جلسة 10 من سبتمبر سنة 2007
برئاسة السيد
القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد المنعم
دسوقي، بليغ کمال، أحمد عبد الحميد ومجدي مصطفى نواب رئيس المحكمة.
--------
(115)
الطعن 2204 لسنة 76 ق
- 1 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم
الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
الأصل. سلطة محكمة
الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والموازنة بينها والأخذ بما تقتنع
به وإطراح ما عداه بأسباب سائغة بما في ذلك الأدلة السابق طرحها في دعوى سابقة.
الاستثناء. م101 إثبات. تقدير الأدلة في ذاته. لا يحوز حجية.
- 2 قوة الأمر المقضي "أثر اكتساب قوة الأمر
المقضي".
التزام المحكمة
بعدم القضاء في دعوى على خلاف حكم آخر سبق صدوره بين ذات الخصوم وحاز قوة الأمر
المقضي. علة ذلك. م101 إثبات المقابلة للمادة 405 مدني والمذكرة الإيضاحية.
- 3 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم
الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
صدور حكمين
متناقضين في نزاع بذاته وبين الخصوم أنفسهم. أثره. تساقطهما وتماحيهما. مؤدى ذلك.
وجوب الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية. م1/ 2 مدني. مؤداه. استرداد محكمة
الموضوع سلطتها في الفصل في النزاع وفق الأدلة المطروحة دون التقيد بأيهما. علة
ذلك.
- 4 حكم "حجية الأحكام: أحكام ليس لها حجية: صدور
حكمين متناقضين". صورية "مسائل متنوعة: أثر الحكم الصادر في الدفع
بالصورية".
إقامة المطعون ضده
الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع وتمسك الطاعنين ببطلان أحدهما لصوريته
وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في دعوى سابقة بما ورد في أسبابها بأن
علاقة الطرفين المستندة لهذا العقد علاقة إيجارية وليست بيعاً. قضاء الحكم المطعون
فيه بصحة ونفاذ العقد ورفض الطلب العارض استناداً لسبق القضاء نهائياً برفض
الصورية في دعوى أخرى رغم وجوب عدم الاعتداد بحجية أي من الحكمين السابقين
المتناقضين في تكييف العقد المنظم لعلاقة الطرفين والتزام محكمة الموضوع بالفصل في
النزاع دون التقيد بأيهما. خطأ وفساد في الاستدلال.
-----------------------
1 - نص المادة 101 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 405 من القانون المدني ـ هو خروج على الأصل الذي يعطي لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والموازنة بينها ثم الأخذ بما تقتنع به وإطراح ما عداه بأسباب سائغة بما في ذلك الأدلة التي سبق طرحها في دعوى سابقة، لأن تقدير الأدلة في ذاته لا يحوز حجية.
2 - النص (في المادة 101 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 405 من القانون المدني) ألزم المحكمة - مهما كان اقتناعها – بألا تقضي في دعوى على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي وذلك حماية للنظام القضائي ومنعاً لتضارب الأحكام وتجديد المنازعات وتأبيدها حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني، وليس لأن الحكم الحائز على قوة الأمر المقضي صحيح على سبيل الحتم – وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية "إن القضاة تعوزهم العصمة، شأنهم في هذه الناحية شأن البشر كافة، بيد أن المشرع أطلق قرينة الصحة في حكومة القاضي رعاية لحسن سير العدالة، واتقاءً لتأبيد الخصومات" ثم أضافت أن "هذه الحجية شرعت كفالة لحسن سير العدالة، وضمان الاستقرار من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية وهذان الفرضان مجتمعان يتعلقان دون شك بالنظام العام ثم إنها بنيت على قرينة قاطعة لا يجوز نقض دلالتها بأي دليل عكسي ولو كان هذا الدليل إقراراً أو يميناً" وكل ذلك لحماية النظام القضائي ومنع تضارب الأحكام، وهي أمور واجبة ولو جانبت العدالة في نزاع بذاته.
3 - صدور حكمين متناقضين في نزاع بذاته وبين الخصوم أنفسهم وإزاء خلو التشريع والعرف من حكم منظم لتلك الحالة فإنه إعمالاً للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المدني تعين اللجوء لمبادئ الشريعة الإسلامية، ومؤداها إذا سقط الأصل يصار إلى البدل ولا حجية مع تناقض، فإذا تناقض متساويان تساقطا وتماحيا ووجب الرجوع للأصل باسترداد محكمة الموضوع لسلطتها في الفصل في النزاع على هدي من الأدلة المطروحة تحقيقاً للعدالة دون تقيد بأي من هذين الحكمين، وعلى ذلك فلا وجه للرأي الذي يعتد بالحكم الأسبق بمقولة إنه الأولى لأنه لم يخالف غيره ولا للحكم اللاحق لتضمنه نزول المحكوم له عن حقه في السابق بل الأولى هو إطراحها والعودة للأصل بأن يتحرى القاضي وجه الحق في الدعوى على ضوء الأدلة المطروحة.
4 - لما كان الواقع في الدعوى المطروحة أن المطعون ضده أقامها بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 1/1/1960، 27/9/1981، فتمسك الطاعنون في طلبهم العارض ببطلان العقد الأخير لصوريته، كما دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم النهائي الصادر في الدعوى ...... لسنة 1986 إيجارات شمال القاهرة الذي قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن علاقة الطرفين المستندة لهذا العقد الأخير هي علاقة إيجارية وليست بيعاً، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي القاضي بصحة ونفاذ هذا العقد ورفض الطلب العارض استناداً لسبق القضاء نهائياً برفض الصورية في الاستئنافين ......، ...... لسنة 2ق القاهرة الذي قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بصحة عقد البيع هذا، ومن ثم صار أمام محكمة الموضوع حكمان نهائيان متناقضان في تكييف العقد المنظم للعلاقة بين الطرفين وهل هو بيع أم إيجار الأمر الذي يوجب عليها ألا تعتد بحجية أي منهما وتسترد كامل سلطتها في الفصل في النزاع بحسب ما يقدم إليها من أدلة دون التقيد بأي منهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وعول على أحدهما دون الآخر، فإنه يكون معيباً (بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال) بما يوجب نقضه.
-----------------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع –
وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام
الدعوى .... لسنة 2003 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين وآخرين بطلب
الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 1/1/1960، 27/9/1981 ذلك أن مورث الطاعنين
اشترى الأرض المبينة بالأوراق بما عليها من مبان بمبلغ 10 آلاف جنيه بموجب العقد
الأول، ثم باعها بما عليها للمطعون ضده بموجب العقد الثاني. وجه الطاعنون طلباً
عارضاً ببطلان العقد الأخير، ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات في الدعوى الأصلية
ورفضت الطلب العارض. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف ...... لسنة 8 ق
القاهرة، وبتاريخ 25/12/2005 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنون في هذا الحكم
بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه جزئياً، وعُرض الطعن على
هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الإطلاع على
الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون على الحكم
المطعون فيه – بسببي الطعن – الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك
أنهم دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالدعوى ...... لسنة 1986إيجارات
شمال القاهرة والذي قطع بأن العلاقة بين مورثهم والمطعون ضده طبقاً للعقد المؤرخ
27/9/1981 هي علاقة إيجارية وليست بيعاً وهو ما يؤيد دفعهم ببطلان هذا العقد كبيع
أو وعد به لتخلف ركن الثمن إذ قدر بمبلغ 20 ألف جنيه، في حين أن الثمن الحقيقي 135
ألف جنيه طبقاً للثابت بتقرير الخبير وإقرار المطعون ضده بالأوراق، وإذ قضى الحكم
المطعون فيه برفض الدفع بالصورية وبصحة عقد البيع قولاً منه إنه يلتزم بحجية الحكم
الصادر في الاستئنافين ...... ، ...... لسنة 2 ق القاهرة الذي قضى بصحة هذا البيع،
فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص
في المادة 101 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 405 من القانون المدني على أن
"الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا
يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية...... وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء
نفسها" يعد خروجاً على الأصل الذي يعطي لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم
الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والموازنة بينها ثم الأخذ بما تقتنع به واطراح ما
عداه بأسباب سائغة بما في ذلك الأدلة التي سبق طرحها في دعوى سابقة، لأن تقدير
الأدلة في ذاته لا يحوز حجية، إلا أن النص ألزم المحكمة – مهما كان اقتناعها –
بألا تقضي في دعوى على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر
المقضي وذلك حماية للنظام القضائي ومنعاً لتضارب الأحكام وتجديد المنازعات وتأييدها
حسبما أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني، وليس لأن الحكم الحائز على قوة
الأمر المقضي صحيح على سبيل الحتم – وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية "إن
القضاة تعوزهم العصمة، شأنهم في هذه الناحية شأن البشر كافة، بيد أن المشرع أطلق
قرينة الصحة في حكومة القاضي رعاية لحسن سير العدالة، واتقاء لتأبيد
الخصومات" ثم أضافت أن "هذه الحجية شرعت كفالة لحسن سير العدالة, وضمان
الاستقرار من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية وهذان الفرضان مجتمعان يتعلقان دون
شك بالنظام العام ثم إنها بنيت على قرينة قاطعة لا يجوز نقض دلالتها بأي دليل عكسي
ولو كان هذا الدليل إقراراً أو يميناً" وكل ذلك لحماية النظام القضائي ومنع
تضارب الأحكام، وهي أمور واجبة ولو جانبت العدالة في نزاع بذاته، أما إذا فات هذا
الغرض الأصلي بأن صدر حكمان متناقضان في نزاع بذاته وبين الخصوم أنفسهم وإزاء خلو
التشريع والعرف من حكم منظم لتلك الحالة فإنه إعمالاً للفقرة الثانية من المادة
الأولى من القانون المدني تعين اللجوء لمبادئ الشريعة الإسلامية ومؤداها إذا سقط
الأصل يصار إلى البدل ولا حجية مع تناقض، فإذا تناقض متساويان تساقطا وتماحيا ووجب
الرجوع للأصل باسترداد محكمة الموضوع لسلطتها في الفصل في النزاع على هدى من
الأدلة المطروحة تحقيقاً للعدالة دون تقيد بأي من هذين الحكمين، وعلى ذلك فلا وجه
للرأي الذي يعتد بالحكم الأسبق بمقولة إنه الأولى لأنه لم يخالف غيره ولا للحكم
اللاحق لتضمنه نزول المحكوم له عن حقه في السابق بل الأولى هو اطراحها والعودة
للأصل بأن يتحرى القاضي وجه الحق في الدعوى على ضوء الأدلة المطروحة. لما كان ذلك،
وكان الواقع في الدعوى المطروحة أن المطعون ضده أقامها بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي
البيع المؤرخين 1/1/1960، 27/9/1981، فتمسك الطاعنون في طلبهم العارض ببطلان العقد
الأخير لصوريته، کما دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم النهائي
الصادر في الدعوى ...... لسنة 1986 إيجارات شمال القاهرة الذي قطع في أسبابه
المرتبطة بالمنطوق بأن علاقة الطرفين المستندة لهذا العقد الأخير هي علاقة إيجارية
وليست بيعاً، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي القاضي بصحة
ونفاذ هذا العقد ورفض الطلب العارض استناداً لسبق القضاء نهائياً برفض الصورية في
الاستئنافين ......، ..... لسنة 2 ق القاهرة الذي قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق
بصحة عقد البيع هذا، ومن ثم صار أمام محكمة الموضوع حكمان نهائيان متناقضان في
تكييف العقد المنظم للعلاقة بين الطرفين وهل هو بيع أم إيجار الأمر الذي يوجب
عليها ألا تعتد بحجية أي منهما وتسترد كامل سلطتها في الفصل في النزاع بحسب ما
يقدم إليها من أدلة دون التقيد بأي منهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وعول
على أحدهما دون الأخر، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق