الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 فبراير 2019

التزام محاكم الجنح بإعمال أثر حكم المحكمة الدستورية بشأن ضريبة المبيعات

الدعوى رقم 7 لسنة 39 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمـــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
------------------
أصدرت الحكم الآتى
  في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 7 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
فوزى عبد العال محمد العمروسى
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العــــــدل
3- وزير الماليــــــة
4- النائب العـــــام
الإجراءات
بتاريخ الثامن والعشرين من يناير سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنح أبو حمص بجلسة 23/10/2005، في الجنحة رقم 8865 لسنة 2005 جنح أبو حمص، والحكم الصادر بجلسة 14/1/2017، في الاستئناف رقم 39306 لسنة 2005 جنح مستأنف دمنهور، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بهذين الحكمين، باعتبارهما يشكلان عقبة في تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، وما يترتب على ذلك من آثار.
    وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
    حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة كانت قد قدَّمت المدعى للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح أبو حمص، في الجنحة رقم 8865 لسنة 2005، بوصف أنه في يوم 8/10/2003، بدائرة مركز أبو حمص، تهرب من سداد ضريبة المبيعات على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، وحال نظر الدعوى، مثل عضو هيئة قضايا الدولة عن وزير المالية، وادعى مدنيًّا في مواجهة المدعى، بإلزامه بأن يؤدى له تعويضًا مدنيًّا قدره مبلغ 347377 جنيهًا، فقضت المحكمة بجلسة 23/10/2005، بتغريم المدعى مبلغ ألف جنيه، وإلزامه بأداء الضريبة المستحقة والضريبة الإضافية، وأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى مبلغ 347377 جنيهًا، على سبيل التعويض المدنى المؤقت. لم يصادف هذا القضاء قبول المدعى، فطعن عليه بالاستئناف رقم 39306 لسنة 2005 جنح مستأنف دمنهور، وقضت فيه المحكمة بجلسة 14/1/2017، بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه. وإذ ارتأى المدعى أن الحكم الصادر بإدانته فيما قضى به من تعويض، يمثل عقبة تحول دون تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

 وحيث إن المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، كانت تنص فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر، يُعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويُحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة".

    وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 4/11/2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة". وقد نُشر هذا الحكم بالعدد رقم 45 (مكرر) من الجريدة الرسمية بتاريخ 13/11/2007. وقد تأسس هذا الحكم – في شأن الإلزام بالتعويض – على "أن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة"، إذ ورد النص بعبارة "ويُحكم على الفاعلين متضامنين"، ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض في جميع الحالات، بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه، والتى تتمثل في الحبس أو الغرامة أو هما معًا، لتتعامد هذه الجزاءات على فعل واحد، هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991. متى كان ذلك، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التى تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات، سواء كان هذا التهرب ناتجًا عن سلوك إيجابى أم سلبى، ناشئًا عن عمد أم إهمال، متصلاً بغش أم تحايل، أم مجردًا منهما، فإنه يُعد منافيًا لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى في الدولة، ومنتقصًا بالتالى – دون مقتض – من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يُعد مخالفة لحكم المادتين (34 و 38) من الدستور" – دستور سنة 1971 -. والبادى من مطالعة هذه الأسباب، المرتبطة بمنطوق الحكم ارتباطًا وثيقًا، أن الحكم تناول في إفصاح جهير، وبما لا لبس فيه أو غموض، عدم دستورية مبدأ الإلزام بالتعويض الوارد بالنص. ومن ثم، ينهار ما تأسس عليه طلب هيئة قضايا الدولة الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة، لكون الحكم المشار إليه لم يتناول مبدأ التعويض في ذاته، ولم يتطرق إليه، واقتصر على عدم دستورية تضامن الفاعلين في سداد التعويض عند تعددهم.
     وحيث إنه لا يغير مما تقدم، ما تساندت إليه هيئة قضايا الدولة للحكم بعدم قبول الدعـوى المعروضة، بأن حكم محكمة الجنح، المؤيـد استئنافيًّا، قضى بإلـزام المتهم - المدعى في الدعوى المعروضة - بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مبلغ 347377 جنيهًا على سبيل التعويض المدني المؤقـت، بما يشى بكون ما قضت به في هذا الشأن هو تعويض قضائي وفقًا لنص المادة (221/1) من القانون المدني، ولا شأن له بالتعويض المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، المقضي بعدم دستوريته، فذلك مردود: بأن الحكم الجنائي المشار إليه جاء خلوًا من أية أسباب في شأن التعويض المقضي به، بما في ذلك بيان عناصر التعويض القضائي التي تطلبها نص المادة (221/1) من القانون المدني، وتحرى مدى تحققها في شأن الحالة المعروضة عليها، بل اقتصر على القضاء بالمبلغ ذاته الذى طالب به الحاضر عن وزير المالية، انصياعًا للوجوب الوارد بنص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، قبل القضاء بعدم دستوريته، الأمر الذى يتعين معه لما تقدم جميعه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من الهيئة.
   وحيث إنه عن موضوع المنازعة المعروضة، فإن حكم محكمة جنح أبو حمص الصادر بجلسة 23/10/2005، في الجنحة رقم 8865 لسنة 2005، كان سابقًا لصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية" بجلسة 4/11/2007، حال أنه أثناء نظر الاستئناف رقم 39306 لسنة 2005 جنح مستأنف دمنهور، المقام من المدعى، صدر حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، ومن ثم كان يتعين أن تلتزم المحكمة الاستئنافية بإعمال أثر ذلك الحكم فيما قضى به من عدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة.
            وحيث إنه وفقًا لنص المادة (195) من الدستور، ونص الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فإن أحكام هذه المحكمة والقرارات الصادرة منها تكون ملزمة لجميع سلطات الدولة، وللكافة، بما في ذلك المحاكم بجميع أنواعها ودرجاتها، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، الأمر الذى كان يتعين معه على محكمة جنح مستأنف دمنهور أن تُعمل أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، على الاستئناف رقم 39306 لسنة 2005، المعروض عليها، وهو ما لم تلتزم به، مما يضحى معه الحكم الصادر في هذا الشأن من محكمة جنح أبو حمص في الجنحة رقم 8865 لسنة 2005 جنح أبو حمص، والمؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 39306 لسنة 2005 جنح مستأنف دمنهور، يشكلان عقبة عطلت تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها، متعينًا القضاء بإزالتها.

     وحيث إن طلب المدعى وقف تنفيذ حكم محكمة جنح أبو حمص وحكم محكمة جنح مستأنف دمنهور المشار إليهما، يُعد فرعًا من أصل النزاع المعروض، وإذ قضت هذه المحكمة في موضوع النزاع على النحو السالف البيان، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذى موضوع.

فلهــذه الأسبــاب
  حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح أبو حمص بجلسة 23/10/2005، في الجنحة رقم 8865 لسنة 2005، فيما قضى به من إلزام المدعى بأداء مبلغ 347377 جنيهًا على سبيل التعويض، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف دمنهور بجلسة 14/1/2017، في الاستئناف رقم 39306 لسنة 2005، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق