باسم الشعب
المحكمة الدستورية
العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مارس سنة 2017م، الموافق الخامس من جمادى
الآخرة سنة 1438 هـ.
برئاسة
السيد المستشار / عبد الوهاب عبد
الرازق رئيس
المحكمة
وعضوية
السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمـر
شريف وبولس فهمى إسكنـدر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو
نواب رئيس المحكمة
وحضور
السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد
شبل رئيس هيئة المفوضين
وحضور
السيد / محمـد ناجى عبد السميع
أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 69 لسنة 31 قضائية "
دستورية ".
المقامة من
رئيس
مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر للسياحة
ضــــد
1
- رئيس الجمهوريـــة
2
- رئيس مجلس النـــواب
3
- رئيس مجلس الوزراء
4
- وزير العــــــــــدل
5
- محافظ القاهــــرة
الإجراءات
بتاريخ
الثالث والعشرين من مارس سنة 2009، أقامت الشركة المدعية هذه الدعوى، بإيداع
صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة
(8) من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي.
وقدمت هيئة
قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد
تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن
الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 264 لسنة 2002 مدنى، أمام محكمة عابدين
الجزئية، ضد المدعى عليه الخامس وآخرين، بطلب الحكم ببطلان إجراءات الحجز الإداري
الموقع على أموالها تحت يد الغير، وإلغائه واعتباره كأن لم يكن، وبراءة ذمتها من
مبلغ 519662,420 جنيهًا، الذى تطالبها مصلحة الضرائب بسداده، بمقولة أنه يمثل قيمة
ضريبة الملاهي المستحقة عن الحفلات التي أقيمت خلال المدة من 22 حتى 30/9/1995 ومن
1/12/1995 حتى 3/4/1998 بالملهى الملحق بفندق للشركة، والمؤجر منها لآخر يقوم
باستغلاله وتشغيله لحسابه الخاص. وبجلسة 25/1/2007 قضت المحكمة برفض الدعوى. فطعنت
الشركة المدعية على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 269 لسنة 2007 مدنى مستأنف جنوب
القاهرة. وحال نظره بجلسة 12/12/2007، دفعت بعدم دستورية نص المادة (8) من القانون
رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى، وإذ
قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة دعواها الدستورية،
فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (8) من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها
من محال الفرجة والملاهى تنص على أن " أصحاب المحال مسئولون بالتضامن عن أداء
الضريبة مع مستغلى الحفلات سواء كانت الحفلات دائمة أو وقتية ".
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه إخلاله بالعدالة الاجتماعية،
بتقرير مسئولية تضامنية لأصحاب المحال مع مستغلى الحفلات التى تقام بها عن أداء
ضريبة إقامة الحفلات سواء أكانت دائمة أو وقتية، برغم أن تحصيل الضريبة المستحقة
عليها من الجمهور منوط بغيرهم من مستغلى المحال الخاضعة للضريبة، ومقيمى الحفلات
بها.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول
الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات
الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان البيّن من
الأوراق أن إجراءات الحجز الإدارى الذى وقع على أموال الشركة المدعية لدى الغير،
بغرض استيفاء دين ضريبة الملاهى، التى تم ربطها عن الحفلات التى أقيمت فى الفترة
من 22 حتى 30/9/1995، ومن 1/12/1995 حتى 3/4/1998، بالملهى الملحق بالفندق المملوك
للشركة والمؤجر لآخر يقوم باستغلاله وتشغيله لحسابه الخاص، ومن ثم فإن المصلحة
الشخصية المباشرة فى الدعوى المعروضة تتحدد بما تضمنه النص المطعون فيه من تقرير
مسئولية أصحاب المحال غير الشاغلين لها عن أداء الضريبة بالتضامن مع مستغلى الحفلات
سواء كانت دائمة أو وقتية، بحسبان القضاء فى مدى دستورية هذا النص - محددًا نطاقه
على النحو المتقدم - سيكون ذا أثر مباشر وانعكاس أكيد على الدعـــــــــوى
الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها. ولا ينال مما تقدم
إلغاء القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة
والملاهى بمقتضى نص المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 24 لسنة 1999 بفرض ضريبة
على مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى. وذلك لما هو مقرر فى قضاء
المحكمة الدستورية العليا من أن إلغاء النص المطعون فيه لا يحول دون الفصل فى
دستوريته من قبل من طبق عليهم خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية
بالنسبة إليهم.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حمايتها للدستور إنما تنصرف إلى الدستور
القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى، فإنه يتعين إعمال أحكام
الدستور السابق الذى صدر النص المطعون فيه فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا النص
قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل نص آخر به خلال فترة سريان ذلك
الدستور. إذ كان ما تقدم، فإن المحكمة الدستورية العليا تباشر رقابتها على النص المطعون
فيه من خلال أحكام دستور سنة 1971 الذى تم العمل بالقانون الذى اشتمل على النص
المطعون فيه إلى أن تم إلغاؤه خلال مدة سريان ذلك الدستور.
وحيث إن الضريبة التى فرضها المشرع فى شأن المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى
التى أخضعها القانون لحكمه - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لا تعتبر ضريبة
محلية ينحصر سريانها فى رقعة إقليمية بذاتها لا تجاوزها، وإنما هى ضريبة عامة تسع
الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها - وكلما تحقق مناطها ممثلاً فى
الواقعة التى أنشأتها - على كل الأجزاء التى يشتمل عليها إقليمها، وهو ما يعنى أن
مموليها متماثلون فى الخضوع لها جغرافيًّا، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من
مبلغها، منتفيًا. وكان الملتزمون أصلاً بضريبة الملاهى يتحملون بمبلغها إسهامًا من
جانبهم فى تمويل الخزانة العامة، مع تنظيم نشاطهم عرضًا باعتباره استهلاكًا
ترفيًّا ممثلاً فى الحفلات التى يقيمونها فى المحال التي أخضعها القانون لحكمه،
بعد الاتفاق عليها مع أصحابها أو مستغليها، فإن المدينين أصلاً بالضريبة، وكذلك
المسئولون عنها، لا يتحملون بسببها - منظورًا إليها فى ذاتها - عبئًا مخالفًا
للدستور.
وحيث إن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار
عرضية، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها فى تحصيلها وفق
أسس موضوعية، يكون إنصافها نافيًّا لتحيفها، وحيدتها ضمان لموضوعيتها. وكان قانون
ضريبة الملاهى، وإن توخى ابتداءً حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن غلتها
تعينها على مواجهة نفقاتها، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة
الاجتماعية بوصفها مفهومًا مقيدًا لنصوص هذا القانون.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المدين بالضريبة، إما أن يكون ملتزمًا
أصليًّا بها أو مسئولاً عنها. ذلك أن المشرع يتخذ دومًا من المال المحمـل
بالضريبة، وعاء باعتباره عنصرًا موضوعيًّا فى الواقعة التى أنشأتها. بيد أن وجود
علاقة بين هذا المال والمدين بالضريبة، يبلور شخصيتها، ويقيم هذا المدين مكلفًا
أصلاً بأدائها، وشرط اعتبار غيره مسئولاً عنها أن تنتفى علاقته بالمال المتخذ
وعاءً لها، وألا يعتبر ملزمًا بها إلا مع المدين أصلاً بأدائها، فهو مدين مع غيره
بكل الدين فإذا وفّاه رجع به عليه، بعد أن حل فيه محل الدائن حلولاً قانونيًّا.
وحيث إن ذلك مؤداه أن مناط المسئولية عن إيفاء الضريبة هو وجود علاقة عضوية بين
المسئول عن الضريبة من جهة، وبين المال المتخذ وعاء لها من جهة أخرى. فإذا انتفت
هذه العلاقة، فليس ثمة مسئولية عن الضريبة. ولا يجوز بالتالى أن ينتحل المشرع صلة
يتوهمها بين المسئول عن الضريبة والمال المحمل بعبئها، ولو كان إحداثه لهذه الصلة
ضمانًا لتحصيلها وخفضًا لتكلفة جبايتها وتوقيًّا للتحايل عليها.
وحيث إن مفاد نص المادة (8) من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح
وغيرها من محال الفرجة والملاهى : تقرير مسئولية تضامنية عن أداء الضريبة بين
أصحاب المحال إلى جانب مستغلى الحفلات التى تقام بتلك المحال، حتى إن انقطعت صلتهم
بتحصيل الضريبة من الجمهور، كأثر لانفراد مستغلى الحفلات بشغل المحال وإدارتها
واستغلالها فى إقامة الحفلات استقلالاً عن أصحابها، وتحصيل قيمة الضريبة من
الجمهور، وفق نص المادة (6) من القانون ذاته، وأدائها فى الأوقات وبالطرق والأوضاع
التى تعين بقرار وزارى عملاً بنص المادة (7) من القانون المشار إليه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أطلق مسئولية أصحاب المحال عن
أداء ضريبة الملاهى المستحقة، إلى جانب مستغلى الحفلات، لتشمل الأحوال التى تنقطع
فيها صلتهم بالمال محلها، بما يشكل عدوانًا على حق الملكية، وإهدارًا للحماية
الدستورية المكفولة لها، وخروجًا على مبدأى سيادة القانون وخضوع الدولة للقانون،
وافتئاتًا على العدالة الاجتماعية باعتبارها جوهر فرض الضريبة، التى يكون أداؤها
واجبًا قانونًا، وخروجًا من المشرع عن الضوابط الدستورية الحاكمة للسلطة التقديرية
التى يملكها فى موضوع تنظيم الحقوق ، والتى لا يجوز له تخطيها، ليغدو نص المادة
(8) المطعون فيه - فى حدود نطاقه المتقدم - مناقضًا لأحكام المواد (32، 34، 38،
64، 65، 119) من دستور 1971. متعينًا القضاء بعدم دستوريته.
فلهــذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (8) من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة
على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى فيما تضمنه من تقرير مسئولية أصحاب
المحال، غير الشاغلين لها، عن أداء الضريبة بالتضامن مع مستغلى الحفلات سواء كانت
دائمة أو وقتية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق