الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الطعن 8637 لسنة 61 ق جلسة 19 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ق 12 ص 115


جلسة 19 من يناير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
-----------
(12)
الطعن رقم 8637 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "ميعاده". نيابة عامة. إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم أخذه بتصوير معين للحادث وإطراحه تصويراً آخر. كفاية تدليل الحكم على التصوير الذي اقتنع به. رداً عليه.
 (4)إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. والأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه.
(5) مسئولية جنائية. موانع العقاب "فقدان الشعور والاختيار. الغيبوبة الناشئة عن عقاقير مخدرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
شروط الغيبوبة المانعة من المسئولية؟
تقدير موانع المسئولية الناشئة عن فقدان الشعور. موضوعي.
 (6)إثبات "بوجه عام" "قرائن". قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي
(7) جريمة "أركانها". حريق عمد. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
كفاية وضع النار عمداً في الملابس الموجودة أمام الباب المؤدي للحجرة النوم. لقيام المسئولية الجنائية عن جريمة الحريق العمد
(8) قتل عمد. سرقة. اقتران. ارتباط. عقوبة "توقيعها". ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما
توقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات. شرطه؟
 (9)قتل عمد. إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

-----------
1 - إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة برأيها في الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الأول عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 وطلبت فيها إقراره فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الأول وإن كانت قد جاوزت في هذا العرض الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة.
2 - من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
3 - لما كان الحكم المعروض قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول من وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها أن المتهم اقترف الجرائم المسندة إليه فإن ما أثاره الدفاع بمحضر جلسة المحاكمة من أن زوج المجني عليها الأولى هو مرتكب الحادث عندما فاجأها متلبسة بجريمة الزنا مع المتهم الأول لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها استقرت في وجدانها هذا إلى أن الحكم عرض لهذا الدفاع ورد عليه بما يفنده
4 - من المقرر أنه يجوز للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذه الخصوص.
5 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة من عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة تناولها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق يفقدان الشعور أو التمتع به والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
7 - إن الثابت أن الحكم قد عرض لجريمة الحريق العمد الذي نشأ عنه وفاة شخص فدلل عليها تدليلاً سديداً إذ أثبت في حق المتهمين أنهما وضعا النار عمداً في الملابس الموجودة أمام الباب الخشبي المؤدي إلى حجرة النوم وكرسي الصالون الموجود بحجرة صالون الشقة وأتت النار على بعض محتوياتها ونتج عن ذلك وفاة الرضيع........ مختنقاً نتيجة استنشاقه غاز أول أكسيد الكربون كما أورى بذلك تقرير الصفة التشريحية
8 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما ولما كان شرط إنزال العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 234 المذكورة هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل.
9 - لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون لها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وأخرى بأنهما: أولاً: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتلها وتنفيذاً لهذا الغرض سعياً إلى مسكنها وما أن واتتهما الفرصة حتى انهال عليها المتهم الأول ضرباً بأداة راضه (زجاجات فارغة) وطعناً بآلة حادة (سكين) في حين كانت المتهمة الأخرى ترقب المكان وتشد من أزره قاصدين قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها، وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخرتان الأولى: بأنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر. قتلا الطفلة...... شقيقة المجني عليها السابقة عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتل الأخيرة وقصدا مسكنها لتنفيذ هذا الغرض وإذ صادفا الطفلة المذكورة به. بادر المتهم الأول بخنقها ثم ذبحها بالسلاح آنف البيان بينما كانت المتهمة الأخرى ترقب المكان وتشد من أزره قاصدين قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها. ثانياً: وضعا النار عمداً في مكان مسكون ونشأ عن ذلك موت شخص كان موجوداً به بأن قام المتهم الأول بمؤازة المتهمة الأخرى بإضرام النيران ببعض محتويات مسكن المجني عليها....... على مقربة من جثتها وشقيقتها فما كان أن احترقت جوانب منها ونشأ عن ذلك حدوث إصابة الطفل....... ابن المجني عليها الأولى بالإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته. وكان القصد من ارتكاب جناية القتل العمد الموصوف بالإصرار والمقترنة بالجنايتين الأخرتين هو السرقة وذلك أن المتهمين في ذات الزمان والمكان سرقا المبلغ المبين قدراً بالتحقيقات والحلي الموضحة وصفاً وقيمة بها والمملوكة للمجني عليها..... من مسكنها. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي زوج المجني عليها..... قبل المتهمان بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قررت حضورياً بجلسة....... وبإجماع الآراء إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه فيها وحدت جلسة....... للنطق بالحكم وبالجلسة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234، 252/ 9، 257 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم....... بالإعدام وبمعاقبة المتهمة الأخرى بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول المحكمة برقم (...... لسنة 58 القضائية). ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليها الثانية شكلاً. ثانياً: بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول شكلاً وقبول عرض النيابة العامة للقضية وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للطاعنين. ومحكمة الإعادة "بهيئة أخرى" قضت عملاً بذات مواد الاتهام وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم....... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبمعاقبة المتهمة الثانية....... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليها، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض (للمرة الثانية) مشفوعة بمذكرة بالرأي.


المحكمة
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة برأيها في الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الأول عملاً بالمادة 46 من قانون رقم 57 لسنة 1959 وطلبت فيها إقراره فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الأول وإن كانت قد جاوزت في هذا العرض الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة.
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تخلص في أنه يوم...... وأثناء توجه المتهمة الثانية..... لزيارة المجني عليها الأولى..... لتهنئتها بزواجها ومولودها قابلها المتهم الأول....... وإذ علم بوجهتها اصطحبها لذات الغرض واسترعاه ما كانت تتحلى به المجني عليها من مصاغ وحلى ذهبية ونظراً للضائقة المالية التي كانت تحيط به انعقدت لديه نية سرقتها عن طريق تخدير صاحبتها بأقراص مخدرة من تلك التي يتم إذابتها بالمشروبات وكاشف المتهمة الثانية بما انتواه وعرض عليها أن تقاسمه تنفيذه في زيارة تالية محدداً لها دورها بأن تصعد بمفردها إلى شقة المجني عليها على حين ينتظر هو بالشارع أمام العقار الذي تقيم به المجني عليها فإذا ما تيقنت من عدم تواجد زوجها تخبرها بأن تشير له بالصعود إذ أنها تعرفه من قبل وعندئذ يحتال بوضع ما يكون قد أخضره من أقراص مخدرة في كوب شاي المجني عليها الأولى ليسهل له بذلك سرقة مصوغاتها الذهبية فوافقته على ذلك وفى يوم الخميس الموافق...... حوالي الساعة الخامسة مساء وتنفيذاً لما اتفقا عليه توجها سوياً إلى شقة المجني عليها الأولى...... وصعدت المتهمة الثانية بمفردها ولما لم تجد زوج المجني عليها طلبت منها أن تخرج إلى شرفة الشقة وتشير للمتهم الأول بالصعود ففعلت ولدى صعوده جلس ثلاثتهم والمجني عليها الثانية..... بحجرة الصالون وطلب منها إعداد مشروب الشاي وبعد إعداده احتال بحاجته لمزيد من السكر وغادر مكان تواجدهم بالصالون وأذاب ما أحضره من أقراص مخدرة بكوب المجني عليها الأولى والتي انتابها بعد احتسائه دوار شديد فساعدتها المتهمة الثانية على الانتقال إلى غرفة نومها وفي تلك الأثناء كان المتهم الأول منفرداً بالمجني عليها الثانية...... بغرفة الصالون فقام بخنقها ثم أحضر سكيناً من المطبخ وطعنها به عدة طعنات بالصدر والظهر ثم ذبحها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية الخاص بها والتي أودت بحياتها ولدى سماع المتهمة الثانية صرخات وأنين المجني عليها الثانية خرجت من حيث كانت لاستطلاع الأمر فشاهدت المتهم الأول يغادر حجرة الصالون ويديه ملوثتين بالدماء وعندئذ تظاهرت بأنها تقوم بتأمين باب الشقة وعندما دلف المتهم الأول إلى غرفة النوم حيث توجد المجني عليها الأولى فتحت باب الشقة وغادرتها للخارج بينما كان المتهم الأول يجهز على المجني عليها الأولى بضربها على رأسها بزجاجات فارغة وطعنها بسكين عدة طعنات في صدرها وحول رقبتها قاصداً من ذلك قتلها واستمر في الاعتداء عليها إلى أن تحقق أنها لفظت أنفاسها فقام بالاستيلاء على مصوغاتها وحليها الذهبية وقبل مغادرته الشقة أشغل النيران بأماكن عديدة منها خاصة مكان تواجد جثتي المجني عليهما الأولى والثانية بهدف طمس معالم الجريمة مما نتج عنه وفاة الطفل الرضيع......... ابن المجني عليها الأول نتيجة اختناقه من استنشاق غاز أول أكسيد الكربون السام المتخلف من الاحتراق وفر المتهم الأول هارباً من مكان الحادث تاركاً خلفه غطاء الرأس الخاص به (برية القوات الجوية) وذهب بالمصوغات التي استولى عليها والتي وضعها داخل كيس بلاستيك وتحفظ عليها لدى خالته بشبرا الخيمة والتي أخبرت زوجها بذلك بعد القبض على المتهم الأول بمسكنها فسارع بتسليم المسروقات إلى الشرطة وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق المتهم أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن اعتراف المتهمين بالتحقيقات ومما ثبت من تقارير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الجنائي ومناظرة النيابة العامة للمتهم ومعاينتها لمحل الحادث وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق مع ما أورده عنها بواقعة الدعوى وبما يتفق والثابت بأوراقها على ما يبين من المفردات المضمومة - لما كان ذلك وكان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وإذ كان الحكم المعروض قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول من وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها أن المتهم اقترف الجرائم المسندة إليه فإن ما أثاره الدفاع بمحضر جلسة المحاكمة من أن زوج المجني عليها الأول هو مرتكب الحادث عندما فاجأها متلبسة بجريمة الزنا مع المتهم الأول لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها هذا إلى أن الحكم عرض لهذا الدفاع ورد عليه بما يفنده. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعنان من أن اعترافهما بتحقيق النيابة كان وليد إكراه ورد عليه تفصيلاً مدللاً على صحة اعتراف المحكوم عليهما أمام النيابة وخلو اعترافهما من شوائب الرضا وأخصها الإكراه ومطابقته للحقيقة مستنداً في ذلك إلى أدلة صحيحة لها أصولها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وكان يجوز للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان الحكم قد محص أقوال المحكوم عليه الأول بالتحقيقات من أنه "كان مبرشم" تأدياً من ذلك إلى القول بانعدام الإرادة لديه وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها إلى توافر الإدراك لديه وقت مقارفة الجرائم التي ثبتت في حقه وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمورها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضى الموضوع دون معقب عليه. لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليهما في قوله"وحيث إنه عن نية إزهاق الروح فإن المحكمة ترى قيامها في الدعوى من أنه أثناء تواجد المتهم الأول مع المجني عليها الثانية..... بحجرة الصالون جثم عليها وخنقها ثم أحضر سكيناً من المطبخ وطعنها في صدرها ورقبتها عدة طعنات ثم ذبحها واتجه بعد إتمام ذلك إلى حيث ترقد المجني عليها الأولى بغرفة النوم وضربها على رأسها عدة ضربات بزجاجات فارغة كانت موجودة بالحجرة ثم طعنها بسكين في صدرها ورقبتها عدة طعنات قطعية ونافذة وكانت الطعنات جميعها بالنسبة للمجني عليهما من القوة وموجهة في مقتل من المجني عليهما فضلاً عن قوله إنه استمر في الاعتداء على المجني عليها الأولى إلى أن تحقق من وفاتها ومن استعماله أداتين قاتلتين بطبيعتهما سكينان وتكرار الضرب المحدث للجروح النافذة والذبحية كل ذلك بما يتوافر معه نية إزهاق الروح". كما استظهر الحكم توافر ظرف سبق الإصرار في قوله "لما كان الثبات من ظروف الدعوى وملابساتها ومن إقرار المتهمين التفصيلي الذي أورده بالتحقيقات واطمئنان المحكمة إلى ما أشارت إليه تحريات الشاهد الأول من أن المتهم الأول كان يمر بضائقة مالية دفعته إلى التفكير في ارتكاب جريمته بالاتفاق مع المتهمة الثانية بالإضافة إلى ما ثبت في يقين المحكمة من أنه ارتكب جريمته وهو هادئ البال وبعد إعمال فكر وروية فقد قصد المتهمين إلى مسكن المجني عليهما وقد انتوى كل منهما ارتكاب الحادث بالصورة التي اتفقا عليها سوياً وإذ صعدا إلى مسكنها بالترتيب السابق طلب إعداد الشاي وتحايل المتهم الأول في إذابة المخدر بكوب شاي المجني عليها الأولى والتي لم تشفع لديه ما آلت إليه بعد احتسائها الشاي المذاب به المخدر فاصطحبتها المتهمة الثانية لحجرة النوم وقام المتهم في هذه الأثناء بقتل المجني عليها الثانية........ حتى لا تكون شاهداً على جرائمه والمتهمة الثانية ثم انتقل إلى حيث ترقد المجني عليها الأولى وانهال عليها ضرباً وطعناً حتى أزهق روحها في توال يقطع بأنه كان أبان مقارفته تلك الأفعال هادئ البال ومتروي..... ومن كان ذلك يتوافر لدى المحكمة قناعة كاملة يتوافر سبق الإصرار". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون هذا وبعد أن عرض الحكم لجريمة الحريق العمد الذي نشأ عنه وفاة شخص فدلل عليها تدليلاً سديداً إذ أثبت في حق المتهمين أنهما وضعا النار عمداً في الملابس الموجودة أمام الباب الخشبي المؤدي إلى حجرة النوم وكرسي الصالون الموجود بحجرة صالون الشقة وأتت النار على بعض محتوياتها ونتج عن ذلك وفاة الرضيع...... مختنقاً نتيجة استنشاقه غاز أول أكسيد الكربون كما أورى بذلك تقرير الصفة التشريحية عرض لظرف الاقتران والارتباط وأثبتهما في حق الطاعن في قوله "إن المتهمين قتلا........ عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتلها وتنفيذاً لهذا الغرض سعياً إلى منزلها وما إن واتتهما الفرصة لذلك حتى انهال عليها المتهم الأول ضرباً بأداة راضة....... وطعنا بسلاح حاد...... في حين كانت المتهمة الثانية ترقب المكان وتشد من أزره قاصدين قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هي أن المتهمين في ذات الزمان والمكان قتلا كلاً من....... و....... ووضعا النار عمداً في مكان مسكون نشأ عنه موت شخص وكل جناية من الجنايتين الأخيرتين قائمة بذاتها وذات كيان مستقل عن جناية القتل الأولى متعاصرة معها وارتكبت كل منها بفعل مستقل وفى فترة وجيزة من الزمن وعلى مسرح واحد فتوافرت بذلك الرابطة الزمنية بما يتوافر به ظروف الاقتران........ وحيث إن الثابت من التحقيقات أن المتهم الأول انتوى أصلاً سرقة مصوغات المجني عليها الأولى وإذ صادف وجود شقيقتها المجني عليها الثانية..... عمد إلى قتلها واتجه إلى المجني عليها الأولى..... وقتلها واستولى على مصاغها وحليها فكان القتل العمد لتسهيل ارتكاب السرقة وارتكابها بالفعل" وما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون إذ يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما ولما كان شرط استنزال العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 234 المذكورة هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل وعلى محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به ظرفاً الاقتران والارتباط المشددان لعقوبة القتل العمد كما هما معرفان به في القانون فإنه يكون قد أصاب في تطبيق الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات هذا إلى أن توافر أي هذين الظرفين أو جريمة الحريق عمداً الذي نشأ عنه موت شخص كاف لتوقيع عقوبة الإعدام. لما كان ذلك وكان الحكم قد تناول دفاع المحكوم عليه الموضوعي الذي أثاره فأقسطه حقه ورد عليه بما يفنده وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون لها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق