باسم الشعب
المحكمة الدستورية
العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 14 إبريل سنة 2002
الموافق 1 صفر سنة 1423 هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى
نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعلى عوض محمد
صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف والسيد عبد
المنعم حشيش .
وحضور
السيد المستشار / سعيد مرعى
عمرو رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد
حسن أمين
السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 23 قضائية " طلبات أعضاء
" .
المقامة من
المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق حسن
ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية
2 – السيد المستشار وزير العدل
3 – السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا
الإجراءات
بتاريخ 17 مايو سنة
2001 ، أودع السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق حسن عبد الوهاب هذا الطلب قلم
كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية
رقم 80 لسنة 2001 الصادر بتاريخ 21/3/2001 فيما تضمنه من ترتيب أقدميته بجعلها
تالية على زميله السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى مع ما يترتب على ذلك من
آثار .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ،
أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظر الطلب على الوجه
المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على
الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على
ما يبين من الأوراق تتحصل فى أن الطالب أقام أمام المحكمة الدستورية العليا
الطلب رقم 1 لسنة 23 ق " طلبات أعضاء " بطلب الحكم بقبول الطلب شكلاً
وفى الموضوع بإلغاء القرار الجمهورى رقم 80 لسنة 2001 فيما تضمنه من تعديل
لأقدميته بجعلها تالية على زميله السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى ، مع ما
يترتب على ذلك من آثار ، وقد استند فى طلبه إلى أن أقدميته تتقدم أقدمية زميله على
نحو قاطع خلال المراحل الوظيفية التى عملا فيها سواء بالنيابة العامة أو مجلس
الدولة أو هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا ، حتى صدر القرار الجمهورى رقم
80 لسنة 2001 المطعون فيه بتاريخ 21/3/2001 بتعيينه عضواً بالمحكمة الدستورية
العليا تالياً فى ترتيب الأقدمية لزميله سالف الذكر ، وقد تظلم من هذا القرار فى
19/4/2001 ، وإذ لم يتلق رداً على تظلمه ، فقد أقام الطلب الماثل أمام المحكمة
الدستورية العليا عملاً بنص المادة 16 من قانونها رقم 48 لسنة 1979 والتى تخولها
دون غيرها الفصل فى طلبات أعضائها .
وقال شرحاً لطلبه أنه
بدأ عمله القضائى معاوناً للنيابة العامة فى 18/7/1971 ، ثم عين فى وظيفة نائب
بمجلس الدولة بتاريخ 6/8/1978 ، وظل يتدرج فى وظائفه القضائية حتى رقى مستشاراً
اعتباراً من 20/7/1978 ، وخلال هذه الفترة ندب للعمل بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية
العليا فى غير أوقات العمل الرسمية بدءاً من 1/12/1984 ثم عين مستشاراً بتلك
الهيئة فى 20/9/1988 ، ثم رقى رئيساً لهيئة المفوضين بتاريخ 27/1/1994 ، حتى صدر
القرار الجمهورى المطعون فيه بتعيينه عضواً بالمحكمة الدستورية العليا تالياً
لزميله الأحدث بالمخالفة للقانون والدستور ، إذ أن الأصول القانونية المستقرة فى
مجال الوظيفة العامة عموماً والوظيفة القضائية على وجه الخصوص تقضى باحترام
القواعد المنظمة للأقدمية ، فإذا كان الطالب يسبق زميله فى التخرج من كلية الحقوق
ثم فى أقدميته الوظيفية بالنيابة العامة التى عينا بها بعد تخرجهما وأثناء عملهما
بمجلس الدولة ، ثم فى ترتيب الأقدمية خلال عملهما بهيئة المفوضين بالمحكمة
الدستورية العليا ، بل أنه رقى إلى وظيفة رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة فى
27/1/1994 بينما رقى زميله المذكور إلى ذات الوظيفة اعتباراً من 16/7/1996 ، الأمر
الذى يقطع بأسبقية أقدميته وترب أحقيته فى استصحاب تلك الأقدمية حال توليه الوظيفة
الأعلى عند تعيينه عضواً بالمحكمة ، وفضلاً عما تقدم فإن القرار المطعون فيه استند
فى تعديل أقدميته إلى أسبقية تعيين زميله بهيئة المفوضين وما توفره من خبرة فى
مجال عمله بالمحكمة وذلك وفقاً لما تضمنه محضر اجتماع الجمعية العامة للمحكمة
المؤرخ 10/2/2001 ، وهو الأمر الذى يخالف قضاء المحكمة الدستورية العليا فى هذا
الشأن ، ويخل بالمراكز القانونية المستقرة له ولزميله لسنوات وظيفية طويلة
بالهيئات القضائية ، كما لم يثر هذا الأمر من قبل عند ترقيته لدرجة مستشار ثم
رئيساً لهيئة المفوضين ، بالإضافة إلى أن القرار المطعون فيه بما انطوى عليه من
تعديل أقدميته بقصد تفويت فرصته فى الترشيح لرئاسة المحكمة الدستورية العليا عندما
يحين دوره يرسى قاعدة قوامها التفرقة بين الصلاحية المتطلبة لعضوية المحكمة وتلك
المتطلبة لرئاسة المحكمة وهو ما يخالف مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما
فى المادتين 8 و 40 من الدستور .
وحيث إن الطلب قدم
خلال الميعاد المقرر ومن ثم يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية مما يجعله مقبولاً
شكلاً .
وحيث إن الطلب الماثل لا يعدو فى
حقيقته أن يكون طلباً بإلغاء قرار إدارى هو قرار رئيس الجمهورية رقم 80 لسنة 2001
فيما تضمنه من تعديل أقدمية الطالب لدى تعيينه عضواً بالمحكمة الدستورية العليا ،
متى كان ذلك ، وكان يكفى لقبول دعوى الإلغاء أن تكون للمدعى مصلحة شخصية مباشرة فى
طلب إلغاء القرار المطعون فيه سواء أكانت هذه المصلحة مادية أم أدبية ، وإذا كان
البين من أوراق الدعوى الماثلة أنه صدر قرار الجمعية العامة للمحكمة الدستورية
العليا بتاريخ 10/2/2001 بترشيح الطالب للتعيين عضواً بالمحكمة تالياً فى ترتيب
الأقدمية على زميله المقارن به ، فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون قائمة فى الطعن
على ما تضمنه القرار المذكور من تعديل لأقدميته على النحو السالف .
وحيث إن الطالب ينعى
على القرار المطعون فيه مخالفة الدستور والقانون ، بقالة إن أقدميته سابقة على
زميله المقارن به وتكفى بذاتها لاحتفاظه بمركزه القانونى باعتباره الأسبق ، مع
أحقيته فى استصحابها حال تعيينه عضواً بالمحكمة الدستورية العليا ، وأن ما استندت
إليه الجمعية العامة للمحكمة تبريراً لتعديل أقدميته من أن أسبقية زميله بالعمل فى
هيئة المفوضين وفّرت له الخبرة فى مجال عمل المحكمة ، يخالف قضاء المحكمة
الدستورية فى هذا الشأن ، كما أن القرار المطعون فيه يقيم تفرقة غير مبررة بين
الصلاحية المطلوبة لشغل عضوية المحكمة وتلك المتطلبة لرئاستها وهو ما يشكل مخالفة
للمادتين 8 و 40 من الدستور .
وحيث إن هذا النعى
سديد ، ذلك أن المقرر أن أهلية القاضى التى سوغت تعيينه فى ترتيب معين بين زملائه
، من شأنها أن تسوغ تعيينه بذات الترتيب عند تقلده الوظائف القضائية الأخرى ، ما
لم يقم الدليل على غير ذلك ، وأن المستقر عليه هو أن أقدمية القاضى بين زملائه فى
إحدى الوظائف القضائية تصاحبه إلى الوظيفة الأعلى . لما كان ذلك ، وكان التعيين فى
وظيفة عضو بالمحكمة الدستورية العليا مرده إلى اجتماع نوعين من الشروط ، أولهما :
شروط تتصل بالضوابط القانونية التى تتطلبها المادة الرابعة من قانون المحكمة
الدستورية العليا لتعيين عضو جديد بها، وجميعها مصدرها المباشر نص القانون ، ولا
يجوز الانتقاص منها ، وليس للجمعية العامة أن تترخص فى تقديرها باعتبار أن سلطتها
فى شأنها مقيدة ، وثانيهما : شروط تدور حول عناصر واقعية مردها طبيعة الولاية التى
تباشرها المحكمة الدستورية العليا فى مجالاتها المختلفة ، بما مؤداه أن اختيار
الجمعية العامة لعضو جديد ، يقتضيها بالإضافة إلى تثبتها من توافر الشروط التى
يتطلبها قانون المحكمة لتعيينه فيها أن تدخل فى اعتبارها مجموعة منالعناصر
الواقعية التى تترخص فى تقديرها وتقتضيها طبيعة الرسالة المناطة بعضو المحكمة .
وفى هذا الإطار تتحدد للصلاحية الموضوعية معاييرها، وتتحراها الجمعية العامة
بلوغاً لغاية الأمر فيها ، غير مقيدة بعنصر معين دون غيره . متى كان ذلك ، وكان
الثابت أن نوعى الشروط المشار إليها قد توافرا فى حق الطالب ، آية ذلك صدور قرار
الجمعية العامة بترشيحه لعضوية المحكمة ، وهو ما يفصح عن أن الجمعية العامة بعد
تيقنها من توافر الشروط التى تتطلبها المادة الرابعة من قانون المحكمة الدستورية
العليا سالفة الذكر لدى الطالب ، باشرت سلطتها بالنسبة للصلاحية الموضوعية ،
واستظهرت كفايته من جميع المناحى وأنها ليست دون زميله الأحدث منه ، وثبت لها على
نحو جازم أهليته للتعيين عضواً بالمحكمة ، فإذا قامت الجمعية العامة بعد ما تقدم
كله بتعديل ترتيب الأقدمية بين المرشحين بجعل الأقدم تالياً للأحدث رغم تساويهما
فى الكفاية ، وأفصحت عن أن مرد الأمر أسبقية الزميل المقارن به فى العمل بهيئة
المفوضين مما يوفر له خبرة فى مجال عمل المحكمة ، فإن ذلك مردود بما هو مقرر فى
قضاء هذه المحكمة من أن العمل فى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا مستقل
فى طبيعته وخصائصه عن الرسالة التى تقوم عليها هذه المحكمة فى مجال ممارستها
لاختصاصاتها المحددة بالدستور وبقانون إنشائها ، فإذا توفرت لدى المرشحين العناصر
المطلوبة كافة للتعيين في المحكمة وتساوت كفايتهم فلا يعد هناك ما يبرر الخروج على
ترتيب أقدمياتهم التي استصحبوها طيلة مراحل حياتهم الوظيفية . لما كان ذلك ، وكانت
المقارنة التفصيلية بين الطالب وزميله المقارن به، تكشف بجلاء أسبقية أقدمية
الطالب بدءاً منذ تاريخ التخرج من كلية الحقوق مروراً بالمناصب القضائية التى
تقلدها كل منهما ، وإذا كان القرار المطعون فيه قد ذهب مذهباً مغايراً ، فإنه يكون
مخالفاً حكم الواقع والقانون خليقاً بالإلغاء .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول
الطلب شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وتحديد أقدمية الطالب فى
التعيين بالمحكمة الدستورية العليا ليكون سابقاً على زميله المقارن به .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق