باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء (ج)
ـــ
المؤلفة
برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد البارى سليمان نائب رئيس المحكمـة
وعضوية
السادة المستشاريـن/ عـــلاء مرســـى ،
عبـد الحميـد ديـاب
مجـدى عبـد الحليـم ، عصــام جمعـــة
نـواب رئيس المحكمة
وحضور
رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد صفوت .
وأمين
السر السيد / خالد صلاح .
فى
الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى
يوم الثلاثاء 26 من صفر سنة 1434هـ الموافق 8 من يناير سنة 2013م .
أصدرت الحكم الآتي :
فى
الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 672 لسنة 82 القضائية .
المرفوع من :
حسن
إبراهيم حسن إبراهيم
"محكوم عليه"
ضـــد
النيابــة العامـة
هانى مبروك حسانين "مدع بالحقوق المدنية"
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 10760 لسنة 2009 مركز
أوسيم
( المقيدة بالجدول الكلى برقم 2501 لسنة 2010 ) بوصف أنه فى يوم 10 من أغسطس سنة 2009 بدائرة مركز أوسيم ـ محافظة 6 أكتوبر .
( المقيدة بالجدول الكلى برقم 2501 لسنة 2010 ) بوصف أنه فى يوم 10 من أغسطس سنة 2009 بدائرة مركز أوسيم ـ محافظة 6 أكتوبر .
ضرب هانى مبروك حسانين عمداً ، بأن طعنه بجسم صلب مدبب ( مفك ) فى عينه
اليسرى فأحدث الإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة
مستديمة يستحيل برؤها هى انفجار بمقلة العين اليسرى وفقد كامل لإبصارها والتى تقدر
نسبتها بنحو 35% خمسة وثلاثين بالمائة )
. أحرز بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية سلاحاً أبيض ( مفك ) استخدمه فى الاعتداء على المجنى عليه سالف
الذكر .
وأحالته إلى محكمة جنايات
الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وأدعى المجنى عليه
مدنياً قبل المتهم بأن يؤدى له مبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً فى 5 من أكتوبر سنة 2011 عملاً بالمادة 240/1 من قانون العقوبات و 1/1 ،
25 مكرر/1 ، من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978 ،
165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار
وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما اسند
إليه وفى الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ 10001 جنيه
على سبيل التعويض المدنى المؤقت .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 29 من أكتوبر سنة 2011 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 17 من نوفمبر من العام ذاته موقع عليها من
الأستاذ / حمدى حنفى محمود المحامى .
وبجلسة اليوم
نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمــة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة
وبعد المداولة قانوناً .
من
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة وإحراز أداة ( مفك ) دون مسوغ
فى ضرورة مهنية أو حرفية قد شابه قصور فى التسبيب ، وفساد فى الاستدلال ، وإخلال
بحق الدفاع ، ذلك بأنه أسس قضاءه بالإدانة على أن العاهة حدثت نتيجة إصابة عمدية
فى حين أن ظروف الحادث تدل على أن الطاعن لا تربطه ثمة علاقة أو خلافات مع المتهم
، وأن المشاجرة كانت مع أشخاص أخرين مما يجعل الدافع على الجريمة معدوم فى واقعة
الدعوى ، وعول فى قضائه على أقوال المجنى عليه وشهود الإثبات على الرغم فى تعدد
رواياتهم ، وتناقض أقوالهم بمحضر جمع الاستدلالات عنه بتحقيقات النيابة العامة ، هذا
إلى أنه استند إلى تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها كدليل للإدانة بدلالة عدم ضبط
الأداة المستخدمة فى الحادث ، ودفع بانقطاع علاقة السببية بين فعله والعاهة ،
وأنها تخلفت نتيجة الاهمال والتأخير فى العلاج ، وعول على تقرير الطب الشرعى رغم
عدم استناده لأصول طبية فى تحديد مقدار العجز ودون بحثه مدى قوة إبصار تلك العين
قبل الواقعة ، ولم تجب المحكمة لطلبه استدعاء استشارى الرمد لمناقشته فى شأن ذلك ،
فضلاً عن أنها لم تعرض لدفاعه القائم على أن الواقعة مجرد مشاجرة تعددت أطرافها
مما ينبئ عن شيوع الاتهام ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد فى
بيانه لواقعة الدعوى أن المجنى عليه تشاجر مع سائقى إحدى السيارات التى كانت تعوق
مروره بسيارته ، فما كان أن رأى شخصيتين من راكبى السيارة التى تعوق سيرة يتوجهان
إليه بالسب والاعتداء بأيدى ثم آزرهما الطاعن وأخرج من ملابسه مفك وضرب به المجنى
عليه فى عينه اليسرى ، واستند الحكم فى إثبات الواقعة لدية على هذه الصورة إلى ما
استقاه من أقوال الشهود وإلى ما أثبته تقرير الطب الشرعى وانتهى إلى أن الطاعن
تعمد إصابة المجنى عليه بالعين اليسرى والتى نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها
هى فقد كامل إبصار تلك العين . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الجروح عمداً والتى ينشأ
عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضى إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائى
العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب
عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث
استقلالاً عن القصد الجنائى فى هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفادا من
وقائع الدعوى كما أوردها الحكم ، وهو ما تحقق فى واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره
الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض
ولا يجديه تعلله انتفاء صلته بالمجنى عليه ، وأنه لم يكن طرفاً فى المشاجرة لأنه يتصل
بالباعث وهو غير مؤثر فى توافر القصد الجنائى . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا
ينازع فى أن المجنى عليه أسند إليه بالتحقيقات ـ إحداث إصابته التى تخلف لديه من
جرائها عاهة مستديمة وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من
أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد
إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن
إليه وتطرح ما عداه ، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل
الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض بين أقوال الشاهد ـ على فرض حصوله ـ
لا يعيب الحكم مادام قد استخلصت الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه
، فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات
قد عرضت على بساط البحث ـ وهو الحال فى الدعوى الماثلة ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح فى ثبوت الواقعة
ـ كما اقتنعت بها المحكمة عدم ضبط الأداة التى استخدمت فى ارتكاب الحادث فإن ما
يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم من
أن الطاعن ضرب المجنى عليه بأداة " مفك " فى عينه اليسرى فأحدث
به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعى والتى تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر فى
حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجنى عليه هو فقد
كامل إبصار تلك العين ، وكان إثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية مسألة
موضوعية ينفرد بتقديرها قاضى الموضوع فلا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض ،
مادام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ، فضلاً عن أنه ـ لو
صح ـ ما قاله الطاعن عن إهمال المجنى عليه فى العلاج فإنه لا يقطع رابطة السببية
لأن المتهم فى جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من
الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخى فى العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت
أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية ، ومادام الطاعن لا يدعى أن ما نسبه إلى المجنى
عليه من إهمال كان لتجسيم مسئوليته ، ومن ثم فإن ينعاه فيما سلف يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى
تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة
التدليلية لتقرير الخبير شأنه فى هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية فى الأخذ
بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل
مصادرة المحكمة فى هذا التقدير ، وكانت المحكمة قد اطمأنت فى حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بالتقرير الطبى من أن إصابة
المجنى عليه بالعين اليسرى تخلف من جرائها عاهة مستديمة وهى فقد كامل إبصار تلك
العين وتقدر بنحو 35% ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة فى هذا الشأن ولا مصادرة
عقيدتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح طلب
الدفاع عن الطاعن استدعاء استشارى الرمد لمناقشته استناداً إلى ما أفصحت
عنه المحكمة من وضوح صورة الواقعة لديها من شهادة الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم
باستدعاء استشارى الرمد لمناقشته فى مدى قوة إبصار العين قبل الواقعة مادام أن
الواقعة قد وضحت لديها ، ولم ترهى من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان
الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة
الواقعة حسبما استخلصته فى التقرير الطبى وشهادة الطبيب الشرعى بجلسة
المحاكمة ، فإن النعى على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يضحى غير سديد . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر عناصر
المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه
اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى
أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وكان الحكم قد كشف عن
اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التى شهدوا بها
والتى تأيدت التقرير الطبى الشرعى ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير
المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة
الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض . هذا
فضلاً عن أن الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى
الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة
استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ،
كما أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن فى هذا الشأن واطرحته فى منطق سائغ .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهـذه الأسبــاب
حكمت المحكمة
: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
أمين السر نائب رئيس المحكمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق