جلسة 22 أكتوبر سنة 2007
برئاسة السيد
القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد المنعم
دسوقي, بليغ كمال, أحمد عبد الحميد وشريف سامي الكومي نواب رئيس المحكمة.
-----------
(116)
الطعن 6891 لسنة 75 ق
(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر
المسئولية: الضرر".
اختلاف وقت تحقق
الضرر عن وقت الفعل المعتبر أساسا للمسئولية التقصيرية. وجوب الاعتداد بوقت تحقق
الضرر. علة ذلك.
(3 ، 2) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع:
المستحق للتعويض: استحقاق الحمل المستكن للتعويض".
(2) إصابة الطفل بأضرار
جراء وفاة أبيه ولو كان ميلاده في تاريخ لاحق للفعل المؤدي لوفاة الأب. أحقيته في
التعويض عن كافة الأضرار. عدم اقتصاره على التعويض الموروث. علة ذلك. للطفل حق
الاحتفاظ بإعادة النظر في تقدير التعويض. م 170مدني.
(3) إقامة المضرورين
دعواهم على الشركة الطاعنة بالتعويض عن الأضرار التي أصابتهم والقاصرة ابنة
المتوفى في حادث سيارة مؤمن عليها إجبارياً لديها حال كون الأخيرة حملاً مستكناً
وقت الحادث. قضاء الحكم المطعون فيه لها بالتعويض. صحيح.
(7 - 4) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع:
تعيين عناصر الضرر: الضرر المادي، الضرر الأدبي".
(4) جواز التعويض عن
الضرر الحال أو المستقبل. مناطه. أن يكون محقق الوقوع. الضرر الأدبي الذي يصيب
الابن نتيجة فقدان أبيه. عدم قصره على ألم الحزن والفراق الذي يستشعره الكبار وقت
الحادث. امتداده لفقدان المربي والقدوة والسند العطوف الحامي من عاديات الزمن.
نتائج اليتم وحتميتها. عدم حاجتها لبيان. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الشركة
الطاعنة بتعويض القاصرة التي لم يتجاوز سنها العام والنصف وقت وفاة مورثها في حادث
سيارة مؤمن من مخاطرها لديها. صحيح.
(5) التعويض عن الضرر
المادي. شرطه. الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً سواء وقع
بالفعل أو كان وقوعه في المستقبل حتمياً. مؤداه. إصابة الضرر شخصاً بالتبعية عن
طريق ضرر أصاب شخصاً آخر. مناطه. توفر مصلحة مالية يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه.
(6) تحقق الضرر المادي
للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر. مناطه. ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت
وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار محققة. أثره. تقدير القاضي ما ضاع
على المضرور من فرصة بفقد عائلة وقضاؤه بالتعويض على هذا الأساس. احتمال وقوع
الضرر في المستقبل. عدم كفايته للحكم بالتعويض.
(7) قضاء الحكم المطعون
فيه بإلزام الشركة الطاعنة بتعويض المطعون ضدهم عن الضرر المادي اللاحق بهم من
جراء وفاة مورثهم في حادث سيارة مؤمن عليها لديها دون تحديد مقداره بقالة أن
أضراراً مادية أصابتهم بفقد عائلهم مفترضاً إعالته إياهم رغم تمسك الطاعنة بكونهم
بلغ وبعدم إعالته لهم على وجه دائم ومستمر ودون تحققه من ذلك وعدم بيانه عناصر
الضرر. خطأ.
-----------
1 - إذا اختلف وقت تحقق الضرر عن وقت الفعل المعتبر أساساً للمسئولية التقصيرية فالعبرة هي بوقت تحقق الضرر ذلك أن أهمية الخطأ في قيام هذه المسئولية محدودة، فالخطأ قد يكون مفترضاً ...... بل قد ينبني الحق في التعويض على مجرد تحمل التبعة، أما الضرر فهو حجر الزاوية في قيام هذا الحق، يدل على ذلك ما جاء بنص المادة 163 من القانون المدني ثم ما تلاه من أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلتزم مرتكبه بالتعويض وما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أن "المشرع اكتفى بمجرد لفظ الخطأ ليترك تحديده لتقدير القاضي حسب كل حالة، لأن سرد الأعمال التي يتحقق فيها معنى الخطأ لا يكون من ورائه إلا إشكال وجه الحكم ...... فثمة التزام يفرض على الكافة بعدم الإضرار بالغير ومخالفة هذا النهي هي التي ينطوي فيها الخطأ" فشاغل المشرع المدني هو علاج آثار الضرر الذي أصاب الغير وليس تقويم سلوك مرتكب الفعل، إذ لا تقوم المسئولية المدنية مهما كان جسامة الخطأ إلا إذا تحقق الضرر ولهذا عنى القانون المدني في المادتين 221، 222 منه ببيان الضرر المادي والأدبي وعناصرهما وحالات انتقال الحق في التعويض إلى الغير ثم فرض بنص المادة 169 التضامن عند تعدد المسئولين ضماناً للحق في التعويض، وصرح في المادة 170 بأنه إذا لم يتيسر للقاضي وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعييناً نهائياً، فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير، ونص في المادة 172 على أن تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه لأن الحق في رفع الدعوى لا يقوم إلا إذا تحقق وقوع الضرر، بمعنى أن يكون قد وقع بالفعل أو أن يثبت أنه سيقع حتماً في المستقبل.
2 - إن من المعلوم بالضرورة أن الطفل تصيبه شخصياً أضراراً جراء وفاة أبيه حتى لو كان ميلاده في تاريخ لاحق للفعل الذي توفي بسببه الأب وقت أن كان هذا الطفل حملاً مستكناً ولا وجه للقول بأن حقه في التعويض مقصور على الحق في التعويض الموروث لأن قانون المواريث احتفظ له بالحق في الإرث كالحقوق التي كفلها له القانون بشأن الوصية والجنسية ذلك أن حق الابن في التعويض عن وفاة أبيه لا يقتصر على الأضرار التي أصابته لحظة الحادث وقت أن كان حملاً وإنما يمتد إلى الأضرار التي أصابته بعد ولادته وثبوت أهلية الوجوب كاملة له وما يستجد في المستقبل متى كان محقق الوقوع، بل وله الحق في الاحتفاظ بإعادة النظر في التقدير عملاً بنص المادة 170 من القانون سالف البيان (القانون المدني).
3 - إذ كانت الدعوى (دعوى المضرورين قبل شركة التأمين الطاعنة والمؤمن لديها إجبارياً من مخاطرها) قد رُفعت بعد ميلاد ابنة المتوفي ...... التي كانت حملاً مستكناً وقت الحادث وطالبت بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها والتي ستصيبها في المستقبل جراء وفاة أبيها باعتبارها ابنة له وليست حملاً وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص (بعدم استحقاق ابنة المتوفي للتعويض) يكون على غير أساس.
4 - إن التعويض كما يكون عن ضرر حال، فإنه يكون أيضاً عن الضرر المستقبل متى كان محقق الوقوع، والضرر الأدبي الذي يصيب الابن نتيجة فقدان أبيه لا يقتصر على ألم الحزن والفراق الذي يستشعره الكبار وقت الحادث وإنما يمتد إلى فقدان المربي والمؤدب والقدوة والسند العطوف الحامي من عاديات الزمان، ونتائج اليُتم وحتميتها أجّل من أن تحتاج إلى بيان، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر (قضاؤه بإلزام شركة التأمين الطاعنة والمؤمن لديها إجبارياً من مخاطرها بأن تؤدي للقاصرة الثانية ...... تعويضاً عن وفاة مورثها حال كون عمرها وقت الوفاة لم يجاوز العام والنصف ولم تصل بعد إلى سن التمييز والإدراك اللازمين للانفعال والتأثير بموت والدها) فإن النعي عليه بهذا الشق يكون على غير أساس.
5 - المقرر في قضاء محكمة النقض – أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، فإن أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلابد أن يتوفر لهذا الأخير حق أو مصلحة مالية مشروعة يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه.
6 - إن العبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر دائم وأن فرصة الاستمرار كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض.
7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضدهم الخمسة الأوائل بالتعويض عن الضرر المادي دون تحديد مقداره قولاً منه إن أضراراً مادية أصابتهم نتيجة فقد عائلهم مفترضاً أنه يعولهم رغم تمسك الطاعنة بأنهم بالغون والظاهر أصلاً ألا يعولهم دون أن يتحقق مما إذا كان المجني عليه قبل وفاته يعولهم فعلاً على وجه دائم مستمر أم لا، حتى تعتبر وفاته إخلالاً بمصلحة مشروعة لهم، فضلاً عن سكوتهم عن تبيان عناصر ذلك الضرر المادي الذي احتسب التعويض على أساسه بصورة مجملة لجميع المطعون ضدهم دون بيان كنه عناصر الضرر، فإنه يكون معيباً.
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع -
على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الورثة المطعون
ضدهم أولاً أقاموا الدعوى .... لسنة 2002 مدني بنها الابتدائية "مأمورية
قليوب" على الشركة الطاعنة و.... قائد السيارة مرتكبة الحادث، بطلب الحكم
بإلزامهما بأن يؤديا لهم مبلغ مقداره 320 ألف جنيه تعويضاً عما لحقهم من أضرار من
جراء وفاة مورثهم أثر حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة وأدين قائدها بحكم
جنائي بات، وبعد أن حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة والأخير متضامنين بالتعويض
الذي قدرته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 2 ق أمام
محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبرا الخيمة" وبتاريخ 2 من مارس سنة 2005
قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة
حددت جلسة لنظره، وفيها أمرت المحكمة الطاعنة باختصام قائد السيارة المحكوم عليه
بالتضامن معها والتزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على
الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدي من النيابة بعدم
قبول الطعن لعدم اختصام قائد السيارة مرتكبة الحادث ...... المحكوم عليه بالتعويض
بالتضامن مع الطاعنة، فإن المحكمة أمرتها باختصامه في الطعن وتم ذلك بجلسة 11 من
يونيه سنة 2007، ومن ثم لم يُعد الدفع قائماً.
وحيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي
الطاعنة بثانيهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في
الأوراق والخطأ في تطبيق القانون إذ قضى للقاصرتين ...... و...... بالتعويض عن
الضرر الأدبي لوفاة مورثيهما حال كون الأولى ولدت بعد وفاة والدها، ومن ثم فحقها
مقصور على نصيبها في التعويض الموروث، والثانية كان عمرها وقت الوفاة لم يجاوز
العام والنصف ولم تصل بعد إلى سن التمييز والإدراك اللازمين للانفعال والتأثر بموت
والدها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول في غير
محله، ذلك بأنه إذا اختلف وقت تحقق الضرر عن وقت الفعل المعتبر أساساً للمسئولية
التقصيرية فالعبرة هي بوقت تحقق الضرر ذلك أن أهمية الخطأ في قيام هذه المسئولية
محدودة، فالخطأ قد يكون مفترضاً ...... بل قد ينبني الحق في التعويض على مجرد تحمل
التبعة، أما الضرر فهو حجر الزاوية في قيام هذا الحق، يدل على ذلك ما جاء بنص
المادة 163 من القانون المدني ثم ما تلاه من أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلتزم
مرتكبه بالتعويض وما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أن "المشرع اكتفى بمجرد لفظ
الخطأ ليترك تحديده لتقدير القاضي حسب كل حالة، لأن سرد الأعمال التي يتحقق فيها
معنى الخطأ لا يكون من ورائه إلا إشكال وجه الحكم ...... فثمة التزام يفرض على
الكافة بعدم الإضرار بالغير ومخالفة هذا النهي هي التي ينطوي فيها الخطأ"
فشاغل المشرع المدني هو علاج آثار الضرر الذي أصاب الغير وليس تقويم سلوك مرتكب
الفعل، إذ لا تقوم المسئولية المدنية مهما كان جسامة الخطأ إلا إذا تحقق الضرر
ولهذا عنى القانون المدني في المادتين 221، 222 منه ببيان الضرر المادي والأدبي
وعناصرهما وحالات انتقال الحق في التعويض إلى الغير ثم فرض بنص المادة 169 التضامن
عند تعدد المسئولين ضماناً للحق في التعويض، وصرح في المادة 170 بأنه إذا لم يتيسر
للقاضي وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعييناً نهائياً، فله أن يحتفظ للمضرور
بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير، ونص في المادة 172 على
أن تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات
من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه لأن الحق في رفع
الدعوى لا يقوم إلا إذا تحقق وقوع الضرر، بمعنى أن يكون قد وقع بالفعل أو أن يثبت
أنه سيقع حتماً في المستقبل، ومن المعلوم بالضرورة أن الطفل تصيبه شخصياً أضراراً
جراء وفاة أبيه حتى لو كان ميلاده في تاريخ لاحق للفعل الذي توفى بسببه الأب وقت
أن كان هذا الطفل حملاً مستكناً ولا وجه للقول بأن حقه في التعويض مقصور على الحق
في التعويض الموروث لأن قانون المواريث احتفظ له بالحق في الإرث كالحقوق التي
كفلها له القانون بشأن الوصية والجنسية ذلك أن حق الابن في التعويض عن وفاة أبيه
لا يقتصر على الأضرار التي أصابته لحظة الحادث وقت أن كان حملاً وإنما يمتد إلى
الأضرار التي أصابته بعد ولادته وثبوت أهلية الوجوب كاملة له وما يستجد في
المستقبل متى كان محقق الوقوع، بل وله الحق في الاحتفاظ بإعادة النظر في التقدير
عملاً بنص المادة 170 من القانون سالف البيان. لما كان ذلك، وكانت الدعوى قد رُفعت
بعد ميلاد ابنة المتوفى ...... التي كانت حملاً مستكناً وقت الحادث وطالبت
بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها والتي ستصيبها في المستقبل جراء وفاة أبيها
باعتبارها ابنة له وليست حملاً وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه في
هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن النعي في شقه الثاني غير سديد،
ذلك بأن التعويض كما يكون عن ضرر حال، فإنه يكون أيضاً عن الضرر المستقبل متى كان
محقق الوقوع، والضرر الأدبي الذي يصيب الابن نتيجة فقدان أبيه لا يقتصر على ألم
الحزن والفرق الذي يستشعره الكبار وقت الحادث وإنما يمتد إلى فقدان المربى والمؤدب
والقدوة والسند العطوف الحامي من عاديات الزمان، ونتائج اليُتم وحتميتها أجّل من
أن تحتاج إلى بيان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن
النعي عليه بهذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الأول من سببي
الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ قضى لأخوة
المتوفي - المطعون ضدهم الخمسة الأوائل في البند أولاً - بالتعويض عن الضرر المادي
رغم تخلف شرط الإعالة وتمسكها بأنهم بالغون وبأنه كان يعول زوجته وبناته بما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر
في - قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة
مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في
المستقبل حتمياً، فإن أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلابد
أن يتوفر لهذا الأخير حق أو مصلحة مالية مشروعة يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه،
والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المجني
عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر دائم وأن فرصة الاستمرار كانت محققة
وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائلة ويقضي له بالتعويض على
هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضدهم الخمسة الأوائل بالتعويض عن
الضرر المادي دون تحديد مقداره قولاً منه إن أضراراً مادية أصابتهم نتيجة فقد
عائلهم مفترضاً أنه يعولهم رغم تمسك الطاعنة بأنهم بالغون والظاهر أصلاً ألا
يعولهم دون أن يتحقق مما إذا كان المجني عليه قبل وفاته يعولهم فعلاً على وجه دائم
مستمر أم لا، حتى تعتبر وفاته إخلالاً بمصلحة مشروعة لهم، فضلاً عن سكوتهم عن
تبيان عناصر ذلك الضرر المادي الذي احتسب التعويض على أساسه بصورة مجملة لجميع
المطعون ضدهم دون بيان كنه عناصر الضرر، فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق