الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الطعن 8237 لسنة 61 ق جلسة 19 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ق 11 ص 108


جلسة 19 من يناير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نواب رئيس المحكمة وفتحي حجاب وعلي شكيب.
--------------
(11)
الطعن رقم 8237 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
بيانات حكم الإدانة؟.
(2) سرقة. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة" قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الأصل وجوب ثبوت القصد الجنائي من الجريمة فعلياً دون القول بالمسئولية المفترضة. حد ذلك؟
عدم مساءلة الشخص شريكاً كان أو فاعلاً إلا بقيامه بالفعل أو الامتناع المجرم قانوناً. افتراض المسئولية استثناء. قصره في الحدود التي نص عليها القانون.
(3) قتل خطأ. جريمة. رابطة سببية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
رابطة السببية مؤداها إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني.
متى يقطع خطأ الغير رابطة السببية؟
إطراح الحكم دفاع الطاعن القائم على نفي رابطة السببية جملة دون تفنيده بما ينفيه. قصور.

--------------
1 - المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً
2 - لما كان الحكم المطعون فيه عندما عرض للقصد الجنائي أورد ما نصه: "وحيث إن الركن المعنوي لجريمة المادة 116/ ج من قانون العقوبات يقوم على العمدية وهو ما يتوافر في حق المتهمين فكلاهما بحكم عمله وخبرته ومهنته يعلم بالرابطة التعاقدية بين هندسة ري الفيوم وبنوع الالتزامات الناشئة عن هذا العقد وبنوده واشتراطاته ولا بد والحال كذلك أن ينصرف قصده إلى الإخلال بتنفيذ هذا العقد في صورته سالفة الذكر بحسبان أنه يقوم بتوريد مواد الإنشاء ويشرف على خلطها وصبها بالنسب التي تمت بها ويعد كل من المتهمين مسئولاً عن الإخلال بكل هذه الالتزامات التعاقدية......" لما كان ذلك وكان الأصل أن القصد الجنائي من ارتكاب الجريمة يجب أن يكون ثبوته فعلياً ولا يصح القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها سواء كان بالقيام بالفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت القصد الجنائي لدى الطاعنين أو يدلل على ذلك تدليلاً سائغاً، وإنما أطلق القول بأن الطاعنين بحكم عملهما وخبرتهما يعلمان بشروط العقد ولا بد أن ينصرف قصدهما إلى الإخلال بتنفيذه - مع ما في ذلك من إنشاء قرينة لا أصل لها في القانون مبناها افتراض توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين لمجرد إنهما من العاملين في مجال المقاولات ومن ذوى الخبرة فيها فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.
3 - لما كانت رابطة السببية تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور ومن المقرر أن خطأ الغير يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد أثار دفاعاً مؤداه أن آله ميكانيكية قوية قد اصطدمت بحائط دورة فتحة الري موضوع عقد المقاولة - مما أدى إلى انهياره وسقوطه في البحر وهو دفاع جوهري لما يستهدفه من نفي عنصر أساسي من عناصر الجريمة من شأنه لو صح أن تندفع به التهمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتفهم مرماه ولم يقسطه حقه بما ينحسم به أمره ولم يعن بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه بل اطرحه جملة دون أن يرد عليه بما ينفيه ويكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أخلا عمداً بالالتزامات المفروضة بموجب عقد مقاولة ارتبط به المتهم الأول مع إحدى جهات الحكومة (مديرية ري......) وقام بتنفيذه المتهم الثاني وذلك بأن خالفا الأصول الفنية والهندسية على النحو المبين بالتحقيقات. (ب) المتهم الثاني: - تسبب بخطئه في موت كلاً من الطفلين...... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين وإخلاله الجسيم بما تفرضه عليه أصول مهنته بأن قام بتنفيذ عملية إخلال وتجديد الكوبري المنوه عنه بالأوراق والمخالفة للأصول الفنية على النحو الوارد بالوصف الأول فانهارت دورة الكوبري على المجني عليهما فأحدثت بهما الإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة والتي نتج عنها وفاتهما وأحالتهما إلى محكمة جنايات الفيوم لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت والدتا المجني عليهما قبل المتهمين مدنياً بمبلغ 60 ألف جنيه على سبيل التضامن والتعويض والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 116 مكرراً/ جـ، 119/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليهما وتغريمهما بمبلغ 55330.695 جنيهاً (خمسة وخمسين ألف جنيه وثلاثمائة وثلاثين جنيهاً وستمائة وخمسة وتسعون مليماً) ثانياً: - بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن كلاً من المحكوم عليه الأول والأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجريمة الإخلال العمدي بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عقد مقاولة مع جهة حكومية كما دان الطاعن الثاني أيضاً بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه خلا من بيان شروط عقد المقاولة التي وقع الإخلال بها، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى المتهمين كما لم يرد الحكم على دفاع الطاعنين أن سبب انهيار دورة فتحة الري - موضوع العقد - هو اصطدام جرار زراعي بها بما يقطع رابطة السببية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى في قوله (أن هندسة ري الفيوم أسندت إلى المتهم...... مقاول مباني وإنشاءات - عملية إقامة فتحة الحميدية على بحر..... بسنهور القبلية وحررت معه عقداً بذلك للانتهاء من هذه العملية في موعد أقصاه 9/ 8/ 1986 وقد تضمن هذا العقد الاشتراطات الخاصة بالأعمال المطلوبة من حيث مناسيب الأساسات وأنواع الأسمنت التي يحق للمقاول استخدامها وهي الحديدي والبورتلاندي وكيفية صيانة الخرسانة وتركيب الألواح الحديدية والنسب المختلفة للحديد والرمل والزلط والأسمنت المستخدم في العملية وقد ألحق بهذا العقد قائمة توضح الكميات لإقامة فتحة الحميدية محل العقد وتبين بها بيان الأعمال وأبعادها "أساس الحائط والبيارة والمواسير والعتب والبلوكات....... إلخ" وتبلغ قيمة هذه الأعمال وفق هذا العقد مبلغ 6980 جنيهاً، وبلغت حسب الحساب الختامي لها مبلغ 55330.695 جنيهاً - وفق كتاب الإدارة العامة لري الفيوم المؤرخ 27/ 12/ 1986 وقد أسند المتهم الأول الأشراف الهندسي والتنفيذي للمهندس....... وبدأ العمل الفعلي في 29/ 7/ 1986 وانتهى في 4/ 8/ 1986 وبعد حوالي عام انهار حائط الكوبري الغربي وسقط في المياه فأصاب الطفلين المجني عليها......، ...... مما أدى إلى وفاتهما وقد ثبت أن سبب انهيار الحائط هو عدم وجود أساسات له، كما أن الخرسانة المصنوع منها دون المستوى بسبب قلة الأسمنت وعدم جودة الدمج للمواد المستخدمة به وعدم جودة المواد الركامية المستعملة هذا فضلاً عن تصدع الحائط الشرقي للكوبري لشروخ به واعوجاج مرده إلى عيوب في الصب) لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً وإذ كان ما أورده الحكم - على نحو ما تقدم في شأن بيان شروط العقد المبرم بين هندسة ري الفيوم وبين الطاعن الأول - لا يكفى بياناً لها إذ لا يبين منه شروط العقد التي وقع الإخلال بها كما أن الحكم لم يبين ما تضمنته القائمة الملحقة بذلك العقد من اشتراطات والتزامات الأمر الذي يصم الحكم بالقصور في البيان بما يوجب نقضه
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عندما عرض للقصد الجنائي أورد ما نصه: "وحيث إن الركن المعنوي لجريمة المادة 116/ ج من قانون العقوبات يقوم على العمدية وهو ما يتوافر في حق المتهمين فكلاهما بحكم عمله وخبرته ومهنته يعلم بالرابطة التعاقدية بين هندسة ري الفيوم وبنوع الالتزامات الناشئة عن هذا العقد وبنوده واشتراطاته ولا بد والحال كذلك أن ينصرف قصده إلى الإخلال بتنفيذ هذا العقد في صورته سالفة الذكر بحسبان أنه يقوم بتوريد مواد الإنشاء ويشرف على خلطها وصبها بالنسب التي تمت بها ويعد كل من المتهمين مسئولاً عن الإخلال بكل هذه الالتزامات التعاقدية........." لما كان ذلك وكان الأصل أن القصد الجنائي من ارتكاب الجريمة يجب أن يكون ثبوته فعلياً ولا يصح القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها سواء كان بالقيام بالفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المقترضة في العقاب إلا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت القصد الجنائي لدى الطاعنين أو يدلل على ذلك تدليلاً سائغاً، وإنما أطلق القول بأن الطاعنين بحكم عملهما وخبرتهما يعلمان بشروط العقد ولا بد أن ينصرف قصدهما إلى الإخلال بتنفيذه - مع ما في ذلك من إنشاء قرينة لا أصل لها في القانون مبناها افتراض توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين لمجرد إنهما من العاملين في مجال المقاولات ومن ذوي الخبرة فيها فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه
لما كان ذلك وكانت رابطة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور ومن المقرر أن خطأ الغير يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد أثار دفاعاً مؤداه أن آله ميكانيكية قوية قد اصطدمت بحائط دورة فتحة الري موضوع عقد المقاولة - مما أدى إلى انهياره وسقوطه في البحر وهو دفاع جوهري لما يستهدفه من نفي عنصر أساسي من عناصر الجريمة من شأنه لو صح أن تندفع به التهمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتفهم مرماه ولم يقسطه حقه بما ينحسم به أمره ولم يعن بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه بل أطرحه جملة دون أن يرد عليه بما ينفيه ويكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لما كان ما تقدم فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق