جلسة 13 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو
النيل وعمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة ومحمد
إسماعيل موسى.
-------------
(124)
الطعن رقم 62728 لسنة 59
القضائية
(1)دعوى
مدنية. نقض "الصفة والمصلحة في الطعن". تبديد. استئناف.
تبرئة المطعون ضده تأسيساً
على أن الاتهام المسند إليه على غير أساس. يستلزم الحكم برفض الدعوى المدنية. ولو
لم ينص على ذلك في منطوق الحكم.
كون المدعي بالحقوق
المدنية طرفاً في الخصومة الاستئنافية. أثر ذلك: توافر الصفة والمصلحة له في الطعن
في الحكم بطريق النقض.
(2) حكم "حجيته". قوة الأمر المقضي.
مناط حجية الأحكام؟ وحدة
الخصوم والموضوع والسبب.
اتحاد السبب. ما يكفي
لتحققه؟
(3)حكم "حجيته". حجية الشيء المحكوم فيه.
الأصل في الأحكام ألا ترد
حجيتها إلا على منطوقها. لا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق
ومرتبطاً به ارتباط غير متجزئ.
(4) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
حكم "حجيته".
مغايرة الواقعة المطروحة
للواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق صدوره في جنحة أخرى. يمتنع معها القول بوحدة
السبب والموضوع في كل من الدعويين مما لا يجوز معه الحكم السابق حجية في الواقعة
محل الدعوى المطروحة. مخالفة ذلك. خطأ في القانون: يوجب النقض والإعادة.
-------------
1 - لما كان البين من
الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف - الصادر بإدانة المطعون
ضده وإلزامه بالتعويض المدني للمدعي بالحقوق المدنية (الطاعن) - وببراءة المطعون
ضده مما أسند إليه. على أساس سبق صدور حكم بات في دعوى أخرى بإدانة الطاعن وإلزامه
بالتعويض المدني للمطعون ضده عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب.
وحيازة هذا الحكم لقوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى الماثلة المقامة من الطاعن قبل
المطعون ضده بجريمة خيانة الأمانة بالنسبة للشيك ذاته موضوع الدعوى الأولى. بما
مفاده أن الاتهام المسند إلى المطعون ضده على غير أساس. وإذ كان قضاء الحكم
المطعون فيه ببراءة المطعون ضده إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم
ينص على ذلك في منطوق الحكم. وكان المدعي بالحقوق المدنية طرفاً في الخصومة
الاستئنافية فإنه من ثم تكون قد توافرت له الصفة والمصلحة في الطعن في الحكم بطريق
النقض.
2 - من المقرر أن مناط
حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب، وأنه يجب للقول باتحاد السبب أن
تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم
السابق. فلا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع
الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما
حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كانت لكل واقعة ذاتية
خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل
منهما.
3 - من المقرر أن الأصل
في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما
يكون مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام
إلا به.
4 - لما كان ما أورده
الحكم المطعون فيه في مدوناته في شأن القضية آنفة الذكر يبين منه أن محلها جريمة
إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أسند الاتهام فيها إلى الطاعن. على حين
أن موضوع الدعوى المطروحة هو جريمة خيانة أمانة منسوبة إلى المطعون ضده وهي من ثم
واقعة مغايرة تماماً لتلك التي كانت محلاً للحكم السابق صدوره في الجنحة آنفة
البيان. ولا يقدح في ذلك أن تكون الواقعة الثانية موضوع الدعوى الحالية متصلة
بالواقعة الأولى ما دام الثابت أن لكل من الواقعتين ذاتية وظروفاً خاصة ووقعت بناء
على نشاط إجرامي خاص بما يتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب
والموضوع في كل من الدعويين مما لا يجوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة
الجديدة محل الدعوى المطروحة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر - بما أورده
من الأسباب سالفة الذكر - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن بحث
موضوع الدعوى مما يوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق
المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح مركز دكرنس ضد المطعون ضده بوصف أنه
استعمل الشيك المحرر والمسلم إليه على سبيل الوديعة من الطالب فاختلسه لنفسه
إضراراً بالمجني عليه بأن رفع جنحة مباشرة ضده وطلب عقابه بالمواد 336 و340 و341
من قانون العقوبات وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً
على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس
المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق
المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، استأنف ومحكمة المنصورة
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعن المدعي بالحقوق
المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن البين من الحكم
المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف - الصادر بإدانة المطعون ضده وإلزامه
بالتعويض المدني للمدعي بالحقوق المدنية (الطاعن) - وببراءة المطعون ضده مما أسند
إليه. على أساس سبق صدور حكم بات في دعوى أخرى بإدانة الطاعن وإلزامه بالتعويض
المدني للمطعون ضده عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وحيازة
هذا الحكم لقوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى الماثلة المقامة من الطاعن قبل
المطعون ضده بجريمة خيانة الأمانة بالنسبة للشيك ذاته موضوع الدعوى الأولى. بما
مفاده أن الاتهام المسند إلى المطعون ضده على غير أساس. وإذ كان قضاء الحكم
المطعون فيه ببراءة المطعون ضده إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم
ينص على ذلك في منطوق الحكم. وكان المدعي بالحقوق المدنية طرفاً في الخصومة
الاستئنافية فإنه من ثم تكون قد توافرت له الصفة والمصلحة في الطعن في الحكم بطريق
النقض. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى باقي أوضاعه الشكلية التي يستوجبها
القانون ومن ثم تعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قد شابه
الخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه أقام قضاءه - على سبق صدور حكم بات في دعوى أخرى
أقيمت عن ذات الشيك من المطعون ضده قبل الطاعن وحجب نفسه عن النظر في موضوع الدعوى
محل الطعن الماثل والتي أقيمت عن جريمة خيانة الأمانة على الرغم من اختلاف موضوع
الدعويين الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة هذه الدعوى بما مؤداه أن المطعون ضده كان قد تسلم شيكاً من
الطاعن على سبيل الأمانة بيد أنه أقام به دعوى قبله وقضى فيها بإدانته وإلزامه
بأداء التعويض المدني المطالب به. أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى
المدنية على قوله: "أن الثابت من أوراق هذه الدعوى أن الشيك محل الاتهام فيها
هو ذات الشيك محل الدعوى رقم.... استئناف المنصورة. وقد أثير أمام المحكمة في
الدعوى الأخيرة من المتهم وهو المدعي بالحق المدني في الدعوى الماثلة أن الشيك سلم
للمتهم على سبيل الأمانة فاستغله لحساب نفسه ولم تأخذ المحكمة بهذا الدفاع وانتهى
إلى قيد الواقعة بإصدار شيك بدون رصيد وقضت بمعاقبته عن هذه الجريمة حتى أصبح
باتاً فيكون هذا الحكم له حجيته أمام هذه المحكمة إذ فصل في ذات الواقعة بين ذات
الخصوم وتناول ذات الدفاع وبالتالي فلا محل للتعرض للواقعة من جديد في أي صورة
باعتبار أن الحكم الجنائي هنا عنوان الحقيقة ولا يقبل أي دليل يناقضه بعد ذلك
احتراماً لحجية الحكم الجنائي وبالتالي فإن إثارة المدعي المدني هذه الواقعة من
جديد في صورة تهمة جديدة وهي خيانة الأمانة التي سبق أن أبداها في الدعوى الأخرى
ولم تأخذ بها المحكمة - لا محل لها - ويكون التعرض لها موقفاً لواقعة سبق الفصل
فيها بحكم بات وهو ما لا يجوز قانوناً مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف
وبراءة المتهم مما أسند إليه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط حجية
الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب، وأنه يجب للقول باتحاد السبب أن تكون
الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق.
فلا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة
الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من
سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كانت لكل واقعة ذاتية خاصة
وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما -
وكان من المقرر أيضاً أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا
يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما يكون مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً
غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون
فيه في مدوناته في شأن القضية آنفة الذكر يبين منه أن محلها جريمة إعطاء شيك لا
يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أسند الاتهام فيها إلى الطاعن. على حين أن موضوع
الدعوى المطروحة هو جريمة خيانة أمانة منسوبة إلى المطعون ضده وهي من ثم واقعة
مغايرة تماماً لتلك التي كانت محلاً للحكم السابق صدوره في الجنحة آنفة البيان.
ولا يقدح في ذلك أن تكون الواقعة الثانية موضوع الدعوى الحالية متصلة بالواقعة
الأولى ما دام الثابت أن لكل من الواقعتين ذاتية وظروفاً خاصة ووقعت بناء على نشاط
إجرامي خاص بما يتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب والموضوع في
كل من الدعويين مما لا يحوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى
المطروحة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر - بما أورده من الأسباب سالفة الذكر
- فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن بحث موضوع الدعوى مما يوجب نقضه
والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق