باسم الشعب
محكمـة النقــض
الدائــرة الجنائيـــة
الأحـد (ب)
ــــ
المؤلفة برئاسة السيـد
القاضى / أحمد على عبد الرحمن
رئيـس الدائــرة
وعضوية السـادة القضـــاة
/ أحمد عمـر محمدين و محمد عبـد العــال
و عزمـى
الشافعـى و د/ عـادل أبو النجـا
نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة
العامة لدى محكمة النقض السيد / صابر جمعه
وأمين السر السيد /
إبراهيم زكى أحمد
في الجلسة العلنية
المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة
في يوم الأحد 30 من
المحرم سنة 1433 هـ الموافق 25 من ديسمبر سنة 2011 م
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول
المحكمة برقم 763 لسنة 81 القضائية
المرفوع مــن :
.............................
طاعــن
" محكوم عليه "
ضـــد
النيابة العامة مطعـون ضدهـا
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين فى قضية
الجناية رقم 7500 لسنة 2009 قسم الظاهر ( المقيدة برقم 1916 لسنة 2009 كلى غرب
القاهرة ) بأنهم فــى غضون الفترة من يناير سنة 2009 إلى 16 من سبتمبر سنة 2009
بدائرة قسم الظاهر ـ محافظـة القاهرة :ـ
أولاً:ـ المتهم الأول:ـ بصفته موظفًا عموميًا
رئيس قسم المشروعات بالهيئة العامة للتأمين الصحى فرع القاهرة ـ طلب وأخذ لنفسه
عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث مبلغ خمس عشرة ألف
جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات صرف المستحقات المالية لشركة المعز
للمقاولات المملوكة للمتهم الثالث والناشئة عن الأعمال المسندة لها من الهيئة
العامة للتأمين الصحى على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيًا:ـ المتهم الثانى:ـ بصفته موظفًا
عموميًا فنى إنشاءات بقسم المشروعات بالهيئة العامة للتأمين الصحى فرع القاهرة ـ
طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث
مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات صرف المستحقات المالية
لشركة ....... للمقاولات المملوكة للمتهم الثالث والناشئة عن الأعمال المسندة لها
من الهيئة العامة للتأمين الصحى على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثًا:ـ المتهم الثالث:ـ قدم رشوة
لموظفين عموميين لأداء عمل من أعمال وظيفتهما بأن قدم للمتهمين الأول والثانى
مبالغ الرشوة موضوع الاتهام المبين بالبندين أولاً وثانيًا .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة ـ
لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 3 من
نوفمبر سنة 2010 عمـلاً بالمواد 103 ، 107 مكررًا ، 110 ، 111/1 من قانون العقوبات
مع إعمال نص المادة 17 من القانون ذاته.
أولاً:ـ بمعاقبة عبـــد الله مصطفى
الشربينى عبد البر بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه الفين جنيه عما أسند إليه ومصادرة
المبلغ النقدى المضبوط .
ثانيًا:ـ بإعفاء أشرف عز الدين
سيد عوض من العقاب .
ثالثًا:ـ ببراءة عبد الفتاح عبد
الرسول عبد الجواد مما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق
النقض فى 18 من نوفمبر سنة2010.
كما طعن الأستاذ/ علاء كمال عبد اللطيف
حجازى المحامى عن المحكوم عليه فى 25 من ديسمبر سنة 2010 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 29 من ديسمبر
سنة 2010 موقعاً عليها من الأستاذ / عبد الرؤوف محمد مهدى المحامى .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد
المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون
فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة ، قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب
والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت فى الأوراق والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن
الطاعن دفع ببطلان إذنى النيابة العامة الصادرين بتاريخى 8 و15/9/2009 بتسجيل
وتصوير اللقاءات والمحادثات التى تمت بين المتهمين والقبض والتفتيش لعدم جدية
التحريات لشواهد عددها بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع برد قاصر وغير سائغ ودون أن
تبدى المحكمة رأيها فى عناصر التحريات السابقة على الأذنين ، والتفت الحكم عن دفع
الطاعن ببطلان الأذنين سالفى الذكر لمخالفتهما نص المادتين 95 و 206 من قانون الإجراءات
الجنائية اللتين لا تجيز للنيابة العامة الإذن بتسجيل وتصوير اللقاءات والمحادثات
ولصدورهما دون تحديد الأماكن الخاصة التى يأذن بالتسجيل والتصوير فيها ، وتمسك
الطاعن أمام محكمة الموضوع وبالمذكرة التى قدمها لها بخلو التسجيلات التى تمت مما يفيد
طلبــه أو قبوله أو أخذه لأية مبالغ مالية على سبيل الرشوة ، وأغفل الرد على هذا
الدفاع رغم تعويله على أقوال ضابط الواقعة المستندة إلى تلك التسجيلات ، والتفت
الحكم عن دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش وما أسفر عنهما من ضبط المبلغ المدعى
بكونه رشوة لحصولهما بالمخالفة لإذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 15/9/2009 ، كما
عول على دليلين متناقضين هما شهادة الضابط أحمد محمد عبد الجواد عضو هيئة الرقابة
الإدارية واعتراف المتهم الثالث فيما قرراه بشأن كيفية طلب مبلغ الرشوة منه دون أن
يعن برفع هذا التناقض ذلك أن اعتراف المتهم الثالث لم يتضمن قيام الطاعن بطلب
الرشوة وافترض الحكم دون دليل من الأوراق أن آداب الحديث منعته من طلب الرشوة
صراحة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم
المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة
التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات
ومن اعتراف المتهم الثالث أشرف عز الدين سيد عوض بتحقيقات النيابة العامة وهى أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر
أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتسجيل والتصوير هو من المسائل
الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى
كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن النيابة وكفايتها
لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى هذا الشأن وردت على شواهد الدفع
ببطلانه لعدم جدية التحريات التى سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت فى الأوراق ـ
كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ـ فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع
لا بالقانون ، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديدًا . لما كان ذلك ،
وكان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن الرد على دفعه ببطلان إذنى النيابة
العامة بتسجيل الأحاديث وتصوير اللقاءات لمخالفتها نص المادتين 95 ، 206 من قانون
الإجراءات الجنائية وكذا إغفاله الرد على دفاعه بخلو تلك التسجيلات مما يفيد طلبه
أو قبوله أو أخذه لأيه مبالغ مالية على سبيل الرشوة وتعويله على أقوال ضابط
الواقعة المستندة إلى تلك التسجيلات غير منتج فى الدعوى إذ إن الثابت من الحكم
المطعون فيه أنه استند فى إثبات التهمة فى حق الطاعن إلى أدلة ليس من بينها تسجيل
الأحاديث وتصوير اللقاءات التى تمت نفاذًا لإذن النيابة العامة ، ومن ثم فلم يكن
بحاجة إلى الرد على هذا الدفاع ، يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه أخذ بأقوال
الشاهدين الأول والثانى باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التى أطرحها الحكم
ولم يعول عليها فى قضائه ، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو
من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت بأن
هذه الأقوال تمت منهما غير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها ـ كما هو الشأن فى
الدعوى المطروحة ـ جاز لها الأخذ بها ، هذا فضلاً عن ذلك فإنه لا جناح على الحكم
إن هو عول على التسجيلات كقرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها
فى قضائه مـادام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسيًا على ثبوت الاتهام
قبل الطاعن ومن ثم فـــإن ما ينعاه الطاعن فى هذا المقام لا يكون مقبولاً . لما
كان ذلك ، وكان النعى على الحكم التفاته عن دفاع الطاعن بخلو التسجيلات مما يفيد
طلبه أو قبوله أو أخذه لأية مبالغ على سبيل الرشوة مردودًا بأن نفى التهمة من أوجه
الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردًا مادام كان الرد عليها مستفادًا من أدلة
الثبوت التى أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه
أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى
الطاعن ، ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها
أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا
فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو
ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة
أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وما أسفرت عنه من ضبط المبلغ المدعى
بكونه رشوة لحصولهما بالمخالفة لإذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 15/9/2009 ،
وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا يجوز إثارتها لأول
مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقًا
موضوعيًا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يغدو غير
مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى
يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته
المحكمة والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادمًا متساقطًا لا شئ فيه باقيًا يمكن أن
يعتبر قوامًا لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، كما لا يعيب الحكم تناقض رواية
الشهود فى بعض تفاصيلها مادام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا
تناقض فيه ، وكانت المحكمة ـ فى الدعوى المطروحة ـ قد بينت واقعة الدعوى على
الصورة التى استقرت فى وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه
، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم فى صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها
ولا فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الثالث
بدعوى تضاربها أو تنافرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون
فى غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التى
اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ
الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون
الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما
قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه ،
كما أنه لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحًا دالاً بنفسه على الواقعــة المراد إثباتها
بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف
والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن
تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها مادامت فيما تحصلـــه لا تحرف
الشهادة عن موضعها وهى فى ذلك غير مقيدة بالا تأخذه إلا بالأقوال الصريحــة أو
مدلولها الظاهر ، وكان البين مما أورده الطاعن بأسباب طعنه أن ما حصله الحكم من
اعتراف المتهم الثالث له سنده الصحيح من الأوراق ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما
يخرج عن مؤداه ، إذ يؤخذ منها طلب الطاعن وأخذه لمبلغ الرشوة ومن ثم فإن النعى على
الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل . لما
كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
فلهــذه الأسبـــاب
حكمت المحكمة :ـ بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
أميـــن الســــر رئيــس الدائـــــرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق