الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 فبراير 2019

الطعن 11684 لسنة 59 ق جلسة 24 / 10 / 1993 مكتب فني 44 ق 131 ص 854



جلسة 24 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة وفتحي الصباغ.
-------------
(131)
الطعن رقم 11684 لسنة 59 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". محكمة النقض "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القذف المستوجب للعقاب. ماهيته؟
استخلاص وقائع القذف من عناصر الدعوى. حق لقاضي الموضوع.
مثال.
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "استعمال الحق". سب وقذف. محاماة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 309 عقوبات. تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه. مرتبطاً بالضرورة الداعية له.
تقدير ما إذا كانت عبارات السب أو القذف مما يستلزمه الدفاع. موضوعي.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "استعمال الحق". سب وقذف. دفوع "الدفع بإباحة القذف أو السب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بإباحة القذف أو السب. دفع قانوني مختلط بالواقع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائزة. حد ذلك؟
(4) سب وقذف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات محكمة الموضوع ركن العلانية كما يتطلبه القانون. كفايته.
استخلاص القصد الجنائي في جريمة القذف والسب. موضوعي.
 (5)سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا محل للبحث في مسألة النية في جرائم القذف والسب والإهانة متى تحقق القصد الجنائي منها. إلا في صورة الطعن الموجه إلى موظف عام.
(6) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير العقوبة. وقيام موجبات الرأفة. موضوعي.

-------------
1 - الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه، ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى، ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها ومرامي عبارتها، لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، وكان الحكم الابتدائي الذي تبناه لأسبابه الحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعنة نسبت إلى المجني عليها في صحيفة الدعوى المرفوعة منها قبلها الانحراف وسوء السلوك والانغماس في حياة الرذيلة وارتكاب أبشع المعاصي، وهي عبارات شائنة تنطوي بذاتها على المساس بشرف واعتبار المجني عليها وتدعو إلى احتقارها بين مخالطيها ومن يعاشرها في المجتمع الذي تعيش فيه، الأمر الذي تتوافر به في حق الطاعن جريمة القذف كما هي معرفة في القانون.
2 - من المقرر أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع التي رأت أن عبارات الطاعنة على السياق المتقدم في حكمها لا يستلزمه الدفاع في القضية سالفة الذكر، وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة.
3 - من المقرر أن الدفع بإباحة القذف أو السب إعمالاً لحكم المادتين 302، 309 من قانون العقوبات وإن كان دفاعاً جوهرياً على المحكمة أن تعرض له في حكمها إيراداً ورداً إلا أنه من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - ما لم تكن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم ترشح لقيامه - لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها.
4 - البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت توافر ركن العلانية كما يتطلبه القانون من تداول صحيفة الدعوى المتضمنة عبارات القذف بين أيدي الكثيرين من الموظفين المختصين.
5 - من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليها، يكون قد دلل على سوء نية الطاعنة وتوافر ركن العلانية على نحو سائغ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من انحسار المسئولية الجنائية عنها إعمالاً للمادة 309 من قانون العقوبات، وانتفاء القصد الجنائي لديها لا يكون سديداً.
6 - من المقرر أنه متى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة، فلا محل للخوض في مسألة النية إلا في صورة ما يكون الطعن موجهاً إلى موظف عام.
7 - من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك.


الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر ضد الطاعنة بوصف أنها قذفتها بالعبارات المبينة تفصيلاً بالأوراق والمبينة بصحيفة الدعوى - وطلبت عقابها بالمادة 302 من قانون العقوبات وإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهمة شهرين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامها بأن تؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمة أسبوعين مع الشغل والنفاذ وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إنه لما كان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه، ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى، ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها ومرامي عبارتها، لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، وكان الحكم الابتدائي الذي تبناه لأسبابه الحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعنة نسبت إلى المجني عليها في صحيفة الدعوى المرفوعة منها قبلها الانحراف وسوء السلوك والانغماس في حياة الرذيلة وارتكاب أبشع المعاصي، وهي عبارات شائنة تنطوي بذاتها على المساس بشرف واعتبار المجني عليها وتدعو إلى احتقارها بين مخالطيها ومن يعاشرها في المجتمع الذي تعيش فيه، الأمر الذي تتوافر به في حق الطاعنة جريمة القذف كما هي معرفة في القانون. وإذ كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع التي رأت أن عبارات الطاعنة على السياق المتقدم في حكمها لا يستلزمه الدفاع في القضية سالفة الذكر، وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة، فضلاً عن أن الدفع بإباحة القذف أو السب إعمالاً لحكم المادتين 302، 309 من قانون العقوبات وإن كان دفاعاً جوهرياً على المحكمة أن تعرض له في حكمها إيراداً ورداً إلا أنه من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - ما لم تكن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم ترشح لقيامه - لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي أنها خلت من هذا الدفاع، ولم تدع الطاعنة في طعنها أنها أثارته في مذكرة قدمت إلى محكمة ثاني درجة وخلت مدونات الحكم المطعون فيه مما يظاهر دعوى الطاعنة في الاعتصام بحق الدفاع، فإنه لا يجوز لها من بعد إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة. هذا، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت توافر ركن العلانية كما يتطلبه القانون من تداول صحيفة الدعوى المتضمنة عبارات القذف بين أيدي الكثيرين من الموظفين المختصين، وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليها، يكون قد دلل على سوء نية الطاعنة وتوافر ركن العلانية على نحو سائغ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من انحسار المسئولية الجنائية عنها إعمالاً للمادة 309 من قانون العقوبات، وانتفاء القصد الجنائي لديها لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة، فلا محل للخوض في مسألة النية إلا في صورة ما يكون الطعن موجهاً إلى موظف عام، وليس هذا شأن المجني عليها، وتكون دعوى الطاعنة بالتفات محكمة الموضوع عن تحقيق حسن نيتها لا محل لها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك، فإن مجادلة الطاعنة في شأن العقوبة المقضى بها عليها يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يفصح عن عدم قبوله موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق