمة وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض لما هو
مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يودون فيها شهادتهم وتعويل القضاء
على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع
تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض.
7 - من المقرر أن شرط
قبول وجه الطعن أن يكون محدداً.
8 - لما كان ما يثيره
الطاعن من أن الإحراز لم تعرض على النيابة العامة مردوداً بأنه ولئن كان البين من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار هذا الدفاع إلا أنه لم يطلب
إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن
يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على
الحكم. وكان الهدف الذي قصد إليه الشارع من وجوب مراعاة الإجراءات الخاصة بتحريز
الأشياء التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية هو الاستيثاق من عدم حصول عبث بالمضبوطات،
فإذا اطمأنت المحكمة إلى ذلك - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن قصد الشارع
يكون قد تحقق.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن - وآخرين قضى ببراءتهما - بأنهم: المتهم الأول (الطاعن): أولاً: بصفته
موظفاً عمومياً (مراقب صحي بمكتب صحة......) طلب لنفسه وللمتهم الثاني وأخذ رشوة
للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب لنفسه من....... مبلغ مائة وأربعين جنيهاً كما طلب
للمتهم الثاني مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل استصدار قرار بإعادة فتح
محل بيع منتجات ألبان والمملوك لـ........ والسابق صدور قرار بغلقه من المتهم
الثاني المتهم الثاني: بصفته موظفاً عمومياً (مفتش أغذية بمكتب صحة.......) طلب
بواسطة المتهم الأول وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من......
بواسطة المتهم الأول مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل إصدار قرار بإعادة
فتح محل بيع منتجات الألبان المشار إليه في التهمة الأولى والذي سبق وأن أصدر
قراراً بغلقه. المتهم الأول أيضاً (الطاعن): توسط في جريمة الرشوة سالفة البيان
على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثالث: بصفته موظفاً عمومياً (مهندس بقسم
الإشغالات بحي......) طلب وأخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته بأن
طلب من..... مبلغ خمسمائة جنيه أخذ منه مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيهاً على سبيل
الرشوة مقابل استخراج ترخيص لمحل مملوك للمذكور زعم أنه مختص باتخاذ إجرائه.
وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 مكرراً
من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه
عما أسند إليه في التهمة الأولى وعملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات
الجنائية ببراءته عما نسب إليه في التهمة الثانية.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو
أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك
بأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش والتحقيقات، وببطلان التسجيلات لتمامها قبل صدور
إذن من النيابة العامة بذلك، وبعدم جدية التحريات التي بني عليها هذا الإذن، إلا
أن الحكم أغفل الرد على هذه الدفوع رغم جوهريتها، كما التفت عن دفاعه القائم على
أنه لم يعرض على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه، وأنه
أرشد عن المتهمين الثاني والثالث، وأن هذا الإخبار يعفيه من العقوبة إعمالاً لنص
المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات، ويضاف إلى ذلك أنه غير مختص بالعمل المقول
بطلب الجعل من أجله، وأن ما جاء بالتسجيلات ملفق له، هذا فضلاً عن أن الإحراز لم
تعرض على النيابة العامة، كما أن إجراءات تحريزها تمت على خلاف أحكام القانون، مما
يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان
الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه
عليها. لما كان ذلك وكان قد عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه بأسباب
سائغة من ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً لما كان ذلك، وكان
الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على
أي دليل مستمد من التسجيلات التي لم يشر إليها في مدوناته، ومن ثم فإنه قد انحسر
عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي
يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد
اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره -
كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه
لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد
سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته
بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الخصوص لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم
عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته -
طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء، قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ومن ثم
فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
عرض لطلب الطاعن إعمال المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ورد عليه في قوله
"وحيث إن الحاضر مع المتهم طلب براءته استناداً إلى توافر حالة الإعفاء من
العقوبة باعتبار أنه وسيط في الجريمة وذلك إعمالاً بالمادة 107 مكرراً من قانون
العقوبات وهذا القول لا يؤخذ به على إطلاقه في الواقعة، فالثابت أن المتهم قد أخذ
لنفسه ولغير رشوة وضبط متلبساً بذلك على نحو ما سلف، وأما اعترافه بعد ذلك على
غيره من المتهمين واعترافه بالقيام بالوساطة بين المجني عليه والمتهم الثالث.......
فإنه يعفيه من العقوبة كوسيط مجرد في الجريمة لغيره من المتهمين ويبقى قائماً في
حقه أخذه لنفسه مبلغاً من الرشوة وطلبه لغيره مبلغاً من المال على سبيل
الرشوة" وما ساقه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون، ذلك بأن المشرع قد منح
الإعفاء الوارد في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات للراشي باعتباره طرفاً في
الجريمة، ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها - سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو
الطالب أو يعمل من جانب المرتشي وهو ما يتصور وقوعه أحياناً - دون أن يمتد الإعفاء
للمرتشي، وإذ كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن
يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشياً - وليس وسيطاً - فإنه لا موجب لأعمال
الإعفاء المقرر في المادة 107 مكرراً المشار إليها، ويكون منعى الطاعن في هذا
الشأن لا سند له. لما كان ذلك، وكان الشارع قد استهدف بنص المادة 103 مكرراً من
قانون العقوبات الضرب على أيدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها
من يستغل من الموظفين العموميين - والذين ألحقهم الشارع بهم في الباب الثالث من
الكتاب الثاني من القانون سالف الذكر - وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة
ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم، ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس، أن
يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته، والزعم هذا هو مطلق
القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية، وكل ما يطلب في هذا
الصدد هو صدور هذا الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني
عليه بهذا الاختصاص المزعوم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على
صدور هذا الزعم من الطاعن، وكان الأخير لا ينازع في أن ما أورده الحكم في هذا
الخصوص له معينه الصحيح في الأوراق، فإنه لا معقب عليه فيما انتهى إليه، ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان تناقض
أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من
أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن
منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شاهدي الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها
فيه لدى محكمة النقض لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يودون
فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من
شبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يبين أوجه التناقض
بين أقوال شاهدي الإثبات، بل جاء قوله في هذا الصدد مرسلاً غير محدد، ومن ثم فإن
منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لما هو مقرر من أن شرط قبول وجه الطعن أن
يكون محدداً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن الإحراز لم تعرض على
النيابة العامة مردوداً بأنه ولئن كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة
أن الطاعن قد أثار هذا الدفاع إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في
هذا الشأن، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على
المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. وكان الهدف الذي قصد إليه
الشارع من وجوب مراعاة الإجراءات الخاصة بتحريز الأشياء التي نص عليها قانون
الإجراءات الجنائية هو الاستيثاق من عدم حصول عبث بالمضبوطات، فإذا اطمأنت المحكمة
إلى ذلك - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن قصد الشارع يكون قد تحقق، ومن ثم
فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق