الطعن 72 لسنة 28
ق " دستورية" المحكمة الدستورية العليا جلسة 6 / 5 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر أ في 15/ 5/ 2017 ص 65
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة بيوم السبت السادس من مايو سنة 2017م،
الموافق التاسع من شعبان سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي وسعيد مرعي عمرو
والدكتور عادل عمر شريف والدكتور حمدان حسن فهمي والدكتور محمد عماد النجار
والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 72 لسنة 28
قضائية "دستورية".
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 27996 لسنة 58 قضائية، أمام محكمة القضاء
الإداري، مختصمة فيها المدعى عليهما الرابع والخامس، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن إعطائها حقها في ميراث والدها الراحل/
محمد أنور السادات في الدار التي کان يقيم فيها بالجيزة وملحقاتها، وكذلك حقها في
المعاش المقرر بموجب المادة الثالثة من القانون رقم 163 لسنة 1981 المشار إليه، مع
تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية دون حاجة إلى إعلان. وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار
مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأثناء نظر الدعوى تدخلت المدعى عليها السادسة
انضماميا إلى المدعى عليهما، كما تقدمت المدعية بمذكرة دفعت فيها بعدم دستورية
القانون رقم 163 لسنة 1981 المار ذكره، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت
للمدعية برفع الدعوى الدستورية، أقامت دعواها المعروضة.
بتاريخ السابع من مايو سنة 2006، أقامت المدعية الدعوى المعروضة،
بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية القانون
رقم 163 لسنة 1986، بشأن النزول عن ملكية الدار التي كان يقيم فيها المغفور له
الرئيس الراحل محمد أنور السادات ومنح أسرته معاشا، ومحو كل ما يترتب عليه من آثار.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الولاية التي تباشرها في مجال
الرقابة على الدستورية إنما تتعلق بالنصوص القانونية أيا كان محلها أو موضوعها أو
نطاق تطبيقها أو السلطة التي أقرتها أو أصدرتها، وأن غايتها رد النصوص القانونية
المطعون فيها إلى أحكام الدستور تثبتا من اتفاقها أو اختلافها معها، فلا يتمثل محل
هذه الرقابة إلا في القانون بمعناه الموضوعي، محددا على ضوء كل قاعدة قانونية
يرتبط مجال إعمالها بتعدد تطبيقاتها، سواء أقرتها السلطة التشريعية أو أصدرتها
السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي ناطها الدستور بها، وهو ما يعني انتفاء
تخصيصها، فلا تتقيد بحالة بذاتها تستنفد بها القاعدة القانونية مجال تطبيقها، ولا
بشخص معين يستغرق نطاق سريانها، فالرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في
شأن الشرعية الدستورية محلها القانون بمعناه الموضوعي، محددا على ضوء كل قاعدة
قانونية تتسم بعمومها وتجردها، سواء صاغتها السلطة التشريعية في حدود ولايتها، أو
أصدرتها السلطة التنفيذية وفق صلاحياتها التي ناطها الدستور بها.
وحيث إن ما يميز القواعد القانونية التي تستنهض ولاية المحكمة
الدستورية العليا هي أن تطبيقاتها مترامية، ودائرة المخاطبين بها غير متناهية،
والآثار التي تترتب على إبطالها – إذا أهدرتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور –
بعيدة في مداها.
وحيث إن عموم القاعدة القانونية لا يعني انصراف حكمها إلى جميع
الموجودين على إقليم الدولة وانبساطه على كل ما يصدر عنهم من الأعمال والتصرفات،
وإنما يتوافر بمجرد انتفاء التخصيص، ويتحقق ذلك إذا سنها المشرع بصورة مجردة، لا
يعتد فيها بشخص معين، ولا بواقعة بذاتها حددها استقلالا بما لا يلبسها بغيرها.
وحيث إنه متى کان ما تقدم، وکانت القواعد القانونية التي جرى بها نصوص
القانون المطعون فيه قد انصرفت في مجملها إلى أن تتخذ الدولة جميع الإجراءات
القانونية اللازمة لتملك الدار التي كان يقيم فيها المغفور له الرئيس الراحل محمد
أنور السادات بالجيزة وملحقاتها، مع النزول عنها لقرينته السيدة جيهان صفوت رؤوف
حال حياتها، ثم من بعدها لأولادها منه طوال حياتهم، مع إعفائها من جميع الضرائب
والرسوم، وتخصيصها بعد ذلك كمتحف ومزار يخلد به ذكرى الزعيم الراحل.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنها لا تتقيد – وهي بصدد إعمال
رقابتها على دستورية التشريعات – بالوصف الذي يخلعه المشرع على القواعد التي يسنها
متى کانت تتنافى مع هذا الوصف.
وحيث إن النصوص المطعون فيها، وإن ألبسها مجلس الشعب ثوب القانون من
حيث الشكل، إلا أنها في محتواها الموضوعي تتجرد من ذلك، لكونها تتناول أعيانا
محددة، تقرر منفعتها لأشخاص بذواتهم، وطوال حياتهم، ثم تحيلها بعد ذلك إلى متحف،
وهي أحد أوجه التخصيص للنفع العام، كما تقرر معاشا استثنائيًا لهؤلاء الأشخاص، وهي
في مجموعها تولد مراكز قانونية خاصة وذاتية، لتنحل إلى قرارات لا ينفك عنها الطابع
الفردي الشخصي، لتفقد بذلك شرطي العمومية والتجريد اللذين تتصف بهما الأعمال
التشريعية، التي ينشأ عنها مراكز قانونية عامة، لا تخاطب
أشخاصا بذواتهم أو حالات بعينها، والتي تستنهض ولاية هذه المحكمة في مجال الرقابة
القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتكون محلاً لها، مما يتعين معه القضاء
بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية
المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق